شهدت الأسابيع الأخيرة من العام المنصرم طرح أولي الأدوية التي تمثل ثورة في علاج الفيروس الكبدي سي. وكما تشير تقارير هيئة الغذاء والدواء الأمريكية التي اعتمدت الدواء فإن الدواء يعمل علي تثبيط البروتينات الملتصقة بالفيروس الكبدي سي وبالتالي يمكنه القضاء علي كافة الفصائل الجينية للفيروس سي بما في ذلك الفصيل الجيني4 المنتشر في مصر. الطريف وغير المتوقع هو أن الدواء الجديد يعطي نتائج مميزة في التغلب علي الفصيل الجيني الرابع للفيروس تتخطي95% بالمقارنة بالفصائل الجينية الأخري. وأنه إذا منح لمدة24 أسبوعا بالاشتراك مع الإنترفيرون والريبافيرين فإن المريض يشفي من الفيروس ولايصاب بأعراض جانبية كبيرة مقارنة بالأدوية التقليدية. الحدث والذي كان بمثابة الخبر العلمي الأهم في مصر قوبل بسلسلة من العوامل المحبطة لعل من أهمها ارتفاع سعر الدواء إلي172 ألف دولار للبرنامج العلاجي للفرد وهو ما يعد سعر مبالغ فيه حتي علي مستوي المواطن الأمريكي كما أوضح البروفيسور ريمون شينازي مبتكر الدواء. من ناحية أخري, أشار عدد من العلماء لضرورة التروي حتي يتم متابعة ما ستسفر عنه نتائج دراسات ما بعد الطرح التجاري للدواء فمن واقع الخبرات السابقة من الوارد أن يظهر للدواء أعراض جانبية كبري لم يتم رصدها في التجارب الإكلينيكية السابقة. وبشكل عام فلقد شهد عام2013 تقييما لبحوث الكبد في مصر والتي من المفترض أن تكون قاطرة تطوير الخدمات الصحية بالدولة حيث كشفت دراسة لمعهد تيودور بلهارس أجريت علي الفي دراسة في مجال الكبد نشرها العلماء المصريون في الفترة من2005 حتي عام2010 أن مستوي البحوث أقل بكثير من المأمول. وطبقا لنتائج الدراسة, بدا واضحا انخفاض معدل النشر بالمجلات المصرية مقابل المجلات الدولية كمؤشر إيجابي لارتقاء بحوث الكبد وزيادة نسب التعاون العلمي الدولي بدلا من أن تظل الدراسات مجهولة في المجلات المحلية. أما فيما يتعلق بتصنيف الأبحاث, كانت هناك زيادة كبيرة في بحوث تشخيص الإصابة بالأمراض الكبدية مثل الفيروسات الكبدية, الأمراض الكبدية المزمنة, سرطان الكبد, فلاتوجد استفادة تراكمية من البحوث السابقة أو رصد إحصائي للدلالات الطبية الأكثر أهمية لكل مرض كبدي بحيث لا يحتاج كل باحث لاختراع العجلة وإعادة توصيف المرض من جديد من خلال كم هائل ومكلف من التجارب الإكلينيكية. أما في مجال بحوث أدوية الكبد فإن القسم الأكبر لتلك البحوث يتناول المكملات الغذائية والمستخلصات الطبيعية للحفاظ علي حالة الكبد وليس الأدوية الفعالة. وعن المجالات البحثية المهمشة والقليلة نسبيا برغم أهميتها فكانت: المشكلات المجتمعية الناتجة عن الإصابة بالأمراض الكبدية وما ينتج عن ذلك من وصم وتمييز ضد المرضي وانخفاض ساعات الإنتاج بينهم, إدارة النظام الصحي وعلاقته بالأمراض الكبدية, نقل الدم والأمراض الكبدية, حتي البحوث في مجال زرع الكبد قليلة جدا. من ناحية أخري لاحت في الأفق بوادر أمل جديدة فمن المتوقع خلال الشهور المقبلة أن تبادر9 شركات لاعتماد أدوية كبد جديدة تمتاز بالفاعلية المرتفعة في القضاء علي الفيروس. كما بادر د.شينازي بطرح مبادرة للعمل البحثي المشترك مع أساتذة جامعة القاهرة حيث سيوفر خبراته العلمية ومركبا كيميائيا من المرجح أن يكون دواء في المستقبل لعلاج فيروس سي وإذا ما ساهمت الدولة والمراكز البحثية المصرية في إجراء البحوث من الآن والمضي قدما في الدراسات المستفيضة فمن الممكن أن تملك مصر في خلال سنوات معدودة دواءها لعلاج فيروس سي. وبعيدا عن ذلك من المنتظر أن يشهد عام2014 جهودا متواصلة من قبل القائمين علي وضع السياسات الصحية لوضع استراتيجية مكافحة الفيروسات الكبدية, والبدء في المسح الديموجرافي الصحي الجديد بعد آخر مسح أجري عام2008 والتفاوض مع شركات الدواء علي أسعار أدوية الكبد الجديدة, إضافة إلي بحث الآليات المثلي لتفعيل السياسات الصحية للحد من عدوي المستشفيات وتوفير الدم الآمن علي مستوي كل مستشفيات الدولة.