أسعار الأسماك اليوم الخميس 29 مايو فى سوق العبور للجملة    روسيا تعلن إسقاط 3 مسيرات أوكرانية هاجمت العاصمة موسكو    محكمة أمريكية توقف رسوم ترامب الجمركية: "الرئيس تجاوز سلطاته"    مباراة تحصيل حاصل، زد يواجه سموحة في ختام الدوري    تعليم الشرقية: انتظام لجان امتحانات الإعدادية ومنع حيازة المحمول    رئيس بعثة الجمعيات الأهلية يعاين مخيمات الحجاج في عرفات ومنى    النائب العام يستقبل عددًا من رؤساء الاستئناف للنيابات المتخصصة لعرض الكشوف الانجاز    إصابة شاب بطلق خرطوش على يد صديقه أثناء العبث بالسلاح فى جرجا سوهاج    افتتاح معرض للفنان هاني مجلي بمتحف أحمد شوقي الأحد المقبل    الشيوخ يناقش خطة البيئة للتكيف مع تداعيات التغيرات المناخية    سعر الدولار أمام الجنيه اليوم الخميس 29 مايو 2025    3 شهيدا بينهم أطفال ونساء في قصف الاحتلال على قطاع غزة    مؤتمر صحفي للسياحة والآثار اليوم للإعلان عن تفاصيل معرض "كنوز الفراعنة" في إيطاليا    بناء على توجيهات الرئيس السيسي| مدبولي يكشف عن تعديلات قانون الإيجار القديم    المولدات تنقذ مرضى مستشفى قويسنا بعد انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة    إسرائيل تعلن استخدام منظومة تعمل بالليزر لإسقاط مسيرات وصواريخ حزب الله    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الخميس 29 مايو 2025    أكسيوس: اقتراح أمريكي محدث لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين في غزة    «توقعات سعر الذهب 2025».. مصير المعدن الأصفر الشهور المقبلة بعد تصريحات بنك أمريكا    نتيجة الصف الثاني الإعدادي 2025 بدمياط بالاسم و رقم الجلوس.. تعرف علي الموعد و درجة كل مادة    أوبك يقرر تثبيت مستويات إنتاج النفط حتى 31 ديسمبر    إيلون ماسك يغادر إدارة ترامب    بعد توجيه شيخ الأزهر.. صرف إعانة إضافية بجانب منحة عيد الأضحى اليوم    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب إيران    4 أعراض لو ظهرت على طفلك يجب الكشف لدى طبيب السكر فورا    تنطلق اليوم.. جداول امتحانات الدبلومات الفنية جميع التخصصات (صناعي- تجاري- زراعي- فندقي)    للعام الرابع على التوالي.. «مستقبل وطن» المنيا يكرم أوائل الطلبة بديرمواس| صور    أكسيوس: البيت الأبيض متفاءل بقدرة «اقتراح غزة الجديد» على وقف إطلاق النار    طريقة عمل المولتن كيك في خطوات بسيطة    بعد فقدان اللقب.. ماذا قدم بيراميدز في الدوري المصري 2024-2025؟    مقتل سيدة على يد زوجها بالشرقية بعد طعنها ب 21 طعنة    «احنا رقم واحد».. تعليق مثير من بيراميدز    الرئيس يوجه بتسريع تنفيذ مبادرة «الرواد الرقميون»    ثقافة أسيوط تقدم «التكية» ضمن فعاليات الموسم المسرحي    الإفراج عن "الطنطاوي": ضغوط خارجية أم صفقة داخلية؟ ولماذا يستمر التنكيل بالإسلاميين؟    أمانات حزب الجبهة الخدمية تعقد اجتماعا لمناقشة خطط عملها ضمن استراتيجية 2030    موعد أذان الفجر اليوم الخميس ثاني أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    مثال حي على ما أقول    الزمالك يعلن إيقاف القيد مجددا بسبب الفلسطيني ياسر حمد    نشرة التوك شو| ظهور متحور جديد لكورونا.. وتطبيع محتمل مع إسرائيل قد ينطلق من دمشق وبيروت    5 أيام متتالية.. موعد اجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    «كزبرة»يفتح قلبه للجمهور: «باحاول أكون على طبيعتي.. وباعبر من قلبي» (فيديو)    طقس الحج بين حار وشديد الحرارة مع سحب رعدية محتملة    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    النحاس: أتمنى الاستمرار مع الأهلي بأي دور.. وطلبت من وسام إعادة نسخته الأوروبية    موعد أذان فجر الخميس 2 من ذي الحجة 2025.. وأفضل أعمال العشر الأوائل    إمام عاشور: نركز لتقديم مستوى يليق بالأهلي بكأس العالم.. وردي في الملعب    وزير السياحة: السوق الصربى يمثل أحد الأسواق الواعدة للمقصد السياحى المصري    3 فترات.. فيفا يعلن إيقاف قيد الزمالك مجددا    دليل أفلام عيد الأضحى في مصر 2025.. مواعيد العرض وتقييمات أولية    أحمد سعد يزيل التاتو: ابتديت رحلة وشايف إن ده أحسن القرارات اللى أخدتها    حكم الجمع بين نية صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وقضاء رمضان    محافظ قنا يشهد افتتاح الدورة الثانية من "أيام قنا السينمائية" تحت شعار "السينما في قلب الريف"    «زي النهارده».. وفاة الأديب والسيناريست أسامة أنور عكاشة 28 مايو 2010    الركوع برمزٍ ديني: ماذا تعني الركبة التي تركع بها؟    بداية حدوث الجلطات.. عميد معهد القلب السابق يحذر الحجاج من تناول هذه المشروبات    ألم حاد ونخز في الأعصاب.. أعراض ومضاعفات «الديسك» مرض الملكة رانيا    اغتنموا الطاعات.. كيف يمكن استغلال العشر الأوائل من ذي الحجة؟ (الافتاء توضح)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهلا بالإسلاميين على الطريقة التركية
نشر في محيط يوم 26 - 07 - 2007


أهلا بالإسلاميين على الطريقة التركية
سوسن الأبطح
من يقرأ ويسمع التباريك والتهاليل الأوروبية والأميركية والفاتيكانية، لفوز «حزب العدالة والتنمية الإسلامي»، في تركيا بالانتخابات التشريعية، لا بد أن يفرك عينيه وينفض أذنيه، ظناً منه بأنه فقد القدرة على التمييز. لكن الكلام واضح وصريح، ووصول الإسلاميين إلى سدة الحكم وبقوة في أنقرة، أفرح العلمانيين في الخارج، وأخاف علمانيي الداخل، وللجانبين أسبابهما الوجيهة.
ومن المفارقات الغريبة لأي عربي، اعتاد على إسلاميين على الطريقة «اللادنية» أو«القاعدية» و«الحماسية» و«الخمينية»، المنبوذة دولياً هذه الأيام، أن يرى الاتحاد الأوروبي يهش ويبش، ويشعر بالارتياح لأن العلمانيين أبعدوا عن الساحة. فهؤلاء بالنسبة للاتحاد قوميون أكثر مما ينبغي، ويمثلون الانغلاق، ويعانون عسر هضم من وصفات الإصلاح. ولكن كيف يصالح الغربي بين ترحيبه بالإسلاميين الأتراك في سدة الحكم وميوله العلمانية؟ تفسير أحد المحللين الغربيين يبدو منطقياً حين يقول: «ولماذا لا نعتبر حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ، كأي حزب مسيحي ديموقراطي يصل إلى السلطة، وهو ما يحدث تكراراً؟».
وهذا كلام له ما يبرره على الأرض. فالحزب الإسلامي التركي الأقوى اليوم، أظهر من الديناميكية والحنكة السياسية، ما يجعله قادراً على تأجيل أو تخدير أجندته الدينية الخفية، وإعطاء الأولوية لما يخدم مصلحة البلاد، ويؤمن التوافق الداخلي، والرضى الخارجي. وهكذا لم يكن أمام الصحافة الغربية عموماً، وهي تقيّم أربع سنوات ونصف السنة لرجب طيب أردوغان على رأس الحكومة سوى أن تعدد مزاياه الطيبة، وتذكر بإنجازاته المثيرة، وتتوقع لتركيا قفزة اقتصادية شبهها البعض بالفورة الصينية. ولم لا، وتجربة الحزب الإسلامي في السنوات القليلة الماضية في الحكم، حققت نمواً غير مسبوق وصل إلى 7%، وارتفعت الاستثمارات الأجنبية من مليار واحد فقط قبل تسلمه السلطة إلى 20 ملياراً. ولأردوغان ثقة في خطته الاقتصادية، وسياسته الانفتاحية ورؤيته الاستثمارية، جعلته يعد مواطنيه بمدخول للفرد الواحد يبلغ 10 آلاف دولار سنوياً عام 2014، وهو ما اعتبره بعض الاقتصاديين رقماً متواضعاً وخفراً من أردوغان، لأن المنتظر هو أفضل من هذا بكثير.
وتكاد الصحافة الأوروبية تتعب من تعداد محامد هذا الحزب الإسلامي التركي، لحد اعتبار أن أي نتيجة لصالح العلمانيين هذه المرة، كانت ستهبط كالكارثة على اقتصاد البلاد، بسبب افتقار الحزبين المنافسين الآخرين أي «حزب الحركة القومية» و«حزب الشعب الجمهوري» لمشروع اقتصادي متماسك. فالفائزون الجدد أو من جديد هم أفضل الداعمين الأتراك لاقتصاد السوق، والمتحمسين لدخول الاتحاد الأوروبي، وهم من أكثر المخلصين للحلف الأطلسي، ومن أحسن المتفهمين للقضية الكردية، ومن ألطف الأحزاب مع المسألة القبرصية. لائحة الغزل طويلة، وهي ليست من صنع خيال المحللين والمسؤولين السياسيين الغربيين، وإنما توصيف لما عرفه العالم عن هذا الحزب الإسلامي المحافظ، من مرونة، ورغبة في الانخراط بالحداثة مع طموح للدفع بتركيا إلى الأمام.
لكن مخاوف العلمانيين الأتراك ليست من صنع الخيال هي الأخرى، فمعركة هؤلاء مع الإسلاميين على مستوى الممارسات اليومية، ليست جديدة. وكان الزميل سمير صالحة قد كتب تكراراً في «الشرق الأوسط» عن الصراعات والمزاحمات بين الجانبين التي تصل حد الاحتراب على إعلانات مايوهات البحر. ونكتشف أن للإسلاميين من الأساليب المواربة وغير المباشرة، ما يجعلهم قادرين على تنفيذ بعض رؤاهم وتطلعاتهم أحياناً، وهم يختلقون ألف حجة وحجة، من دون إقحام الدين علناً في خطابهم. فهم يعيقون تعليق إعلانات مايوهات البحر، مثلاً، بحجة الخوف على السائقين من تشتت الذهن، أو لأن المعلنين تأخروا في تقديم الطلب، أو لأن الموسم الصيفي يتداخل مع موسم الحج. وقد يربح هذا الطرف أو ينتصر ذاك، لكن المحاولات لم ولن تتوقف على ما يبدو. واستطاع إسلاميو تركيا أن يبتكروا ويروجوا لنوع من ثياب البحر الشرعية، يطلقون عليه اسم «هشيمه» أي من «الحشمة»، لا نجده في أي بلد عربي إسلامي. كما أن الفنادق الفارهة التي تفصل بين النساء والرجال على الطريقة الإسلامية تتكاثر أيضاً. والنزعة الإسلامية المتصاعدة في تركيا، نعرفها جميعنا، لكن المثير للإعجاب في كل ما يحدث، هو أنه يبقى خاضعاً للقانون وتحت الدستور، لا فوقه ولا جانبه.
والانتخابات التشريعية التركية المبكرة التي يحتفل بنتائجها العالم اليوم، كان يمكن لما سبقها من تشنج سياسي بين «حزب العدالة والتنمية» الذي رشح عبد الله غول لرئاسة الجمهورية وبقيت صورة زوجته المحجبة وكأنها عائق أمام وصوله إلى هذا المنصب في بلد علماني والجيش الذي رفض هذا الترشيح، واحتكم الجميع للشعب، هذا التشنج كان يشبه إلى حد بعيد في ملامحه القانونية الخلافية، ما يحدث حالياً في لبنان، أو ما شهدته الأراضي الفلسطينية المحتلة. لكن الحكمة والاتزان، والتنازلات المتبادلة، أفضت إلى ما نراه اليوم، من خلاص جميل، في ما يبقى العرب في غيهم.
قد يكون من المبكر الحكم على تجربة «حزب العدالة والتنمية» من اليوم، لكن ممارساته السابقة، وتصريحات أردوغان العاقلة بعد الانتصار، تشي بأن هذا الرجل الذي يفضل أن يرسل ابنتيه المحجبتين لتدرسان في جامعات الولايات المتحدة، على أن يدخل حرباً طاحنة، كي يؤمن لهما دخول الجامعات التركية التي تمنع الحجاب. هذا الرجل وأمثاله من الديناميكيين، الوطنيين الإسلاميين، حتماً يحلمون بوطن «تقي» و«إسلامي» وفق تصورهم وعقائدهم، لكنهم يؤمنون أيضاً بأن فرض أحلامهم على الآخرين ستنتهي بكوابيس جحيمية. كوابيس، لا تجبر فقط بعض المحجبات على السفر للدراسة في الخارج، وإنما قد تنتهي بتهجير الملايين. وعندما تتكلم الحكمة تصمت السفاهة، وهذا ربما ما ستستفيد منه تركيا في السنوات المقبلة، حين سيضطر العدو الأكثر شراسة ضد دخول هذا البلد جنة الاتحاد الأوروبي أي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن يصوت موافقاً، ليربح شباب تركيا الفتية، واقتصادها العفي. أوليس تبادل المصالح المحسوسة والملموسة، هو ما يبحث عنه سكان الكوكب في القرن الحادي والعشرين، وليس التدقيق في نوعية الملابس أو أساليب العيش الحميم للأمم؟!
عن صحيفة الشرق الاوسط
26/7/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.