تقارير صحفية نشرت مساء أمس، نقلت "قلق" الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، من عمليات تبشير تقوم بها "كنائس غربية"، أحصى عددها رجال دين أرثوذكس وقدروها ب" 8 مذاهب"، تستهدف المسيحيين بالصعيد، سيما المناطق الفقيرة والمعدمة. التقارير ذكرت أسماء تلك الجماعات التبشيرية "الغربية" التي أضجت مضاجع القوم في الكاتدرائية "الأم" بالعباسية، وهي "المورمون الميثودية" ،"العلم المسيحى"، "السبتيون المجيئيون"، "البلاموسيينسة"، "الونييز بنتكوستل" ، "جمعيات الله"، "الله محبة" و"الصليب الوردى". العدد كما نرى كبير وواضح أنه منظم، وليس صحيحا أنه يتركزفقط في محافظات الصعيد المأزومة اجتماعيا وخدميا وإنسانيا، مثل قنا والمنيا وأسيوط وسوهاج، لأنه باعتراف الكنيسة بدأ نشاطها يتمدد إلى الإسكندرية شمالا، وفي أحياء القاهرة الراقية مثل المعادي والتي باتت مركزا كبيرا لنشر المذهب "المورموني"، فيما اعترفت قيادة كنسية أرثوذكسية، بأن أعدادا كبيرة من الأرثوذكس، تحولت إلى اعتناق هذا المذهب. "انفلونزا التبشير" داخل الجماعات المسيحية في مصر، أفزعت إلى حد كبير رأس الكنيسة الوطنية المصرية، وسبق للبابا شنودة أن حذر أتباعه من دخول كنائس الملل والنحل الأخرى، وتحرص كنيسته على عقد مؤتمر "تثبيت العقيدة" كل عام، ومع ذلك فإن هذا المؤتمر، لم يثمر ما يرجوه من وقف هذا النزيف العقدي والحراك الديني والمللي داخل الحالة القبطية المصرية، ولعل الأقباط يتذكرون ما حدث عام 1994، حين تحول الأنبا "دانيال البراموسي" ومعه نحو 10 آلاف قبطي أرثوذكسي وفي ليلة وحدة إلى المسيحية الإنجلية، بعد سجالات ومناظرات جرت في مؤتمر تثبيت العقيدة في ذلك الوقت. محامون أقباط طالبوا بمطاردة هذه الفرق أمنيا، وتقديمها للعدالة، لأنها تمارس عقيدتها بدون ترخيص قانوني!. المشهد برمته يعيد انتاج السؤال بشأن البهائيين والشيعة والقديانيين وما شابه، وهو ما من شأنه أن يضع مراكز حقوقية قبطية في مواقف بالغة الحرج، خاصة تلك التي تكيل في مسألة "حرية العقيدة" بعشرات المكاييل، وما إذا كانوا سيدافعون عن حق "جماعات تبشير" غربية تكفرها الكنيسة الأرثوذكسية ولا تعترف بها للعمل في مصر؟! النقطة الثانية التي قد يثيرها هذا الملف، هو ما إذا كانت هذه الإرساليات الغربيةالجديدة، قد تعيد الاعتبار ل"الخط الهمايوني" والذي حافظ على الكنيسة الأرثوذكسية المصرية من التآكل والاختفاء التدريجي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، عندما استنجدت الكنيسة ووجهاء الأقباط بالباب العالي، لحمايتهم من الإرساليات التي جاءت مع الاستعمار، وليثمر في النهاية هذا المرسوم العثماني الذي جاء انتصارا للكنيسة الوطنية المصرية وحمايتها من حمالات التبشير الغربية العاتية والتي لولاه لكانت اليوم إحدى مقتنيات متحف التحرير للأثار.