جون هولمز في اليوم العالمي للإغاثة الإنسانية الذي يوافق اليوم الخميس 19 آب/أغسطس 2010 نتذكر الملايين من الناس المتضررين من الحروب والكوارث الطبيعية والأمراض وسوء التغذية، كما نتذكر أولئك الذين يعملون دون كلل أو هوادة لرفع المعاناة عنهم.
إن المحتاجين في أشد الحاجة لتلقي مساعداتنا، غير أن قدرتنا على الوصول إليهم، للأسف، تتعرض للمخاطر بشكل متزايد.
يجتهد العاملون في الإغاثة الإنسانية لتأمين حصول كل من تعرضوا للصدمة وهم بحاجة للمساعدة المنقذة للحياة ، بغض النظر عن أماكن تواجدهم في العالم، أو ديانتهم، أو أعراقهم أو مستواهم الإجتماعي.
وليست لدينا أية أجندة أخرى غير إنقاذ الأرواح وتقديم أساسيات الحياة من غذاء، وماء، ومأوى، ورعاية طبية وحماية لأكثر الناس ضعفا.
ومع ذلك أصبحنا اليوم مستهدفين في الكثير من الأماكن التي يعمل بها موظفو الإغاثة الإنسانية، وحيث كنا نحظى في الماضي بكل الاحترام والتقدير.
إن الهجمات العنيفة على موظفي الإغاثة الإنسانية تزداد تكرارا و عنفاً. فقد قتل أكثر من 100 عامل بالإغاثة خلال العامين 2008 و 2009 وهو أكثر بثلاثة أضعاف من عدد الذين قتلوا خلال العقد الماضي، وضعف عدد من قتلوا عام 2005.
وقد كان عام 2009، حسب الإحصاءات وبالإجماع ، أكثر الأعوام المميتة ً لموظفي الإغاثة الإنسانية. وتتصدر كل من أفغانستان، وباكستان، والصومال الطليعة في أعداد الوفيات وعمليات الخطف والهجمات.
حيث كثيرا ما يتم استهداف موظفو الإغاثة عن قصد، وكذلك يتعاظم الخطر أيضا في مناطق كان السطو يمثل الخطر الأكبر فيها، مثل السودان، وتشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وفي عام 2010، قتل حتى الآن ما لايقل عن 30 من العاملين بالإغاثة الإنسانية أثناء القيام بعملهم.
إننا نواجه مستقبلا سنحتاج فيه للمزيد من الإغاثة الإنسانية لمجابهة تأثيرات تغير المناخ والكوارث الطبيعية، وإرتفاع أعداد المدنيين ضحايا الصراعات الداخلية.
ويوجد الآن، نتيجة للصراعات، أكثر من 27 مليون مشردا داخليا، و10 ملايين لاجئ ، فيما يعاني واحد من كل ستة أشخاص من الجوع بصورة مزمنة.
وإذا لم تتح للعاملين بالإغاثة الإنسانية إمكانية الوصول الكامل والحر إلى من هم بحاجة إلي المساعدة فإن الآلاف من هؤلاء لن يتمكنوا من الحصول على كمية أو نوعية المساعدة التي يحتاجونها.
لذا نحتاج لرفع الوعي بالمبادئ التي يتم على أساسها هذا العمل وباحترام هذه المبادئ المتمثلة في: الإنسانية، والنزاهة، والحياد، والاستقلالية.
فعلى مدى سنوات عديدة، وخلال العديد من حالات الصراع المسلح– وليس كلها - حظي العاملون في الإغاثة الإنسانية بصفة عامة بمستوى مرتفع من القبول والاحترام من قبل الأطراف المتصارعة. وكنا نحتمي براية الأممالمتحدة والشعارات والشارات الإنسانية المميزة لمنظمتنا.
غير أنه لم يعد من الممكن الاعتماد على ذلك اليوم . هناك تصور بصدد الانتشار يعتبر أن خدمات الإغاثة الإنسانية تقدمها المنظمات والوكالات الغربية فقط ، أو أنها تمثل بشكل أو بآخر رؤية أيديولوجية أو رؤية عالمية. وهذا مفهوم خاطئ تماما غير أنه آخذ في الانتشار بصورة واسعة في بعض المناطق.
ولا يخفى أن مروجي هذا النوع من التشكيك في أعمال الإغاثة الإنسانية، والذين جعلوا عملنا أكثر إماتة في السنوات القليلة الماضية.
هم في معظم الأحيان أولئك الذين يتخفون وراء هذا التشكيك لتبرير ما يقومون به من أعمال لها أسباب سياسية واضحة ، أو في بعض الحالات، أولئك الذين لديهم الكثير مما يرغبون في إخفائه.
وعلى كل فإن ما نحتاجه اليوم بشدة هو قبول أفضل لأعمال الإغاثة الإنسانية من الجهات الفاعلة سواءا تلك التابعة للدول أو غير التابعة لها. إن غالبية موظفي الإغاثة يأتون من نفس البلدان التي يعملون بها وهم يمثلون أيضا غالبية ضحايا الهجمات على موظفي الإغاثة.
إن موظفي الإغاثة، الوطنيين منهم والدوليين، النساء منهم والرجال، يمثلون جميع الثقافات، والأيديولوجيات والخلفيات. هؤلاء الأفراد الشجعان يوحدهم التزامهم الإنساني المشترك الذي هو قيمة عالمية ومسؤولية. إنهم يعملون باسم الجميع.
وإن منعهم من القيام بعملهم لا يضر بأحد أكثر من إضراره بأشد الناس ضعفا.
إن هذا اليوم فرصة طيبة لتجديد الالتزام بالمبادئ الإنسانية من قبل كل المعنيين.
* وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ.