الكل بإنتظار الزيارة التي من المفترض أنْ يقوم بها الرئيس الأميركي باراك أوباما قريباً إلى المملكة العربية السعودية والتي بالتأكيد سيكون موضوعها الأساسي ما يجري في سوريا فالأميركيون بقوا يتراجعون عن مواقف «معقولة» كانوا قد إتخذوها في البدايات وذلك إلى حدِّ أنَّ هناك قناعة الآن بأنَّ هذه الإدارة هي أضعف الإدارات الأميركية على الإطلاق وأن هذا الرئيس لضعفه وتردده قد سلم أوراق هذه المنطقة وأولها الورقة السورية إلى فلاديمير بوتين الذي بات يتصرف إزاء كل القضايا الملتهبة وكأنه لا وجود لغيره على الأرض وكأنه لا غير الروس في معادلة القوى الكونية. إنه لا يوجد حتى في الولاياتالمتحدة نفسها منْ لا يشعر أنَّ أوباما بمواقفه المائعة وبتردده وبخوفه من الإقتراب من حرب جديدة ،بعد تجربة أفغانستانوالعراق، قد حول أميركا من دولة أصبحت ،بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي في بدايات تسعينات القرن الماضي، صاحبة القرار الحاسم في مجلس الأمن وفي الهيئات الدولية كلها إلى دولة ثانوية تطارد فلاديمير بوتين ولا تدركه ويتحكم في قراراتها ومواقفها تجاه القضايا ،التي تمس أمن الولاياتالمتحدة ومكانتها ودورها، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. إن هذه هي القناعة السائدة حتى في الولاياتالمتحدة نفسها.. لكن هناك من يرى أن التجربة السورية المريرة وأنَّ تحدي بوتين لأميركا ولأوروبا وللعالم كله وقيامه بما قام به في أوكرانيا وتحديداً في شبه جزيرة القرم قد أقنعا باراك أوباما بضرورة أنْ تكون هناك وقفة عند المنعطف الخطر وأن تكون هناك مراجعة سريعة للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط تحديداً وأنه لا يجوز أن يُترك بشار الأسد لِيُلْحِق بسوريا كل هذا الدمار والخراب وليدفع المنطقة كلها نحو حروب مذهبية وطائفية قد تستمر عشرات الأعوام.. وتأكل الأخضر واليابس. قبل أيام وجهت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندليزا رايس في أحد إجتماعات الحزب الجمهوري إنتقادات قاسية فعلاً للرئيس باراك أوباما ولسياساته الخارجية وهي قالت إن هذا تسبب بحصول فراغ قوَّة في الشرق الأوسط استغلة أمثال بشار الأسد وتنظيم القاعدة وقد قالت أيضاً بالنسبة للأزمة الأوكرانية المتفاقمة إنه من الضروري أن تدفع هذه الأزمة الأميركيين إلى تذكُّر قيمهم الخاصة ب»الثورة والحرية».. إنه علينا مواصلة رفع الصوت للدفاع عن أولئك الذين يريدون التمتع بحريات مشابهة للحريات التي نتمتع بها.. وإنتهت ،أي وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، إلى القول :لا يمكننا الحفاظ على سياسة خارجية نشطة دون جيش قوي.. إن الفراغ الذي نتركه سيستغله أمثال الأسد الذي يمزق الشرق الأوسط اليوم وأمثال الإرهابيين في العراقوسوريا وحيث يولد تنظيم القاعدة من جديد.. وأمثال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ولهذا ولأن المفترض أنَّ باراك أوباما قد أدرك مغبة وخطورة استمراره بسياساته البائسة هذه فإنَّ المتوقع أن تكون زيارته المرتقبة إلى الرياض ،التي هو من طلبها وألحَّ عليها وليس المملكة العربية السعودية، زيارة فاصلة تجري خلالها مراجعة كاملة لمواقف واشنطن وتصرفاتها في عهد هذه الإدارة الديموقراطية وبخاصة بالنسبة لهذه المنطقة الشرق أوسطية التي باتت تعيش كل هذه الأوضاع الخطيرة والتي تمرُّ بحالة من التمزق والغليان غير مسبوقة. إن هذه الزيارة التي باتت قريبة وعلى الأبواب ستكون فرصة للتحدث مع الرئيس الأميركي بكل وضوح وبصراحة المسؤولين السعوديين الشهيرة والمعروفة فالولاياتالمتحدة في عهد هذه الإدارة تصرفت وكأن الشرق الأوسط لم يعد يعنيها على الإطلاق وهذا ما جعل الأزمة السورية الدامية تستمر لثلاثة أعوام متتالية وها هي تدخل العام الرابع وما جعل هذا البلد الذي يُعدّ حلقة رئيسية في سلسلة الشرق الأوسط ينهار كل هذا الإنهيار ويتمزق كل هذا التمزق وجعل أعداد القتلى فيه تتجاوز المائة وخمسين ألفاً وأعداد اللاجئين والمهجرين تلامس التسعة ملايين.. وحقيقة أن المسؤول عن هذا كله هو الولاياتالمتحدة وهو هذا الرئيس الأميركي باراك أوباما وهو أيضاً مواقف الإتحاد الأوروبي المائعة والمترددة وغير الحاسمة. نقلا عن جريدة " الرأى " الاردنية