بعد مصر، 3 دول عربية شعرت بزلزال تكريت واليونان    الجيش الأردنى يعلن سقوط صاروخ مجهول المصدر في منطقة صحراوية بمحافظة معان    مواعيد أهم مباريات اليوم في جميع البطولات والقنوات الناقلة    هزة أرضية قوية توقظ سكان الإسكندرية    بريطانيا تحث إسرائيل على رفع الحظر عن المساعدات الإنسانية لغزة    معهد الفلك: زلزال كريت كان باتجاه شمال رشيد.. ولا يرد خسائر في الممتلكات أو الأرواح    خلال أيام.. امتحانات الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025 بجنوب سيناء (توزيع الدرجات)    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأربعاء 14-5-2025    بعد زلزال الآن.. أدعية مستحبة في وقت الزلازل    دعاء الزلزال.. ماذا نقول عند حدوث هزة أرضية؟    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    اليوم.. انطلاق امتحانات الشهادة الابتدائية الأزهرية 2025 الترم الثاني (الجدول كاملًا)    سعر البطيخ والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 14 مايو 2025    عيار 21 يسجل مفاجأة.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 14 مايو بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    مندوب فلسطينن لدى الأمم المتحدة: 93% من أطفال غزة معرضون لخطر المجاعة    بينهم طفلتان.. 4 شهداء ومصابون إثر استهداف خيمة نازحين في خان يونس    الخارجية الروسية تنتقد رفض "ناتو" منح اعتماد صحفى لوكالة "تاس" لحضور اجتماع فى تركيا    «البيئة» تفحص شكوى تضرر سكان منطقة زهراء المعادي من بعض الحرائق وتحدد مصدر التلوث    الأهلي بطل السوبر الإفريقي بعد الفوز على الترجي التونسي في كرة اليد    ملف يلا كورة.. فوز الأهلي.. عودة بيراميدز.. والزمالك يغيب عن دوري أبطال أفريقيا    مدرب الزمالك: الفوز على الأهلي نتيجة مجهود كبير..وسنقاتل للوصول للنهائي    أول قرار من أيمن الرمادي بعد خسارة الزمالك أمام بيراميدز    «إنذار خطر».. رسالة نارية من مصطفى عبده ل عماد النحاس بسبب أداء الأهلي    د.حماد عبدالله يكتب: الأمن القومى المصرى !!    التخطيط: 100 مليار جنيه لتنفيذ 1284 مشروعًا بالقاهرة ضمن خطة عام 2024/2025    زلزال قوي يشعر به سكان محافظتي القاهرة والجيزة    أول رد رسمي من محامي رمضان صبحي بشأن أداء شاب واقعة «الامتحان»    فتحي عبدالوهاب يكشف كواليس «الحشاشين»: تمنيت ألا يكون دوري مجرد ضيف شرف    هل تنتمي لبرج العذراء؟ إليك أكثر ما يخيفك    استعدادًا لموسم حج 1446.. لقطات من عملية رفع كسوة الكعبة المشرفة    الخميس.. انطلاق مؤتمر التمكين الثقافي لذوي الهمم في المحلة الكبرى تحت شعار «الإبداع حق للجميع»    وفاة جورج وسوف شائعة وحالته الصحية بخير ويستعد لجولته الغنائية فى أوروبا    الذهب قرب أدنى مستوى أسبوعي وسط انحسار التوتر التجاري    تعليم سوهاج يعلن جدول امتحانات الشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الثاني 2024-2025    لماذا تذكر الكنيسة البابا والأسقف بأسمائهما الأولى فقط؟    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    الكشف على 5800 مواطن في قافلة طبية بأسوان    إصابة 9 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة برصيف فى التجمع    تعليم سوهاج تواصل تقديم المحاضرات المجانية لطلاب الثانوية العامة.. صور    نجم الأهلي: حزين على الزمالك ويجب التفاف أبناء النادي حول الرمادي    سامبدوريا الإيطالي إلى الدرجة الثالثة لأول مرة في التاريخ    محافظ الإسماعيلية يشيد بالمنظومة الصحية ويؤكد السعى إلى تطوير الأداء    محافظ الدقهلية يهنئ وكيل الصحة لتكريمه من نقابة الأطباء كطبيب مثالي    بحضور يسرا وأمينة خليل.. 20 صورة لنجمات الفن في مهرجان كان السينمائي    حدث بالفن | افتتاح مهرجان كان السينمائي وحقيقة منع هيفاء وهبي من المشاركة في فيلم والقبض على فنان    أرعبها وحملت منه.. المؤبد لعامل اعتدى جنسيًا على طفلته في القليوبية    نشرة التوك شو| استعدادات الحكومة لافتتاح المتحف المصري الكبير.. وتعديلات مشروع قانون الإيجار القديم    أحمد موسى: قانون الإيجار القديم "خطير".. ويجب التوازن بين حقوق الملاك وظروف المستأجرين    رئيس جامعة المنيا يستقبل أعضاء لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومي للمرأة    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    "قومي المرأة" و"النيابة العامة" ينظمان ورشة عمل حول جرائم تقنية المعلومات المرتبطة بالعنف ضد المرأة    «بيطري دمياط»: مستعدون لتطبيق قرارات حيازة الحيوانات الخطرة.. والتنفيذ خلال أيام    فرصة لخوض تجربة جديدة.. توقعات برج الحمل اليوم 14 مايو    مهمة للرجال .. 4 فيتامينات أساسية بعد الأربعين    لتفادي الإجهاد الحراري واضطرابات المعدة.. ابتعد عن هذه الأطعمة في الصيف    فتح باب التقديم للمشاركة في مسابقة "ابتكر من أجل التأثير" بجامعة عين شمس    جدول امتحانات الصف الثالث الإعدادي 2025 الفصل الدراسي الثاني محافظة قنا    وزير الدفاع يلتقي نظيره بدولة مدغشقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكنيسة.. والوطن / د. محمد سليم العوا
نشر في محيط يوم 02 - 10 - 2010


الكنيسة.. والوطن


*د. محمد سليم العوَّا

د.محمد سليم العوا
الشاغل الأكبر للمصريين جميعًا، وللعرب المتابعين للشأن المصرى هذه الأيام، هو حالة الاحتقان الإسلامية المسيحية التى لم تخل وسيلة من وسائل الإعلام المصرية من إشارة إليها، أو مقالات عنها، منذ يوم الأربعاء 15/9/2010 حتى اليوم.

وكان الذى أنشأ القول فى هذه المسألة حديث نشرته (المصرى اليوم) أدلى به الأنبا بيشوى، أسقف دمياط وكفر الشيخ والبرارى، سكرتير المجمع المقدس، نائب البابا فى رئاسة المجلس الإكليركى لشؤون الكهنة.

وفى اليوم نفسه، مساءً، كنت ضيفًا على الإعلامى الشهير أحمد منصور فى برنامج (بلا حدود)، الذى تبثه كل يوم أربعاء (قناة الجزيرة) على الهواء مباشرة، وكان الموضوع المتفق عليه للحلقة هو العلاقة الإسلامية المسيحية فى مصر فى ضوء الشائعات التى راجت، وأدت إلى مظاهرات فى مدن عدة، عن إسلام السيدة كاميليا شحاتة، زوجة أحد الكهنة فى محافظة المنيا.

وأثار الأستاذ أحمد منصور قضايا، نشر عنها فى الصحف، إحداها تتعلق بضبط سفينة تحمل أسلحة أو أسلحة وذخائر لنجل وكيل مطرانية بورسعيد (جوزيف بطرس الجبلاوى).

وتكلمت فى هذا الأمر بما أملاه علىَّ الضمير الوطنى والمعرفة المهنية، وحديثى فيه لا يزال معروضًا على مواقع عديدة على الشبكة الدولية للمعلومات والاتصالات (الإنترنت اليوتيوب) يمكن لمن شاء أن يراجعه.

ولا أزال عند كل كلمة قلتها فيه، وليس صحيحًا بحالٍ ما نشر أو نسب إلىَّ، مما يوهم خلاف ذلك فى أية وسيلة إعلامية كان نشره.

لكن حديث الأنبا بيشوى أسقف دمياط وكفر الشيخ والبرارى فرض نفسه على اللقاء إذ كان مما جاء فيه:

- إن من يعلن رغبته فى اعتناق المسيحية الآن تأخذه الشرطة «يرنُّوه علقة تمام ويتحبس عدة أيام علشان يرجع عن اللى فى دماغه».

- أما الخلاف على بناء الكنائس أو الأسوار فلم يحدث إلا فى المنيا والسبب هو المحافظ نفسه، حيث أخذ موقفًا ضد المصابين فى حادث أبوفانا من طالبى الرهبنة ورفض علاجهم... وما وقع لا يتعلق بسور أو كنيسة بل كان هجومًا بالأسلحة على الدير.

- ألا يكفى أن الجزية فرضت علينا وقت الفتح العربى، تريدون الآن أن تُّصَلُّوا لنا... وتقيموا الصلوات والقداسات؟

- الأقباط أصل البلد، نحن نتعامل بمحبة مع ضيوف حلوا علينا ونزلوا فى بلدنا واعتبرناهم إخواننا «كمان عايزين يحكموا كنايسنا» أنا لا أرضى بأى شىء يمس المسلمين، ونحن كمسيحيين نصل إلى حد الاستشهاد إذا أراد أحد أن يمس رسالتنا المسيحية.

وكان طبيعيًا أن تناقش هذه المسائل، وأن يجاب عن كل واحدة منها بما يناسب المقام، ويعبِّر عن الشعور الإسلامى الحقيقى بلا مواربة ولا مداهنة ولا مجاملة.

لأنه لا يفسد علاقات الأخوة فى الوطن شىء أكثر من قيامها على التقية، والنفاق السياسى والاجتماعى، بديلين للمصارحة والصدق فى السر والعلانية على السواء.

وقد أدى كلامى، الذى كان تعقيبًا على حديث الأنبا بيشوى أسقف دمياط وكفر الشيخ والبرارى، ثم ما نشر من بحثه المعنون (الميديا وتأثيرها على الإيمان والعقيدة) الذى قدمه إلى مؤتمر العقيدة الأرثوذكسية 13، إلى فتح الحديث فى المسألة كلها: مسألة الكنيسة والوطن.

ولست بحاجة إلى إعادة سرد مواقفى فى شأن العلاقات القبطية الإسلامية، وهى مواقف حملنى عليها دينى والتزامى به، وقد فصَّلت بعض ذلك فى كتابى (للدين والوطن)، وفى مقالات لا أحصيها.

ومؤتمرات ولقاءات مع إخواننا الأقباط الأرثوذكس فى الكاتدرائية، بحضور الأنبا موسى، أسقف الشباب، وغيره من رجال الكنيسة، وفى المركز القبطى للدراسات الاجتماعية عندما كان يديره الأخ المهندس سمير مرقس، وفى غيرهما من الكنائس وأماكن اللقاء.

وهذه الحوارات يذكرها من حضرها أو قرأ عنها أو استمع إلى تسجيلاتها على الرغم من قول البابا شنودة لأسباب أجهلها فى لقائه يوم الأحد 26/9/2010 مع الإعلامى المعروف عبد اللطيف المناوى، إننى لم أقم أى حوار مع الكنيسة الأرثوذكسية.

ولا أحب تذكيره بالحوارات المتعددة معه شخصيًا، التى كان بعضها بناء على دعوته المباشرة (يوم 6/6/1991 لمدة تزيد على الساعتين حضره ثلاثة من شباب الأساقفة لا أذكر أسماءهم، والمرحوم أديب نجيب وهو أرثوذكسى كان مدير العلاقات العامة فى الهيئة الإنجيلية).

وبعضها بدعوة من غيره (الندوة المغلقة فى نقابة المهندسين المصرية فى سنة 1992 حول الإرهاب وسبل معالجته بدعوة من وزير الإسكان ونقيب المهندسين آنئذٍ المهندس حسب الله الكفراوى، وشريط تسجيلها صوتًا وصورة عندى.

وقد حضرها نحو ثلاثين مفكرًا وعالمًا وحركيًا منهم، مع حفظ الألقاب: محمد الغزالى، ومصطفى مشهور، وحلمى مراد، وبهاء الدين إبراهيم، وعادل حسين، وعبدالمنعم أبوالفتوح، ، وميلاد حنا، وأبوالعلا ماضى، وكمال أبوالمجد الذى كان يديرها وكانت كلمة الختام هى مداخلة ثانية عَقَّبتُ فيها على كلام البابا شنودة عن الأوقاف القبطية.

وبعضها بدعوة من مؤسسات للحوار الإسلامى المسيحى (مسلمون ومسيحيون من أجل القدس بيروت 1996 بدعوة من الفريق العربى للحوار الإسلامى المسيحى).

وأنا ألتمس العذر للبابا شنودة أن ينسى هذه اللقاءات المهمة، وهو قد دعا لى الأسبوع الماضى بالهداية وصلاح الحال والمغفرة وأن يسامحنى الله (الدستور، 21/9/2010) وأنا أبادله دعاءً بدعاءٍ، ورجاءً برجاء، صادقًا غير مجامل، وجادًا غير هازل.

أقول لست بحاجة إلى سرد مواقفى من العلاقة الإسلامية المسيحية فقد عرفه من عرفه، ولكن الذى أنا وجماهير المسلمين فيما أعتقد بحاجة إليه حقًا هو التوقف عند التصريحات الكنسية التى تؤدى إلى الإساءة إلى هذه العلاقة التاريخية.

وتحولها من بناء صلب، لا يتأثر بالزلازل الاجتماعية والسياسية العارضة، إلى واقع هشٍّ قابل للانهيار تحت وطأة الضغوط التى تسببها عوامل الإثارة، وأسباب الفتنة، التى لا يدرؤها ولا يتجاوز قدرتها على العمل التخريبى فى كيان الوطن إلا وحدة أبنائه، مهما اختلفت أديانهم.

لقد أشرت من قبل إلى مواقف نشرةٍ كنسية أرثوذكسية يطلقون عليها (الكتيبة الطيبية)، وذكرت عملها فى إذكاء نيران الفتنة الطائفية، وناقشت بعض أسوأ ما نشرته فى كتاب (للدين والوطن).

وأود هنا أن أشير إلى عددها رقم (60) الصادر فى نوفمبر 2007 الذى نشر فيه مقال بعنوان (الثورة القبطية بيضاء) لم تستطع المجلة نشر اسم كاتبه، مما يجعل المسؤولية عنه تقع قانونًا على عاتق رئيس التحرير.

يقول هذا المقال:

"أصبح الوضع بالنسبة للأقباط خطيرًا وسريع التقلب.... وبدون تغيير فعال وسريع فإن أولئك المصريون الأصليون بحضارتهم التى تمتد إلى ألف عام والتى ساهمت فى بلورة طبيعة التاريخ المصرى سوف تتعرض لخطر الإبادة الكاملة.... أصبح الوقت سانحًا لأقباط مصر المسيحيين من أجل المقاومة.

وبما أن الثورة الحمراء قد خدمت العديد من الشعوب على مدار التاريخ فإن هذا بالتأكيد ليس الأفضل بالنسبة لمسيحيى مصر، الاشتباك فى معركة ضد الحكومة المصرية والجيش المصرى وما يقدر بحوالى 1.4 مليون فرد من قوات الأمن المركزى ليس خيارًا على الإطلاق.

التغييرات الأساسية يجب أن تتم من خلال التظاهرات السلمية المنظمة وعدم الانصياع المدنى (يقصد العصيان المدنى) بعيدًا عن العنف والنضال من أجل الإصلاح السياسى والحكومى.

وفى مواجهة العنف الشديد والتمييز ضد الأقباط، فإن هذه المهمة المروعة قد تبدو مستحيلة، ولكن بالصبر والتصميم والوقت والمقاومة السلمية يمكن أن يتم التغيير... حياة عمل المهاتما غاندى.... يمكن أن تشجع وتوجه الأقباط نحو القيام بثورة سلمية بيضاء فى مصر».انتهي الاقتباس .

لقد كتبت يوم نُشِرَتْ هذه المقالة أقول: «هذه العبارات الصارخة فى الحض على الثورة والخروج على الدولة والمجتمع لا تحمل توقيعًا من أحد مما يعنى فى العرف الصحفى أنها رأى للمطبوعة نفسها لا لأحد كتابها.

ومن ثم فإن المساءلة عن هذا التحريض السافر تتوجه إلى الكتيبة الطيبية والكاهن الذى يرأس تحريرها والكنيسة التى تصدرها» [ص 10 من كتاب للدين والوطن، ط3، 2009].

ولم تتم مساءلة أحد. ولم تحاسب الصحيفة الكنسية، ولا الكنيسة الأرثوذكسية التى تصدرها، ولا الكاهن الذى يرأس تحريرها.

لقد بدأت حديثى إلى الإعلامى الشهير أحمد منصور بعبارة نصها: «إن العلاقة بين المسلمين والأقباط فى مصر علاقة أُخوّةٍ أزلية لا تنفصم ولا تنقسم». وهذه عقيدة أؤمن بها ولا يزعزها عندى حدث أو مجموعة أحداث مهما كان نوعها.

لكن ملايين المصريين المسلمين من حقهم علينا أن ندفع عن مشاعرهم ما يسىء إليها، وعن شعورهم بأخوة القبط لهم ما يضعفه، وعن كرامتهم فى بلدهم ما يمسها، أو يوهم المساس بها، لاسيما عندما يصدر مثل هذا عن رؤوس الكنيسة والمسؤولين فيها.

نفعل ذلك أداءً للواجب كما نؤديه فى مواجهة أهلنا المسلمين عندما يخطئ بعضهم فى حقوق إخواننا القبط، وكما نفعله فى مواجهة الدولة نفسها، وسلطاتها كلها، عندما يقع إخلال بحقوق الأقباط، أو استهانة بها، أو إهمال لها.

كما فعلنا فى شأن الكُشح، وفى شأن التنابز بالأديان، وفى شأن ترشيح الأقباط للمجالس النيابية وانتخابهم لعضويتها، وفى شأن حقوق الأقباط النقابية، وفى شأن الفتن الكثيرة التى أطلت برأسها فى السنين الثلاثين الأخيرة.

وأبدأ من أداء ذلك الواجب بما يخص مقولة الأنبا بيشوى أسقف دمياط وكفر الشيخ والبرارى وسكرتير المجمع المقدس ورئيس المجلس الإكليركى لشؤون الكهنة، عن الضيوف والضيافة.

فى لقاء البابا شنودة مع الأستاذ عبد اللطيف المناوى يوم الأحد 26/9/2010، على التليفزيون المصرى، قال: «حكاية ضيوف أشك فيها بسبب النشر فى الصحف.... ليس كل ما ينشر فى الصحف نصدقه بتسليم كامل».

وقال: «أنا مش عارف العبارة قيلت ولا لأ.. أرجو أن تكون كتبت بطريقة صحفية غير صحيحة. العبارة شاذة فى لغته هو (يقصد الأنبا بيشوى أسقف دمياط وكفر الشيخ والبرارى) ومنطقه هو. ما أعرفش كتبت إزاى».

وقال البابا شنودة: «من واجب الصحفى لما يعمل حديث مع أحد أن يحذف منه ما لا يحقق المصلحة من كلام ذلك الشخص».

وفى هذه المسألة أمور:

- الأمر الأول: أن البابا شنودة صحفى قديم، وهو أدرى من سواه من قيادات الكنيسة بواجبات الصحفيين، ومدى وجوب التزامهم أمانة الكلمة فى أدائهم المهنى.

ونصيحته للصحفيين بالحذف من كلام من يحاورونهم تقتضى تعقيبًا من نقابة الصحفيين، ومن لجنة آداب المهنة فى مجلسها، وتقتضى إخبار النقابة برأيها فى ذلك إلى عضوها القديم البابا شنودة.

- الأمر الثانى: أن تشكيك البابا شنودة فى أن يكون الأنبا بيشوى أسقف دمياط وكفر الشيخ والبرارى وسكرتير المجمع المقدس قد قال عبارة: «ضيوف حلوا علينا ونزلوا فى بلدنا واعتبرناهم إخواننا» يقتضى من المصرى اليوم، التى نشرت حوار الأنبا بيشوى، التعقيب عليه.

فهذا التشكيك ينصرف إليها وإلى أدائها المهنى، ولا ينصرف بحال إلى الذين غضبوا من العبارة وردوا عليها وانتقدوها. وعلى الأنبا بيشوى أسقف دمياط وكفر الشيخ والبرارى وسكرتير المجمع المقدس بل كان عليه منذ 15/9/2010 إن صح تشكك البابا، أو تشكيكه، فى تلك العبارة أن يبادر إلى نفيها وتصويبها وإعلان براءته منها على النحو الذى اقترحته عليه فى برنامج بلا حدود.

وهذا كله لم يكن، بل الذى كان عكسه، كما أبينه الآن.

- الأمر الثالث: أن أسقفًا كبيرًا وكاهنًا موقرًا، وغيرهما من الأقباط، دافعوا دفاعًا مستميتًا عن العبارة التى يتشكك، أو يشكك، فيها قداسة البابا شنودة الثالث.

فأما الأسقف الكبير فهو الأنبا بسنتى أسقف حلوان والمعصرة ورئيس دير الأنبا برسوم العريان الذى قال: «الأنبا بيشوى كلامه واضح، فالمواطنون كانوا أقباطًا وأتى إخوتنا المسلمون بقيادة عمرو بن العاص وكانوا فى البداية ضيوفًا أو فاتحين ومع الاستمرار أصبح إخوتنا المسلمون من عامة الشعب، لكن التعبير نفسه لا غبار عليه... وما قاله الأنبا بيشوى وصف دقيق لوقائع تاريخية بطريقة مسالمة وودية» (الدستور 19/9/2010).

وأما الكاهن الموقر فهو القمص بطرس بطرس، وكيل عام مطرانية دمياط وكفر الشيخ والبرارى ودير القديسة دميانة، وكاهن كنيسة مار جرجس بدسوق، الذى ردد نحو كلام الأنبا بسنتى فى صحيفة (المصرى اليوم) بتاريخ 22/9/2010.

واستشهد القمص بطرس بطرس، لصحة كلامه، بتأويل رقيق أبداه صديقنا الجليل الدكتور يحيى الجمل لكلام الأنبا بيشوى، إذ أوَّلهُ بأنه كان يقصد أن المسلمين كانوا ضيوفًا من الناحية التاريخية.

ومع تقديرى الكامل لأخى الكريم الأستاذ الدكتور يحيى الجمل، فإن ما قاله هو تأويله الشخصى الذى قد يقبله أو لا يقبله أسقف دمياط وكفر الشيخ والبرارى، وسكرتير المجمع المقدس، الأنبا بيشوى، الذى لا يزال حتى اليوم لم ينبس فى هذا الأمر ببنت شفة.

ولست أدرى كيف تستقيم دعوى (الضيوف) مع العبارة التى يحيل إليها القمص بطرس بطرس من كلام الأنبا بيشوى وهى قوله «أنا لا أرضى بأى شىء يسىء للمسلمين».

فهل يظن نيافة الأنبا، وسيادة القمص وكيله، أن حكاية الضيوف كما يسميها البابا شنودة لا تسىء إلى المسلمين؟! أم أن الأنبا بيشوى لا يرضى إلا بإساءته هو، دون إساءة غيره إلى إخوته المسلمين؟!

- الأمر الرابع: أن البابا شنودة نفسه قبل أن يصبح حاملا لهذا اللقب كتب فى سنة 1951، فى المقال الافتتاحى لمجلة (مدارس الأحد) فى عددها الصادر يوم 1/1/1951 كلامًا يدل على المعنى نفسه الذى عبر عنه الأنبا بيشوى بلفظ (ضيوف).

وكان التعبير عنه فى كلام البابا شنودة قبل أن يصبح كذلك بتعبير (إن المسلمين قد أتوا وسكنوا معنا فى مصر)! ومن قبله كتب القمص سرجيوس الذى يدعى أحد آباء الوحدة الوطنية يقول: «إن أرض الإسلام هى الحجاز فقط، وليست البلاد التى يعيش فيها المسلمون» (مجلة المنارة عدد 6/12/1047).

وقص البابا شنودة فى المقال نفسه قصة احتراق كنيسة فى مدينة الزقازيق سنة 1948، وقيام الوطنى الكبير والقطب الوفدى الشهير إبراهيم باشا فرج بالتدخل لدى مدير المديرية وقتها، وإنهاء الخلاف الذى أدى إليه احتراق الكنيسة، وأنه
أى البابا شنودة نفسه قد اعترض على ما فعله إبراهيم باشا فرج وانتقده ووقف ضده.

فأرسلت إليه الحكومة نجيب إسكندر باشا، الذى كان وزير الصحة فى حكومة النقراشى باشا، وكان مما قاله للبابا شنودة: «لحساب من تعملون؟ أنتم تهددون وحدة العنصرين» [الدكتور نجيب سليم رئيس الجالية القبطية فى كندا، الأقباط عبر التاريخ، دار الخيال، القاهرة 2001، ملحق الكتاب].

وحق لكل مسلم، ولكل قبطى مؤمن بوحدة الوطن مثل إيمان إبراهيم فرج ونجيب إسكندر أن يتساءل بعد أن يسمع ما يقال، ويقرأ ما يكتب عن الذين يهددون وحدة العنصرين؟

وأن يتساءل كذلك عما إذا كان البابا شنودة لايزال يتشكك، أو يشكك فى حكاية (الضيوف) بسبب النشر فى الصحف؟؟!!



*أستاذ القانون والمفكر الإسلامي
رئيس جمعية مصر للثقافة والحوار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.