تظل مصر الوطن تحمل داخلها ثقافتها, مصر الوطن قادرة دائما علي مر التاريخ أن تتجاوب وتتفاعل مع كل الثقافات التي مرت بها وعاشت فيها, حتي تكون ذلك النسيج الفريد للشخصية المصرية, وبات لمصر مذاقها الخاص في التعامل مع الثقافات بل والديانات, فكل ثقافة مرت أو دين دخل إلي مصر اكتسب مذاقا مصريا خالصا, ولم تتمكن ثقافة من البقاء بمصر إلا بتجاوبها مع طبيعة الشخصية المصرية الوسطية المعتدلة ذات المزاج الخاص. وعندما دخلت المسيحية مصر جاء عيد القيامة موافقا لاحتفال المصريين بعيدهم, فكان احتفال الأقباط بعيد الفصح أو عيد القيامة في يوم الأحد, ويليه مباشرة عيد شم النسيم يوم الاثنين, ويوم شم النسيم هو يوم احتفال ورثه المصريون عن آبائهم الفراعنة واستمر الاحتفال بهذا العيد تقليدا متوارثا تتناقله الأجيال عبر الأزمان والعصور, يحمل ذات المراسم والطقوس, وذات العادات والتقاليد التي لم يطرأ عليها أدني تغيير منذ عصر الفراعنة وحتي الآن, وعندما دخل الإسلام مصر أصبح المصريون جميعا أقباطا ومسلمين يحتفلون بذلك العيد المصري بعد أن يحتفلوا جميعا بعيد القيامة. أولا: عيد شم النسيم هو عيد مصري قديم, كان أجدادنا المصريون يحتفلون به مع مطلع فصل الربيع. وكلمة شم النسيم هي كلمة مصرية قديمة, تعني بستان الزروع.. شوم تعي بستان, ونيسيم تعني الزروع.. وحرف إن بينهما للربط مثلof في الإنجليزية.. فتصير الكلمة شوم إن نسيم بمعني بستان الزروع, وقد تطور نطق الكلمة مع الزمن فصارت شم النسيم التي يظن الكثيرون أنها كلمة عربية, مع انها في الأصل مصرية قديمة. بعد انتشار المسيحية في مصر حتي غطتها بالكامل في القرن الرابع الميلادي, واجه المصريون مشكلة في الاحتفال بهذا العيد المصري شم النسيم, إذ إنه كان يقع دائما داخل موسم الصوم الكبير المقدس الذي يسبق عيد القيامة المجيد.. وفترة الصوم تتميز بالنسك الشديد والاختلاء والعبادة العميقة, مع الامتناع طبعا عن جميع الأطعمة التي من أصل حيواني.. فكانت هناك صعوبة خلال فترة الصوم في الاحتفال بعيد الربيع, بما فيه من انطلاق ومرح وأفراح ومأكولات.. لذلك رأي المصريون المسيحيون وقتها تأجيل الاحتفال بعيد الربيع( شم النسيم) إلي ما بعد فترة الصوم, واتفقوا علي الاحتفال به في اليوم التالي لعيد القيامة المجيد, الذي يأتي دائما يوم أحد, فيكون عيد شم النسيم يوم الاثنين التالي له. تظل مصر هي ذلك الوطن الذي خلق ليبقي, ويظل المصريون هم ذخيرة وزينة هذا الوطن.. كل عام ونحن المصريين جميعا بخير. [email protected]