بايدن على خطى تشيني محمد السعيد ادريس حرب نائب الرئيس بين المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية باراك أوباما والمرشح الجمهوري جون ماكين تكشف عن حقيقة مهمة لن تغيب عن إدراك الناخب الأمريكي وهي أن كلاً من أوباما وماكين غير واثق بقدراته المستقلة لقيادة الولاياتالمتحدة، وأن حرب الأجيال تطاردهما. أوباما باختياره جوزيف بايدن السيناتور المخضرم البالغ من العمر 65 عاماً رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ والذي قضى في الكونجرس ما يقرب من 35 عاماً يكشف عن إدراكه لحقيقة خبراته المحدودة، خاصة في شؤون السياسة الخارجية التي يتفوق فيها جوزيف بايدن بالخبرة العميقة والطويلة، لكن هناك حقيقة أخرى لا تقل أهمية وهي إدراك أوباما لحقيقة المأزق العنصري الذي يواجهه، فكونه أمريكياً إفريقياً يجعله غير مرغوب من قطاعات أمريكية واسعة لا تقبل برئيس أسود للولايات المتحدة، حيث أثبتت استطلاعات الرأي وجود نفور بين الديمقراطيين البيض والمستقلين لتقبّل أوباما. لكن هذا الاختيار رغم أهميته، إلا أنه أفقد أوباما أحد أهم مميزاته، وهي أنه ابن الجيل الجديد القادر على القيام بالتغيير المرغوب من الأمريكيين، وباختياره بايدن نائباً له يكون قد خسر هذه الورقة ولم يستطع أن يقدم “النموذج الجيلي" المبهر لكل من بيل كلينتون ونائبه آل جور في انتخابات عام ،1992 ولعل هذا ما دفع بمراقبين الى وصف هذا الاختيار من جانب أوباما لنائبه بأنه يعتبر “نقطة تعجب لانتصار السياسة الساخرة للفوز بأي ثمن". المرشح الجمهوري جون ماكين لم يكن أفضل حظاً، فقد وقع هو الآخر باختياره لشخص الشابة سارة بالين حاكمة ألاسكا في الخطأ نفسه، خطأ الخوف من صراع الأجيال، فهو العجوز الذي يبدو أقرب الى الماضي منه الى المستقبل، لذلك فقد سار على هدي منافسه باراك أوباما. فإذا كان أوباما الشاب اضطر الى اختيار شيخ الخبرة الأمريكية في السياسة الخارجية نائباً له للتغلب على مخاوف نقص الخبرة، فإن ماكين اختار شابة ليحرك بها مشاعر الجيل الجديد، خاصة من النساء اللاتي أحبطن من فشل السيناتور هيلاري كلينتون كمرشحة نسائية أولى لرئاسة الولاياتالمتحدة وتحديداً في أوساط الديمقراطيين المحبطين من فوز أوباما وتفوقه على كلينتون. هذه الحرب، والسعي الى الفوز بأي ثمن، أبرز ما فيها أن تجربة جورج بوش مع نائبه ديك تشيني قابلة الى أن تتكرر مرة أخرى، فوجود تشيني الى جانب بوش الابن بتوصية من بوش الأب (حيث عمل تشيني معه وزيراً للدفاع) جعل من تشيني قوة ضاربة قادرة على القيادة واحتواء أي ليونة من جانب الرئيس الشاب، هذا يعني أن بايدن سيمثل جانب التشدد في السياسة الخارجية الأمريكية وسيجعل هذه السياسة قريبة بدرجة كبيرة من سياسة الثنائي (بوش وتشيني)، خصوصاً بالنسبة للصراع العربي “الإسرائيلي" والعلاقة مع “إسرائيل". لقد أدرك “الإسرائيليون" هذه الحقيقة، لذلك سارعوا إلى الثناء على شخص بايدن، وتعمدت صحيفة “يديعوت أحرونوت" إعادة نشر تصريحات سابقة له قال فيها “أنا صهيوني.. و"إسرائيل" هي القوة الوحيدة لأمريكا في الشرق الأوسط". وكما أعادت صحيفة “يديعوت أحرونوت" نشر هذا التصريح شاركت وسائل إعلامية أمريكية و"إسرائيلية" أخرى نشر أقوال سابقة له قريبة من هذا المعنى وخاصة قوله “لا يجب أن تكون يهودياً لتكون صهيونياً"، وقوله “إن تأييد الديمقراطيين ل"إسرائيل" يكاد يكون وراثياً". بايدن هو الأقرب الى ديك تشيني، وهو وإن لم يكن من المحافظين الجدد فإنه الأقرب في مواقفه إليهم، فهو من أيد غزو العراق، وإن كان يحرص الآن على الدعوة الى الخروج منه، وهو متشدد باتجاه إيران وسوريا، والأكثر تطرفاً بالنسبة الى دارفور، وهو بذلك سيجعل الإدارة الأمريكية القادمة أقرب الى إدارة جورج بوش وتشيني. فإذا فاز أوباما فسيكون أقرب الى إدارة بوش بفضل وجود بايدن إلى جانبه، أما في حالة فوز ماكين فالكل يعلم أن إدارته ستكون بمثابة ولاية ثالثة للثنائي.. بوش تشيني. عن صحيفة الخليج الاماراتية 4/9/2008