سجل ماكين العسكري وحده لا يؤهله ليكون رئيسا بوب كيري تحدث دعاة الحملة الانتخابية للسيناتور جون ماكين كثيرا عن خبرته العسكرية مؤخرا، آملين في إقناع الأميركيين بأن سجل رجل عسكري مقابل عوز آخر لسجل عسكري يجب أن يحدد من سيكون الرئيس الأميركي الأفضل. والفكرة التي تدفع بها حملة ماكين الانتخابية هي أن خدمته العسكرية في البحرية وسلوكه البطولي كأسير حرب بوجه خاص يؤهلانه للمكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، وبالتحديد، يؤهلانه لأن يكون قائدا أعلى للقوات المسلحة. ولكن ذلك ليس كذلك. أنا أعتقد أن ماكين أهل لمتطلبات المنصب، ولكن خدمته العسكرية في حد ذاتها لا تؤهله أكثر مما تؤهل خدمة جون كيري العسكرية أو خدمتي أنا العسكرية أو خدمة أي امرئ آخر العسكرية. كما أن العكس ليس صحيحا: وهو أن نقص الخدمة العسكرية لباراك أوباما يجعله أقل جدارة في كونه رئيسا لأميركا وقائدا أعلى للقوات المسلحة الأميركية. يجب أن أوضح أنني أدعم أوباما في هذه الانتخابات. وكلما كثر حديث أنصار ومؤيدو ماكين عن طبيعته الحربية، كلما كثر قلقي بشأن ما قد يفعله كرئيس. في أميركا، نحن نريد من محاربينا أن يخدموا في الجيش، لا أن يخدموا كقادة مدنيين. وبدلا من مجرد التطبيل لخدمة ماكين العسكرية باستخدام وضعه السابق كأسير حرب كدفاع كامل وشامل الأغراض ضد النقد، يمكن لحملته الانتخابية أن تخبر الناخبين ماذا يعني أن تجلب الخبرة العسكرية إلى الخدمة العامة. لأن ما فعله ماكين بعد حرب فيتنام، وما تعلمه من تلك السنين وكيف طبقه، كل ذلك يجعله مناسبا لأن يكون رئيسا. ما الذي ستبرزه تلك الحملة الانتخابية؟ هاكم بعض الاحتمالات: إن أميركا لم يكن لديها قط رئيس قضى وقتا في أي سجن، ناهيك عن سجن كان الانتهاك البدني فيه والإهانة والإذلال هو القاعدة السائدة. وقد حمل ماكين تلك الخبرة إلى المناظرات العامة حول التعذيب. وقد تحدث عن كيف علمته معاملته الشعور بأنه قليل الحيلة وبأنه تحت سيطرة آخرين قرروا وحددوا مقدار ما يأكل ومتى يأكل، ومقدار ما ينام وأين ينام، وما إذا كان سيعيش أو سيموت. وهو يعلم أن السماح للأميركيين بتعذيب الأسرى أمر خطأ وأنه يضع أفراد جيشنا موضع الخطر من احتمال تلقي نفس المعاملة. وبالرهان على ماكين، سيكون لدى أميركا رئيس سمحت له قناعاته بشأن كلفة الحرب بتقلد المخاطر سعيا وراء الدبلوماسية وسياسة خارجية ثنائية الحزب ( بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي ). وفي أوائل التسعينيات من القرن الماضي، كان ماكين واحدا من القادة الذين كان سعوا إلى الحصول على اتفاق سلام في كمبوديا وحل مسألة أسرى الحرب في جنوب شرق آسيا. وكانت النتائج المباشرة وغير المباشرة، في كمبوديا، مغادرة مئات الآلاف من اللاجئين المخيمات في تايلاند للعودة إلى الوطن، وفقد جماعة " الخمير الحمر " القوة، وعقد انتخابات ديمقراطية هناك عدة مرات. وفي فيتنام، أرست الدبلوماسية خريطة طريق لتطبيع مكّنا نحن الأميركيين من إنهاء قيود " قانون التجارة مع العدو "، وإرسال أسير الحرب السابق إلى فيتنام كأول سفير لنا في غضون 25 سنة، وتشريع اتفاق تجارة ثنائية وتحقيق نجاح كبير في السياسة الخارجية في الموقع الذي شهد أسوأ خطأ لنا في السياسة الخارجية. وكل ذلك يظهر أن ماكين تعلم أن الرجال الحقيقيين يجب أن يسعوا أحيانا إلى حل دبلوماسي قبل الطلب من رجالنا ونسائنا في الخدمة العسكرية السير في طريق الأذى. وهو يعلم أن أفضل حرب هي التي لم يتعين علينا أن نخوضها أبدا لأننا حكماء بما فيه الكفاية ومثابرون بما فيه الكفاية وشجعان بما فيه الكفاية لأن نكون صبورين. وبعد عودته من فيتنام وقبل انتخابه في الكونجرس، كان الكابتن جون ماكين مسئول اتصال من البحرية الأميركية في " الكيبتول هيل " ( مقر الكونجرس الأميركي ). وفي مجلس الشيوخ الأميركي، خدم لمدة 20 سنة في لجنة القوات المسلحة، حيث أظهر استعدادا ورغبة للوقوف للدفاع عن المتعاقدين الذين ( ربما على نحو مفهوم ) كانوا مهتمين أكثر بالفوز بعقد أكثر من اهتمامهم بجنودنا أو بحارتنا أو مشاة بحريتنا أو قوتنا الجوية أو أفراد حرس سواحلنا وبما يحتاجونه فعليا. ولذا، فإن أميركا سيكون لديها رئيس يعلم كيف تسير الأمور وكيف تعمل واشطن، ولماذا تفعل وما يجب أن يُفعل للتأكد من أن جنودنا يحصلون على العدة والعتاد الأفضل وعلى النوع الصحيح من الدعم. وأخيرا، فإن ماكين عضو في أسرة عسكرية مميزة. وبناءً عليه، فهو يعلم أن المسئولية لا يمكن أن يتم التفويض فيها. وهو سيعطي الجيش الثقة إذا نجح ( الجيش ) وسيتحمل عبء الفشل إذا لم ينجح ( الجيش ). إن خدمة جون ماكين العسكرية كانت نموذجا يُحتذى به. وبقاؤه حيا كان أمرا بطوليا. وإحساسه بالواجب يستحق المحاكاة. ولكن إذا كان ذلك هو كل ما لدى الرجل, فإنه لن يكون كافيا للثقة به في في سلطة الرئاسة. نشر في صحف " لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست " ونقلته صحيفة " الوطن " العمانية 10/9/2008