الاتفاق الروسي الأمريكي حول ملف ترسانة السلاح الكيماوي السوري، وتجنب الحرب على سوريا، اعتبره الخبراء والمحللين السياسيين في روسيا انتصارا للدبلوماسية الروسية وللرئيس فلاديمير بوتين. وقد جاءات افتتاحية مجلة "إكسبرت" الروسية متحدثة عن قبول سوريا للاتفاق واستعدادها لتنفيذه، في رسالة رسمية الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وذكرت أن التحول من سياسة الدفاع الى الهجوم خلال الأيام الأخيرة، كان أمرا غير متوقع من الدبلوماسية الروسية وقد حقق نجاحا مثمرا وصف ب "التكتيكي" بمنع الغرب من توجيه ضربة عسكرية لسوريا، رغم تمسك الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالعمل العسكري. واعتبر الاتفاق انتصارا للدبلوماسية الروسية ربما يكون الأبرز منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. يرى الخبراء أن بوتين حقق خمس انتصارات من الاتفاق : الأول: التأكيد بأن المواقف الروسية بشأن القضايا الدولية بناءة، وترفض الحل العسكري، ودائما تبحث عن التسوية السياسية. الثاني: انه للمرة الأولى ومنذ انتهيار الاتحاد السوفيتي نتمكن من بسط النفوذ الى أبد من فضاء دول الاتحاد السوفيتي السابق . الثالث : أنه على أقل تقدير فإن حتى الآن نتمكن من الدفاع عن صديق دولة صديقة، سوريا شريك مهم لروسيا، فهي ليست مثل إيران التي تملك القوة للدفاع عن نفسها، وسوريا لاعب مهم في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظل وجود نظام بشار الأسد للحفاظ على مصالحنا ومشاركتنا في عملية التسوية في المنطقة. الرابع : تطور جديد في العلاقات مع الولاياتالمتحدة، ولا سيما مع إدارة باراك أوباما. فالمبادرة الروسية كسرت الجمود في العلاقات وانقذت سمعة الإدارة الأمريكية في العالم، خاصة ان الضربة العسكرية كانت سقوض على المدى الطويل دور الولاياتالمتحدة لصالح مصالح اللاعبين الاقليميين، وخاصة المملكة العربية السعودية وتركيا. وأن العلاقات بين البلدين انتقلت من المواجهة الى التعاون، وهذا مهم جدا لأنه يوسع من حرية المناورة في قضايا السياسة الخارجية الأخرى. وأخيرا، فإن مقال بوتين في صحيفة نيويورك تايمز، استطاع ان يخلق رد فعل عنيف داخل المجتمع الأمريكي يرفض العمل العسكري ضد سوريا.