كأي حدث تاريخي يعود إلى العصور القديمة، تكونت عادات كثيرة مرتبطة بالاحتفال بيوم شم النسيم دون التحقق من حقيقة نشأتها أو مرجعيتها، وأشياء أخرى ارتبط تاريخها بشم النسيم أهمها ارتباطه بعيد القيامة المسيحي. المتعمق في تاريخ مصر القبطي يعلم الكثير من التغيرات التي طرأت على موعد الاحتفال بالعيدين من عام لآخر، ولكن ما لا يعلمه الكثيرون هي الأسباب التي أدت إلى ذلك التغير وأسبابها وماهية اختلاف موعد الاحتفال بين الطوائف المسيحية المتعددة. حقيقة مسمى شم النسيم بداية "شمّ النسيم" عيد مصري قديم، كان أجدادنا المصريون يحتفلون به مع مطلع فصل الربيع، وكلمة "شم النسيم" swm `nnicim هي كلمة قبطية مصرية، ولا تعني "استنشاق الهواء الجميل"، بل تعني "بستان الزروع".. "شوم " swm أي بستان، و"نيسيم" `nnicim تعني الزروع. تطوَّر نطق الكلمة مع الزمن فصارت "شم النسيم" التي يظن الكثيرون أنها كلمة عربية، مع إنها في الأصل قبطية مصرية. أسباب تغيير مواعيد الاحتفال بعد انتشار المسيحية في مصر في القرن الرابع، واجه المصريون مشكلة في الاحتفال بهذا العيد إذ أنه كان يقع دائمًا داخل موسم الصوم الكبير المقدس الذي يسبق عيد القيامة المجيد، وفترة الصوم Fasting تتميَّز بالنُسك الشديد والاختلاء والعبادة العميقة، مع الامتناع عن جميع الأطعمة التي من أصل حيواني؛ فكانت هناك صعوبة خلال فترة الصوم في الاحتفال بعيد الربيع، بما فيه من انطلاق ومرح وأفراح ومأكولات. لذلك رأى المصريون المسيحيون وقتها تأجيل الاحتفال بعيد الربيع إلى ما بعد فترة الصوم، واتفقوا على الاحتفال به في اليوم التالي لعيد القيامة المجيد، والذي يأتي دائمًا يوم أحد، فيكون عيد شم النسيم يوم الاثنين التالي له. حساب الإقبطي أما بخصوص تحديد موعد عيد القيامة، فهذا له حساب فلكي طويل، يُسمى "حساب الإبقطي" Epacte، وهي كلمة معناها "عُمر القمر في بداية شهر توت القبطي من كل عام". حساب الأبقطي هو عبارة عن حسابات تجرى للوصول إلى موعد فصح اليهود وبالتالي موعد عيد القيامة وما يسبقه من صوم وما يلحقه من الخماسين وبعض الأعياد، ومن خلاله يتم تحديد موعد عيد القيامة في الكنائس الغربية والعربية بفروق بسيطة. تم وضع هذا الحساب في القرن الثالث الميلادي، بواسطة الفلكي المصري "بطليموس الفرماوي" من مواليد بلدة فرما بين بورسعيد والعريش، في عهد البابا ديميتريوس الكرام البابا البطريرك رقم 12 بين عامي 189-232 م، وقد نُسِب هذا الحساب للأب البطريرك، فدُعِيَ "حساب الكرمة". وبالفعل وافَق على العمل به جميع أساقفة روما وأنطاكية وأورشليم في ذلك الوقت، بناء على ما كتبه لهم البابا ديميتريوس الكرام في هذا الشأن، ولما عُقِدَ مجمع نيقية عام 325 م، أقرَّ هذا الترتيب والتزمت به جميع الكنائس المسيحية حتى عام 1528م. المسيحيون فقط من يأكلون البيض! أما الأب بيشوي كامل من أبناء الكنيسة المصرية، فقد صحح في مقال سابق ما يعتقده البعض حول مراسم الاحتفال بشم النسيم، أهمها أن المسيحيون في العالم كله تعودوا على أكل البيض في عيد القيامة وليس في شم النسيم. وأوضح أن شم النسيم عيد مصري لا علاقة له بأكل البيض والذي هو تقليد مسيحي عالمي وقصته تعود إلى عهد الرسل، بحسب قوله. وأضاف أن المسيحيون ربطوا بين خروج الكتكوت من البيضة وقيامة السيد المسيح من الأموات، ويذكر التقليد أن القديسة مريم المجدلية أثناء كرازتها ذهبت إلى قيصر روما وكلمته عن القيامة، فهزأ بها وعند ذلك أحضرت له بيضة وقالت كيف تصدق بخروج الكتكوت من البيضة ولا تصدق أن خالق الكون كله يغلب الموت ويخرج من القبر، بحسب مقالته .