الأمور التي لم يجربها ماكين! فريد حياة يحب جون ماكين منافسه الديمقراطي باراك أوباما. ويبدو لي أن ماكين معجب بالسيناتور الشاب ويكن له كل احترام. وهو يعتقد بأن أوباما "شخص مؤثر جداً وعميق التفكير ويميل إلى الوسطية". وكان ماكين قد قال: "سوف يكون ل "أوباما" مستقبل كبير؛ فهو شخص أمين جداً ورائع، وهو مؤهل تماماً لأن يصبح رئيساً للولايات المتحدة". ولكن كيف عرفنا أن ماكين يشعر بهذه الطريقة؟ والإجابة هي لأنه كان قد قال ذلك في تعليقات عامة خلال الفترة من عام 2005 وحتى شهر مايو الماضي. ومع اعتماد حملة ماكين الانتخابية لأسلوب بغيض في الأسبوع الماضي عندما صورت أوباما أنه شخص خطير وغير أمين وغير أميركي، كان من المغري جداً تصور كيف يمكن أن تكون الحملة الانتخابية التي يشنها ماكين إذا كان قد اعتمد في حملته هذه على احترامه لمنافسه وللعملية الانتخابية، وهو المشاعر التي تظاهر بها لفترة طويلة. وخلال الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، وعد ماكين بغضب بأنه سوف "يحدد أسماء" الأشخاص الذين تسببوا في حدوث أسوأ أزمة مالية للولايات المتحدة منذ عدة عقود. وألقى ماكين باللائمة على أوباما ومساعديه و"الفساد" الذي أثاره أوباما في واشنطن. وفي نفس الوقت، دأبت سارة بالين، نائبة ماكين في انتخابات الرئاسة على مهاجمة أوباما بسبب "مداهنته واسترضائه للإرهابيين" حسب قولها. ولكم أن تتخيلوا إذا كان ماكين لم يختر مجرد "كلبة هجوم مناصرة" لمنصب نائبة الرئيس، واختار شخص يمتلك معرفة عميقة بالاقتصاد الأميركي وسجل قوي في العديد من المجالات. وتخيلوا أيضاً لو أن ماكين نفسه كان قد قرر التعامل مع هذه الأزمة كمواطن أميركي في المقام الأول، ومرشح لمنصب الرئاسة بعد ذلك. نعم، ربما كان أوباما قد قال: "ساهم الديمقراطيون في مشاكلنا من خلال دفاعهم المستميت عن شركتي فاني وفريدي. ولكن، دعونا لا نتظاهر بأن ألان جرينسبان وفيل جرام وجورج بوش الإبن، وجون ماكين نفسه، لم يكونوا أطراف في هذه الأزمة أيضاً. وكان وارين بوفيه قد توقع حدوث هذه الأزمة المالية، ولكن عددا كبيرا من بقية المسئولين والخبراء الماليين في الولاياتالمتحدة لم يفكروا إطلاقاً في حدوث أية أزمة مالية. ولكن دعونا نؤجل إصدار اتهامات مضادة وأن نعمل مع بعضنا البعض على حل هذه الأزمة". وخلال الأسبوع الماضي، تساءل ماكين بشكل غامض عندما قال: "من هو السيناتور أوباما الحقيقي؟". ولكم أن تتخيلوا إذا كان ماكين قد اتبع، بدلاً من ذلك، نصيحته الخاصة التي أصدرها خلال ربيع العام الحالي، عندما تبرأ من إعلان هجومي شنه الحزب الجمهوري قال عنه: "إنه يبعدنا عن توضيح الاختلافات الحقيقية بيننا وبين الديمقراطيين". وتخيلوا إذا كان ماكين قد تحدى أوباما بخصوص هذه الاختلافات السياسية. وأنا متأكد من أنه في ظل الشدة المجنونة لحملة الانتخابات الرئاسية، من السهل البدء في تصديق مستشاريك والإعلانات التليفزيونية، والاعتقاد بأن المرشح الآخر خطير وأنك وحده القادر على حماية بلدك. وهذا الأمر يمكن أن يكون صحيحاً على وجه الخصوص عندما يهينك الشخص الآخر. ويطير الطين في كلا الاتجاهين خلال هذه الحملة، في ظل استمرار الحملة الشعواء ل "أوباما" وحلفائه التي تصور ماكين على أنه شخص تقليدي وغريب الأطوار وغير أمين ولا يستحق الاحترام مراراً وتكراراً. ويوجد الاحترام في قلب الصورة الخاصة ل "ماكين"؛ حيث كان قد ترشح لمنصب الرئاسة عدة مرات لعقد تقريباً، ولكن تصميمه يرتبط إلى حد كبير بطريقة التفكير المحددة بشكل عالي والبرنامج أو مجموعة من السياسات. وما يحدد طموحه هي قيم الخدمة والوطنية والواجب والاحترام. وقد يكون من الأسهل لمثل هذه الحملة أن تخرج عن مسارها. وفي عام ديمقراطي استثنائي في مواجهة خصم لا يمكن إغضابه بشكل استثنائي، ليس من قبيل المفاجأة أن تجرب حملة انتخابية ليس لها أهداف سياسية أساسية شيء واحد تلو الآخر؛ مع كون اغتيال الشخصية أحد هذه الأشياء. وأنا لا يمكنني أن أثبت بالتأكيد أن حملة ماكين مبنية على الاحترام والاهتمام بالقضايا التي تحقق نجاحات أفضل من الأشياء الحقيقية. وبدون دعم سارة بالين لهذه القاعدة وبدون الأسئلة الماكرة عن وطنية أوباما، قد يتخلف ماكين أيضاً بشكل إضافي. ولكنه يمكن أن يتصرف بشكل أفضل وقد يكون أكثر سعادة أيضاً. وهذا، على الأقل، أحد الطرق الممكنة لتفسير تبادل الاتهامات الخادع الذي حدث أثناء مسيرة انتخابية في ولاية مينيسوتا يوم الجمعة؛ عندما أخذت سيدة مكبر الصوت وقالت بأنه لا يمكن الوثوق في أوباما لأنه "عربي"، وهذه ليست فكرة سيئة مفاجئة، بالنظر إلى أن الجمهوريين يشددون على الاسم العربي لوالد أوباما "حسين". ولكن ماكين وبخها عندما قال: "لا سيدتي، إنه رجل أسري محترم، ومواطن أميركي اختلف معه في بعض القضايا الأساسية. وهذا هو كل ما تدور حوله حملتي الانتخابية". ولا يمكن القول بأن هذه الخلافات هي كل شيء يتعلق بالحملة الانتخابية ل "ماكين"؛ لأنه عندما كان ماكين يتحدث في مسيرته بولاية مينيسوتا؛ كانت إعلانات حملته الانتخابية تصف أوباما بأنه كاذب . نشر في صحيفة " واشنطن بوست " ونقلته صحيفة " الوطن " العمانية 16/10/2008