الرئيس السيسي يدعو المصريين للمساهمة في إعمار غزة    محافظ القاهرة يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب    بمرتب 300 دينار شهريًا.. وزارة العمل تعلن فرص عمل جديدة للشباب بالأردن    بعد هبوط 10 جنيهات في عيار 21 بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025    بعد التعديلات الأخيرة.. أعلى عائد على شهادات الادخار 2025 في البنوك    1500 فرصة عمل.. افتتاح ملتقى توظيفي للطلاب والخريجين بكلية التكنولوجيا والتعليم بالأميرية    تداول 12 ألف طن و617 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الاحمر    سمير النجار: الزراعة المصرية تخطو بثبات نحو تحقيق طفرة حقيقية في مجال الإنتاج والتصدير    «الكلام ده في التجمع».. مواجهة بين لميس الحديدي ورئيس شعبة المواد البترولية بسبب سعر الغاز المنزلي    إعادة افتتاح مقر القنصلية السورية في ألمانيا قريبا    2600 مظاهرة تحت شعار «لا ملوك» تجتاح أمريكا.. وترامب يرد بفيديو ساخر (فيديو)    اندلاع حريق في مصنع روسي للغاز جراء هجوم بمسيرات أوكرانية    18 عامًا على رأس السلطة.. تسلسل زمني لحكم نتنياهو قبل ترشحه للانتخابات المقبلة    اتصالات مكثفة لوزير الخارجية مع نظرائه في ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وكندا لبحث إعادة إعمار غزة    لدعم الفتيات في الرياضة.. دور جديد ل محمد صلاح داخل ليفربول (شاهد)    منتخب المغرب يرفض مواجهة الأرجنتين لهذا السبب    تفاصيل إصابة محمد شريف ومدة غيابه عن الأهلي    ياسين منصور: الأهلي يستحق اللعب في دوري أبطال أوروبا    قرارات جديدة من جهات التحقيق بشأن جريمة طفل الإسماعيلية    للمرة الثانية.. إحالة أوراق المتهم بقتل شقيقه وزوجة والده في المنيا للمفتي    جدول امتحانات شهر أكتوبر للصف الثاني الثانوي في محافظة القليوبية 2025    «كنت متأكدة أنها مش هتسيب الفستان».. منة شلبي تكشف تفاصيل موقف يسرا معها بالجونة    نجل المؤلف مصطفى محرم يحذر من الاقتراب من مسلسل لن أعيش في جلباب أبي    وائل جسار يشعل مهرجان الموسيقى العربية ال 33 بأمسية رومانسية (صور)    السيسي للمصريين: «متفائل جدًا.. وإوعوا تنسوا إن اللي إحنا فيه كله كرم من ربنا»    وزير الصحة يبحث تفعيل المرحلة الثانية من الهيكل الوظيفي للوزارة    الصحة تطلق حملة مكافحة الطفيليات المعوية ل4 ملايين طالب في المحافظات الزراعية    جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة طبية لقرية زوبع    الرئيس السيسى : كل التحية لأبطال حرب أكتوبر.. صنعوا وأعادوا العزة لمصر    40 ندوة توعوية، محافظ الفيوم يتابع أنشطة الصحة خلال شهر سبتمبر الماضي    البنك التجارى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بمنتصف التعاملات    الجيش الإسرائيلي يعلن التعرف على هوية جثة رهينة إضافية    البوصلة    العثور على جثة العامل الرابع في حادث بيارة الصرف الصحي بالعريش    «الأمم المتحدة» تطلق عملية واسعة النطاق لإزالة الأنقاض في غزة    اللواء طيار عمرو صقر: نسور مصر قادرون على تغيير الموازين    عصابة العسكر تنتقم…حكومة الانقلاب تعتقل صحفيا بتهمة الكشف عن سرقة أسورة فرعونية من المتحف المصرى    لماذا يُعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة من الخاص؟.. الأوقاف توضح    سامح الصريطي: الفن يرتقي بالإنسان وليس مجرد تسلية    أسوان تنهي استعدادات احتفالية تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    منطقة كفر الشيخ الأزهرية: اليوم أخر أيام التقديم لمسابقة شيخ الأزهر لحفظ القرآن الكريم    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    يشم ويمضغ العشب.. زميل رونالدو يكشف عاداته في التدريبات    أحمد حمودة: توروب شخصيته قوية.. وإمام عاشور الأفضل في مصر    مواعيد مباريات اليوم الأحد 19-10-2025 والقنوات الناقلة لها    هيئة «التأمين الصحي الشامل» تناقش مقترح الهيكل التنظيمي الجديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 19-10-2025 في محافظة الأقصر    حظك من برجك.. توقعات اليوم    حالة الطقس اليوم الأحد في الكويت .. حار نهارا مستقرا ورياح شمالية غربية خفيفة إلى معتدلة    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    خروج 6 مصابين بعد تلقى العلاج فى حادث انقلاب سيارة وإصابة 13 بالمنيا    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    محمود سعد يكشف دعاء السيدة نفيسة لفك الكرب: جاءتني الألطاف تسعى بالفرج    ياسر جلال: المسئول والفنان يتحملان ما لا يتحمله بشر.. وعندي طموح أخدم الناس    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امنحوا حكومة العراق خيارا عربيا! / مأمون فندي
نشر في محيط يوم 13 - 10 - 2008


امنحوا حكومة العراق خيارا عربيا!
مأمون فندي
في التاسع من يونيو (حزيران) المنصرم، كتبت مقالا في هذه الصحيفة بعنوان «العراق: جائزة العرب الكبرى»، قلت فيه لو كانت هناك جائزة استراتيجية كبرى للعرب في هذا الوضع الإقليمي المضطرب، فهي العراق، لا لبنان ولا حتى فلسطين. جاء ذلك المقال في أعقاب زيارة وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد إلى بغداد، وقيامه بتعيين سفير لدولة الإمارات في العراق.
زيارة المسؤول الإماراتي رفيع المستوى وقيامه بتعيين سفير لبلاده في العراق، كانا خطوتين في الطريق الصحيح لتفعيل الدور العربي في العراق، أو ما يمكن تسميته «الخيار الاستراتيجي العربي» لخلق حالة توازن مع الوجود الإيراني، ومنح الحكومة العراقية وجها عربيا. أكدت وقتها على أن الخطوة الإماراتية يجب ألا تبقى خطوة منفردة، بل يجب أن تكون جزءا من استراتيجية متكاملة للدول العربية، للإمساك بناصية المبادرة في عراق بدأ يفلت من أيدي العرب.
اليوم، لدي تفاؤل حقيقي بمظاهر استراتيجية عربية بدأت تتبلور تجاه العراق. ففي يوم الأربعاء الماضي، أعلن ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز، أن هناك توجها سعوديا لافتتاح سفارة في العراق، هذا التوجه كان قد لمح إليه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في السابق. جاءت تصريحات الرجل الثاني في المملكة العربية السعودية مع خطوات عربية أخرى مهمة تجاه بغداد.
ففي الأحد الماضي، أرسلت مصر وزير خارجيتها أحمد أبو الغيط إلى العراق، وقد عبر وزير الخارجية المصري عن استعداد بلاده للمشاركة في مشاريع البناء وإعادة إعمار العراق، كما أعلن أنه تم الاتفاق على إعادة افتتاح السفارة المصرية في العاصمة العراقية بغداد.
وبعد يومين من التحرك المصري نحو العراق، أتت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، إلى بغداد عقد خلالها جلسة مباحثات مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حضرها الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي، وأعلن فيها الشيخ محمد بن زايد تنازل الإمارات عن سبعة مليارات دولار من ديونها للعراق. وبالطبع، كانت زيارة ملك الأردن عبد الله الثاني إلى بغداد لإجراء محادثات في أغسطس (آب) الماضي، هي الزيارة الأولى لزعيم عربي إلى العراق منذ إطاحة نظام حكم صدام حسين.
هذا التحرك العربي الدبلوماسي يصب في تبلور استراتيجية عربية جديدة تجاه العراق. الدور العربي في العراق هو الذي سيفرض توازنا استراتيجيا مع إيران ويحد من تمددها داخل المنطقة العربية، ويضمن للعراق «بشيعته وسنته» صبغته العروبية، بدلا من الدخول في معارك حامية حول تغلغل التشيع في العالم السني، وبدلا من القلق من شيعة هم في معظمهم عرب.
بمثل هذا الدور الجديد لدول عربية كبرى، يكون العرب في طريقهم إلى فرض أمر واقع مختلف وحقائق جديدة على الأرض، هي الحل الوحيد الناجع للتعامل مع تمدد الدولة الإيرانية خارج مناطق نفوذها المعقولة. نهوض الدول العربية للأخذ بيد العراق، ينقلنا جميعا من استراتيجية اللطم والبكاء على العراق الضائع إلى واقعية السياسة. تحتاج الحكومة العراقية مهما كانت درجات التحفظ عليها أن يمنحها العرب، دولا وشعوبا، خيارا عربيا قويا، بدلا من تركها تلجأ من باب الحاجة إلى الحضن الإيراني.
لم يعد خافيا أن الدور غير العربي في العراق، قد أصبح هو المهيمن، وهنا أعني الولايات المتحدة وإيران وتركيا، على هذا النحو وعلى هذا الترتيب. إيران غير النووية اليوم تنطلق من العراق كمنصة نفوذ وهيمنة إلى لبنان وغزة واليمن والبحربن والكويت وكثير من دول الخليج الأخرى.
فإذا كان لإيران هذا النفوذ في المنطقة من دون سلاح نووي، فكيف سيكون حجمه إذن عندما تمتلك إيران سلاحا نوويا وتدخل النادي النووي العالمي؟ ربما هذا الدور الإيراني المتعاظم والمتغلغل في بلداننا، هو ما دفع برجل دين بعيد عن السياسات الاستراتيجية الكبرى، هو الشيخ يوسف القرضاوي للخروج عن طوره وإدلائه بأحاديث صحافية أشعلت حريقا في اللوبي الإيراني في القاهرة، وما زالت تداعياته مسيطرة إعلاميا حتى اليوم.
التحرك العربي الجديد نحو العراق، سوف يفرض على الغرب أيضا أن يأخذ الدول العربية في حسبانه عند نظره إلى معادلة الاستقرار الإقليمي في المنطقة. غياب العرب عن العراق يدفع الغرب إلى البحث عن قوة سنية بديلة غير عربية لخلق توازن مع إيران الشيعية.
وهذا ما حدث فعلا، فالغرب يفكر اليوم في تركيا على أنها القوة السنية البديلة. هذه الاستراتيجية الغربية لها هدفان: الهدف الأول هو إبعاد تركيا عن أوروبا بدغدغة مشاعرها فيما يخص دورها الريادي في العالم الإسلامي، وإقناعها بأن وجودها كجسر بين الغرب والمسلمين أهم بكثير من انضمامها للاتحاد الأوروبي. أما الهدف الثاني، فهو قدرة تركيا من حيث القوة العسكرية على التصدي للتمدد الإيراني في المنطقة عندما يزيد عن حده.
وتركيا بالطبع كانت ترى في غياب العرب عن المعادلة الاستراتيجية الاقليمية ما يحفزها للدخول على خط شمال العراق وعلى خط السلام العربي الإسرائيلي، وينعش رغبتها في استعادة دورها العثماني المهيمن القديم في المنطقة، خصوصا أن الحزب الحاكم في تركيا، ذا الميول الإسلامية، ليس بعيدا عن المشاعر الرومانسية المتعلقة بالحنين إلى ماضي دولة الخلافة، والأهم أنه يلقى قبولا لدى الكثير من الإسلاميين العرب السنة، فنكون بذلك قد استبدلنا النفوذ الإيراني بالنفوذ التركي، وكما يقول المثل «من تحت الدلف إلى تحت المزراب».
يتمنى العرب أن تستعيد روسيا أمجادها أو أن تخلق أي قوة أخرى لتوازن أميركا فيأمنوا شرها، ويتمنى العرب أن تقوى تركيا ليأمنوا شر إيران، هذا التحرك الاستراتيجي الجديد لدول عربية محورية، قد يمكننا بأن يتمنى العرب أن يقوى العرب ليأمنوا شر الطامعين جميعا.
استراتيجية الدول العربية تجاه العراق يجب أن تنطلق من محورين أساسيين، الأول سياسي والثاني ديني. المحور السياسي يجب أن يرتكز على فرضية فك الارتباط بين إيران والشيعة العرب، بمن فيهم شيعة لبنان. أما المحور الديني فهو يتطلب عملا عربيا جادا لنقل المرجعية على المستوى الديني من قم إلى النجف، ونقل ثقل الحوزات من إيران إلى العراق.
من هذين المنطلقين، يمكننا تصور أدوار مختلفة للدول العربية فرادى أو مجتمعة. قد نختلف أو نتفق على حجم الدور وتوجهه، ولكن يجب ألا نختلف أبدا على ضرورة وجود دور عربي في العراق للحد من الهيمنة غير العربية على هذا البلد.
بلورة استراتيجية عربية متكاملة تجاه العراق ومنح الحكومة العراقية خيارا عربيا، هما ركنان أساسيان في موازنة الخلل القائم في معادلة الأمن الإقليمي العربي.
عن صحيفة الشرق الاوسط
13/10/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.