القاهرة: خصص إصدار السياسة الدولية الصادر عن مؤسسة الأهرام آخر أعداده لموضوع مرور ستين عاما علي نشأة دولة إسرائيل الصهيونية, مما يعني ستين عاما علي اقتلاع شعب من أرضه وتشريده ومحاولة ابادته.. ستون عاما علي النكبة.. وستون عاما من الصراع العربي الإسرائيلي. يتحدث العدد - وفق جريدة "الأهرام" المصرية - عن رصد الكيفية التي أدار بها العرب الصراع مع اسرائيل, ثم المعضلات أو المشكلات التي تواجه اسرائيل من الناحية السياسية والأمنية الديموجرافية.. وهذا الجزء هو ما شكل ملف العدد الرئيسي إشراف عماد جاد وهو ملف تصدره سؤال: بعد ستين عاما ماذا بقي من الصهيونية؟ والذي نكتشف فيه ان الصهيونية بعد ستين عاما لاتزال في جعبتها أدوار تلعبها كما يقول الخبير بمركز الدراسات ورئيس تحرير مختارات اسرائيلية. توضح ماجدة الجندي بجريدة "الأهرام" المصرية أن الحركة الصهيونية التي نشأت في القرن التاسع عشر بهدف إعادة توطين اليهود في أرض فلسطين باعتبارها أرض الميعاد استندت الي دعامتين: الاعتقاد بفكرة النقاء العنصري لليهود ثم أبدية اضطهاد اليهود أو أبدية معاداة السامية, وعلي ذلك فإن المحرك الأساسي لهذه الحركة الصهيونية كان الحفاظ علي ما يقولون به من نقاوة العرق اليهودي ومعارضة اندماج اليهود في أوطانهم الأصلية. وان كان أبرز ما يؤرق اسرائيل الآن هو نضوب معين الهجرة والاشكالية الديموجرافيا كما يحيلنا الباحث المتخصص في الشأن الفلسطيني محمد جمعة.. الهدف الرئيسي للصهيونية منذ البداية كان الاستحواذ علي الأرض, أكبر مساحة من الأرض الفلسطينية وبأكبر عدد من المستوطنين اليهود.. بل إن معيار نجاح الحركة الصهيونية كان القدرة علي اجتذاب المهاجرين اليهود وتوطينهم, وعلي ذلك كما يقول الباحث محمد جمعة, فإن عاملي "الأرض الجغرافيا" و"السكان الديموجرافيا" هما العاملان الحاسمان. والتقرير السنوي الصادر عن معهد تخطيط سياسات الشعب اليهودي التابع للوكالة اليهودية يشير الي انه في نهاية 2006 وللمرة الأولي سوف يصبح التجمع اليهودي في اسرائيل هو الأول في العالم, فيهود اسرائيل يمثلون41% من يهود العالم "أكبر من عدد يهود الولاياتالمتحدة" موجات الهجرة اليهودية الي فلسطين ثم اسرائيل وموجات النزوح الاسرائيلي أحدثت الانقلاب الجذري في التركيبة السكانية للفلسطينيين لحظة نشوء اسرائيل والاشكالية الديموجرافية التي تواجه اسرائيل بعد كل هذه السنوات تكاد تصل بالمشكلة الي حد "مشكلة وجود" أو الكابوس السكاني, فالهجرة قد نضبت أو مخزونها الكبير بعد استقدام يهود العالم العربي والاسلامي ثم يهود افريقيا, فاليهود الروس وما تبقي في العالم من يهود في أمريكا الشمالية وكندا وغرب أوروبا يفضلون لأسباب عديدة الاستمرار في بلدانهم.. ومن ناحية أخري فإن مستوي الحضور الفلسطيني حتي مع انخفاضه النسبي يشكل هاجسا لاسرائيل "المرأة اليهودية تلد2,6 طفل بمعني ان كل عشر نساء اسرائيليات يلدن ستة وعشرين طفلا بينما كل عشر نساء فلسطينيات يلدن42 طفلا بمعدل4,2 طفل, وإن كان هناك انخفاض نسبي في الخصوبة الفلسطينية مؤخرا دفع باحثين ديموجرافيين الي عدم استبعاد ان اسرائيل تستخدم أسلحة بيولوجية سرية لخفض اعداد الفلسطينيين". واذا اضفنا لذلك عامل الهجرة المعاكسة "من داخل اسرائيل لخارجها" أدركنا حجم ما يؤرق الدولة الصهيونية مما دفعها لعدد من المشروعات المباشرة لتقليص عدد الوجود الفلسطيني منها الاستيطان والتهويد في مدينة القدس والحلول الاحادية في الضفة وغزة مثل الجدار الفاصل لحماية الكتل الاستيطانية والانسحاب من غزة, وتبادل الأراضي والسكان. يرى أكرم ألفي الباحث المتخصص في الشأن الاسرائيلي أن البعد الديموجرافي يلعب دورا حاسما في القرار السياسي الاسرائيلي وعلي ضوئه يجري استخدام النخبة الاسرائيلية لحشد التأييد العالمي الاسرائيلي, النخبة العبرية انتقلت من استخدام فكرة الاستعطاف نحو اليهود الذين يعيشون وسط بحر من العرب الي اليهود الذين يواجهون مصير القضاء علي يد الفلسطينيين الذين لا يكفون عن التوالد.