في مكان بالصحراء الكبرى الواقعة على الحدود بين الجزائروالنيجر حيث يقع مكان شهد أكبر عدد من حالات الموت عطشا في الصحراء، إنها صحراء "تينيري" أو ما يعرف ب"الثقب الأسود" الذي التهم أرواح آلاف الأشخاص في غضون سنوات قليلة. ويذكرنا شهر رمضان شهر الصوم والعطش الشديد بأسوأ موت يمكن تخيله وهو الموت عطشا، وفي حالات قليلة فقط نجا تائهون عانوا العطش الشديد من الموت. وقال علام بكراوي، أحد 3 ناجين من حادثة تيه وموت عطشا في الصحراء الكبرى (التي يندر بها وجود مياه) وقعت عام 1998، "يتطور العطش بسرعة شديدة ويحس العطشان بحالة جفاف تبدأ من داخل أمعائه بينما تتشقق وتجف شفتاه، تنتابه حالات من فقدان الوعي واليقظة الخفيفة، وتبدأ الوساوس وأحلام اليقظة في السيطرة عليه، ويبدأ في الهذيان ويفقد القدرة على التمييز بين الأشياء". وأضاف أن "هذه هي البداية فقط لأنه مع تطور العطش الشديد الذي يصاحبه في العادة جوع أيضا تبدأ الآلام في تمزيق أحشاء العطشان، ويقرر أن يشرب أي شيء سائل بما فيه بوله ثم يقرر شرب دمه". ويرى ناشطون من جمعية "سبيل" لمساعدة المهاجرين السريين (غير الشرعيين) بالجزائر أن منطقة صحراء تينيري على الحدود بين الجزائروالنيجر تعد المنطقة التي قتلت أكبر عدد من الناس عطشا؛ حيث توثق أرقام الجمعية أن ما لا يقل عن ألفي شخص فقدوا حياتهم في هذه الصحراء في غضون أقل من 5 سنوات منذ عام 2009. وتسمى المنطقة الغربيةالشمالية من صحراء تينيري بالعربية "فشاشا"، بينما يسميها الطوارق "ليسما"، ويسميها الزنوج منطقة "أوغانا" وهو مصطلح أطلقته إحدى قبائل الفولان الزنجية على الجزء الغربي الشمالي من صحراء تينيري. وبحسب الجمعية ذاتها، وخلال أقل من 6 أشهر شهدت صحراء تينيري هلاك ما لا يقل عن 150 شخصا كلهم مهاجرون سريون، ففي شهر أكتوبر/ تشرين أول 2013 أعلن عن فقدان أكثر من 118 مهاجرا سريا غادروا شمال النيجر باتجاه الجزائر ولم يصل أي من هؤلاء إلى وجهته النهائية، بينما نجا من الموت أقل من 20 شخصا فقط، وكانت هذه هي الحادثة الأسوأ. من جانبه، قال رقيب أول سابق جوهو عبد الكريم، من الدرك الوطني النيجري، والذي عمل في الفترة بين 2000 و2014 في وحدة للدرك النيجري، في مدينة أرليت شماليالنيجر، "أغلب الأشخاص الذين هلكوا بفعل العطش والجوع هم مهاجرون سريون حاولوا الوصول إلى الجزائر عبر ممرات ومسالك صحراوية غير آمنة". وأضاف "في سبتمبر (أيلول) عام 2008 تدخلنا للبحث عن مهندسين من النيجر وبوركينافاسو تاهوا في صحراء تينيري أثناء تنفيذهم لمهمة لصالح الحكومة النيجرية، وقد أوشكوا على الوفاة قبل أن نتمكن من الوصول إليهم". وتابع "أثناء محاولتنا إسعافهم توفي أحد المهندسين وكان من جنسية بوركينابية... لقد عانى من العطش 4 أيام، بينما أصيب مهندس ثان شاب بانهيار عصبي شديد حيث عولج بعدها لدى مختصين في الأمراض العقلية". ويعود السبب في تكرار حوادث التيه في الصحراء والموت عطشا بها، حسب غورل سماحي، مهاجر سري من النيجر يقيم حاليا في الجزائر، إلى كونها منذ عام 2012 تاريخ اندلاع الحرب في شمال مالي "الممر الوحيد الآمن المتبقي أمام المهاجرين السريين الزنوج نحو الجزائر بسبب سيطرة الجماعات المسلحة السلفية الجهادية لبعض الوقت مع الانفصاليين الطوارق على إقليم أزواد بشمال مالي". وقال غطاس نذير، عضو الجمعية الدولية الخيرية "سبيل"، والواقعة في أقصى الجنوب الجزائري، "تعد منطقة تينيري من أخطر الصحارى في العالم لأنها تفتقر لموارد الماء، ولا يوجد فيها سوى عدد قليل من البدو الرحل، وهي لهذا منطقة خطيرة جدا". ولفت نذير إلى أن "قوافل السيارات التي تنقل المهاجرين السريين تتعمد إفراغ حمولتها من الرجال في مواقع بعيدة نسبيا عن مدينة عين قزام على الحدود الجزائرية خوفا من اكتشافها من قبل طائرات الاستطلاع العسكري الجزائرية ويطلب من المهاجرين السريين النزول من السيارات والسير لمسافة تتراوح بين 50 إلى 100 كلم للوصول إلى عين قزام". وقال مصدر أمني جزائري، طلب عدم الكشف عن اسمه، "يقع المهاجرون السريون في الكثير من الحالات ضحايا لشبكات إجرامية يطلب بعض المهربين من المهاجرين السريين الاختباء في الصحراء طيلة ساعات النهار وانتظار الليل من أجل المسير لأن الليل يوفر عنصر الحماية للمتسللين". ومؤخرا، وبحسب مصدر عسكري جزائري، نصبت قوات الجيش الجزائري الموجودة في الحدود بين الجزائروالنيجر وبالتحديد في منطقة عين قزام وحدة متخصصة في الإسعاف وإغاثة الأشخاص التائهين في الصحراء. وتعتمد هذه الوحدة التي تضم طائرتين عموديتين وسيارات إسعاف عبَّارة للصحراء وعسكريين متخصصين في تقفي الأثر على المراقبة الجوية لإغاثة الأشخاص التائهين في الصحراء. وأضاف المصدر العسكري لوكالة الأناضول "لقد ساهمت هذه الوحدة بالتنسيق والتعاون مع الجيش النيجري في إنقاذ حياة عشرات المهاجرين السريي