مطران نقادة يلقي عظة روحية في العيد الثالث للابس الروح (فيدىو)    كيف تضمن معاشا إضافيا بعد سن التقاعد    بالطبل البلدي، تجار الجملة يحتفلون بمزاد المانجو في سوق المستقبل بالإسماعيلية (فيديو وصور)    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السودان السبت 19 يوليو 2025    اعتقال 87 شخصا بتهمة الارتباط بالموساد في لرستان الإيرانية    إسبانيا تهزم سويسرا 2-0 وتتأهل لنصف نهائي يورو السيدات (فيديو)    بشكل مفاجئ، الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يحذف البيان الخاص بوسام أبو علي    "صديق رونالدو".. النصر يعلن تعيين خوسيه سيميدو رئيسا تنفيذيا لشركة الكرة    ستوري نجوم كرة القدم.. ناصر منسي يتذكر هدفه الحاسم بالأهلي.. وظهور صفقة الزمالك الجديدة    بثته قناة فضائية، مصدر أمني يكشف ملابسات فيديو سرقة أسوار حديدية من أعلى الطريق الدائري    غرق طفلة سقطت في فتحة تطهير مصرف ري مغطى بالفيوم    زوج البلوجر هدير عبد الرازق: زرعت كاميرات بالشقة وصورتني دون علمي وضربتها علشان بتشرب مخدرات    فخور إني لحنت لك، تامر عاشور يفاجئ أنغام في حفل العلمين ويشاركها دويتو "لوحة باهتة" (صور)    تحت شعار كامل العدد، التهامي وفتحي سلامة يفتتحان المهرجان الصيفي بالأوبرا (صور)    من المستشفى إلى المسرح، حسام حبيب يتحدى الإصابة ويغني بالعكاز في موسم جدة 2025 (فيديو)    نتيجة الثانوية العامة 2025.. خطوات الاستعلام عبر الرابط الرسمي فور ظهورها    شرط يهدد صفقة بيراميدز المنتظرة    الكرملين: تسوية الأزمة الأوكرانية وتطبيع العلاقات بين موسكو وواشنطن موضوعان مختلفان    مصرع طفلة غرقًا في مصرف زراعي بقرية بني صالح في الفيوم    في أول تعليق لها.. رزان مغربي تكشف تفاصيل حالتها الصحية بعد حادث «سقوط السقف»    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    سعر المانجو والموز والفاكهة ب الأسواق اليوم السبت 19 يوليو 2025    لخريجي الثانوية العامة والدبلومات.. تنسيق المعهد الفني الصحي 2025 (التوقعات بالدرجات والنسبة المئوية)    «زي النهارده».. وفاة اللواء عمر سليمان 19 يوليو 2012    انتشال جثة شاب غرق في مياه الرياح التوفيقي بطوخ    «الداخلية» توضح حقيقة فيديو تضرر قاطني الجيزة من سرقة الأسوار الحديدية أعلى الطريق الدائرى    مجاهد يكشف تفاصيل حذف بيان الاتحاد الفلسطيني في أزمة أبو علي    رد رسمي من الزمالك بشأن غياب فتوح عن معسكر إعداد الفريق    انتهت.. عبده يحيى مهاجم غزل المحلة ينتقل لصفوف سموخة على سبيل الإعاراة    موعد انتخابات مجلس الشيوخ 2025.. استعلم عن لجنتك الانتخابية ب«طريقتين»    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية ببداية الأسبوع السبت 19 يوليو 2025    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    تعاني من الأرق؟ هذه التمارين قد تكون مفتاح نومك الهادئ    أبرزها الزنجبيل.. 5 طرق طبيعية لعلاج الصداع النصفي    كسر بماسورة مياه الشرب في شبرا الخيمة.. والمحافظة: عودة ضخ بشكل طبيعي    ب37.6 ألف ميجاوات.. الشبكة الموحدة للكهرباء تحقق أقصى ارتفاع في الأحمال هذ العام    "الدنيا مريحة" .. أسعار السيارات المستعملة مستمرة في الانخفاض| شاهد    اليوم.. الاستماع لمرافعة النيابة في قضية «مجموعات العمل النوعي»    اليمن يدعو الشركات والمستثمرين المصريين للمشاركة في إعادة الإعمار    «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرا جماهيريا لدعم مرشحي مجلس الشيوخ في القليوبية    "القومي للمرأة" يستقبل وفدًا من اتحاد "بشبابها" التابع لوزارة الشباب والرياضة    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي فرط صوتي    وزير الخارجية اللبنانى لنظيره الأيرلندي: نطلب دعم بلدكم لتجديد "اليونيفيل"    مي عمر جريئة وريم سامي بفستان قصير.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    المخرج خضر محمد خضر يعلن ارتباطه بفتاة من خارج الوسط الفني    قبل عرضه بالقنوات.. تفاصيل إعلان محمد رمضان الجديد بالساحل الشمالي    نواف سلام: ورقة المبعوث الأمريكي هي مجموعة أفكار لتنفيذ إعلان ترتيبات وقف الأعمال العدائية    خبير اقتصادي: رسوم ترامب تهدد سلاسل الإمداد العالمية وتفاقم أزمة الديون    ماركوس يبحث مع ترامب الرسوم الجمركية الأمريكية على الصادرات الفلبينية    رئيس الإمارات ونظيره المجرى يبحثان فى بودابست تعزيز علاقات التعاون الثنائى    5 طرق فعالة للتغلب على الكسل واستعادة نشاطك اليومي    أصيب بنفس الأعراض.. نقل والد الأشقاء الخمسة المتوفين بالمنيا إلى المستشفى    "الصحة" توجه نصائح مهمة للوقاية من ضربات الشمس والإجهاد الحراري    عبد السند يمامة عن استشهاده بآية قرآنية: قصدت من «وفدا» الدعاء.. وهذا سبب هجوم الإخوان ضدي    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    براتب 10000 جنيه.. «العمل» تعلن عن 90 وظيفة في مجال المطاعم    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود درويش يمزق الجسد لما استعصت روحه على البقاء
نشر في محيط يوم 11 - 08 - 2008

يا حمام خذ بيدي للعالي, كي أشاهد تراتيب الجنازة حين يمضي جسدي في وجع التراب, يا حمام وقل لأمي لا تتركي قمصاني على حبل الغسيل, اني اخاف عتمة الليل فوق الاساطيح, ويا حمام يا ابيض خذ بيدي حيث الرسائل تغفو في اهداب الغياب, للموت طقسه الغائم ولي طقسي حين الوذ بالصمت, ارتب فوضى احلامي كما يليق بالآتي, حيث البهو الطويل والسلم اللازوردي يوصلني حد النهايات الفريدة.
كيف لا اقوى على ذرف دمعة وانا المسجى فوق السرير اعرف من اكون واعرف اصحاب تلك الجلبة واعرف ان ثمة احبة ينتظرون قصيدة حبلى بالحب والوطن المراوغ والقمر.
ماذا اصنع بمناخ هلامي, هل تلك الغيوم بمثابة اوراق بيضاء, كم احتاج الكتابة حين يغزو الموت قلبي وانحاز لآدميتي التي لم تشبع من سن شرائعها, شريعتي وطني والحزن المخيم لن يطول يا سكان قافيتي, على الصفيح ثمة افراح وجوقة موسيقية يعزفها المطر, مطر يجيء ومطر يروح, وتبقى السنديانة في حديقة الدار شاهدة على قلق الانتظار.
اصدقائي اخلاء الشعر عما قليل ستدخل القصيدة مثل سرب عصافير فتجهزوا وجهزوا انفاسكم لشهقة حين اشرق بالبكاء والفضول:
المتوكل طه: الشعر صار يتيما واللغة العربية فقدت الكثير من نبضها الحيوي
اعتقد ان فلسطين الان يتيمة, لأنها لم تعد بدون المساء ورموز, لقد كان العالم يعرف فلسطين من خلال اسمين كبيرين هما ياسر عرفات ومحمود درويش والان لم يعد لفلسطين اسم يعرفها العالم به واعتقد ان الشعر صار يتيما وان اللغة العربية فقدت الكثير من نبضها الحيوي, واعتقد كذلك ان ادوارد سعيد ومحمود درويش هما اللذان كانا سر جمال صورتنا امام العالم والان وقد رحل الاثنان فإن صورتنا تزداد سوء خصوصا مع الاحداث الاخيرة المؤسفة والجارحة, واعتقد ان الشعراء الفلسطينيين كانوا جميعهم يكتبون الدراما والحدث الوطني والسياسي والمقاوم لكن محمود درويش وحده الذي كتب دراما الروح الجماعية واظن ان الشعر العربي خسر اباه وان محمود درويش صاحب مدرسة الاكثر تأثيرا قد تركنا من دون اباء.
يوسف عبد العزيز" كان حتى اللحظة الاخيرة مخلصا لروح الشعر والفن"
كانت وفاة الشاعر الكبير محمود درويش بمثابة صاعقة على رؤوسنا فهذا الشاعر الذي قرب ارواحنا على حب الجمال والشعر غاب في اوج اشتعاله, لقد, ومن الانعطافات الكبيرة التي احدثها الشاعر محمود درويش انه ربط فلسطين بالعالم والفن, وقد كان بمثابة سفير الحلم الفلسطيني في محافل كثيرة بهذا العالم كما ان شعره قد ترجم الى لغات كثيرة, في هذا المجال يمكن القول ان محمود درويش كان جيشا من الشعراء, لقد اعاد طرح القضية الفلسطينية بكامل دمويتها وعنفوانها وتوق شعبها للحرية بعد ان حاول الاعلام الصهيوني الذي كان يسيطر تاريخيا على المنابر في العالم, ومن المفاصل الاخرى الذي يمكن الحديث حولها هو ان درويش قد ربط الجمالي والسياسي معا مثل هذه المسألة تعد من المسائل الصعبة بالكتابة الشعرية والفن, لقد كان مشروعه الابداعي بمثابة معجزة, فقد اشتغل على التفاصيل الدقيقة واليومية والحياتية للانسان الفلسطيني والعربي وكل ذلك من خلال شعر محتكم ومتدفق وحار, في امسياته العمانية ومن خلال لقاءات معه في بيته تعرفنا على الاب الحاني محمود درويش فقد كان يحرص حرصا شديدا علينا نحن ابنائه ومحبيه.
كانت قضية الموت تؤرقة بالسنوات الاخيرة, وقد اشتبك معها بشكل مباشر منذ العملية الجراحية التي اجراها في باريس اواخر التسعينيات, لقد كتب قصيدته الطويلة " الجدارية " كتعبير عن هذا الاشتباك مع الموت والانتصار عليه وكلنا يتذكر بعد ذلك كتابه السردي العظيم " في حضرة الغياب " حين يتقدم الناثر ليرثي الشاعر, كان يحس بنهاية ما لحياته في قصائده الاخيرة واخص هنا بالذكر " قصيدة " لاعب النرد " وقصيدة " السيناريو " كان يتضح لقارىء شعره انه على موعد اكيد مع الموت... " من انا لأخيب ظن العدم " يختم قصيدته لاعب النرد.
احيانا كان يترك باب شقته مفتوحا للاصدقاء وذلك من اجل ان ينقذوه اذا حدث له مكروه, رحل الكبير محمود درويش ولكنه ترك بين ايدينا شعره العظيم, عزاؤنا بشعره الجميل وعزاؤنا بفلسطين التي انجبت محمود درويش.
خالد ابو خالد سنواصل التأكيد على حضوره.. حضور فلسطين
في تقديري ان غياب درويش هو المعادل لخلود شعره, ودرويش لم يكن في فلسطين فقط وانما كان في العالم وبالتالي هو يترك فراغا كبيرا, فهو واحد من الذين شكلوا القصيدة الفلسطينية, واذا قلنا ان فلسطين بتضحياتها الجليلة والعظيمة قد حملها درويش فهي ايضا حملته الى آفاق العالم باعتبارها قضية كونية, ومن هنا يمكن القول ان القصيدة الفلسطينية مواكبه للشعر وستأخذ مكانا لم ينلها شاعر فلسطيني او عربي او اجنبي دافع عن قضية عادلة اخرى الى المستوى الذي وصلت اليه قصيدة درويش.
واذا كنا نحزن فاننا نحزن بسبب فقدانه ولكننا ايضا سنواصل التأكيد على حضوره.. حضور فلسطين في حياتنا ووجداننا وإذا كانت مقولته ان ابا سلمى كان زيتونة فلسطين التي نبتت عليها اغانينا فيمكن ان نقول ايضا ان عطاء درويش الشعري قد اعطانا دوافع وحوافز قد نرتقي بالقصيدة الفلسطينية ونأمل ان يتواصل الشعراء جيلا بعد جيل كما يتواصل المقاتلون جيلا بعد جيل حتى تحرير كامل فلسطين.. كامل الوطن من رأس الناقورة الى رفح ومن النهر الى البحر كان هو الكارثة والبطولة والحلم الذي تمحور محمود درويش حوله.
زهير ابو شايب: لم يمت قبل موته بثانية وبقي متوقدا بكامل حيويته
محمود درويش قامة كبيرة من الصعب ان تتكرر كثيرا سنحتاج الى الف سنه اخرى لنجد قامة شعرية وثقافية لا تمثل او تقدم القصيدة فحسب بل تقدم الوجدان العربي بأكمله, محمود شاعر كبير ولا يتكرر وقصائدنا الشخصية فيه خسارة كبيرة فهو شاعر وصديق ممثلا للشعر العربي في العالم, نحن نامل ان القصيدة الفلسطينية والعربية ان تستمر في التطور لتمثيل الوجدان العربي الرافض لليأس والمتشبث باحلام هذه الامة وحقوقها وهويتها.
غياب محمود درويش سيترك فراغا كبيرا لكن بالتأكيد هناك من الشعراء من سيبقون دائما يمثلون دفاعات كبيرة عن هذه الامه ولن تخلو الساحة الساحة الشعرية من شعراء يغطون مثل هذا الغياب ولو جزئيا فقبل غياب درويش كانت الساحة الشعرية في عافية ووجود قامة كبيرة مثل درويش دلالة على عافية هذه الساحة وغيابه لن يشير الى موت هذه الحالة بل سنجد في هؤلاء الشعراء من يرثون هذا الارث العظيم الذي تركة درويش.
كنت من آخر الاصدقاء الذي التقوا بدرويش قبل سفره وقد تحدثت معه انا وصديقي الشاعر طاهر رياض قبل دخوله لغرفة العمليات كان شخصا يضحك ويمزح ولم تكن هنالك اية اشارة للموت وسبب الموت هو فشل العملية ولم يمت قبل موته بثانية وبقي متوقد بكامل حيويته في آخر لحظة بالرغم من تعبه وارهاقة لم يكن مطفأ, الخسارة الشخصية في محمود درويش خسارة كبيرة فهو استاذي وصديقي واخي الكبير والمي لا استطيع ان اكتبه لاني لم استوعب صدمة.
** منشور بصحيفة "العرب اليوم" الأردنية 11 أغسطس 2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.