إنه لمن دواعي الصدمة أن أجد عقول متحجرة في عهدنا هذا، بالرغم من التقدم التكنولوجي وعصر الانترنت، وعصر الانفتاحات الدولية، وذلك بسبب رؤيتهم السلبية والمنغلقة للفتاة ولعبها الكاراتيه خصوصاً بعد ظهور تدريبفتيات غزة للإعلام، باعتقادهم أن الفتاة هي مجرد قطعة أثاث في المنزل لا تتحرك إلا بتنقلها من مكان لآخر، ولكن داخل أيقونة واحدة لا تتغير، والنظرة العبيدية التي تعتبرها هي مجرد شهوة ونزوة داخلية لهم، دون النظر إلى طموحاتها وأفكارها وحريتها، بالطبع هنا لا أنادي بحرية المرأة ولا أنادي بتحريرها، فهي أصلاً محررة منذ عهد الرسول صلي الله عليه وسلم حين كان يسابق عائشة رضي الله عنها،وحين قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"علموا أولادكم الرماية والسباحة"، فقال أولادكم ولم يقتصر على الأنثى أو الذكر بل ذكرهم بالشمول، اذا طالب بتعليم الرماية والسباحة ألا يحق للفتاة أن تتعلم الكثير من أنواع الرياضة طالما أنها لا تخدش حيائها وطالما كانت قدوة للاحتذاء بها من أولادها فهي الأم الأخت الزوجة، كل هذا ولا نعطيها الحق بأن تمارس هواياتها ورغباتها في حين أنها لا تثير الغرائز. هذه الرياضة تعتبر الأكثر مساندة للمرأة في الدفاع عن نفسها في أقل الحركات وأفضل القدرات لتجنب أي تحرش خادش لها، أو في حال تعرضها لخطف أو في حال تعرضها لمواقف تستدعي الدفاع عن نفسها. في هذه المواقف من سيساعدها، هل أنت يا ذكوري ستكون معها أم أنك ستكون الأول في مطالبة اعدامها فقد تم سلب أنوثتها على حد قولك في الكثير من الحالات، من سيدافع عنها إلا نفسها. إن لعبة الكاراتيه هي الدفاع الأول للفتاة وهي لا تنقص من أنوثتها ولا تجردها إنسانيتها، لكن يجب على الفتاة أن تكون قادرة بمنح نفسها فرصة للاستمتاع باللعب والعمل على تفريغ الكبت الداخلي، والقدرة على تجنب أي تعرض لها. هناك من يعارض الفكرة باعتبارها انفلات خطير للفتيات كما قال أحد المشايخ السلفية وينادي الأخوة في وزارة الرياضة أن توقف مثل هذه الانفلاتات الخطيرة لبناتنا ونتق الله في أنفسنا. لكن أين المانع من تعلم الفتاة فنون القتال أو حتي ممارسة هواية الرياضة التي تحبها، فيبدو أن دين الوسطية أصبح تشددي لدرجة الاختلاف في الثقافات الإسلامية وفهم النصوص الشرعية حسب ما يرغبون في فهمه. أين علمكم من هذه الرواية حيث رواها الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، ولفظ الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر. قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني. فقال: "هذه بتلك السبقة"، وفي لفظ: سابقني النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته، فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم سابقني فسبقني. فقال: "هذه بتلك". وهذا منه صلى الله عليه وسلم من حسن خلقه مع أهله، وملاطفته لهم، وحسن المعاشرة، وفيه جواز المسابقة على الأقدام، وفيه إدخال الرجل السرور على زوجته بما يؤنسها، وهي سبقته في المرة الأولى؛ لأنها كانت فتاة شابة خفيفة لم تحمل من اللحم ما يثقلها، ويمنعها من قوة الجري؛ فلهذا سبقته، فصبر لها صلى الله عليه وسلم، فلما كان بعد مدة، وجاءت مناسبة أخرى سابقها، وكانت في هذه المرة قد حملت من اللحم، وسمنت وأرهقها اللحم يعني: أثقلها فسبقها في هذه المرة. فقال صلى الله عليه وسلم تطييبًا لخاطرها: "هذه بتلك"، يعني: هذه السبقة مني مقابل سبقتك الأولى لي؛ فحصل التعادل. وهذا من مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم.فالرسول صلي الله عليه وسلم خير دين وخير دليل على تقدير المرأة.