أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    ارتفاع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 26 أبريل 2024    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    تبدأ اليوم.. تعرف على المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمولات    «تنمية الثروة الحيوانية»: إجراءات الدولة خفضت أسعار الأعلاف بنسبة تخطت 50%    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    طارق السيد: ملف خالد بوطيب «كارثة داخل الزمالك»    حدثت في فيلم المراكبي، شكوى إنبي بالتتويج بدوري 2003 تفجر قضية كبرى في شهادة ميلاد لاعب    بعد 15 عاما و4 مشاركات في كأس العالم.. موسليرا يعتزل دوليا    رائعة فودين ورأسية دي بروين.. مانشستر سيتي يسحق برايتون ويكثف الضغط على أرسنال    ملف يلا كورة.. تأهل يد الزمالك ووداع الأهلي.. قائمة الأحمر أمام مازيمبي.. وعقوبة رمضان صبحي    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    عاجل - الأرصاد تحذر من ظاهرة خطيرة تضرب البلاد.. سقوط أمطار تصل ل السيول في هذا الموعد    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    «كتل هوائية أوروبية تضرب البلاد».. «الأرصاد» تكشف مفاجأة في طقس الغد    استعد للتوقيت الصيفي.. طريقة تعديل الوقت في أجهزة الأندرويد والآيفون    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    بدرية طلبة عن سعادتها بزواج ابنتها: «قلبي بيحصله حاجات غريبه من الفرحة»    عروض فنية وموسيقى عربية في احتفالية قصور الثقافة بعيد تحرير سيناء (صور)    حفل افتتاح الإسكندرية للفيلم القصير يحتفي بالدورة العاشرة للفيلم القصير    نادية الجندي وفيفي عبده وسوسن بدر ضمن حضور حفل ذكرى تحرير سيناء    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    غدًا.. قطع المياه عن نجع حمادي لمدة 12 ساعة    وزير الصناعة الإيطالي: نرحب بتقديم خبراتنا لمصر في تطوير الشركات المتوسطة والصغيرة    الأغذية العالمي: هناك حاجة لزيادة حجم المساعدات بغزة    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    هل تحتسب صلاة الجماعة لمن أدرك التشهد الأخير؟ اعرف آراء الفقهاء    الرئيس السيسي: خضنا حربا شرسة ضد الإرهاب وكفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة    التجهيزات النهائية لتشغيل 5 محطات جديدة في الخط الثالث للمترو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارثة اسرائيل التاريخية
نشر في الشعب يوم 15 - 07 - 2006


:
يكاد الأسبوع الرابع لعدوان الصهاينة على لبنان أن يكتمل، وما يحدث على الأرض فاق أحلام الكثيرين منا، إن كل الخواء الذي يعاني منه الكيان الصهيوني طفح على السطح، خاصة عندما دخل في مواجهة مع فئة مجاهدة تمكنت من الاستعداد وأعدت الأسباب الروحية والمادية للقتال.
بعد اقتراب الأسبوع الرابع من نهايته بدأ معظم الناس يدركون بأنفسهم أن هذا الكيان الغاصب يمكن أن يهزم، وأن حكام الخيانة والعار هم الذين يمدون في عمره، أما هو فلا يملك الأسباب المتكاملة للحياة.
إن لفئة المؤمنة لا يعنيها أن يكون معظم العالم ضدها، الغرب بكل أطرافه وأطيافه، ومجموعة الثمانية الكبار، وكل ما يدور بينها من تباينات فهي في التفاصيل ولحسابات مصلحية، وهذا التوحد العدواني يشجعه توحد النظام الرسمي العربي واصطفافه خلف الحلف الصهيوني – الأمريكي.
ومع ذلك فإن صمود المقاومة قلب الموائد وقلب الموازين، أولاً وحد لبنان إلى أقصى حد ممكن، ووحد الشعوب العربية والإسلامية، وأحدث ارتباك في أروقة الأمم المتحدة لأن لبنان أعلن رسميًا أنه لن يلتزم بالقرار الفرنسي – الأمريكي.
ثم ها هم حكام العرب الجبناء يرسلون وزراء الخارجية لبيروت بعد خرابها، في محاولة للإيهام أنهم ما يزالون على قيد الحياة، وأن لديهم "تعاطفًا ما" مع شعب لبنان!!
والآن لسنا مشغولين بتحليل هذه الألاعيب الدبلوماسية الفارغة، لأن المعارك ما تزال تدور على الأرض، وهي التي ستحسم كل شيء، ويكفي أن نؤكد الآن - ما قلناه في المقال السابق – أن أمريكا ستحاول أن تحقق لنفسها وللصهاينة ما عجزت الآلة الصهيونية العسكرية عن تحقيقه على الأرض، وهذا غير ممكن، لأن المقاومة لن تخون نفسها، أما الحكام العرب فهم في هذه المعادلة = صفر على اليسار. أما العدو الأصلي، أمريكا فهي لا تملك أن تحارب معركة إسرائيل، وهي عاجزة عن مواصلة حربها في العراق وأفغانستان!
أما فرنسا فهي أكثر رفاهية ونعومة.

ما الذي يجري على الأرض إذن؟

سلسلة من الهزائم الإسرائيلية المتواصلة على كل الأصعدة والجبهات، بنجاح ساحق، وللأسبوع الرابع على التوالي، لا يغطي عليها إلا مواصلة المجازر ضد المدنيين وهدم الجسور والبنية التحتية، وتدمير المنازل بالقنابل الفراغية الأمريكية التي تحول المبنى إلى كوم تراب.
والمثير للدهشة أن كل المعلقين الأمريكيين والصهاينة والغربيين وحتى عملاء إسرائيل من أمثال أنطوان لحد، يجمعون على فشل خطة دق اسفين بين المقاومة الإسلامية والشعب اللبناني، فمنذ البداية تنبأ كل هؤلاء (وهم أعداء) بفشل هذه الخطة، وأثبتت الأحداث صحة هذا التنبؤ، وتوحد لبنان حكومة وشعبًا وطوائف بغض النظر عن النوايا، ضد العدوان ولم تبق إلا بعض الأصوات النشاز ولكن الخجولة على أي حال، ولا تغير من الصورة العامة. ولاحظ المراقبون من صفوف الأعداء هذه الحالة وأنها تتحقق بالفعل ومرشحه للاستمرار!! إذا كان الأمر كذلك فلماذا أمعنت إسرائيل في هذه الحماقة التدميرية ضد المدنيين التي ستؤجج العداء للحلف الصهيوني – الأمريكي، فوق العداء الأصلي، إنه زيت مغلي على نار ملتهبة أصلاً، إنه السفاح الذي قتل مليونا. ثم يشرع في قتل مليون ثان!!

لا شك أن الهزائم العسكرية هي التي دفعت إسرائيل إلى هذه الحماقة الإجبارية حتى تقول شيئًا للإسرائيليين، بالإضافة للمراهنة اليائسة على أن مرور الوقت ربما يحدث وقيعة بين المقاومة والشعب. ولكن مشكلة هؤلاء أن الوقيعة تحدث عندهم بمعدلات أسرع، والتذمر في إسرائيل متصاعد وإن كان مكتومًا، ولكنه في إزدياد مستمر ومؤشراته كثيرة، ولا أحد في إسرائيل يجد شيئًا يسر في هذه الحرب!! حتى الذين كانوا من أكثر الناس حماسة لها.

ملامح الأسبوع الرابع:

1. واصل حزب الله ضرباته على الصعيد البحري وضرب بارجة صهيونية أخرى، وأكد تفوق تكنولوجيا حزب الله على تكنولوجيا أمريكا وإسرائيل. وتكنولوجيا حزب الله هي صينية بتطوير إيراني، ولعله هو صاروخ سيلك ورم الصيني المعدل إلى صاروخ نور الإيراني الذي تحدثنا عنه من قبل. وهذا أمر بالغ الأهمية. لأننا نتحدث كثيرًا عن حرب العصابات باعتبارها الوسيلة الناجحة لمواجهة قوة أكبر وهذا صحيح بالتأكيد، ولكن امتلاك أسباب القوة يظل واجبًا، ولن نظل طوال مراحل الصراع مع الحلف الصهيوني – الأمريكي أقل منه في المجال التكنولوجي وفي كل المجالات. وما ينطبق على المجال البحري يسري على المجالات الأخرى.
2. على الصعيد الجوي، ورغم التفوق الجوي بل الانفراد الجوي، إلا أن الطيران الإسرائيلي لم يحقق أي إنجاز عسكري مقدر، حتى تحت شعار إضعاف القوة العسكرية لحزب الله، سواء في مجال منصات الصواريخ أم في مجال ضرب القوة البرية للحزب.
فالثابت أن القوة الصاروخية لحزب الله كما ونوعا لم تتأثر فى اليوم السابع والعشرين بل تزداد تأثيرا وعمقا. كما لم يتمكن الصهاينة من اصطياد أى قيادة سياسية أو عسكرية كبيرة رغم أن هذا هدف معلن , وعلى رأس ذلك اغتيال السيد حسن نصر الله نفسه.
كذلك لم يفلح القصف الجوى فى اضعاف القوة البرية للمقاومة الإسلامية. وبينما كان الجيش الإسرائيلى مشهورا بعمليات الابرار الجوى التى وصلت إلى عنتبى فى أوغندا وتونس , فإن سلسلة عمليات الإبرار فى هذه الحرب منيت بهزائم وفشل ذريع : فى بعلبك وصور والبياضة وغيرها.
ولم تفلح أكاذيب المؤتمرات الصحفية التى عقدها قادة الجيش الإسرائيلى فى محو هذه الصورة المروعة لجيش ينتحر لأن عسكره لم يعد لديهم قضية يقاتلون من أجلها , بل أن شعار العمليات الأساسى : تقليل الخسائر البشرية فى صفوف القوات الإسرائيلية, أى شعار الجبناء.
وعمليات الإنزال (أو الإبرار) هذه لم تكن تهدف إلا لتحقيق انجاز مسرحى, كاختطاف قائد مشهور.. الخ وذلك للتغطية على الفشل العام للأداء العسكرى , ولكن حتى هذا النصر المسرحى أصبح عزيزا وبعيد المنال عن جيش مترهل.

3- على الصعيد الإستخبارى, ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية قد تحولت إلى أجهزة هواة, خاصة وأن البيئة اللبنانية تتيح استخدام عناصر عديدة , وقد ألقى القبض على عشرات من هذه العناصر من قبل المخابرات اللبنانية, ولكن ألم يفلحوا فى الحفاظ على بعض الخلايا؟! ألم يحصلوا على أى معلومات ذات أهمية من كبار العملاء فى الوسط السياسى اللبنانى؟! ومن ناحية أخرى ها نحن نرى دروسا واقعية جديدة من أن الأقمار الصناعية والطائرات التجسسية ليست كافية لكشف الأسرار , اذا لم تكن مخترقا من الداخل , واذا قمت بالحد الأدنى من وسائل التمويه. باختصار فإن الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية المتعاونة معها يمكن أن تحصل على رقم صفر بارتياح شديد!! إنهم لا يعرفون شيئا عن حزب الله إلا أن مكاتبه الرئيسية فى الضاحية الجنوبية , وهذه معلومة علنية فى علم الكافة!!
وفى المقابل ثبت أن حزب الله لديه أجهزة متقدمة قادرة على اختراق الهواتف المحمولة والثابتة فى شمال فلسطين المحتلة, بل وحتى فك الشفرات اللاسلكية للعدو الصهيونى و فى المقابل عجز العدو عن فك الشفرات اللاسلكية التى يستخدمها مقاتلوا حزب الله!!
ومن الثابت أن حزب الله سعى دوما لتوسيع شبكاته التجسسية فى أعماق الكيان الصهيونى, وقد أعلن الصهاينة عن اكتشاف 20 شبكة تابعة لحزب الله تضم عربا ويهودا ودروزا!! وهذا يعنى أن هناك شبكات أخرى لم تكتشف بعد.
ومن الواضح أن حزب الله جمع معلومات عن الجيش الإسرائيلى ودرس أساليبه التكتيكية فى العمل الميدانى وتدرب علي مواجهتها جيدا.

4- الإنتصارات البرية هى المفاجأة الأعظم:

لا شك أن المفاجأة الأعظم هذا الصمود الأسطورى لثلة من المجاهدين أمام رابع أقوى جيش فى العالم , يستخدم أحدث الطائرات (اف 16) وأحدث الدبابات (ميركافا4) وهى تطوير للدبابة الأمريكية ام وان .. ايه وان.
فالمعتاد فى حرب العصابات أن ينسحب المقاومون أمام الجحافل المتقدمة , ثم يستنزفونها من الأجناب. ولكن ما حدث فى هذه المعركة الأسطورية أن بضع مئات يوقفون زحف 25 ألف جندى اسرائيلى على كل المحاور, بحيث أنهم لم ينجحوا فى الدخول لأى بلدة أو قرية , واعتصموا ببعض التلال فى عمق يتراوح بين 500 متر وكيلو متر واحد أو اثنين ودون حتى أن يستقروا أو يستريحوا فى هذه التلال. ومعدلات خسائر العدو أعلى بكثير من اعلاناته, ولكن ما يعلن عنه فيه مؤشر غير قليل.
وفى هذه المعركة تلاحم لدى حزب الله عنصران :

1- عنصر الاستشهاد وهو السلاح الرئيسى , لأن المقاتل كى يفجر الدبابة لابد أن ينتظر حتى تقترب منه جدا , أو يقترب هو منها, ولابد أن يكون رابط الجأش سديد الرمى.
2- عنصر الاستعداد: الذى يبدأ بالجدية والتدريب والدورات العسكرية والانضباط , وتعلم استخدام وسائل مناسبة لمواجهة اسلحة العدو , وهذا هو الجانب التكنولوجى الذى اشرنا اليه من قبل.
وهذه المعركة ستدخل التاريخ العسكرى العالمى , وستغير كثيرا من النظريات وعلى رأسها نظرية الأمن الاسرائيلى التى اعتمدت على الطائرة والدبابة المحصنة. فلم تعد الطائرة كافية لإخضاع المقاومة , ولم تعد الدبابة محصنة . ويقول القرآن الكريم "لا يقاتلونكم جميعا إلا فى قرى محصنة أو من وراء جدر" الحشر 14

فالعمليات الاستشهادية دفعتهم لبناء الجدار العنصرى , ومن قبل صمموا خط بارليف , وفى كل الأحوال اعتبروا الدبابة والطائرة الحصون المعاصرة, التى تقلل الخسائر البشرية الى الحد الأدنى, فبعد هذه الابادة الجماعية للميركافا 4 فإن الصهاينة سيكونون فى حيص بيص. لأن عليهم الآن أن يترجلوا وأن يقاتلوا كما يقاتل البشر وجها لوجه وهذا غير ممكن بالنسبة اليهم خاصة فى حروب لم يعد معظم الصهاينة مستعدين للتضحية فيها, على خلاف المراحل الأولى لتأسيس الكيان الصهيونى.
ولا شك أن هناك دروسا مماثلة فى تجارب المقاومة الآخرى ولكن الجديد فى هذه الموقعة , هو هذا الصمود على خط مواجهة واحد .. (اذا لاقيتم الذين كفروا زحفا) .. ولكن بدون جيش نظامى , مع استخدام بعض ادوات وأسلحة الجيش النظامى الخفيفة.
وقدم حزب الله حتى الآن قرابة الخمسين شهيدا وهو رقم زهيد بالنسبة لحجم الانجاز الكبير ماديا ومعنويا . وكما قلنا وحتى الآن وبفضل الله ( عصر الاثنين 7 أغسطس 2006 ) لم يدخل الجيش الصهيونى أى قرية أو بلدة على طول حدود الجنوب بينما تتلقى تجمعاته أقسى الضريات. وفى القتال البرى لم يظهر حتى الآن أى وهن من مقاتلى حزب الله أو أى علامات لنقص فى الذخائر أو المعدات أو الرجال .
5- الضربات الصاروخية :

قلنا من قبل ان الضربات الصاروخية دمرت نظرية الآمن الاسرائيلى القائمة على عدة مبادىء :
1- نقل المعركة خارج أرض الكيان فورا .
2- تأمين الداخل لانه لايوجد عمق استراتيجى واليهودى لايتحمل الضربات المتواصلة فى عقر داره.
3- عدم استطالة أمد الحرب لصعوبة استمرار التعبئة العامة لقلة عدد السكان.
على هذه المحاور الثلاثة ضربت النظرية:
1- فالصواريخ وصلت حتى الخضيرة وهى أشبه بضواحى تل أبيب والمعركة داخل الكيان من اليوم الأول.
2- لم تعد الجبهة الداخلية مؤمنة وهو ما أصاب الجمهور اليهودى بحالة من الهلع لم تعد خافية .
3- بداية المعاناة من استطالة أمد الحرب والتردد فى استدعاء الاحتياطى ثم استدعاء ثلاث فرق ولكن الأهم هذه المرة أن نصف الكيان توقف عن الانتاج والعمل ( الشمال) ومايزال ميناء حيفا مغلقا . وحالة الهروب الى الجنوب أو الى القدس أو الى مستعمرات الضفة الغربية باعتبارها أماكن آمنة أو حتى الهروب الى الخارج أصبح ظاهرة يصعب اخفاؤها.
وبالتالى فان المجتمع مشلول بنسبة تتراوح بين 60 الى 70 % . وكل هذه الاجواء تجعل اتجاه الهجرة الى الخارج وليس الى داخل الكيان . الكيان مضغوط بمقاومة باسلة فى غزة والضفة وهاهى مقاومة اضافية أشد تسليحا قادمة من لبنان تكاد تفرغ الشمال من اليهود .
وسنرسم صورة عن وضع الكيان الصهيونى من خلال الاعلام الاسرائيلى نفسه فى ملحق بهذا المقال.
والمهم فى هذه الحالة التى نشأت ( توازن الرعب ) أن تستمر وتستقر حتى يتعزز هذا المكسب الاستراتيجى على الأرض . والعمل الدبلوماسى الامريكى يستهدف الغاء هذا المكسب بنزع سلاح حزب الله . وفى المقابل فان انسحاب اسرائيل من لبنان ومن مزارع شبعا وتبادل الأسرى سيعنى انتصارا كاملا للمقاومة شريطة أن يبقى السلاح جاهزا لردع أى عدوان صهيونى جديد كما كان الحال بين عامى 2000 و 2006 مع الارتفاع لمستوى أعلى حيث أدرك جمهور الصهاينة أن هناك حدودا لقوتهم وأن حزب الله أضحى أقوى مما كان عام 2000 حين طردهم من لبنان .
والمهم فى كل ذلك أن المعادلة ليست لبنانية – اسرائيلية بل ان هذا الانجاز العظيم يأتى فى سياق معادلة اسرائيلية – عربية اسلامية وهذا ما يرعب الاعداء .
ان الانتصار الأكبر هو هذا الاحساس الجارف الذى بدأ يسرى ويعتمل فى قلوب وأفئدة نخبة وجماهير الأمة : اننا قادرون على الانتصار وأن ماتبقى من أسطورة اسرائيل قد تم دفنه على سفوح بنت جبيل أو كريات شمونه وهذه أكبر قوة دافعة للأمة فلابد أن يتحطم الصنم ونرى بعضا من أشلائه على الأرض حتى نوقن أنه ليس الها !!
لقد عشنا بكائيات الهزيمة على مدار عقود وكانت انتصاراتنا منقوصة . وعندما تحطمت أخيرا هيبة الجيش الامريكى فى العراق ، كان السائد فى الأذهان أن الجيش الاسرائيلى محارب أكثر منه ، و شاعت القصص عن الخبرات و عمليات التدريب التى أعطاها الاسرائيليون للأمريكان فى العراق .
و رغم الصمود الأسطورى للمقاومة الفلسطينية من جنين الى غزة ، إلا أننا كنا ندرك أن الوسائل القتالية التى فى يدها ما تزال بعيدة عن موازنة أسلحة العدو ، لذلك قاتل هؤلاء الأبطال بلحمهم الحى ، (العمليات الاستشهادية) أو اطلاق صواريخ يدفعون ثمنها خسائر كبيرة فى الأرواح بين المدنيين .
و حزب الله امتلك الحد الأدنى من وسائل القوة فأشفى غليلنا ، على منوال المثال الشعبى (نشوف فيك يوم يا ظالم) فقد رأينا هذا اليوم و اسرائيل تتعثر و اعلامها يكذب و جنرلاتها أقزام ، تصريحاتهم متضاربة يكذب بعضها بعضا و ملايينها تحت الأرض منذ 4 أسابيع يشكون سوء حالة الملاجئ ، و عدم كفاية دورات المياه ، و عدم كفاية الفرش ، يشعرون كما يقولون بأنهم "فئران" فى الملاجئ لا يوجد تلفزيون أو راديو ، لديهم حنفية مياه واحدة ، و الطعام غير متوفر ، والحرارة شديدة داخل الملجأ و يطالبون بأجهزة تكييف !!
نحن لا نتشفى فى هذه المآسى ، و لكن هؤلاء الصهانية هم الذين يتلذذون بذبح الأطفال و النساء فى غزة صباح و مساء ، و تصل حصيلة الجرحى و الشهداء فى اليوم الواحد الى مائة ضحية ، بل يوجد فى غزة 750 حالة اصابة جسيمة بين الفلسطينيين منذ أسر الجندى الاسرائيلى الملعون .
تصوروا ألف شهيد و جريح فلسطينى تقريبا مقابل الأسير الذى يقاتل حاكم مصر من أجل الافراج عنه بدون مقابل .
و هكذا فان الشعوب – ممثلة فى المقاومة اللبنانية و الفلسطينية – تنتقم بنفسها و تتولى ملف التحرير ، و تنزع ما تبقى – ان كان حقا قد تبقى – من أوراق التوت التى يتستر بها حكام العرب .
اذن ملاحم الأسابيع الأربعة الماضية ستكون بوابة لاندفاع فيضان لن يقوى عليه الحكام ، لأننا هذه المرة ذقنا طعم الانتصار ، صورة مصغرة للانتصار ، فهكذا ستنتهى اسرائيل ستقصف بالصواريخ ، سيرحل نصف اليهود ، و يدخل النصف الآخر مفاوضات استسلام ، لأنهم لن يجدوا فى استخدام السلاح النووى أى فائدة ، لأنهم أحرص الناس على حياة ، فاذا استخدموا هذا السلاح فان كل يهودى فى أى مكان فى العالم سيكون هدفا لأى عربى أو مسلم كى يقتله بالسكين .
ليس من السهل تخيل سيناريو تفكيك اسرائيل ، و لكنه سيكون أمرا شبيها بذلك. و ليس التنبؤ التفصيلى هو المهم ، المهم أننا عرفنا الطريق ، و عرفنا ان "سوبرمان اليهودى" مجرد خدعة سينمائية..و يكفى لهذه الحرب أنها قدمت هذا الانجاز .
الاعلام سلاح أساسى فى الحرب النفسية بيننا و بين الحلف الصهيونى – الأمريكى ، و أعداؤنا يدركون ذلك أكثر مننا ، لذلك فقد استخدموا التعتيم الاعلامى على انتصارات المجاهدين فى العراق و أفغانستان و وصل الأمر الى حد تصفية الاعلاميين الذين ينقلون الحقائق . و لكن من سؤ حظهم ان هذه الحرب – رغم التعتيم الصهيونى – جرت معظم وقائعها أمام عيون الناس. و رأت الشعوب الجندى الاسرائيلى "خزيان و ضعفان و حالته بالويل" و "منهار نفسيا" ، و رأت لقطات بسيطة من الحرائق و الدمار الذى حاق باسرائيل .
أنها أيام غيرت أو ستغير مجرى التاريخ باذن الله .
* * * *
و كما قلنا فان هذه الحرب جزء من الصراع الشامل بين أمتنا و الحلف الصهيونى الأمريكى .. و الأمة الآن تضرب هذا الوحش الكاسر فى كل مكان من جسده ، و لانه وحش فانه مايزال واقفا على أقدامه مايزال قادرا على البطش هنا و هناك ، و لكنه مثخن بالجراح .
قبيل غزو العراق تصورت ان نهاية أمريكا قد أتت و كتبت مقالا بعنوان "العجل الأمريكى وقع هاتوا السكاكين"
و شعرت بعد ذلك اننى تعجلت التقديرات و لكن بمعيار التاريخ فان عام 2003 قريب جدا من عام 2006 .
و أنا أكتفى بتشخيص الكاتب البريطانى باتريك سيل الذى كتب فى 4/8/2006
[كان دينيس هيلى وزير الدفاع البريطانى السابق يقدم نصيحة حكيمة للزعماء السياسيين المعاندين بقوله "حين تكون فى حفرة توقف عن الحفر". و اليوم نرى أمريكا و اسرائيل فى حفرة عميقة و هما بحاجة ماسة إلى التوقف عن الحفر قبل أن تبتلعهما الحفرة ، إنهما يقاتلان و يخسران على ثلاث جبهات: العراق ، لبنان ، فلسطين. ]
و اذا كان باتريك سيل يمكن أن يحسب من المتعاطفين مع العرب فدعونا نذهب مرة أخرى الى افتتاحية نيوزويك و التى اعتبرها مجلة رسمية ، فهى فى عددها الأخير الصادر فى 1/8/2006 تقول (ياله من هراء. ان الولايات المتحدة غائصة الآن و اسرائيل واقعة تحت التهديد ، و لبنان ينهار أمام أعيننا و العراق على حافة حرب أهلية و ايران تصب الزيت على النار عبر المنطقة فيما تواصل برنامجها النووى مع دعوتها لمحو اسرائيل من على خريطة العالم. و فى تلك الأمكنة غير المحظوظة التى جرت فيها انتخابات فان الاسلاميين سجلوا انتصارات ساحقة راكبين موجة الامتعاض الشعبية ضد أمريكا و اسرائيل و الغرب)
و يقول المقال الافتتاحى ان واشنطن تفقد معظم نفوذها فى المنطقة العربية نتيجة لانحيازها السافر لاسرائيل .
المقال يصرخ بفشل السياسة الأمريكية و يؤكد ان الشعوب بقيادة الحركات الاسلامية هى التى تتقدم و تنتصر ، و لابد من تغيير هذه السياسة العدوانية أو التخفيف منها على الأقل .
ما يهمنا هو هذا التقدير العام الذى تقوله المجلة الرسمية للأسبوع الثانى على التوالى.. ان الاسلام إلى صعود و أمريكا و اسرائيل الى هبوط فى المنطقة .
و دعونا ننتقل الى بعض التقارير الأمريكية شبه الرسمية ، فقد حذرت المجموعة الاستشارية للأمن القومى الأمريكى برئاسة وزير الدفاع الأمريكى الأسبق وليام بيرى من الضغط الذى يشكله انتشار قوات مقاتلة لفترة طويلة فى العراق على أداء الجيش ، مشددين على أن المشكلة وصلت الى مستوى الأزمة. و اعتبرت المجموعة أن النقص فى تمويل الجيش من قبل الادارة الأمريكية يلحق خللا خطيرا فى الادارة المدنية للجيش الأمريكى. و أشارت إلى أن ثلثى القوات العاملة و قوات الاحتياط فى الجيش غير جاهزة حاليا ، و أن الجيش الأمريكى لا يملك حاليا أى قوة احتياط استراتيجية فى حالة جاهزة ، و هو أمر لم يحدث منذ حقبة حرب فيتنام و ما بعدها .
ثم دعونا ننتقل لبيان رسمى أمريكى يؤكد هول ما يتعرض له الجيش الأمريكى فى العراق.
حيث أكد قائد بالجيش الأمريكى فى الرمادى يوم 2/8/2006 أن المواجهات بين المقاومة العراقية و القوات الأمريكية تدور فى مدينة الرمادى بصورة يومية و ان قوات المقاومة شنت خلال شهر يوليو الماضى وحده 600 هجوم و فجرت 250 قنبلة موجهة و أطلقت على القوات الأمريكية أكثر من مائة صاروخ و قذيفة هاون و نفذت 150 هجوما بالبنادق الآلية و الرشاشات و فجرت 4 سيارات ملغومة .
و قال ان "القوات الأمريكية التى دخلت حى الملعب و أقامت نقطة متقدمة محاصرة بنيران القناصة و أن أفرادها يقضون حاجاتهم فى أكياس بلاستيكية و ينامون على أسرة نقالة متجاورة فى غرفة ضيقة واحدة يتناوبون عليها خوفا على حياتهم" .
أما فى جبهة أفغانستان دعونا نكتفى الآن بالاشارة الى تقرير توم كونيجز المبعوث الدولى إليها حيث وصف القتال الجارى هناك بانه "تمرد" و ليس مجرد "أعمال ارهابية معزولة" و أكد ان هناك العديد من المقاتلين يعبرون الحدود بعد أن تلقوا التدريب و التمويل (فى اشارة الى قدومهم من باكستان) و أكد أن طالبان استعادت قوتها و أعادت ترسيخ قيادتها للمقاومة ، و جاء فى بيان مجلس الأمن " ان مجلس الأمن يعرب عن قلقه بشأن الوضع الأمنى فى أفغانستان بسبب زيادة نشاط طالبان و غيرها من الجماعات" .
اذن هذه هى تقارير الأعداء تتحدث عن الاحباط و الفشل فى أفغانستان و باكستان و العراق ، و نضيف أيضا الصومال .
مع استمرار ثبات محور الصمود [ايران – سوريا – لبنان – فلسطين]
____________
إن إدراك الحالة المتهاوية للحلف المعادى قد تعزز بهذا الانتصار المظفر فى جبهة جنوب لبنان / شمال فلسطين المحتلة ، و هذا سيدفع كل قوى الصمود و المقاومة للتفجر و الاندفاع الى الامام ، و حتى لا يتصور أحد أننا نبالغ فى حجم الانتصار الذى حققه حزب الله. تعالوا نقرأ هذا الملحق عن خلاصة ما ورد على لسان كبار المحللين الاسرائيليين العسكريين و السياسيين .
____________
و لكن قبل ذلك أكرر مرة أخرى للعاملين فى جبهات الجهاد السلمى ، إنها فرصتكم لمحاصرة الحكام الخونة ، اخرجوا فى مسيرات من كل المساجد ، و اهتفوا بسقوطهم و اخلعوهم من الحكم – رغم أنكم لم تنتخبوهم يوما و أعلنوا البراءة منهم ، عسى الله أن يرحمكم يوم القيامة بهذا الموقف ، و عسى الله أن ينصرنا عليهم و على أمنهم المركزى.

الملحق

هزيمة إسرائيل بأقلام الإسرائيليين
معاريف: خسرنا الحرب
وول ستريت جورنال: إسرائيل تخسر الحرب وستواجه أعظم إذلال عسكري في تاريخها

v كانت مفاجأة الإدارة الأمريكية بأداء الجيش الإسرائيلي ساحقة، يقول أمير أورون في صحيفة هاآرتس:
صديق شخصي مقرب من الرئيس جورج بوش ومن الشخصيات البارزة في الحزب الجمهوري، اتصل هاتفيًا بصديق له في إسرائيل، أحد كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي وسأله غاضبًا: ماذا يجري؟ الجيش المتفوق، وأحد أقوى جيوش العالم، يواجه طوال أسبوعين منظمة إرهابية داخل ثلاثة كيلومتر مربعة، وتستمر صواريخ الكاتيوشا تسقط على مراكزه السكنية؟ لقد أرسلنا جيشنا ليقاتل على بعد 6000 ميلاً من بلادنا بعد 11 سبتمبر فما الذي يعوقكم؟!

v ادعى رئيس أركان سلاح الجو العميد أمير إيشل (أن الطائرات أفلحت في ضرب منظومة صواريخ حزب الله البعيدة والمتوسطة المدى بقوة. وأن نتيجة ذلك تضررت قدرة حزب الله على إطلاق الصواريخ على حيفا والعفولة. وقال أنه تقريبًا تم من الجو تدمير كل الراجمات التي أطلقت الصواريخ البعيدة المدى).
وبعد ذلك بأيام انهمرت الصواريخ على حيفا والعفولة بالعشرات والمئات!!

v قال تسفى شطاوبر مدير مركز يافا: إن الغايات التي تحددت للجيش الإسرائيلي مع بدء المعركة كانت طموحة جدًا (أو متبجحة جدًا) لكنا سرعان ما "بتنا نلمس لدى قباطنة الدولة عملية من المقايسة وعودة الوعي حيال ما يمكن تحقيقه منها". وأشار إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية واقفة في حيص بيص بقوله إن هذه الاستخبارات تعتمد الآن على ما يسمى نهج "الاصطياد السانح للأهداف" وهو ما وصفه معلقون أخرون بأنه تخطيط رديء أو استراتيجية إدارة فاشلة.
ويؤكد شطاوبر أن أية قوة متعددة الجنسيات ليس بمقدورها أن تمارس دورًا سلطويًا كافيًا للقضاء على حزب الله.

v يقول عكيفا الدر بصحيفة هاآرتس:
(للمرة الأولى منذ حرب 1948 يختبئ الكثير من أبناء إسرائيل لأيام طويلة في الملاجئ ويذوق عشرات الآلاف منهم الطعم المر للجوء. في صيف 1967 كانت ستة أيام كافية للجيش الإسرائيلي من أجل هزم جيوش مصر وسوريا والأردن. ولكن منذ حوالي ثلاثة أسابيع لا ينجح الجيش الإسرائيلي، الذي ازداد قوة وتقنية أضعافًا مضاعفة في اخضاع ميليشيا لبنانية).
وينفي الكاتب الصهيوني إمكانية إحداث اسفين بين المقاومة والمدنيين بقوله (أن الانطباع الأقوى في لبنان هو كما في الحالة الفلسطينية فمن شأن النتيجة أن تكون معكوسة أي أن تعزز تماثل الجمهور الواسع مع حزب الله وتؤدي إلى زيادة التأييد له وتعاظم كراهية إسرائيل).
ويضيف أن الزمن لا يعمل لصالحنا و"الساعة الرملية يمكن أن تدق بقوة أكبر بالذات في الساحة الداخلية الإسرائيلية التي يمكن فيها أن نشخص بوادر تعب ووهن وكذلك بوادر نقد ونقاش شعبي".

v ونعود مرة أخرى لمعلق الشئون الأمنية في هاآرتس الذي يقول: أن ما حصل مع الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب هو واحد من القصص الغامضة الكبرى والحزينة في تاريخ دولة إسرائيل. وأكد أن في مستويات الجنرالات والسياسيين الإسرائيليين بات من المشكوك فيه العثور على مسئول إسرائيلي واحد "يخرج من هذه المعركة بدون ندوب وجراح ومع معاناة شديدة من جراء نزف سمعته".

v ويقول المعلق العسكري زئيف ستيف:
لا مهرب من القول أن الإدارة الاستراتيجية للحرب إلى الآن هي إدارة فاشلة، والاثباتان البارزان على ذلك أن القوات البرية لم تسهم عمليًا في إيقاف حرب الاستنزاف وأن حزب الله واصل حرب الاستنزاف القاسية ضد مواطني إسرائيل ومدنها حتى اللحظة الأخيرة. ومن غير الواضح أيضًا أية قوة دولية ستقام في لبنان.

v أما المعلق العسكري لصحيفة معاريف، عمير ربابورت فيقول:
"الآن أصبح واضحًا خلافًا لأي شك أن حزب الله لن يُدمر في هذه الحرب".

v وبالعودة إلى أمريكا:
يقول زئيف ستيف: "يفضل عدم إلقاء التهم على الأمريكيين فليسوا هم الذين خيبوا أم إسرائيل وإنما إسرائيل هي التي خيبت أملهم من ناحية استراتيجية عندما لم تفلح في أن تزود الإدارة الأمريكية بأوراق عسكرية".
وهذا ما يؤكده أمير أورن: (المشكلة الأمريكية في الوقت الراهن أن القتال يمكن أن يتوقف بصورة مفاجئة قبل الأوان وبالتالي فإن التهديد سيتجدد بسرعة، بوش خائب الأمل، لم يتخيل الجيش الإسرائيلي على هذا النحو، وهو الجيش الشديد القوة والعزم والأحابيل والطافح بالسلاح الأمريكي).
عاموس هرئيل وآفي سخاروف مراسلا الشئون العسكرية والعراقية بصحيفة هاآرتس يسخران من تصريحات أولمرت التي قال فيها: "حققنا انجازات غير مسبوقة غيرت وجه الشرق الأوسط" ويقولا أن ضباطًا كبارًا من بين الحضور تساءلوا "هل يجوز أنه لا يرى الحرب التي نراها نحن؟".
ويضيفا: "مع بدء الأسبوع الرابع تتسع أكثر فأكثر الانتقادات في الجيش حول سير العملية إلى الآن. والبعض يتحدث عن الإهمال المتواصل في تدريب وحدات الاحتياط وفي تجهيزها. وثمة ضباط يزعمون أن التحقيق في الحرب سيحدث زلزالاً في الجيش الإسرائيلي".
ويقول عوزي بنزيمان:
(إن الخطأ المصيري الذي ارتكبه ايهود أولمرت يكمن في أنه حرك زر الحرب الشاملة دون أن يعرف حقًا قدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيقه الغاية لقد اقتحم أولمرت بوابة امتنع ايهود باراك وارئيل شارون عن فتحها. وها هو ذا الآن مجرور وراء الجيش الذي يسعى للقيام ببعض التحسينات بواسطة تفعيل قوات برية أكبر).

v ويقول ألوف بني (إن شارون كان قد أدرك جيدًا بشكل أفضل من أولمرت حدود قدرات الجيش الإسرائيلي الحقيقية) ولذلك لم يتورط في حرب على الجبهة الشمالية في السنوات الأخيرة.

v ويؤكد يسرائيل هرئيل وهو أحد غلاة المستوطنيين أن الحرب الحالية ونتائجها من المتوقع أن تكون مخيبة للآمال. ويشير إلى عجز الجيش ورؤساء الحكومة في إيجاد الرد على المنظمات الارهابية التي يعتبرها خطرًا استراتيجيًا بعد أن عززت قوتها وأوقعت أضرارًا شديدة لإسرائيل في لبنان وفي البلاد.
إن إسرائيل لم تقدر أن العمليات الانتحارية قادرة على زرع الخوف في المجتمع الإسرائيلي ودفعه إلى الانحناء، وقادرة على إحداث تآكل في الرغبة في الحرب. في حين انقاد القادة وراء مظاهر الضعف وبدأت بذلك رحلة الهروب من الارهاب، وأبرز تجليات ذلك جدار الفصل، الذي أدرك حسن نصر الله كم كان مكلفًا ومضحكًا وبدون فائدة، وكذلك فك الارتباط الأحادي الجانب.
ويتابع هرئيل أن نصر الله فهم ذلك جيدًا على أنه دليل آخر على نظرية "خيوط العنكبوت" فكلماته لم تكن في إطار الحرب النفسية وإنما عبرت عن الواقع. وذلك بناء على الردود الإسرائيلية في الماضي والتي تجلت في إجراء عمليات تبادل بدلاً من تفعيل القوة.

v ونعود مرة أخرى إلى زئيف ستيف الذي يقول أن الحملة العسكرية البرية واحتلال قطاع أمني سيلاقي إشكاليات عديدة من حيث الوقت والانجازات مشيرًا إلى أن مقدرة سلاح الجو الإسرائيلي للجم قصف الكاتيوشا "بات محددًا".

ويضيف: الجري نحو الليطاني الذي سيرتكز على كتيبة احتياط لم يتم تفعيلها بعد، يلاقي انقسامات بالرأي داخل الجيش الإسرائيلي ويخشى عدد من الضباط أن كتيبة الاحتياط غير المدربة ستتكبد خسائر جسيمة!!

v وفي صحيفة يديعوت أحرنوت يقول المحلل العسكري أليكس فيشمان (ميتا الشعب وبنت جبيل ومارون الراس أعادونا إلى الشرق الأوسط القديم. تبين هناك أن المعارك البرية لم تنته ولا يمكن قيادة حرب من دون أن تتسخ أيدينا وأن ننظر إلى العدو عينًا بعين، بعد أن كان الجيش قد تعود على سياسة الأسلحة الثقيلة والحرب الرقمية)!!
أما يوئيل ماركوس فلم يخف فجيعته فقال:
(إن ما يجري اليوم من قصف على مدن الشمال وبعض المناطق الأخرى كابوس لم نتخيله في أسوأ أحلامنا. كيف يمكن أن نتقبل تحويل كريات شمونة إلى موقف سيارات واحتراق الجليل الخلاب وأن يقبع مليون ونصف مليون إسرائيلي في الملاجئ كلاجئين في أرضهم؟)
وكان ماركوس منذ 3 أسابيع فحسب من أشد مؤيدي الحملة العسكرية على لبنان وغزة، وكان من بين القلائل الذين مدحوا الوزير عمير بيرتس على اتخاذه قرار الحرب.

v وتقول افتتاحية هاآرتس أن إسرائيل لم تعد مستعدة للحرب في الجبهة الداخلية (لأن المواطنين المتواجدين في الملاجئ يفتقرون إلى الهواء وعاملوا المراكز الجماهيرية والسلطات المحلية من ضمنهم مئات ممن تؤخر الدولة رواتبهم شهورًا، ومن بينهم الاختصاصيون النفسيون ومدربو الشبيبة).

v يؤكد المراسل العسكري ل"يديعوت أحرنوت" أن الإسرائيليين لن يصمدوا وقتًا طويلاً في الملاجئ. فدولة إسرائيل ليست مهيئة لحملات برية تستغرق وقتًا. لأن تجنيد الاحتياط بالإضافة للمكوث في الملاجئ لوقت طويل هما بالضرورة مشكلة لإسرائيل.

v ويكتب يونتان جيفين زاويته الأسبوعية في الملحق السياسي لصحيفة "معاريف" تحت عنوان: "هل انتصرنا؟" معتبرًا نفسه واحدًا من هؤلاء المعتقدين "بأننا خسرنا" خاصة وأنه يكتب كلماته هذه في اليوم الواحد والعشرين للحرب لكن الحرب "تبدو وكأنها في اليوم الأول".
ثم ينتهي إلى السخرية:
"أولمرت يقول إننا دمرنا لهم البنى التحتية، ولكن أحدًا لا يسمعه نتيجة أمطار الكاتيوشا المتساقطة على الجليل. الجبهة لازالت قوية ولن يطرأ تغيير على أحوال الطقس غدًا، والدولار تراجع قليلاً، وأنا أيضًا"!!

v أما القناة الثانية في التليفزيون الإسرائيلي فتنقل عن مصادر رفيعة المستوى في جيش الاحتلال أن حزب الله قادر على شمال فلسطين بالصواريخ لمدة ستة أشهر متتالية وربما أكثر.

v وفي موقع ديبكا التابع للاستخبارات الإسرائيلية فلم يجدوا وسيلة سوى استعراض الاخفاقات السياسية والعسكرية للعدوان وافتقدوا الحكومة والجيش ورأوا أن حزب الله تدرب جيدًا على عملياته. وذكر الموقع أن الحقيقة التي يجب أن تقال عن 22 يومًا مرت على الحرب والجيش غير قادر على كسر حزب الله وهذا الوضع لن يتغير في اليوم 23 ولا ال25 من الحرب.
وكشف الموقع (ديبكا) أن ترهل الكيان الصهيوني وصل إلى حد الخطر، فشاروق ومنذ سنوات يعين في مواقع الجيش المقربين له شخصيًا والموافقين على سياسته، بغض النظر عن الكفاءة.
وخلص مصدر التقرير إلى التالي:
إن جيشًا صغيرًا مثل حزب الله الذي لا يتعدى خمسة آلاف مقاتل خرج بتعادل مع جيش دولة منظم، ليحقق أفضل نتيجة لمعارك الدول العربية كلها مع إسرائيل.

v ولايزال هناك الكثير على هذه الأنغام الجنائزية، الذي يمكن اقتباسه ولكن نكتفي بذلك هذا الأسبوع ونختتم بالرفيق الأمريكي من خلال مقال بريت ستيفنز عضو مجلس تمرير صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية الرصينة المعروفة..
(إسرائيل تخسر الحرب. إذا استمرت على هذا المنوال فإن إسرائيل ستواجه أعظم إذلال عسكري في تاريخها).
في حرب 1973 تمكن الإسرائيليون الذين صعقوا في البداية من تحول الدفة إلى النصر على خصمين قويي التسليح ومدعومين من الاتحاد السوفيتي في غضون 20 يومًا.
أما في النزاع مع حزب الله وهي ميليشيا من بضع آلاف مسلحين بصواريخ كاتيوشا تعود لفترة الحرب العالمية الثانية فقد تجاوزنا اليوم ال21 وحتى الآن ليس لإسرائيل ما تظهره لتبرير جهودها. ما من أراضٍ عدوة مكتسبة، ما من قادة أعداء مقتولين، ما من حد للقصف الصاروخي الذي أبعد أكثر من مليون إسرائيلي عن منازلهم ومكاتبهم.
إن خسارة الحروب بالإجمال تكون إما عسكرية أو سياسية. إسرائيل تخسرها في الوجهين.. إلى آخر المقال....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.