أخبار مصر اليوم: هيئة الدواء تسحب 3.4 مليون عبوة منتهية الصلاحية من السوق.. قرينة السيسي رئيسا شرفيا للهلال الأحمر المصري.. حقيقة إقرار الحد الأدنى للقبول بالجامعات الأهلية    وكيل زراعة الغربية يعلن توريد 77141 طن قمح بشون وصوامع التجميع    خبير اقتصادي يكشف مفاجأة صادمة عن الاحتياطي النقدي بعد انخفاض أسعار الذهب    أبو الغيط: إذا كانت المصلحة الفلسطينية تتطلب قرارات صعبة فعلى حماس الاستجابة    رغم الخسارة من برشلونة.. مبابي يهدد محمد صلاح في سباق الحذاء الذهبي    الزمالك ضد بيراميدز الأبرز، حكام مباريات الثلاثاء في الدوري المصري    بعد بكائه عقب الكلاسيكو.. حارس برشلونة يتحدث عن مستقبله ولاعبه المفضل في الريال    مصرع شاب التهمته ماكينة حصاد القمح في كفر الشيخ    إخماد حريق نشب في الهيش على كورنيش النيل بالمعصرة    ترشيح الدكتور أحمد صالح لرئاسة المركز القومي للسينما    المخرج حسام علي يشير إلى الشبه بين بوسترات مسلسل فرانكلين والقاهرة كابول    محمود سعد يكشف تفاصيل مكالمته مع محمد محمود عبدالعزيز بشأن أزمة بوسي شلبي    بعد تألقه في أستراليا.. هاني فرحات يكتب تاريخًا جديدًا للموسيقى العربية | صور    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟| الإفتاء تجيب    أحمد الباز: "مستقبل وطن" يطلق قافلة طبية مجانية بكفر الزيات في هذا الموعد    الأهلي يتواصل مع فنربخشة لضم عمر فايد (تفاصيل)    إخماد حريق داخل لوحات كهربائية داخل 3 طوابق بالمريوطية دون إصابات    «بعد مكالمة ميدو».. نجم الزمالك السابق يرحب بالعودة للفريق    45 فرصة عمل برواتب تصل إلى 36 ألف جنيه.. تعرف عل وظائف المصريين بالأردن 2025    أعراض ومضاعفات تسمم الماء.. المعاناة تبدأ ب 4 لترات وقد تنتهي بغيبوبة    رئيس «الرقابة الصحية» يزور مستشفى بئر العبد النموذجي تمهيدا لتطبيق «التأمين الصحي الشامل»    جولة ميدانية لإدارة الطوارئ بمستشفيات منوف وسرس الليان لمتابعة جودة الخدمات الصحية    عالم بالأزهر: هذا أجمل دعاء لمواجهة الهموم والأحزان    محبوس بكفر الدوار ومزور اسمه.. كيف سقط المتهم في جريمة شقة محرم بك؟    ترامب يدافع عن الطائرة هدية قطر: لست غبيا لأرفضها.. وقدمنا لهم الكثير من مساعدات الأمن والسلامة    أستاذ علوم سياسية: إنهاء صفقة عيدان ألكسندر خطوة مهمة فى دعم القضية الفلسطينية    أتالانتا ضد روما.. التشكيل الرسمي لقمة الدوري الإيطالي    أمينة الفتوى: هذه أدعية السفر منذ مغادرة المنزل وحتى ركوب الطائرة لأداء الحج    ما حكم إقامة العلاقة الزوجية أثناء الحج؟.. أمين الفتوى يجيب    نادية الجندي تخطف الأنظار بإطلالة شبابية جديدة | صورة    يونيفيل: العثور على 225 مخبأ للسلاح جنوبي لبنان    الأمم المتحدة: سكان غزة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي    طلاب إعلام الاهرام الكندية تعيد فرقة رضا للجمهور ب إبهار تراثي عصري جديد    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    تأجيل إعادة محاكمة 5 متهمين ب"الخلية الإعلامية" لجلسة 10 يونيو    معاش المصريين العاملين بالخارج 2025: الشروط والمستندات وطريقة الاشتراك    وزير الزراعة يكلف "الأقنص" رئيسًا لهيئة الخدمات البيطرية    «تلاعب في العدادات وخلطات سامة».. 5 نصائح لحماية سيارتك من «غش البنزين»    فانتازي يلا كورة.. هالاند يطرد مرموش من تشكيل المدربين    يُسلط الضوء على المواهب الصاعدة.. الكشف عن الشعار الرسمي لكأس العالم تحت 17 سنة    الكرملين: بوتين حدد موقفه بشكل واضح بشأن استئناف المفاوضات مع أوكرانيا    رئيس جامعة أسوان يتفقد امتحانات كلية التجارة    «بعبع» تسريب امتحانات الثانوية العامة.. هل يتكرر في 2025؟| ننشر خطة «التعليم» كاملة    محافظة الجيزة: انتهاء أعمال إصلاح الكسر المفاجئ بخط مياه بمدخل مدينة هضبة الأهرام    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    رئيس الوزراء يتابع الاستعداد لتنفيذ قانون الرقم القومي العقاري    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    وظائف خالية اليوم.. برواتب تصل إلى 6500 ريال فرصة عمل لعمال مصريين بالسعودية    في اليوم العالمي للتمريض.. من هي فلورنس نايتنجيل؟    مصادر: بورصة مصر تبحث قيد فاليو الأربعاء المقبل    العراق: الواقع العربي يتطلب وقفة جادة لتحقيق العدالة الاجتماعية    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    حالة الطقس اليوم في السعودية    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوباما الطيب وأوباما الرئيس / علي عقلة عرسان
نشر في محيط يوم 08 - 11 - 2008


أوباما الطيب وأوباما الرئيس
علي عقلة عرسان
للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية أصبح لها رئيس خلاسي من أب كيني أسود وأم أميركية بيضاء هو باراك أوباما، " أسود" لم يُستأصَل من إفريقيا السوداء ليتأصّل عبداً في أميركا ويحمل اسم أسياده البيض وينسى أصوله وثقافته واسمه الأصلي في بلده الأصلي ..
لم يكن أوباما ابن العبودية والقهر ولم يذق مرارتهما ، وإنما حمل إرثهما والثورة عليهما، واستحضر في مسيرته وحملته والساعات الأولى من نجاحه رئيساً أمثلة ورموزاً من بين من كانوا أقرب منه إلى عهدهما، وعانوا من آثارهما، وثاروا عليهما، وانتصروا بانتصار قيم مغايرة لقيم " الآباء المؤسسين..
الأنجلو سكسون البيض البروتستانت" الذين يلخصون التاريخ الأسود ، تاريخ الإبادة الجماعية والعبودية والعدوان للولايات المتحدة الأميركية، وما زال أحفادهم يحكمونها ويتحكَّمون بها عملياً ويملكون زمام الأمور فيها.. لقد استحضر أوباما، الرئيس الأميركي الرابع والأربعين الذي لم يتوَّج بعد، في خطابه "الرئاسي الأول" صباح الخامس من نوفمبر 2008 حسب توقيت منطقتنا، استحضر العجوز السوداء "آن نيكسون كوبر" البالغة من العمر 106 سنوات التي ولدت بعد جيل تقريباً من العبودية وحملت كما حمل هو الأمل والطموح الذي أعلنه الرمز مارتن لوثر كينج: " لدي حلم .. لدي أمل..".
وصل أوباما الديمقراطي إلى البيت الأبيض بتفوق كاسح على الجمهوري ماكين، من دون اعتماد على أموال الشركات العملاقة والأغنياء الكبار وأصحاب النفوذ المالي العظيم ، ليعلن أنه ممثل الطبقة الوسطى والفقراء والبسطاء والموظفين والعمال والشباب والنساء .. إلخ الذين أرادوا التغيير في بلاد وصلت إلى الحضيض الأخلاقي والمالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي وانحدرت بنظر العالم كله إلى درك مخيف ، وهي التي لها مالها من النفوذ والقوة والمصالح في العالم كله..
وشكر الجميع بمن فيهم منافسه الجمهوري جون ماكين، ولكنه لم يشكر الرجل الأول الذي أوصله إلى هذا النجاح الكاسح ، أي جورج w بوش.. الذي كان السبب في إفلاس سياسي أميركي شامل ، وانحدار أخلاقي مريع، وفشل اقتصادي شمل العالم ، وجعل بلاده عنوان العدوان والغطرسة والقوة العمياء ، والكذب والنفاق المفضوحين ، وكان السبب في خسارة حزبه وخروجه من الحكم ، ودخل التاريخ بجدارة وقوة بوصفه أقل الرؤساء الأميركيين شعبية، وأكثر رجال الحكم في العالم دموية وإجراماً وتشويها للقيم ، وأكبر نصير للنازية الصهيونية الجديدة ، وممثل الكذب الموصوف والخروج على الشرعية الدولية، والمؤسس لنهاية تاريخ النفوذ الأميركي المهيمن وبداية تراجعها الكبير .. وكل ذلك الذي صنعه بوش بحماقة " أعيت من يداويها" شكَّل تيار التغيير في الشارع الأميركي الذي استلهمه أوباما ورفعه شعاراً في حملته الانتخابية، وقطف ثماره اليانعة في نهاية المطاف.. حيث أعلن: " إن التغيير حلّ على أميركا".
لقد ذكَّرنا الرئيس الأميركي الجديد، وذكِّر ذوي العقل والفطنة في بلاده بأن القوة الحقيقية للولايات المتحدة تتأتى " ليس من جبروت أسلحتنا أو من حجم ثروتنا، بل من القوة الصامدة لمُثُلنا: الديمقراطية، الحرية، الفرص، والأمل الذي لا يتزعزع."، وبأنه:" لم تختف عن وجه الأرض حكومة الشعب ، من الشعب والى الشعب.".. وهذا صحيح إلى حد كبير، وجميل وجذاب ونتمناه أيضاً لما للولايات المتحدة الأميركية من تأثير في السياسة الدولية والشأن الدولي العام .. ولكن هل بقي في العالم من يصدق أن الولايات المتحدة الأميركية تحرص على الديمقراطية وتنشرها، وتتمسك بالحرية وتدافع عنها وتريدها لها وللآخرين وفق مفاهيم ومعايير صحيحة وسليمة؟! وهل هناك من يثق بها بعد جورج بوش على الخصوص.؟ لا.. لا. ولا أظن أن في العالم من لا يعرف ويدرك اليوم مقدار الخداع والتشويه والتزوير الذي مارسته الولايات المتحدة الأميركية باسم الديمقراطية والحرية، خدمة لنفوذها ومصالحها وسيطرتها على العالم وثرواته وأسواقه.. وما العراق الذي أقر معظم الأميركيين وممثليهم في المؤسسات المعنية العدوان عليه وتدميره واحتلاله إلا أكبر الأمثلة الراهنة ولن يكون آخرها فيما أقدّر.
لقد أعلن أوباما عن خيارات سياسية جديدة ، وميل إلى الحوار والتفاوض مع الدول باحترام لسيادة كل منها، وشراكة حقيقة في صنع الأمن والسلم الدوليين وصيانتهما من خلال التعاون مع المؤسسات الدولية وأعضائها.. وهذا أمر جيد أدركه أهميته سلفه متأخراً وأعلن عن رغبته في التوجه نحوه في خطابه الأخير أمام الهيئة العامة للأمم المتحدة عام 2008 ولكن هل يستطيع أوباما أن يتابع هذا النهج بإرادة سياسية قوية بعد تسلمه الحكم، أم أن شعار فورة الحماسة للمبادئ في ليلة الانتصار الكبير سوف يصحو من خماره على خيارات مثل متابعة الحرب في أفغانستان ، والصراع الخفي مع روسيا الاتحادية، وسعي دول في العالم لتغيير النظام العالمي السائد والتخلص من القطب الوحيد، والعمل على وجود أقطاب وقوى في السياسة الدولية عبر تكتلات قوى تتخلق في الرحم السياسي للأحداث.. سوف تجعله وغيرها أسير" عظمة الولايات المتحدة الأميركية وصلفها التاريخي الذي تحرص عليه جهات ومؤسسات وشركات أميركية صاحبة نفوذ كبير، وحلفاء مثل " إسرائيل" لا يعيشون إلا على الهيمنة والعدوان والغطرسة والقوة العمياء، وسيجرونه إلى مواقفهم بولاء أعمى!؟.
إن رهانات كثيرة وكبيرة تواجه إدارة اوباما.. وتجعل من توجهاتها المبدئية الجديدة احتمالات قائمة فيها مصلحة للولايات المتحدة الأميركية على المدى الطويل، ولكن في صلبها أيضاً حد من سيطرتها وسطوتها هيمنتها وطمعها وجشعها.. فهل ينتصر المبدأ على المصلحة .. وتاريخ الولايات المتحدة الأميركية يقوم على جعل المبادئ في خدمة المصالح، والنجاح فيها هو المقياس في النهاية وليس الأخلاق والمبادئ والمعايير الإنسانية والقيم والمثل.
إن التاريخ الفكري الأخلاقي المبدئي الأميركي ، الذي يمجده أوباما ويستند إليه ويعتز باستعادته حيث قال في خطابه المشار إليه: " يتساءلون عما إذا كان حلم مؤسسينا لا زال حياً في زماننا." ويجيب نعم.. ذاك الفكر المرسخ في تقديس " الآباء المؤسسين" بوصفهم رجال مبادئ.. ينطوي بنظري على كثير من المغالطات والادعاء والتوهم والإفراط في التغاضي الجرائم وانعدام نقد الذات وفق معايير إنسانية وخلقية سليمة، وقد ساد وأصبح مرجعية فكرية وسياسية وأخلاقية واجتماعية ثابتة ومعصومة من الخطأ وغير قابلة للمراجعة.. تماماً مثل تاريخ الهولوكوست..
أي الشواء أو المحرقة. إنه تاريخ العنصرية الدموية المنتصرة بقوة القهر التي أقامت صروحاً "مبدئية وأخلاقية" على الإبادة الجماعية والرق والفصل العنصري واستخدام القوة لاغتصاب حقوق الآخرين.. إنه تاريخ انتهاز الفرص ونجاح القرصنة ومباركة النجاح أياً كانت الوسيلة عندما يترسخ نجاحاً.. وليست هذه هي الأخلاق والقيم والمبادئ التي تقيم العدالة والحرية والمساواة بمفهومها الإنساني الشامل، وتصنع الحضارة، وتلجم الطغيان والغطرسة والقوة العمياء، وتلغي التمييز المتأصل في التكوين الروحي والثقافي لدي ورثة "الآباء المؤسسين" الذين أبادوا ملايين الهنود الحمر وادعوا الطهارة..
وأصبحوا بفضل ذلك قديسين وفق تعاليم وثقافة تلمودية مغرقة في التخلف والتطرف تقوم على ادعاء العصمة والخيار " الرباني" لشعب له أن يذبح الآخرين ويحني يديه بدم " الغوييم" ويتقدم إلى مذابح الرب باعتزاز بعد أن أنجز مهمة يدعي أن الرب كلفه بها..
وأنموذجهم العصري جورج بوش الذي يشكل أنموذجاً لهذه الثقافة وضحية لها في الوقت ذاته.؟ إن باراك أوباما يواجه الكثير الكثير مما يستوجب التغيير في مجتمعه وسياسات بلاده وعلاقاتها بالآخرين ، وقد ينجح في بعض من ذلك وقد يخفق ، ولكنه لن يستطيع أن يقتحم العقبة ، أي جوهر ما يستدعي تغييراً في التكوين الروحي والثقافي والاجتماعي والسياسي ومن ثم الاقتصادي في المجتمع الأميركي والدولة الأعظم ..
وهو ما يشوه النظرة إلى الأخلاقي والروحي والمبدئي في المجتمع الأميركي ، أعني ثقافة الآباء المؤسسين ومبادئهم وأفكارهم وعقيدتهم .. أي الثقافة التلمودية العنصرية العدوانية وادعاء العصمة التي يستمد منها التعصب والتطرف بعَمَهٍ غير ملحوظ وغير مسموح بالتذكير به والتوقف عنده ..
فقد غرق أوباما في الولاء لذلك النهج، وفي هذا استمرار لجوهر المدمر، والتصاق بظاهر "المبهج"، المبشر بتفاؤل عارم وتغيير كبير.. وهاهو مفتاح من أهم مفاتيح السياسة في البيت الأبيض ينتقل إلى الصهيوني العنصري " روحام عمانئيل" ابن الإرهابي من " ايرغون" وأمثاله، مثلما كان مفتاح البيت الأبيض بيد صهاينة من أمثال "دانيال بايبس" الذين قادوا سياسة بوش المنتهية ولايته.
وربما يأتي الوقت الذي يرثي فيه أوباما الطيب الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يرى أن " فجراً جديداً لقيادة أميركية أصبح في المتناول الآن.". ويعدنا بحصاد مستقبلي وفير للعدالة والحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية.. وربما بحضارة جديدة لبشرية وليدة.
عن صحيفة الوطن العمانية
8/11/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.