كلّما أوقدوا نارًا للحرب!! محمد صلاح الدين مرة أخرى.. ومرّات، يثبت الكيان الصهيوني، ومن ورائه الولاياتالمتحدةالأمريكية، أن دماء العرب والمسلمين عامة، ودماء الفلسطينيين على وجه الخصوص، وديارهم، ونساءهم، وأطفالهم، وكل مقومات حياتهم، هي حِمى مُستباح للعدو الصهيوني. ومرّة أخرى.. ومرّات يثبت هذا الكيان الغاصب أنه ليس دولة مسؤولة، وإنّما عصابات من القتلة المارقين عن كل قوانين العالم، وعصابات الإجرام التي تستبيح دماء الناس وأموالهم. كل ذلك ليس بجديد على الكيان الغاصب، والولاياتالمتحدةالأمريكية، لكن الصمت المطبق، أو إعلان القلق الخجول أمام مجازر الإبادة الجماعية في غزة والضفة الغربية، من هيئة الأممالمتحدة، ودول الاتحاد الأوروبي، هي دروس مكررة للعرب الذين يتحدثون عن السلام، ويحلمون بالتعايش مع القتلة الصهاينة. في حملة الغزو الصهيوني على لبنان الشقيق، والتي استمرت أكثر من شهر كامل، بأوامر معلنة، وتسليح ودعم سافر من الإدارة الأمريكية، كانت قوات العدو وحدها في الميدان، أمّا في مذابح الإبادة الجماعية في الأرض المحتلة، فقد أرسلت أمريكا أساطيلها، لترابط بكل جبروتها قبالة الساحل السوري، واللبناني، ليس قلقًا على أوضاع لبنان، ولا ضيقًا بمواقف سوريا، وإنّما دعمًا للصهاينة القتلة، في كل ما يفعلون في الشعب الفلسطيني الشقيق. ويتصايح البعض، في مساواة مؤسفة بين الجلّاد والضحية، لماذا لا توقف الفصائل الفلسطينية إطلاق صواريخها على المدن والمستعمرات الإسرائيلية وينسى هؤلاء أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قدّم لإسرائيل فور توليه الرئاسة، هدنة كاملة لمدة عام، وامتدّت إلى عامين، التزمت خلالها كل الفصائل الفلسطينية، لكنَّ العدو واصل اغتيالاته، واجتياحاته، ومذابحه. ينسى الإخوة الكرام الذين يضيقون بصواريخ المقاومة، كأنّما هي سبب المشكلة، أن حركة حماس قد عرضت منذ نجاحها في الانتخابات، وتشكيلها للوزارة، ولا تزال تكرر عرضها حتى اليوم في كل مناسبة، هدنة كاملة متبادلة لعشر سنوات، أو أكثر، لكنّ العدو يرفض ذلك، لأنه يعتقد أن قتله للفلسطينيين، وتدمير بيوتهم، وكل مقومات حياتهم، هو حق مطلق لإسرائيل، لا يقبل مساومة فيه، ولا قيودًا عليه، ولا تنازلاً عنه، كما أنه يشترط لقبول هذه الهدنة، اعتراف حماس والفصائل الأخرى بالكيان الصهيوني، وقبولهم باتفاقيات أوسلو وغيرها من الاتفاقيات، وإعلان التخلّي عن العنف. تلك هي العقلية الصهيونية التي أورثتهم كراهية الأمم والشعوب، وأوردتهم المهالك، عبر التاريخ القديم والحديث، كما فصّلها على خير وجه القرآن الكريم، ومن المحزن المؤسف حقًا، أن تستطيع الصهيونية، إرغام الأمريكيين والأوروبيين، على دعم هذا الغلو المجنون، والعنف الدموي المجرم، والاستباحة الموغلة في التطرّف لكل الجرائم التي تلعنها الأرض والسماء. إن كوارث الأمريكيين في العراق، وأفغانستان، والسودان، والصومال التي بدأت الطائرات الأمريكية يوم أمس غاراتها على المدن الصومالية، وقصفها لقوات المعارضة، ومشكلاتهم مع روسيا، وأمريكا الجنوبية، وكوريا الشمالية، كل ذلك يجعل إرسالهم للبوارج الحربية قبالة سواحل سوريا ولبنان، تصرفًا أهوج بالغ الحماقة، لا يمت لحسن السياسة والمسؤولية الدولية بِصِلة، ولا يُنبئ عن حُسن تقدير للعواقب القريبة والبعيدة على السواء، ولا يُشير إلى فهم سليم لحقائق الأوضاع في المنطقة العربية وتعقيداتها، كما أن إرسال هذه البوارج والمدمرات يمثل جزاء سنمار لما يسمّونه هم أنفسهم بمعسكر السلام والاعتدال العربي. عن صحيفة المدينة السعودية 5/3/2008