احتفت دار النسيم و مركز نبتة للفنون بإصدار المجموعة القصصية " نصف حالة " لابتهال الشايب ،و هو العمل الأول للكاتبة ، بحضور الناقد سيد ضيف وأحمد الصغير، وأدار اللقاء الشاعر عادل جلال، و فى الختام أمتعنا الفنان أحمد صالح بعزفه على العود . و قال الشاعر عادل جلال إن في كل حارة مصرية يوجد مبدع وموهوب، وهم في حاجة إلى الكشف عنهم ودعمهم في تطوير الثقافة المصرية. و علق على المجموعة القصصية " نصف حالة " قائلا : هذا العمل يعد ميلاد حقيقى للكاتبة ، و القصة القصيرة تتوج هذا العام على قمة الإبداع ، و " نصف حالة " لا تظهر كأنها العمل الأول بل تحمل الكثير من التميز و الأريحية و الخيال ، و تملك الكاتبة الكثير من الإمكانيات المبشرة ، التى تجعلنا ننتظر عملها القادم ، متمنيا أن يكون عن الجنوب و المرأة الجنوبية . فيما تحدث الناقد د. سيد ضيف الله أن هذة المجموعة القصصية تقص الحياة باعتبارها مجازا ، و تناقش معنى وجود الإنسان ، ووجود الروح فى جسد لا يناسبه ، فيعصف به ، و يكرس لانفصام الجسد عن الروح ، و نرى فى المجموعة كيف لروح أنثى أن تعيش حبيسة بجسد رجل . و أكد ضيف الله أن الكاتبة تملك رؤية للعالم ، و جاءت كل قصة من قصصها معبرة عن ذلك ، لتأتى قصصها مترابطة ، و برفض الشايب للحياة الحقيقية، أقامت حياتها المجازية فى " نصف حالة " ، متابعا : أن الكاتبة لا ترفض الحياة لتقدم لنا واهما أو عالم يوتوبيا ، بل جعلت العالم مجموعة من المكعبات يمكن تفتيته و إعادة تجميعه بحرافية ، لتصور لنا الصراع بين أجزاء الإنسان نفسه " حتى تسمع للسان حال اللسان و لسان حال الفم ، و صراعهم فى إخراج الكلمات ، متسائلا عن إرادة الإنسان من كل هذا ، و صورت الشايب بشكل بلاغى كيف أن الأظافر هى وجه الأصابع فيبدو عليها الإرهاق من الأعمال الروتينية اليومية . كما تناقش المجموعة قيد الإنسان داخل أجزائه و كيف أن أجزائه مقيدة بها ، و تمرد تلك الأجزاء و صراعها سويا ، و كيف يضغط الفم على اللسان لإطاعة الأوامر و الرغبات البشعة للأكل و الثرثرة . وقال ضيف الله أن من التشبيهات الجيدة فى " نصف حالة " تشبيه الشايب الإنسان ببندول الساعة يتحرك بشكل رتيب للأمام و الخلف دون راحة فى حيز الساعة التى لا يستطيع أن يخرج عنها ، هذا الإنسان الكون الصغير حبيس الكون الأكبر . و ختم ضيف الله حديثه أن ما خطته الشايب لا تبدو ككتابة أولى بل كتجربة جديدة فى الكتابة القصصية تحوى رؤية فلسفية ، و نحن ننتظر كتابتها عن الجنوب لتضع يديها على ما لم يراه غيرها بالجنوب . من جانبه قال الناقد د. أحمد الصغير أن الكتابة الحقيقية هى التى تفرض نفسها على القارئ ، و " مع نصف حالة " شعر أنها أخذته من نفسه ، لتكسر بذلك الشايب الأفق التقليدي للعمل الأول ، فلقد تمرست على الكتابة كثيرا قبل أن تصدر تلك المجموعة القصصية . و فى قصتها الأخيرة " خيط " يمكن قرائتها من أعلى لأسفل و العكس ، و أكد الصغير أن هذا الأسلوب اتبعه شعراء الحداثة كمدحت سالم و علاء عبد الهادى ،و أشار أن ما نلمسه خلال " نصف حالة " هو لجوء الشايب إلى " اللعب بوصفه فلسفة لا عشوائية " . و تابع الصغير أن البطل فى القصة منهزم مع ذاته ليس له اسم فقد يكون أى شخص ، و تصور الشايب صراع الإنسان المخنث الغير متسق مع ذاته فيضطر أن يتعايش بوجهين كقصة " الحلاق" فى نصف حالة ، و استطاعت الشايب أن تستنطق الأشياء لتصنع بمجموعتها خيالا غير مطروقا ، فتكشف الصور المهمشة بجدران الإنسان . و استمتع الحضور بإلقاء ابتهال الشايب من مجموعتها قصة " احتضار محتمل " قائلة : " كل شئ جعل نفسه مبهما أمامى ، بل كل شئ أخفى عنى حياته ، تلك الطبيعة التى كانت لوحة مكررة تماما تمردت و ثارت ، نقطة النقاء التى كنت أقف فيها خاليا من أية قطرة وعى ذابت ثم ماتت ، يكف ذلك الشئ الذى يأكل ثنايا أفكارى بعنف ، لأجد رأسى تتجه مع كل شئ نحو السماء ". كما قرأت قصة " نصف حالة "التى سميت باسمها المجموعة قائلة : " الصباح من جديد يقف فى السماء ، و الشوارع المعتركة حوله تكتظ و لا تبالى بما يعانيه ، بينما يداه تجرفان شعر أذقان الزبائن كالمعتاد ، و عن غير قصد يجمع أكوام الشعر الصغيرة الملقاة و الناتجة عن الحلاقة لكى يضعها على أذقانهم مرة أخرى ، يسعده كثيرا وجود شعر الذقن و الشارب فى زبائنه ، و كم يريد أن يقنعهم بضرورة وجوده على وجوههم ، يستصرخهم لا تمحونه ، فكم يثير هذا أنوثته المخبأة ! ". ابتهال الشايب من مواليد محافظة الأقصر ، خريجة كلية الأداب قسم لغة فرنسية ،قاصة ومترجمة وتعمل في مجال الصحافة وعضو مؤسس لنادي القصة بالاقصر ،حازت علي عدة جوائز في مجال القصة القصيرة من الهيئة العامة لقصور الثقافة والاذاعة المصرية ، شاركت في العديد من المؤتمرات الثقافية مثل مهرجان (طيبة الثقافي الدولي) ولها عدة أعمال منشورة في صحف ومجلات مصرية وعربية ،صدر لها مجموعة قصصية بعنوان (نصف حالة) ولها أعمال تحت الطبع منها قاموس (الأفق) انجليزي _فرنسي _عربي بالأشتراك مع د.عاصم النجعاوي ، وكتاب مترجم بعنوان (مختارات شعرية من الأدب الفرنسي المعاصر ) ومجموعة قصصية جديدة، تم تكريمها من قبل (مؤسسة جنوب الميدان الإعلامية) عن مجموعتها القصصية (نصف حالة) .