منحني عز الرجال أصبحت كلمة "كرش" مزعجه على مسامعه ورؤيته أمام المرآة حقيقة مرة, اين ذهبت أيام النحافة ؟ لم يتبق منها غير ملابسه التي أصبحت من الممنوعات.
وكلما حاول ارتداءها برزت كتل اللحم وكادت أزرار القميص ان تطير في الهواء , من يصدق ان شاب عشريني العمر يصبح تسعيني الوزن.
هون عليه الأمر انه وجد معظم اقرانه يقعون في ذات الفخ فأسرع بالانضمام لجروب على الفيس بوك اسمه "يارب نحافة..واللعنة على الكنافة" .
بدأ في اتباع نصائح الأصدقاء السمان بعدم الجلوس بالمقعد الخلفي في الميكروباصات, وتهيئة الذات بالفخر بذلك "الكرش" على اساس ان "التخن صنعة".
ذهب الى عدة أطباء تخسيس اتفق معظمهم على أن قراءة الصحف القومية صباحاً وركوب الأتوبيس ظهراً ومتابعة برامج التليفزيون الحكومي والتوك شو مساءاً افضل علاج لسد الشهية .
العجيب انه لجأ لكل الحيل عدا الرياضة فظن أن عقلة "تخن" هو الآخر , ونزل الساحة الشعبية ليتدحرج "كرشه" مع الكرة ويسمع مالا يحمد عقباه مما جعله ينزوي عن أصدقاء الماضي .
لأن الحديث عن كرشه تعدى الحديث عنه شخصياً, فدبت الغيرة في قلبه من كرشه, واعلن الحرب واخذ نفساً عميقاً باحثاً عن اقرب جيم رياضي.
امام كابتن الصالة الرياضية دمعت عيناه حين اكتشف انه زميل ابتدائية طالما سخر من بدانته والآن انقلبت الآية, غلبه كبرياؤه وقرر الرحيل من الصالة فوراً..
قرر ان يحب "كرشه" مؤقتاً حتى يجد مكاناً لايعرفه فيه احد من الماضي ليتريض كما يشاء.
ناداه كابتن الصالة متهكماً : أين تذهب بكرشك ياهذا؟
أجابه باسماً: لاتقل كرشاً بل قل .. منحنى عز الرجال!
أستيقظ اليوم التالي صافي الذهن مبتسماً مطيعاً لعصافير بطنه فألتهم في وجبة الإفطار كل المتاح أمامه بيض مقلي ومكرونة وصينية بطاطس كانوا في الثلاجة مع نصف لتر مانجو مركز.
الشاهد الوحيد على تلك المذبحة الفجعاوية قطة بريئة نظر اليها مبتسماً فهربت مرعوبة ظناً منها انه سيأكلها هي الأخرى.
ومع استمراره في تصديق وهم الجملة السحرية التي نطقها ارتجالاً - منحنى عز الرجال- نسي مساوئ البدانه وأصبح لديه كرشاً أماميا وكرشان في الخلف ليحصل بجدارة على لقب "فلافيلو", ومع مرور الوقت نسي المحيطين به اسمه الحقيقي كلما ازداد تضخماً .
الشحوم والدهون بدلت نظرته للمرأة فبعدما كان يبحث عن فراشة رشيقة يحملها بين ذراعيه ليعيش حلم الزواج الوردي اتجه للبحث عن طباخة تملأ فراغ معدته لأنه موقن ان الفراشات للغزلان وهو ياحسرتاه لوحده عشرة غزلان في بنطال واحد.
ولكن تشاء الأقدار ان يرتبط بفراشة حقيقية حسده عليها القاصي والداني لم يكن يعكر صفو حبهما غير وزنه الزائد دوماً وخيرته بين معدته وقلبه وبعد فترة تفكير عاوده الحلم القديم ووقف أمام صورة نحولته القديمة متمنياً الخلاص.
شاهد تمرينات احمد زكي في فيلم النمر الاسود والسقا في تيتو فقرر ان يكون ثالثهم, خرج باكراً مرتدياً الزي الرياضي واضعاً السماعات على اذنيه التي ملاءها بكل الأغنيات الحماسية المناسبة والغير مناسبة, اغمض عينه واستحضر هيئته الرشيقة وبدأ في الجري بكل مايملك من قوة .
فتح عينيه مع اول خطوة ليصطدم كرشه برجل ظهر فجأة من احدى الشوارع الجانببية, اغمي على الرجل من قوة الحادثة التي كانت بمثابة عناق بين "اتوبيس" و"توك توك" .
وقبل ان يحاول اغاثته صوبت نحوه المسدسات وظهرت رُتب شرطة وبودي جاردات وانقلبت الدنيا على المسكين الذي شعر ان محاولته في التخلص من وزنه ستكلفه حياته .
بعد ساعات كل شئ اختلف وأصبح بطلاً قومياً !!
لإيقافه - عن غير قصد- ارهابي دولي اثناء محاولته الفرار بعد محاولة اغتيال فاشلة لمسؤول كبير في الدولة, شعر بالزهو وبدأت وسائل الاعلام تضخم دوره قيل ان نجم الجيل سيغني له اغنية خصيصاً.
واحد المنتجين بدأ يفاوضه لشراء قصة حياته في فيلم بعنوان" الكرش المفترس" , ارادت الدولة تكريمه فأهدته في احتفالية كبيرة بوفيه مفتوح ونيشان على صدره لكنه نزعه امام الجميع, والتقطته عدسات المصورين مبتسماً مزهواً وهو ينقل النيشان من صدره الى كرشه.