وصف أميركي لجيشهم في العراق وليد الزبيدي يجب أن يتوقف المرء طويلا عندما يقرأ كلاما في وسائل الإعلام الاميركية، يقر بالحقيقة للمرة الاولى ، بعد ان حاولت الاطراف الاميركية اخفاء مثل هذه الحقائق، وطالما تحدثت الاصوات والاقلام الوطنية العراقية بمثل هذه القصص والمعلومات، التي ربما تصور البعض انها قادمة من اعماق الخيال، ولا وجود لها على ارض الواقع، وانقل بعض الفقرات من تقرير اعلامي اميركي، يتحدث بالدقة المتناهية عن الاوضاع النفسية للجيش الاميركي في العراق. قبل كل شيء، يعطي التقرير هذا الوصف الخطير، ويذكر، ان القوات الاميركية في العراق، تواجه عدوا مخيفا مثل الاصابة بالصدمة والاجهاد والتعب والاحباط وتوترات عائلية، تصل درجة المآسي احيانا. فاذا اخذنا الفقرات الواردة في الاعتراف العسكري الاميركي، نجد ان العدو المخفي مازال شبه مجهول بالنسبة للجنود والضباط، لان عدم المعرفة بالخطر وحجمه ومدياته، يشكل التهديد النفسي والمعنوي الاكبر للجنود في جميع المعارك والحروب، ورغم مرور خمس سنوات ونصف السنة على المعارك الطاحنة في العراق بين القوات الاميركية والمقاومة في العراق، الا ان هناك جانبا غامضا يقف بقوة امام الاميركيين. وهذه الحقيقة، وان جاء التعبير عنها بطريقة مختلفة، والمقصود هنا بالعدو المخفي، هو سر تفوق مقاتلي المقاومة واصرارهم على مواصلة الحرب ضد القوات الاميركية، رغم جميع الاجراءات والاحترازات والخطوات التي اتخذتها هذه القوات، والتي اذا تم قياسها بالعنف والشدة والقسوة ضد المقاتلين، فان القوات الاميركية، لم تدخر جهدا على هذا الصعيد، الا واستخدمته، فالاعتقالات العشوائية والقتل والتعذيب والاهانة والاذلال لم تتوقف بحق العراقيين، الا انها لم تحقق هدفها الرامي الى ردع المقاومين، كما ان عمليات الاختراق المجتمعي ،ورمي الاموال بسخاء امام ضعاف النفوس لم تترك نافذة الا ودخلتها، الا ان ذلك لم يحقق هدفه بردع المقاومين او منعهم من مقاتلة الاميركيين، يضاف الى ذلك توظيف السياسيين لخدمة المشروع الاميركي، واستخدام الاعلام على اوسع مايكون، ورغم كل ذلك تبرز قوة العدو، فلابد ان يوصف ب(المخفي). اما الصدمة والاحباط والاجهاد والتوترات، فهي نتيجة طبيعية يعيشها جميع الجنود الذين يخسرون الحرب، ويجدون انفسهم في اتون معارك طاحنة، لايعرفون في اي وقت تحتضنهم سجلات القتلى، او تستقبلهم المشافي الخاصة بالمجانين والمعاقين، التي تزداد اعدادها في امريكا لاستقبال المزيد من الجنود والضباط ،الذين تواصل المقاومة في العراق، ارسالهم على شكل وجبات كثيرة الى الولايات الاميركية. وما يتعلق بالجانب الاجتماعي، فان التوترات العائلية، التي تصل درجة المآسي اصبحت جزءا من حياة الجنود الاحياء العائدين من العراق، وهنا يجري الوصف من قبل الدوائر الرسمية الاميركية، التي لايمكن ان تطلق مثل هذا الكلام على الحوادث المتفرقة والمتباعدة، وانها تقر بظاهرة واسعة، والظاهرة تشمل الغالبية من الجنود والضباط الاميركيين، الذين جاؤوا الى العراق، وعاشوا جحيم المقاومة في العراق، ولاشك ان الافرازات القادمة أكبر وأبشع. عن صحيفة الوطن العمانية 22/10/2008