إسرائيل ويهود العالم علي بدوان تآكلت قوة الجذب أكثر فأكثر، فتراجعت الولاياتالمتحدة عن كونها خزاناً للطاقة الكامنة للهجرة اليهودية إلى فلسطين، فقد جاء منها في العام الأخير (2007) نحو (600. 2) يهودي فقط، كذلك بدأ المستودع الروسي بالنضوب، فيهود الاتحاد السوفييتي سابقا، والذين اعتبروا كمصدر كامن كبير لتعزيز الانقلاب والتحول الديمغرافي على أرض فلسطين التاريخية، كفوا عن الهجرة، ليصل من هذا المصدر نحو (600. 6) يهودي فقط إلى إسرائيل عام (2007).
حيث يرى رئيس الوكالة اليهودية، زئيف بيلسكي، في الحياة المريحة التي يعيشها غالبية اليهود في الخارج دافعاً لهذه المواقف حيث أن (90%) من اليهود في العالم يعيشون في بلاد مستواهم المعيشي فيها أعلى من المستوى المعيشي في إسرائيل، مثل الولاياتالمتحدة ومن ثم فرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية.
بل وأضحت إسرائيل من وجهة نظر بعض القطاعات اليهودية الثرية في العالم، دولة من الخطر العيش فيها ووجودها موضع شك، بينما يعتبرها البعض الآخر من اليهود، بلاد لجوء لحين الضائقة، فزالت عند قطاعات من اليهود الصفة التي كانت ترى إسرائيل نفسها فيها، وتستند إليها في تحشيد اليهود وراءها كموطن السلامة اليهودية.
وعلى هذا الأساس فإن مدير عام معهد «تخطيط سياسة الشعب اليهودي» افينوعام بار يوسيف يقترح حلاً لمشكلة الزواج المختلط بتشجيع الهجرة إلى إسرائيل، مع تخفيف حدة الشروط للتهود. وتوالدت مع ظاهرة التماثل لدى يهود العالم، ازدياد الميل للزواج المختلط عند يهود إسرائيل ذاتهم مع توالد ظاهرة الإسرائيليين المهاجرين من إسرائيل للإقامة في الخارج.
حيث تشير المعطيات الإسرائيلية ذاتها التي نشرت مؤخراً إلا أن عدد الإسرائيليين في الخارج في ازدياد مستمر ومتواصل. ووفقا لتقدير مجلس الاستيعاب الإسرائيلي يعيش في أرجاء العالم اليوم (700) ألف إسرائيلي سابق مع أولادهم. الذين باتوا يبتعدون عن الحفاظ على هويتهم الإسرائيلية لصالح تبني الهوية المحلية حيث يقيمون، والابتعاد بصورة ملموسة عن الثقافة الإسرائيلية والصهيونية، وكلما كانت فترة وجودهم في الخارج أطول ضعفت صلتهم بإسرائيل. كما إن إجادتهم للغة العبرية اقل درجة، كما أن الأغلبية منهم يحملون الجنسية الأميركية».
وعليه فإن بعض علماء الاجتماع الإسرائيليين يرجعون ذلك إلى أن الإسرائيليين في الخارج ربما لا يعود لديهم عندما ينتقلون للخارج «عدو حقيقي» يواجهونه، لذلك تبدأ هويتهم في الاختفاء، حيث يتوزعون جغرافياً في الشرق الأقصى نحو (2214) إسرائيلياً، وفي أوروبا (575. 101) وفي أميركا الشمالية (538700) وفي إفريقيا (16360).
وفي استراليا (000. 20) وفي أميركا الوسطى والجنوبية (12643) ليصبح المجموع في أرجاء العالم (691492) إسرائيلياً. من جانب أخر، إن معدل الخصوبة هو الآخر مؤشر وعامل حاسم يتعلق بانخفاض عدد اليهود في العالم. فبينما في إسرائيل يبلغ معدل الخصوبة (75. 2) طفل للعائلة اليهودية، يصل عند يهود الولاياتالمتحدة وأوروبا الغربية إلى (5. 1) طفل.
وتنحو بعض المعطيات الإسرائيلية المنشورة للإشارة لوجود حالة عجز بين عدد المواليد وعدد الوفيات عند اليهود في العالم خارج إسرائيل، حيث يقول الديمغرافي اليهودي الصهيوني البروفيسور دي لا فرغولا، من معهد «تخطيط سياسة الشعب اليهودي»: «الهجرة إلى إسرائيل يمكنها أن تؤثر إيجابا، ولكن محظور جلب اليهود إلى هنا بالقوة، إسرائيل معنية بشتات قوي وأكثر يهودية، وليس بتصفية الشتات».
كما يوصي بضرورة أن تسعى إسرائيل من خلال نشاطات دولية إلى تعميق شعور الشبان بالانتماء لها وتوثيق علاقتها ب«يهود العالم». وفي تقرير للمعهد المشار إليه، أوصى معدوه القيادة الإسرائيلية الناشطة في هذا المجال بالعمل وفق أساليب جديدة لرفع مستوى العلاقة بين إسرائيل ويهود العالم من خلال إقامة أكاديمية لقيادة الشعب اليهودي تهتم في معالجة القضايا المصيرية التي يواجهها يهود العالم.
كما قرروا توسيع حلقة مشروع التهويد الشبابي، وهو المشروع القائم منذ نحو عشرين سنة وبموجبه يتم تبادل مجموعات شبابية في إسرائيل والعالم كي تستقبل إسرائيل مجموعة شبان مدة سنة يتم خلالها شحنهم بالانتماء لإسرائيل ومن ثم إرسالهم إلى مختلف أنحاء العالم، حيثما يوجد اليهود بهدف تشجيعهم على الهجرة إلى إسرائيل، ووقف سياسة زج الجاليات اليهودية وقادتها في العالم في أوضاع ينجم عنها «تضارب في المصالح».
وعلى خلفية هذه المعطيات بدأت مواقع القرار في إسرائيل العمل لاشتقاق مبادرة في مكتب رئيس الوزراء لتعزيز صلة وعلاقة يهود العالم مع إسرائيل، وتعزيز الهجرة الاستيطانية اليهودية إلى فلسطين في المستقبل. عن صحيفة البيان الاماراتية 3/3/2008