مصر تتصدر دول العالم في الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي "سي"، والذي يصل معدل إنتشاره في مصر إلى 14.7% من السكان أو حوالي 12 مليون شخص. وأوضح البروفيسور ريموند شينازي مكتشف عقار "سوفوسبوڤير" الجديد لفيروس "سي"، أنه يحاول اكتشاف دواء جديد لعلاج نوع الفيروس الموجود في مصر، وسيجري التجارب الإكلينيكية فيها قريباً، مشيراً إلى أن الدواء الجديد الذي تحاول وزارة الصحة الحصول عليه بسعر منخفض تحتكره شركتان أمريكيتان، ويتراوح سعره بين 60 و90 ألف دولار، لذلك فرصة الحصول عليه بسعر منخفض ضعيفة جدًا، ولذا يجب الموافقة على إجراء أبحاث وتجارب على الأدوية الجديدة في مصر. وأكد شينازي أنه يوجد 3 أدوية جديدة بنفس الكفاءة، وتنتظر الشركات المنتجة موافقة ال"FDA" عليها، والتي ستتم أواخر عامي 2014 و2015، مشيراً إلى أن الحصول على الدواء بسعره الحالي مشكلة كبيرة حتى في الولاياتالمتحدة فإن سعر الدواء في الولاياتالمتحدة يقدر بنحو 86 ألف دولار لنصف البرنامج العلاجي الذي تصل مدته إلى 12 أسبوعاً. وأشار إلى أن النتائج الأولية للدواء مبهرة ولكن من المؤكد ان تنخفض هذه التكلفة بمرور الوقت مثلما حدث في أدوية أخرى مثل أدوية علاج فيروس نقص المناعة البشرى الإيدز. يذكر أن البروفيسور ريمون شينازى عالم مصري أمريكي الجنسية، وهو أستاذ طب الأطفال ومدير معامل البحوث الدوائية بجامعة إيموري بالولاياتالمتحدة والمبتكر للعديد من الأدوية لعلاج فيروس نقص المناعة البشري (الإيدز) والفيروس الكبدى (ب)، وهو دكتور في مركز جامعة إموري لأبحاث الإيدز ونجم في عالم أبحاث وعلاج التهاب الكبد الڤيروسي "سي"، وقام أيضاً بتأسيس خمس شركات لتطوير أدوية الأمراض الڤيروسية مثل الإيدز، التهاب الكبد الڤيروسي والهربس. "جنيس".. بديل محلي وفي هذ الصدد، أكدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم أن الدولة يمكنها أن تضع سياسات فعالة وتستخدم طرقًا مختلفة من بينها دواء مكتشف حديثًا من أجل الحد ومن ثم القضاء على مرض الالتهاب الكبدي "سي". وأكد فريق من المتخصصين في الصحة العامة والدواء في المبادرة المصرية اليوم على اهمية وضع سياسة شاملة من أجل مواجهة ما يعد اسوأ تحدي لصحة المصريين عموماً، وذلك عقب لقاء مع وفد من شركة "جلياد" الدولية التي تقوم بتصنيع دواء "سوفوسبوفير" لعلاج المصابين بهذا الفيروس. وترى المبادرة أن هذا الدواء، سواء تم شراءه بسعر معقول أو الإتفاق على إنتاجه محلياً بشكل مستقل أو بالاتفاق مع الشركة، يمكن أن يصبح جزءًا من سياسة شاملة وجدية وقائمة على أسس علمية وتجارب مؤكدة وفق القواعد الموضوعة وطنياً ودولياً لمواجهة المرض في مصر. وشددت المبادرة على أن مصر يجب أن تتفاوض مع الشركة المذكورة التي يزور وفدها القاهرة هذا الأسبوع من موقع قوة، حيث أن الدواء لا يمكن استيراده دون حصوله على براءة اختراع في مصر واجراء تجارب عليه، كما أن مصر هي أكثر دولة من حيث نسبة انتشار الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي (14.7% من السكان) وسيفتح الإتفاق معها طريق الشركة أمام تسويق هذا الدواء عالمياً. وجاء طلب الشركة اللقاء مع المبادرة المصرية عقب اجتماعهم مع المجلس الاستشاري للمجتمع العالمي للإلتهاب الكبدي "سي" والذي ضم 38 ممثلًا للمجتمع المدني في مجال الصحة العامة من 22 دولة من أنحاء العالم ودعمته منظمة الصحة العالمية في بانكوك الأسبوع الماضي. وتشارك المبادرة المصرية في عضوية هذا المجلس الذي أكد في ختام اجتماعاته على دعوة أكبر ست شركات أدوية في العالم من أجل توفير الأدوية المعالجة للالتهاب الكبدي بسعر معقول لمواجهة مرض يقتل 350 الف شخص كل عام. وقد رفضت الشركات تسعير مثل هذه الأدوية بشكل يسمح لمواطني وحكومات الدول النامية من الحصول عليها. وكانت الهند قد أعلنت أنها لم تمنح "سوفوسبوفير" براءة اختراع للتسويق أو البيع بعد وهناك بدائل أخرى منها الحصول من الشركة على رخصة تصنيع محلي أو القيام بتصنيع دواء "جنيس" محلي بعد رفض براءة الاختراع. ويعني هذا أن مصر، إذا لم تتمكن أو ترغب في تصنيع الدواء محلياً يمكنها في المستقبل شراء بديل مماثل سيتم تصنيعه وتسويقه بأسعار أرخص في دول العالم النامي مثل الهند. وحذرت المبادرة المصرية من أن تقبل الحكومة، التي حضر وفد الشركة للقاهرة للقاء معها، عرضاً من الشركة يجعل تصنيع بديل محلي "دواء جنيس" أمراً غير ممكن لعدة سنوات أو أن تقبل عرضاً يجعل تكلفة الاستيراد وعلاج الغالبية العظمى من المصابين بالفيروس في مصر أمراً باهظ التكلفة أو غير مجدي. وتعتقد المبادرة المصرية أنه يمكن لصناعة الدواء المصرية تصنيع دواء "جنيس" (بديل محلي) في المستقبل القريب، خاصةً وأنها تمكنت من صناعة "جنيس" محلي لدواء "الانترفيرون" من قبل. ولكن هذا الخيار يستلزم عدم منح براءة اختراع لشركة "جلياد" إذا لم يتم التوصل لاتفاق مالي مناسب للبلاد مع الشركة، ويمكن للحكومة وشركات الدواء أيضا التوصل لاتفاق تصنيع بديل محلي بحيث يكون سعره مقبولًا. كما تعتقد المبادرة المصرية، وفقًا لمتخصصين في انتاج الدواء، أن تكلفة إنتاج كورس العلاج لا تتعدى 250 دولار. بينما صرحت الشركة المنتجة في اجتماع المجلس الاستشاري الذي شاركت به المبادرة في بانجكوك، انها ستعرض على مصر سعرًا يصل إلى 3600 دولار لكورس العلاج وأن السعر الذي تعرضه على الدول متوسطة الدخل مثل مصر يترواح بين ألفي وسبعة الاف دولار. وترى المبادرة المصرية أن هذا الموقف من جانب شركات الدواء هو جشع مبالغ فيه وسيجعل الدواء بعيدًا عن متناول الفقراء مباشرة أو عن متناول حكوماتهم التي يمكن أن تعمل من أجل شراء الدواء لتوفيره للشرائح الأفقر عن طريق نظام للتأمين الصحي. ودعت المبادرة المصرية إلى أن تعمل مصر مع الدول الأخرى التي تعاني من انتشار هذا الفيروس مثل الهند والصين وباكستان واندونيسيا، حتي يتسنى التوصل إلى اتفاق عادل يوفر هذا الدواء بسعر مناسب لموازنات هذه الدول وقدرات مواطنيها الاقتصادية، حيث أن أي اتفاق مع مصر سيؤثر على موقف قرابة مائة وستين مليون شخص مصابين بهذا المرض في أنحاء العالم النامي. وترى المبادرة المصرية أنه لدى مصر والدول النامية خيارات أخرى وأن المساعي الدولية من جانب منظمات المجتمع المدني والحكومات الجادة ساهمت في تخفيض أدوية علاج مرض الإيدز من عشرة ألاف دولار للمريض لمائة دولار فقط وأنه يمكن القيام بمثل هذا الأمر مع أدوية الالتهاب الكبدي. كما ترى المبادرة المصرية أن العلاج السليم في مواجهة الفيروسات الكبدية هو جزء محوري في خطة وسياسات الوقاية الشاملة، مما يحتم توفير العلاج اللازم والموارد والخبرات الكافية التي تمكن من صناعته محليًا وعدم الخضوع لإرادة الاحتكارات الدوائية العالمية، استلهاماً لما صنعته الدول الأخرى التي تعاني من أمراض مماثلة كالهند وجنوب أفريقيا. وإن الحق في الحصول على الدواء جزء لا يتجزأ من الحق في الصحة، وقد أقرت هذا الحق المواثيق الدولية التي تطرقت للصحة كحق من حقوق الإنسان وأخيراً الدستور المصري في تعديلاته الأخيرة.