29 مرشحًا لل «الشيوخ» فى سوهاج    تعليم البحيرة تعلن بدء المرحلة الأولى لتنسيق القبول بمدارس التعليم الثانوي الفني    شيخ الأزهر يشيد بدور قطر في دعم الإسلام وقضايا الأمة خلال لقاء سفيرها    ما لك وما عليك.. تطبيق قانون العمل الجديد رسميا أول سبتمبر    اجتماع لقيادات ومرشحي "الشعب الجمهوري" يضع ملامح المرحلة المقبلة ويؤكد أن المعركة بالجاهزية والرؤية لا بالأعداد    ميناء الإسكندرية يستقبل السفينة السياحية "AROYA"| صور    البورصة المصرية تختتم تعاملات الأسبوع بارتفاع جماعي لكافة المؤشرات    رئيس الوزراء يفتتح مقر مكتب خدمات الأجانب (زواج–تملك) بالعاصمة الإدارية الجديدة    الكهرباء تنفي حدوث حريق في محطات المحولات على مستوى الجمهورية    إزالة 21 حالة تعدي على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بأسيوط    تواصل الغارات الإسرائيلية على غزة وتحذيرات من انهيار المنظومة الصحية    الأزهر يستنكر زيارة «أئمة أوروبيين» للكيان الصهيوني: لا يمثلون الإسلام    نتنياهو لعائلات الأسرى : حماس تقرر أسماء المفرج عنهم إن تم التوصل لاتفاق هدنة لمدة 60 يوما    رسالة زيزو النارية.. ستاد الزمالك.. تراجع منتخب مصر.. وانسحاب من صفقة وسام| نشرة الرياضة ½ اليوم    إنبي يتعاقد رسميًا مع مهاجم طنطا لخمسة مواسم    تقارير تونسية: انتقال غربال إلى الزمالك يبدو صعبًا.. وأوروبا أولوية اللاعب    فى ختام الامتحانات.. وكيل الأزهر: لا يسعنا إلا أن نقف احترامًا لأبنائنا    بعد حريق سنترال رمسيس.. «الحكومة»: فور الحادث تم الاعتماد على الخطة البديلة (ب)    ضبط 43 قضية «أمن عام» وتنفيذ 347 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة (تفاصيل)    رئيس الوزراء يفتتح مقر مكتب خدمات الأجانب بالعاصمة الإدارية الجديدة    في ذكري وفاة عمر الشريف.. أعمال صنعت اسم «لورانس العرب»    مشاركة متميزة لقنصلية دولة فلسطين في معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب    كريم عبدالعزيز الأعلى جماهيرية في صيف 2025 (تفاصيل)    ياسر ربيع يكتب : من قلب ال " فيلينج " للتشكيلية مها الصغير: " انا لا ارسم ولكني اتجمل"    وزير الصحة يعقد اجتماعًا لمتابعة مستجدات العمل بمنظومة خدمات نقل الدم القومية    المفتي السابق يوضح حدود الاستمتاع بين الزوجين أثناء الحيض    إمام جامع عمرو بن العاص: الزواج "ميثاق غليظ" يتطلب التنازل من الطرفين    "قصر العيني" وسفير كوت ديفوار يبحثان التعاون في إطلاق البرنامج الفرنسي الطبي "KAF"    73عرضًا مصريًا و52 عربيًا ودوليًا يتقدمون للمشاركة في ملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي لدورة «كوكب الشرق»    فرانشيسكا ألبانيز ترد على عقوبات واشنطن: سأظل واقفة إلى جانب العدالة رغم الضغوط    البيئة والتضامن تشهدان توقيع تعاون لإدارة المخلفات مع الهلال الأحمر    لله درك يا ابن عباس.. الأوقاف تنشر خطبة الجمعة المقبلة    أحمد عصام السيد فديو بلوجر في فيلم "الشاطر" أمام أمير كرارة وهنا الزاهد    هل جون إدوارد الرجل الأول في الزمالك؟.. المتحدث يوضح    "من حق بيراميدز".. تعليق ناري من نجم الأهلي السابق على "كوبري" إبراهيم عادل    الخط الساخن ل«مكافحة الإدمان»: 620 سائقا طلبوا العلاج من التعاطي    انتهاء أعمال الترميم بقبتي يحيى الشبية وصفي الدين جوهر    مشهد مفزع لأطفال فوق نوافذ سيارة متحركة على الدائري    "مش عارف أقولها إزاى".. مهيب يفجر مفاجأة حول إمام عاشور بسبب زيزو    كييف تعلن إسقاط 14 صاروخا و164 مسيرة روسية    صور| التجهيزات النهائية بجامعة القاهرة الأهلية استعدادًا للدراسة 2025/2026    "الصحة" تنظم أول ورشة عمل في مصر بالتعاون مع مركز برشلونة لسرطان الكبد    تصل للفشل الكبدي والأورام.. دليلك للوقاية من مضاعفات الكبد الدهني    جمال شعبان يحذر من ألم البطن.. علامة خادعة تنذر بأزمة قلبية    وزير الشباب والرياضة يستقبل أبطال منتخب الكرة الطائرة البارالمبي بعد التتويج ببطولة إفريقيا    أهالي القنطرة شرق ينتظرون تشييع جثمان الفنان محمد عواد وسط أجواء من الحزن    باريس سان جيرمان ينهي سجل ريال مدريد المثالي في كأس العالم للأندية    قراءة مبسطة فى قانون الإيجارات القديمة بعد التعديلات.. إجابات للمستأجرين والملاك    وزير قطاع الأعمال العام يستقبل رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لبحث تعزيز التعاون المشترك    متحدث «الصحة العالمية»: مئات الشاحنات تنتظر خارج معبر كرم أبو سالم    الكنيسة السريانية الأرثوذكسية تُعلن تضامنها مع "الأرمنية": انتهاك حرمة الكنائس مرفوض    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 10 يوليو 2025    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعدم فلسطينيا غرب جنين قبل أن تدهسه بآلية عسكرية    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس لجميع التخصصات.. الموعد الرسمي ورابط الاستعلام    ترامب: سنعمل على تيسير السلام في السودان وليبيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    عصام السباعي يكتب: الأهرام المقدسة    مستشار الرئيس لشؤون الصحة: ظهور متحور كورونا الجديد «نيمبوس» في 22 دولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحوة ما بعد الانتخابات والمستقبل الأمريكي في العراق / هيفاء زنكنة
نشر في محيط يوم 10 - 04 - 2010

صحوة ما بعد الانتخابات والمستقبل الأمريكي في العراق


* هيفاء زنكنة

هيفاء زنكنة
في الوقت الذي لم تعد فيه كلمة 'الاحتلال' واردة في قاموس الساسة العراقيين وأجهزة الإعلام العراقية والعربية والعالمية، باعتبار ان ' السيادة والانتخابات' قد نقلت العراق من مرحلة الديمقراطية الوليدة الى الناشئة ( الله يساعدنا على سن المراهقة)، يعمل القادة العسكريون الامريكيون وراسمو الإستراتيجية الامريكية على تمرير عقيدتهم فيما يخص مستقبل العراق.

وتساير العقيدة الإستراتيجية، بشكل متداخل ومتشابك، العمليات العسكرية القتالية التي ستنفذها القوات المتبقية في العراق بعد آب/ أغسطس 2010 مع 'ألوية استشارة ومساعدة موزعة إستراتيجيا بجميع أنحاء العراق' والأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أخرى.

حيث تم، في السنوات الثلاث الأخيرة، إعادة صياغة مفهوم القوة العسكرية وتقديم قوات الاحتلال الأمريكي، في العراق وأفغانستان، لا كأداة قتل مباشرة فحسب بل كمستشارين وموجهين ومدربين وبناة أمم 'حديثة التكوين' كما يصف الجنرال اوديرنو الشعب العراقي. فصارت الهيمنة العسكرية المباشرة غير مرغوبة وتوصف بانها فجة بل ويتمادى الجنرال اوديرنو باعتبارها جزءا من تربية الماضي وان التربية العسكرية الجديدة تهدف الى فهم محيط وتعقيدات البلد 'المضيف'.

وفي الوقت الذي يتصارع فيه ساسة انتخابات الاصبع البنفسجي، لإعادة إنتاج محاصصة ما قبل الانتخابات، وفي الوقت الذي يدفع فيه المواطن العراقي دمه ثمنا للنزاعات مابين الكتل الفاسدة، يوجه القادة العسكريون الأمريكيون الصفعة تلو الصفعة الى مستخدميهم العراقيين، عبر تصريحاتهم عما يفعلونه وسيفعلونه توضيحا للرأي العام الأمريكي.

حيث قال الأدميرال اريك أولسون، رئيس قيادة العمليات الخاصة الأمريكية، (أي العمليات السرية التي تقع خارج الأطر القانونية المعلنة) يوم الثاني من الشهر الحالي، في محاضرة القاها في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، وهو معهد أبحاث بواشنطن، أن قواته الخاصة البالغ عددها 4500 ستبقى نشطة في العراق، وان عددها سيبقى ثابتا، وان دعمها لبقية القوات ضروري جدا بعد موعد تخفيض عدد القوات المقاتلة من حوالي 98 ألف الى خمسين ألف، في آب/أغسطس.

وأوضح الأدميرال بان قرار ابقاء القوات الخاصة، تم بعد محادثات والاتفاق مع 'الجنرال ديفيد بترايوس قائد القيادة المركزية الامريكية، والجنرال راي اوديرنو، قائد القوات الامريكية في العراق'. ولم يذكر الادميرال انه أجرى محاثات او استشار نوري المالكي 'القائد العام للقوات المسلحة العراقية' كما لم يذكره ولو اسميا على الرغم من اصرار القيادة الامريكية والمالكي وكل من وقع على الاتفاقية الأمنية طويلة الأمد، بانها 'اتفاقية شراكة'، وان لا شيء يتم الآن أو مستقبلا بدون 'موافقة الحكومة العراقية'.

ومن المعروف ان افراد القوات الخاصة (يطلق عليهم اسم البيرية الخضراء)، غالبا ما يتم اختيارهم، لتنفيذ المهمات الخفية التي ترغب قيادة جهاز المخابرات السي آي اي بتنفيذها، كما حدث في فيتنام وكولومبيا وبناما والسلفادور ونيكاراغوا، وهو مستمر الآن في العراق وافغانستان.

وكانت القوات الخاصة قد قامت بتدريب مجموعات عراقية قبل الاحتلال، وتوسع هذا التدريب بدورات متكررة ومتقدمة خلال سنوات الاحتلال السبع عن طريق إختيار من أثبت قدراته الخاصة في هذه الفترة.

وقد صرح أحد مسؤولي التدريب في المنطقة الخضراء، في العام الماضي، مفتخرا بمن دربهم من القوات الخاصة قائلا: 'انهم ممتازون. انهم يشبهوننا الآن'! ويتم بعض التدريب في كردستان العراق من البيشمركة وغيرهم من المليشيات الطائفية، للقيام بمهمات مشتركة، أو في الأردن أو في أمريكا نفسها في المعسكرات التي جهزت ديكوراتها لتماثل اجواء مدن العراق وريفه كما في ولاية أريزونا، حيث يتم تدريب بعض دورات القوات الخاصة الأمريكية نفسها.

وهذه القوات العراقية بعضها مدمج شكليا بالأجهزة الرسمية، وبعضها أكثر إرتباطا بفرق 'المتعاقدين' التي تؤدي في هذه الحرب وستستمر في المستقبل أدوارا لم تكن تلعبها في فيتنام وفي أمريكا اللاتينية.

الهدف بالطبع هو استعادة الجيش الأمريكي للصورة التي يريدها لنفسه وإبعاد الأعمال الإجرامية عنه وعن وكالة المخابرات، في وقت تعيد الولايات المتحدة تغليف إستراتيجيتها لمكافحة التمرد بلباس حماية المواطنين، والأعمار وبذل الأموال للمشاريع، تاركة للقوات الخاصة الإستمرار في المهام التي أوضحت للعالم همجية وسادية الجيش الأمريكي تحت ولاية بوش والمحافظين الجدد.

ولو كانت لدى أي سياسي عراقي ذرة عقل ووطنية، لكانت القوات الخاصة، لفرط خطورتها واحتمال مشاركتها في تنفيذ عمليات الاغتيال والتفجيرات، هي الاولى، فضلا عن المرتزقة، التي يجب ان يطردها من العراق، لا ان يتستر الجميع وبضمنهم 'القائد العام للقوات المسلحة' على ابقائها.

هذا عن ابقاء القوات الامريكية الخاصة، فماذا عن الاستراتيجية المستقبلية؟

هنا، من الضروري، قراءة المقابلة التي أجرتها مجلة 'بريزم' الفصلية التابعة لجامعة الدفاع الوطني الأمريكية مع الجنرال أوديرنو القائد العام للقوات الأمريكية في العراق خلال شهر شباط/ فبراير 2010. حيث يزيل الجنرال الأوهام الشائعة، او التضليل الإعلامي، عن 'رحيل القوات' و'سيادة' العراق.

بل انه يتعامل، وان بشكل مهذب، مع منظمة الأمم المتحدة وبقية المنظمات الدولية العاملة في العراق وكأنها منظمات تابعة للقيادة العسكرية الأمريكية في تنفيذ إستراتيجيتها، مؤكدا للجميع 'لابد لنا من امتلاك الصبر الاستراتيجي'.

يخبرنا اوديرنو: 'إننا سوف ننهي عملياتنا القتالية بحلول الحادي والثلاثين من شهر آب/أغسطس عام 2010 ' موضحا بان هذا سيعني الانتقال الى دور جديد وهو ' دور التوجيه والتدريب من أجل دعم بناء القدرة القتالية والمدنية مع الاستمرار في تنفيذ مهام مستهدفة لمكافحة الإرهاب'.

وحسب اوديورنو، فان مكافحة الإرهاب تعني محاربة القوات الأمريكية (يقدمها باعتبارها من اهل العراق) لجهات ارهابية (أجنبية) تضم في صفوفها: 'تنظيم القاعدة في العراق يشكل تهديدا استراتيجيا. .. وهناك متمردون بعثيون من السنة والذين يهدفون إلى تغيير نظام الحكم وإعادة تأسيس النظام البعثي.

ويستمر المتطرفون الشيعة والعملاء الإيرانيون في شن هجماتهم المميتة وغير المميتة من أجل التأثير على تطور حكومة العراق، فضلا عن ان التهديدات الأكثر خطورة لعراق مستقر ومستقل وذاتي الاعتماد هي وبشكل أساسي مصادر الصراعات الكامنة والتي يمكن تسميتها 'أسباب عدم الاستقرار'.

لذلك، وللاسباب التي قد تبدو للسذج من امثالنا، وكأنها قد وضعت كل المواطنين العراقيين في خانة الارهاب، يبشرنا اوديرنو بان القوات الامريكية باقية لأن 'مساعدة العراق لكي يتطور ليصبح دولة عملية سوف يتطلب صبرا استراتيجيا وإرادة مشتركة مستمرة لما بعد 2011'.

ويدل تصريح اوديرنو بان ما يجري هو: 'الانتقال من الوظائف الدائمة التي كانت بقيادة عسكرية إلى كيانات مدنية تتضمن السفارة الأمريكية ومنظمات دولية وغير حكومية وكذلك التابعة للحكومة العراقية'، اي استبدال البزة العسكرية بلباس مدني للايحاء بالتغيير واثارة طمأنينة الناس الذين ارتبطت البدلة العسكرية الأمريكية باذهانهم بوحشية الاحتلال وجرائمه.

ولذلك 'بحلول شهر آب/أغسطس سيكون لدينا ألوية استشارة ومساعدة موزعة إستراتيجيا بجميع أنحاء العراق والتي ستكون مهمتها الأساسية هي دعم فرق إعادة إعمار المحافظات والأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أخرى بالإضافة إلى تقديم الاستشارة والتدريب للقوات الأمنية العراقية'.

وكأن تغيير الهيكلة سيمحو مسؤولية القتلة عن جرائمهم، او تمحو رائحة الفساد المالي العطنة التي تلازم فرق إعادة الاعتمار والمنظمات الأخرى..

ولا يغفل اوديرنو عن التذكيرباهمية العراق الإستراتيجية وعدم استعداد امريكا للتخلي عنه، قائلا: 'إن سلسلة المراجع الأمريكية تتفهم التواجد على المدى البعيد والأهمية الإستراتيجية للعراق. الأمر المهم إدراكه هو أن دور الولايات المتحدة بعد سنة 2011 هو بنفس أهمية دورنا المستمر بما فيه الجزء الذي يسبق 2011.

إن اتفاقية الإطار الاستراتيجي هي عن تأسيس شراكة غير عسكرية على المدى الطويل عبر نطاق حكومتنا ما بعد 2011'.

ولا يسعنا إلا أن نذكر بما فعله المستعمر البريطاني في عام 1941 حين اعاد احتلال العراق عسكريا بحجة خرق العراق لبنود معاهدة سنة 1930 وان حكومة رشيد عالي الكيلاني الوطنية منعت عمليات تدريب القوات البريطانية في قاعدة الحبانية.

مما يدفعنا الى التساؤل ونحن نقرأ نص المعاهدة الامنية بين الإدارة الأمريكية وحكومة المالكي، عن ماهية القوة التي ستمنع القوات الأمريكية من إعادة انتشار قواتها بالاعداد التي تحتاجها، أينما شاءت، بحجة طلب 'الحكومة العراقية' او باستخدام الحجة الأكثر مطاطية من المطاط وهي ' مكافحة الإرهاب'؟



*كاتبة من العراق
جريدة القدس العربي
10/4/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.