انتفاضة النقب زهير ماجد لم يبق أمام الأسير الفلسطيني سوى أن يحرر نفسه بنفسه وأن يحدث جلبة تصل بوضعه إلى الإعلام العالمي بعدما تناساه الكون ولم يبق له سوى التمني بيوم أبيض يغير من حاله إلى حال. لانعرف الكثير عما يجري في السجون الاسرائيلية لكن قطعا هنالك التمادي في قهرهم وفي استعبادهم وهم أحرار والذين قرر أكثرهم ان يظل نشيدا لبلاده المعبودة. لم يجد أسرى الفلسطينيين طريقة للتعبير عن حريتهم سوى التمرد على المغتصب. وحدها الحرية هي الاستحقاق الذي ينتظر أقدامهم المكبلة وعلى لسانهم ترداد ماقاله الشاعر محمود درويش ذات يوم لسجانه: "أقول للمحكم الاصفاد حول يدي / هذي أساور اصراري واشعاري في حجم مجدكم نعلي وقيد يدي / في طول عمركم المجبول بالعار في اليوم أكبر عاما في هوى وطني / فعانقوني عناق الريح للنار عديدة هي الكتابات حول السجين الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع أنواع التعذيب قبل أن ينقل إلى زنزانته . أكثر من نصفهم تخترقه الأمراض ، وثمة من ولدت في السجن وهي تعيش اليوم مع وليدها الذي كبر إلى جانبها مسجونا لأنه ابن فلسطينية أرادت الحياة ارادة كما سعت لأن تكون حالة معبرة عن مشاركة المرأة الفلسطينية إلى جانب الرجل في رحلة مقاومة الاحتلال والاغتصاب. هدرت أصوات احد عشر الف سجين في سجن النقب لتعلن الانتفاضة الرابعة من داخل السجون ولتقول للاهل في الخارج ان تصميمكم على منازلة بعضكم البعض لن نغفر له خلال عمرنا . هم اكثر صفاء من السياسي الذي لوت عنقه المصالح والسلطة والتسلط ، وهم أكثر ايمانا من ذلك الذي قرر ان يركب موجة الدولة ليدين بطريقة غير مباشرة تاريخا من العمل الوطني .. وحدهم سجناء النقب يقرأون بصوت عال تاريخا معلنا لانتفاضة على السجان وعلى أصحاب المصالح من فلسطينيي الخارج الذين لم تعد الاماكن تتسع لطموحاتهم فاعلنوا التدريب والتمرين على الوحدة الفلسطينية التي تتعرض اليوم لأبشع غدر ومممارسة . ومن السجن خرجت الأصوات غير متأثرة بما يحصل بين الفصائل وما جرى من سفك دماء .. ربما بعض هؤلاء السجناء اراد التعبير عن حنقه للجدل الدموي بين تلك الفصائل فأراد الانتفاضة لكنه آثر البقاء في السجن الاسرائيلي خوفا من المشهد الذي يحصل في غزة والضفة ، وخوفا على خدش موقفه مما يدور في أروقة السياسيين الفلسطينيين. احد عشر الف اسير فلسطيني سجناء النقب يقولون لا لوجود اسرائيل ، لكنهم إلى جانب ذلك يصرحون بعدم السكوت على المذابح التي تجري في غزة او تلك التي جرت او ماقد يجري في أماكن اخرى . في هذا السجن نتوسم البسالة من أجل الوحدة . إذ لافرق بين ابن حماس او الجهاد او فتح ، كلهم ابناء فلسطين التي سيجها الجدار العازل بسجن أكبر واتحفها السياسي الفلسطيني " الحر " بتطلعات الاستئثار بالمكان والموقع ارضاء لذات متخلفة . لاشك ان فلسطين الحقيقية تولد من عيني هؤلاء الاسرى الذين باتوا أحرارا منذ اللحظات الاولى التي تم اعتقالهم فيها. لكن المشكلة الاصعب ان الفلسطيني في الخارج يتعرض لما هو اصعب من السجن ، لانه يعيش حالة اختزال لذاته امام حجم النزاع الاخوي المؤرق . ليس هنالك حماس او فتح او الجهاد او اي فصل آخر هنالك وحدة فلسطينية مكرسة داخل السجن فمتى يتسع المدار ليشمل الخارج ايضا ، والا فان كل فلسطيني في اي موقع كان هو سجين بالضرورة ! عن صحيفة الوطن العمانية 24/10/2007