توقع محللون ومسئولون سابقون مصريون وخليجيون، أن تحصل مصر على 20 مليار دولار من مؤتمر المانحين الذي دعا إليه العاهل السعودي في برقية تهنئته للرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي. ودعا العاهل السعودي، الملك عبد الله بن عبد العزيز يوم الثلاثاء الماضي إلى عقد مؤتمر للمانحين لمساعدة مصر في تجاوز أزمتها الاقتصادية، فور الإعلان رسميا عن فوز المشير عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة. وقال المحللون والمسئولون السابقون من مصر والخليج إن دعوة العاهل السعودي ستحدث أصداء كبيرة، وستلقى استجابة واسعة بين عدد من الدول العربية الكبرى وعلى رأسها الإماراتوالكويت والبحرين وغيرها. وذكر خبراء اقتصاديون ومسئولون سعوديين أن الاقتصاد المصري ينتظر 20 مليار دولار من مؤتمر المانحين المرتقب، في شكل مساعدات واستثمارات، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الأناضول. ورجحوا أن يعقد مؤتمر المانحين في أقرب وقت ممكن، قد يكون خلال شهر رمضان، أو بعد موسم الحج. وقال رئيس الجانب السعودي لمجلس الأعمال السعودي المصري الدكتور عبد لله بن محفوظ، إن مؤتمر المانحين لمصر يجب أن يكون مختلفا عن مؤتمرات المانحين لكل من اليمن وسوريا. وذكر " أن الاقتصاد المصري يحتاج إلى 20 مليار دولار، وتساءل: كيف تساعد هذه الدول مصر؟. وأوضح: "هذه المساعدات من المتوقع أن يكون جزء منها لدعم الحساب الجاري وتوفير العملات الأجنبية لمصر، إضافة إلى توفير السعودية للنفط وهذا متفق عليه. ولكن الجزء الباقي يجب أن يكون في شكل استثمارات من الدول المانحة، خاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تخدم المواطنين وبشكل سريع". وشدد على أهمية أن تدعم السعودية رجال الأعمال لدفعهم للاستثمار في مصر، بحيث تتحمل مثلا 50% من الأموال التي يضخها المستثمر السعودي في مصر، بالتالي تصبح المشروعات لرجال الأعمال السعوديين في مصر بتكلفة أقل مما يشجعهم على الاستثمار". وتوقع بن محفوظ انعقاد المؤتمر بعد موسم الحج أكتوبر، مؤكدا أنه لن يتأخر عن نوفمبر من العام الجاري، مبررا توقعه لتوقيت المؤتمر لحاجة المانحين إلى إحصاءات ومعطيات من الحكومة المصرية الجديدة، ومن الفريق الاقتصادي الذي سيختاره الرئيس السيسي. وقال الخبير الاقتصادي السعودي علي التواتي، إنه من المؤكد حضور السعودية والإمارات المؤتمر، وقد تحضر الكويت ودول غربية، بينما تغيب قطر وتركيا وإذا حضرتا لن يكون دورهما إيجابي. وتوقع التواتي في اتصال هاتفي لمراسل وكالة "الأناضول" انعقاد المؤتمر خلال شهر من الآن بعد عودة الملك عبد الله من المغرب، ومن المتوقع أن يعقد في السعودية كونها ستضغط لتقديم أكبر قدر ممكن من المساعدات لمصر، ولأنها الدولة الداعية للمؤتمر، موضحا أن السعودية والإمارات لن تبخلا بأي مساعدات لمصر. وقال التواتي إن المؤتمر خطوة قوية لمساندة الحكومة المصرية الجديدة في الحصول على أموال عاجلة لثبيت الأمن وبعد استقراره ستأتي المرحلة الثانية من الدعم وهي الاستثمارات والتي تعد الأهم لمصر، فمصر لا تحتاج لمعونة بل استثمارات توظف عمالة وتحرك الاقتصاد وتدر أرباحا على كل الأطراف (المستثمر والعامل والدولة). وذكر" من الواضح أن السيسي سيركز مشروعاته على جنوب مصر وعدم التركيز فقط على العاصمة القاهرة.. منها مشروع بحلايب بالحدود الجنوبية لمصر يستهدف استيعاب مليون مصري.. واذا تم أخذ مشروع "توشكى" جديا قد يغني مصر عن استيراد مواد زراعية من الخارج وتحقق الاكتفاء الذاتي من القمح". وقال إن المساعدات التي ستقر في المؤتمر لن تكون نقودا يتم تحويلها، بل سيتم ربطها بمشاريع برامج محددة، ووفق جدول زمني يتوقف على الأداء وليست دفعة واحدة، موضحا أن الأولويات يجب أن تعطى للمشروعات العاجلة والتي تمس المواطن بشكل يومي مثل مشروعات الكهرباء والصحة والمياه والطرق. وطالب التواتي بأن تركز المشاريع القادمة في مصر على المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تحرك الاقتصاد سريعا، إضافة إلى مشروعات إحلال الواردات والتي تركز على المواد التي تستوردها مصر من الخارج بأن يتم تصنيعها محليا، وأخيرا تطوير الصناعات التصديرية، كما دعا إلى التركيز على إعانة الفقراء، وتحويل العشوائيات في مصر إلى أحياء منتجة. وقال التواتي إن الاقتصاد المصري اذا ما كان يحتاج 20 مليار دولار فهي لاستثمارات وإعانات معا وليست منحا فقط. واستضافت مصر نهاية العام الماضي "المنتدى الاستثماري المصري الخليجي" الذي شهد حضور نحو 500 رجل أعمال ومستثمر خليجي ومصري وأجنبي، لاستعادة ثقة المستثمرين في اقتصادها. وعرضت مصر على مستثمرين مصريين وخليجيين خلال الملتقى 66 مشروعا في جميع المحافظات بقيمة استثمارية تتجاوز 50 مليار جنيه، ولم يعلن مسئولون مصريون عن نتائج لهذا الأمر حتى الآن. وتوقع توقع محللون وخبراء اقتصاديون بارزون بمصر أن تحصد القاهرة مساعدات مالية ضخمة قد تصل إلى 20 مليار دولار من خلال مؤتمر المانحين الذي دعا إليه العاهل السعودي. وقال حازم الببلاوي رئيس وزراء مصر السابق، إن كل الآمال تنعقد على المؤتمر الذي دعا إليه ملك السعودية، مشيرًا إلى أن دعوة مثل هذه ستلقى استجابة واسعة بين عدد من الدول العربية الكبرى وعلى رأسها الإماراتوالكويت والبحرين وغيرها. وأفاد الببلاوي بأن الدول العربية ساندت مصر بقوة في الفترة الماضية وفى أعقاب 30 يونيو الماضي، قائلًا :"المؤتمر الذي دعا إليه ملك السعودية سيكون باستطاعته توفير المساندة اللازمة لمساندة مصر في الفترة المقبلة". وذكر الببلاوي أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة المؤتمرات الاستثمارية والمؤتمرات الدولية، مشيرًا إلى أنه خلال شهر ديسمبر 2013 نظمت حكومته مؤتمر الاستثمار المصري الخليجي ونجح في جذب عدد من المستثمرين. وأوضح أن مؤتمر الاستثمار المصري الخليجي لا يمكن مقارنته بمؤتمر كبير يدعو إليه ملك السعودية ليجتمع قادة الدول الصديقة من أجل تقديم المساندة لمصر". وتوقع السفير جمال الدين البيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب وأمين عام المشاركة الأوروبية بوزارة التعاون الدولي المصرية، ألا ينتهي مؤتمر المانحين الذي دعا إليه العاهل السعودي بإقرار مساندات مالية كبيرة لمصر. وأفاد البيومي أن مؤتمرات رؤساء الدول تتمخض دائمًا عن قرارات حاسمة ،مشيرًا إلى أنها ليست مناقشات من أجل تقريب الرؤى في قضايا بعينها، لكن هدفها يكون واضحا، ومن يشارك فيها يكون قد اتخذ قرارًا بتقديم المساندة بالفعل. وألمح البيومي أنه يتوقع أن تحصل مصر على مساندات لا تقل عن 20 مليار دولار من الدول العربية في الفترة المقبلة ،مشيرًا إلى أن هذه الدول ضخت لمصر نحو 21 مليار دولار خلال العام المالي الجاري 2013-2014،جزء منها عبارة عن منح لا ترد والجزء الآخر إيداعات بالبنك المركزي وجزء ثالث عيني عبارة عن مساندات بترولية. وقال البيومي :" هناك تلويحات بضخ قيمة مماثلة في الفترة المقبلة" مضيفا أن الأهم من المساندات أن تبدأ مصر في تنفيذ خطة عاجلة لإعادة عجلة الإنتاج للدوران وبشكل سريع. وشدد أن مصر تمتلك البنية الأساسية والإمكانيات التي تؤهلها وتساعدها على النهوض بشكل سريع، موضحًا أن الأمر يستدعى اتخاذ قرارات جريئة من جانب القيادة السياسية الجديدة والحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها في الأيام المقبلة. وذكر بيومي أنه في عام 1991 عقدت دول الخليج مؤتمرًا للمانحين استطاعت من خلاله مساندة مصر بقوة، متوقعًا أن يسفر المؤتمر الذي دعا إليه العاهل السعودي إلى نتائج ايجابية في دعم الاقتصاد المصري. وقال إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إنه ينبغي على مصر أن تستغل مؤتمر المانحين بالشكل الأمثل، بحيث تقدم ورقة عمل متكاملة حول احتياجاتها من المساندة، مشيرًا إلى أن ذلك لا يمنع أيضًا من إمكانية تقديم قائمة بأهم المشروعات التي ترغب في تنفيذها. وأفاد الدسوقي بأن الأمر الهام في الفترة المقبلة هو أن يتم تنفيذ خطة جيدة لتنشيط الاقتصاد، وأن يتم التركيز على تحفيز المستثمرين وزيادة معدلات الاستثمار، لأن المساعدات يصعب تكرارها بشكل مستمر، كما يستحيل الاعتماد عليها في حل مشكلات الاقتصاد بصفة عامة. وقال الدسوقي :"نثمن موقف المملكة العربية السعودية والدول التي تقف إلى جوار مصر".