الأسماء عاطف عبد الجواد في الولاياتالمتحدة يتساءل بعض الجمهوريين كيف ننتخب رئيسا أميركيا اسمه اوباما؟ ويقولون ان اوباما ليس اسما رئاسيا ، بل هو اسم مضحك ولا يمثل الثراث الأميركي. باراك هو تحريف افريقي لاسم مبارك او مبروك او بركة في اللغة العربية. وفي العبرية هناك ايضا الاسم نفسه بدون تحريف. وفي الأشهر الماضية ثار جدل كبير بسبب اسم الجنرال الأميركي الذي يقود القوات الأميركية في العراق. الجنرال اسمه بيتراييسPetraeus، ولكن جماعة معارضة للحرب في العراق نشرت اعلانا في الصحف الأميركية حولت فيه اسم الجنرال إلى Petrey us. النطق واحد. ولكن المعنى تغير بتغيير حروف الهجاء. اصبح المعني الآن: الجنرال يخوننا. وبالأمس التقيت بمصور صحفي افريقي في واشنطن وسألته عن اسمه فرد باللغة الإنجليزية: الله اعلم God Knows. وظننته يمزح فكررت السؤال، فأصر الرجل على الإجابة نفسها. ولما رأى الحيرة والعجب على وجهي شرح قائلا: انا لست أمزح. اسمي هو: (الله اعلم). الناس لا يصدقونني عندما أقول لهم اسمي. ولكن اسمي الحقيقي بكل صدق هو: (الله اعلم). وروى لي (الله اعلم) كيف أنه ولد في زيمبابوي مريضا، وحاول ابواه الطب والشعوذة والسحر والأعشاب وكل حيلة وعلاج، حتى نجا من الموت بأعجوبة، فقرر والداه ان يعطياه اسما يعكس هذا الواقع. وهكذا سمياه (الله اعلم). وتذكرت ان امي كانت ترغب في اعطائي اسم زعيم مصري، لولا ان هذا الزعيم مات قبل ولادتي بأسبوع ، فرأت امي في موته فألا سيئا فتخلت عن رغبتها واعطتني اسما آخر. كان صديقي الأفريقي في واشنطن يغطي لصحيفته في هراري الاجتماعات الاقتصادية والمالية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. قال لي إن زوجته الحامل في طفلهما الأول تنتظر المولود بين لحظة واخرى. ولما سألته ماذا سوف يسمي الطفل رد مبتسما: دولار. لعل الدولار يكون فألا سعيدا عليه، رغم تدهور قيمة الدولار امام العملات الأخرى هذه الأيام. اليس من الأفضل ان يسميه يورو؟ تسمية الأطفال وفقا للمعاني والأحداث ليست حكرا على الأفارقة، بل لعلكم تذكرون تلك الفتاة التي اسمها جميلة. ألم تتساءلوا فيما بين انفسكم كيف اسمها جميلة وليس فيها جمال؟ وماذا عن فتاة اسمها بنفسج؟ لقد تعبت الفتاة من تعليقات الناس على اسمها، ومن جهدها المستمر لشرح قصة الاسم حتى انها قررت تعديل اسمها الى بي بي. ولعل من اكثر المفارقات عجبا ان احدى بنات الليل اسمها عفاف. ألا يرغب الاباء في اسم يبشر بما ستكون عليه الطفلة؟ أليس لهذا السبب سميت تلك الطفلة اميرة؟ كثير من الناس يأتون الى اميركا من بلاد اخرى ويغيرون اسماءهم الأصلية ويتبنون اسماء جديدة يستعيرونها من الاسماء الأميركية الشائعة. داوود اسمه ديف، ومحمد اسمه مو، ونجوى اسمها نانسي. والغريب انه في اميركا والعالم العربي وافريقيا وروسيا لا يسمى بعض الناس باسمائهم الحقيقية ، بل الأكثر شيوعا هو اختصار الاسم الأصلي او حتى تغييره. إذا كان اسمك مايكل اطلقوا عليك مايك. واذا كان اسمك وليم فأنت بيل او ويل. وإذا كانت الفتاة سوزان اطلقوا عليها سو. وفي روسيا الفتاة اسمها لودميلا ولكنها لود فقط او ميلا. وفي العالم العربي لو كان اسمك محمد اصبحت ابو جاسم. ولو كان اسمك فاطمة فأنت فطومة، او بطة، او ربما كان اسمك آمال ولكنهم يطلقون عليك اسم مامي او لولا. وفي مصر هناك مفارقة رجل سفاح ادين بقتل العديد ولكن اسمه ابو الخير. وإذا كانت امي قد تحاشت اسم الزعيم المصري لأنه مات قبل ولادتي بأسبوع، فهناك رجل ولد يوم وفاة ابيه فسمته امه الدوام لله. هذا رجل في فلسطين من عائلة جحشان، وهذا في مصر من عائلة الزفتي. ولكن صديقي الجديد من زيمبابوي يروي لي كيف ان الأفارقة في اختيارهم لاسماء اطفالهم ربما يقترفون انتهاكا واساءة للأطفال. الله اعلم روى لي عن شخص اسمه كراهية، وآخر اسمه كفى او كفاية. وثالث اسمه طاقة ورابع اسمه عدالة. وفي اميركا لا يمكن للجمهوريين ان ينتقدوا المرشح الرئاسي باراك اوباما للون بشرته. القانون يمنعهم عن ذلك. ولهذا يلجأون إلى السخرية من اسمه. واوباما يقول: أنا اعلم ان بعض الناس لن ينتخبوني لأني اسود. والبعض لأن اسمي اوباما. والبعض الآخر لن يصوت لي لأن لي اذنين كبيرتين. وفي اليابان هناك جزيرة اسمها اوباما. ولست بحاجة الى القول إن اهالي الجزيرة اعلنوا تأييدهم للمرشح الأميركي اوباما رغم انه ليس لهم اصوات في الانتخابات الأميركية. واذا كان اوباما ليس اسما رئاسيا اليوم من وجهة نظر معارضيه الجمهوريين، فسوف يتحول الى احد اكثر الاسماء شيوعا في اميركا لو فاز السناتور الديموقراطي بالرئاسة. كثير من الأمهات في اميركا سوف تعطي مولودها الجديد اسم باراك او اوباما، وسوف يتحول هذا الاسم الى جزء من التراث الأميركي. عن صحيفة الوطن العمانية 14/4/2008