بيروت : صدر حديثاً عن دار "الساقي" كتابان جديدان، الكتاب الأول يحمل عنوان "الديموقراطية الثورية: كيف بُنِيت أمريكا جمهورية الحرّية" تأليف توماس جيفرسون ويقع في 320 صفحة. وتوماس جيفرسون "1743-1826" هو فيلسوف سياسي ورجل عصر التنوير، وأوّل وزير خارجيّة لأمريكا، قبل أن يشغل لدورتين رئاسة الجمهوريّة فيكون بذلك الرئيس الثالث لبلاده. إنتخب رئيساً للجمهورية سنة 1881. ويعتبر المؤلّف الرئيسي لإعلان الاستقلال عام 1770. كتب حازم صاغية بمقدمة الكتاب: هل يملك الفكر الليبرالي الأمريكي راهنيّة عربيّة؟ أغلب الظنّ أنّ توماس جيفرسون هو المثل الأصلح للقياس في هذا المجال. فهو واحد من "الآباء المؤسّسين" لأمريكا. وأهمّ من ذلك أنّه المؤلّف الأساسيّ ل"إعلان الاستقلال"، ما يرفعه إلى مصاف المثقّف الأوّل للثورة والجمهوريّة الأمريكيّتين، وهذا فضلاً عن خدمته العمليّة كثائر، إبّان حاكميّته ولاية فرجينيا، ثمّ كموظّف، إبّان تولّيه منصب سفير في فرنسا، وأخيراً كسياسيّ شغل وزارة الخارجيّة فكان أوّل وزير خارجيّة لأمريكا، قبل أن يشغل لدورتين رئاسة الجمهوريّة فيكون، بذلك، الرئيس الثالث لبلاده. لقد تأثّر جيفرسون بثقافة التنوير الأوروبيّة، فأخذ عنها، في ما أخذه، ربط النزعة الاستقلاليّة بالنزعة الدستوريّة وبالحريّات المدنيّة والتشريع، وهو نفسه كان مشرّعاً. وفي السجلّ التاريخيّ للرئاسة الأمريكيّة، كان جيفرسون الرئيس الوحيد الذي لم يمارس، على مدى ولايتين، حقّ الفيتو على نتائج تصويت أدلى به الكونجرس. واشتُهر بدفاعه عن الحريّات الفرديّة، وعن الخيار الجمهوريّ، وعن فصل الدين عن الدولة، كما بالطموح إلى جعل بلده "إمبراطوريّة الحريّة". ولم يكن جيفرسون خالياً من الشوائب. كان ابن زمنه وتاريخه، الشيء الذي وجد تعبيره في أكثر من شكل ونحو. بيد أنّ ذلك لا يلغي الحقيقة الأخرى الأهمّ، وهي أنّه ساهم في هندسة البناء المسمّى الولايات المتّحدة الأمريكيّة التي انتهى بها المطاف إلى اختيار سياسيّ من أصول أفرو أمريكيّة لرئاسة الجمهوريّة. أما الكتاب الثاني الصادر عن دار "الساقي" فهي رواية "أهل البياض" للروائي المغربي مبارك ربيع مؤسّس "اتحاد كتّاب المغرب"، وأستاذ جامعي في علم النفس، وصدر له في الرواية ثلاثية "درب السلطان" و"طوق اليمام"، وفي القصة "من غرب... لشرق" و"صار... غداً". وتدور أحداث روايته الجديدة "أهل البياض" في حيّ شعبي في المغرب، تتشابك فيها عوالم متداعية لشخصيات تعاند قسوة الحياة بالرمق الباقي من إنسانيتها. هناك تعيش بائعة الهوى، "غيّاتة"، وهي القطّة الوديعة وفي نفس الوقت اللبوه الشرسة إذا ما حاول أحد أن يأكل عليها مالها. غير أنها، أمام أبله الحيّ المعروف ب"ليشير"، تضعف وتتقمّص دور الأم الحنون، فيظنّ الجميع أنها اتخذته عشيقاً. وهناك أيضاً رئيس المخفر، "الشاف حموني"، الحالم دوماً بأن يكون بطلاً بوليسياً... والصديقان "محجوب" - صاحب الدكان، و"لبصير" - المتسوّل الأعمى، اللذان يغزلان حديثهما اليومي بخيالات النساء. لكن جريمتين تشغلان أهل الحيّ: اختفاء زوجة عامل البناء - "السهلي"، الذي يتّهم شرطياً بخطفها، واغتصاب ابنة المتسوّل الكفيف فيما تقول القابلة إنها لا تزال عذراء.