تمر ذكرى النكسة هذه الايام على الامة العربية بنكهة مختلفة عن سابقاتها حيث ان الجماهير العربية تتصدر المشهد الاعلامي والثوري في اتجاه احداث تغيير نوعي وليس كما كان سابقا عندما تتذكر الأمة العربية تاريخ الخامس من حزيران من كل سنة بمزيد من المرارةو الألم وذلك أن دولة العصابات الصهيونية المصطنعة على الأرض العربية وبتواطىء مباشر مع القوى الاستعمارية التي وظفت حتى الأممالمتحدة لتعترف بالكيان الصهيوني. وتقرر تقسيم الأرض العربية بين الصهاينة وملاكها الحقيقيين و هكذا يمارس الصهاينة صلفهم على الأمة العربية وبدون أي مشروعية تستطيع دولتهم المصطنعة في ظرف وجيزستة أيام لا غير أن تهزم ثلاثة جيوش عربية وتمرغ شرفها العسكري ثم تحتل غزة والضفة الغربية وسيناء والجولان وتطرد مئات الآلاف من العرب من ديارهم و أرضهم لتترك المكان للصهاينة الذين تجلبهم من كافة أصقاع العالم و ترتكب المجازر تلو المجازر على امتداد الأرض العربية مشرقا و مغربا كما فعلت ذات يوم عندما هاجمت الفلسطينيين في تونس وقتلت التونسيين و الفلسطينيين معا و بذلك تكون قد أجرمت في حق كل العرب. ومنذ اغتصابها للأرض العربية وهي تقوم بهذه الجرائم البشعة ويمكن رصد نتائج هذا العدوان على النحو التالي 1 - ان الحرب النظامية مع العدو الصهيوني أثبتت عدم جدواها بدليل انتصارالعرب في حرب 1973 ومع ذلك تحول النصر التكتيكي الى هزيمة استراتيجية بخروج مصر السادات من أتون المواجهة مع هذا العدو الغاصب والمتغطرس الى حد الاعتراف به وتوقيع معاهدة الذل والعار معه والتي جلبت وراءها المصائب للأمة من الحرب العراقية الايرانية الى الاجتياح الصهيوني للبنان . وتمكن حسني مبارك وعصابته من العبث بكل امكانيات وتاريخ مصر ولكن الشعب المصري ثأر لنفسه ولكرامته باعدام السادات وخلع مبارك في سمفونية ثورية رائعة وكذلك النظام السوري الذي لم يطلق طلقة واحدة في اتجاه العدو الصهيوني حتى وهو يتعرض للهجوم من قبله سواء في لبنان أو سوريا بالذات الى حد اغتيال عماد مغنية هناك والآن هذا النظام بستأسد على الشعب العربي السوري ويواجهه بما يمتلكه من سلاح اشتراه باموال الشعب على أساس أن هذه الأسلحة لتحرير الجولان وفلسطين ان الامة العربية لا يمكن الضحك عليها بمثل هذه الشعارات الرنانة والتي لا تغني ولا تسمن من جوع. ان الامة العربية بعد هذه الثورات المنطلقة في مختلف ساحاتها من البحرين الى اليمن و سوريا وليبيا قد عرفت طريقها نحو الكرامة والحرية وبدأت تخلع هذه الدمى الفاسدة والتي تشكل بؤرا للفساد والرشوة والنهب والسرقة وتحول دون تحقيق الجماهير لارادتها وقد انطلق عقالها نهائيا والى الأبد وقد قررت قرارا ثوريا لا رجعة فيه بكنس كل الحكام العرب ودون استثناء وقررت الثأر لكرامتها المهدورة وكان تحرك الجماهير يوم 15 ماي الماضي ايذانا بعصر جديد للجماهير العربية التي قدمت انذارا شديدا للصهاينة ان غادروا فلسطين فالقرار بيدنا وليس بيد الحكام الفاسدين الذين تتحكم فيهم وزارة الخارجية الامريكية. 2 - الطريق الوحيد لمواجهة هذا العدو الغاشم لا يكون عن طريق الاستسلام لارادته بقدر ما يكون عن طريق المقاومة الشعبية حيث أعطت أكلها في عدوان 1982 على لبنان حيث تمكن بضعة آلاف من المقاومة الفلسطينية و اللبنانية الشريفة و بالرغم من الخيانة و الغدر من قبل جيش لحد وغيره من المتآمرين فقد صمدت القوى الشريفة لعدة أشهر وبعد سنوات قليلة في عمر الشعوب أمكن اخراج العدو من لبنان دون توقيع أي معاهدة فيها اذلال للأمة. 3 - تواصل المشروع الاستعماري للهيمنة على المنطقة من خلال العدوان علىالعراق بدا بالحرب الأولى الى الحصار الظالم ثم الحرب الأخيرة التي أجهزت على كل مقومات الدولة والحياة للانسان و الأرض و التاريخ و الحضارة بحيث كان الاستهداف قاسيا و مريرا و أليما جدا و مع انهيار الجيش النظامي بحكم عدم توازن القوى و لكن مع ذلك لم يستسلم الشعب العراقي لقدره المحتوم بل انتفض من بين أنقاض الركام و المذابح و التهجير و احياء النعرة الطائفية ليقاوم الاستعمار الصهيوني الصليبي الصفوي الذي حل به وان كل الدلائل تشيرالى انهيار المشروع الاستعماري برمته وبكل أبعاده الدولية و الاقليمية وان فجرا جديدا يهب على المنطقة . 4 - ان ما رأيناه خلال الأربعة عقود الماضية يؤكد حقيقة جوهرية أن الصراع على فلسطين لا يزال يراوح مكانه و أن ارادة الشعوب لا تقهر مهما كانت أدوات المستعمرين فانهم سوف يهزمون طال الزمن أو قصر. 5 - ثبت أيضا أن التناقضات الداخلية من شأنها اطالة أمد المعاناة و لذا على الشعوب المستضعفة أن توجه كل سهام مقاومتها للعدو الحقيقي ولا تشتت قواها في معارك جانبية من شأنها الهاؤها عن العدو الحقيقي واستنزاف طاقات هي في أشد الحاجة اليها 6 - ان أمل الأمة العربية الاسلامية معقود على قوى المقاومة الشريفة في فلسطين والعراق وقوى الثورة الفاعلة في مختلف الساحات العربية لأن انتصارها يعني تحرر كل الأمة من نير الاستعمار والغاء مشاريعه البشعة التي تغرق منطقتنا في جحيم التبعية للمستعمروانهاء الاستبداد ولذا فان الواجب يدعونا لمساندة هذه المقاومة الباسلة و دعمها بكل الامكانيات و عدم تركها وحيدة في مواجهة عدو يمتلك الامكانيات المادية والمعنوية الرهيبة التي تمكنه من اطالة أمد معاناة أمتنا . 7 - ضرورة الوقوف وبشدة الى جانب شعبنا المحاصر في غزة وفك الحصار عنه تمكينا له من الصمود في وجه الغطرسة الصهيونية وان النصر لقريب باذن الله . 8- لم نعد بحاجة الى ترسانة كبيرة من الأسلحة الفتاكة للقضاء على العدو الصهيوني بل يكفي امكانيات بسيطة كالتي استعملتها المقاومة العراقية أو اللبنانية أو الفلسطينية لاجبار الصهاينة على التخلي عن مشروعهم الفاشل كما يمكن تفعيل المقاومة بأشكال أخرى وذلك بتدمير الدولة الصهيونية من الداخل شيئا فشيئا وذلك أن الدولة قائمة على منظومة من القوانين فإذا تم اختراق تلك القوانين انتهت الدولة و مبررات وجودها إضافة إلى ضرورة عدم الإنصياع للوائح و القرارات كاختراق قوانين المرور بشكل يومي والبناء الفوضوي وتدمير أسلاك الهاتف للمدن و المستوطنات الصهيونية وقطع إمدادات المياه و الكهرباء عنها و القيام بأعمال تخريب لمواسير الصرف الصحي ولم لا تفجير قنابل صوتية في كل مكان لبث الرعب في نفوسهم وإشعارهم بأنه لا أمن لهم على أرض فلسطين خاصة وأن الصهاينة جبناء ولا يهتمون سوى بالحياة الدنيا . المهم بالنسبة الينا قض مضاجعهم والغاء الأمن الذي ينشدونه فيحسون أن مشروعهم فاشل وبالتالي يغادرون فلسطين ويعود اليها أصحابهاالشرعيون .