بث مباشر.. رئيس الوزراء يشهد احتفال تدشين الأكاديمية الدولية للعمارة والعمران    تباين مؤشرات الأسهم الآسيوية بعد تسجيل وول ستريت مستويات قياسية جديدة    أسعار الخضراوات والفاكهة بسوق العبور اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر 2025    كامل الوزير يترأس الاجتماع الثلاثين للمجموعة الوزارية للتنمية الصناعية    الاحتلال يكثف غاراته على مدينة غزة    قمة الدوحة.. رسائل السيسي الحاسمة إلى إسرائيل تتصدر المشهد (فيديو وصور)    فحص طبي يحدد موقف زيزو من مباراة الأهلي وسيراميكا    التابعي: الزمالك لم يكن يريد الاحتفاظ بزيزو    طقس الإسكندرية اليوم: تحسن نسبي وانخفاض في درجات الحرارة والعظمى تسجل 30 درجة    مصرع مسن صدمته سيارة ملاكي بأكتوبر    صيف قطاع المسرح يختتم فعالياته بالاحتفال باليوم المصري للموسيقى    مهرجان الإسكندرية المسرحي يكرّم عصام السيد ومحسن منصور وعددًا من المبدعين    وزير الصحة يبحث مع نائب رئيس شركة أليكسيون تعزيز التعاون في مجال الأمراض النادرة والوراثية    اليوم.. انتهاء العمل بمكتب تنسيق القبول بجامعة الأزهر وغلق تسجيل الرغبات    حبس أجنبي لقيامة بالتحرش بسيدة في المعادي    21 موقعًا لحطام السفن الغارقة بالبحر الأحمر تجذب آلاف السائحين هواة الغوص سنويًا وتبحث عن الحماية والتوثيق    نقل الأسرى فوق الأرض.. ترامب يتحدث من جديد عن قطر ويحذر حماس "فيديو"    حماس ترد على ترامب: تصريحاتك انحياز سافر.. وحياة الأسرى بيد نتنياهو    بريطانيا تؤكد إرسال مقاتلات حربية إلى بولندا    إنقاذ حياة طفل مصاب بنزيف في المخ وكسر بالجمجة بمستشفى إيتاي البارود    رئيس لجنة مكافحة كورونا: هناك انتشار للفيروسات النفسية لكنها لا تمثل خطورة    بعد 4 أشهر من حكم محكمة النقض، تحرك جديد من دفاع "حبيبة الشماع" ضد "أوبر" العالمية    عشية بحث سعر الفائدة، تعيين مستشار لترامب عضوا بالاحتياطي الفيدرالي وبقاء ليزا كوك في منصبها    بعد فشل النحاس في لملمة الجراح، قناة الأهلي تفجر مفاجأة حول المدرب الجديد (فيديو)    قلبك يدفع الثمن، تحذير خطير من النوم 6 ساعات فقط كل ليلة    وزير العمل يُصدر قرارًا لتحديد ضوابط وآليات اعتماد «الاستقالات العمالية»    قرارات التعليم بشأن الكتب المدرسية 2025.. تسليم دون ربط بالمصروفات (تفاصيل)    هند صبري عن والدتها الراحلة: علاقتنا كانت استثنائية ومبحبش أعيط قدام بناتي    قبل أيام من بدء العام الدراسي.. تفاصيل قرارات وزارة التعليم (نظام الإعدادية الجديد وموقف التربية الدينية)    رسمياً موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 للمعلمين.. هل يتم الصرف قبل بدء الدراسة؟ (تفاصيل)    «سويلم» لمجموعة البنك الدولي: «سياسات حديثة لمنظومة الري»    خالد جلال وكشف حساب    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    ترامب يقترح توسيع الضربات ضد مهربي المخدرات من البحر إلى البر    ارتفاع سهم تسلا بعد شراء ماسك 2.5 مليون سهم بمليار دولار    أول رد رسمي من بيراميدز على مفاوضات الأهلي مع ماييلي    مسلسلات المتحدة تتصدر نتائج تقييم موسم 2025 باستفتاء نقابة المهن السينمائية.. تصدر "لام شمسية" و"أولاد الشمس" و"قهوة المحطة" و"قلبى ومفتاحه" و"ظلم المصطبة".. كريم الشناوى أفضل مخرج وسعدى جوهر أفضل شركة إنتاج    عاجل القناة 12: إجلاء 320 ألفًا من سكان غزة يفتح الطريق أمام بدء العملية البرية    تألق 4 لاعبين مصريين في اليوم الثاني من دور ال16 لبطولة CIB للإسكواش 2025    تحية العلم يوميًا وصيانة شاملة.. تعليمات جديدة لضبط مدارس الجيزة    ليت الزمان يعود يومًا.. النجوم يعودون للطفولة والشباب ب الذكاء الاصطناعي    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الكلب طاهر.. وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    بسبب المال.. أنهى حياة زوجته في العبور وهرب    صور.. حفلة تخريج دفعة بكالوريوس 2025 الدراسات العليا تجارة القاهرة بالشيخ زايد    لقاء تاريخي في البيت الأبيض يجمع البطريرك برثلماوس بالرئيس الأمريكي ترامب    فيديو أهداف مباراة إسبانيول و مايوركا في الدوري الإسباني الممتاز ( فيديو)    فائدة 27% للسنة الأولى.. أعلى عائد تراكمي على شهادات الادخار في البنوك اليوم (احسب هتكسب كام؟)    الشيبي: نريد دخول التاريخ.. وهدفنا مواجهة باريس سان جيرمان في نهائي الإنتركونتيننتال    الاحتلال يكثف غاراته على مدينة غزة    الدكتور محمد على إبراهيم أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للنقل البحري ل«المصري اليوم»: سياسات الصندوق جوهرها الخفض الخبيث للعملة وبيع الأصول العامة بأسعار رخيصة (الحلقة الخامسة)    «مشاكله كلها بعد اتنين بالليل».. مجدي عبدالغني ينتقد إمام عاشور: «بتنام إمتى؟»    مهرجان الجونة السينمائي يكشف اليوم تفاصيل دورته الثامنة في مؤتمر صحفي    الوقت ليس مناسب للتنازلات.. حظ برج الدلو اليوم 16 سبتمبر    تحذير من تناول «عقار شائع» يعطل العملية.. علماء يكشفون آلية المخ لتنقية نفسه    شيخ الأزهر: مستعدون للتعاون في إعداد برامج إعلامية لربط النشء والشباب بكتاب الله تعالى    أستاذ بالأزهر يحذر من ارتكاب الحرام بحجة توفير المال للأهل والأولاد    ما حكم أخذ قرض لتجهيز ابنتي للزواج؟.. أمين الفتوى يوضح رأي الشرع    كيفية قضاء الصلوات الفائتة وهل تجزئ عنها النوافل.. 6 أحكام مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهلا بالإسلاميين على الطريقة التركية
نشر في محيط يوم 26 - 07 - 2007


أهلا بالإسلاميين على الطريقة التركية
سوسن الأبطح
من يقرأ ويسمع التباريك والتهاليل الأوروبية والأميركية والفاتيكانية، لفوز «حزب العدالة والتنمية الإسلامي»، في تركيا بالانتخابات التشريعية، لا بد أن يفرك عينيه وينفض أذنيه، ظناً منه بأنه فقد القدرة على التمييز. لكن الكلام واضح وصريح، ووصول الإسلاميين إلى سدة الحكم وبقوة في أنقرة، أفرح العلمانيين في الخارج، وأخاف علمانيي الداخل، وللجانبين أسبابهما الوجيهة.
ومن المفارقات الغريبة لأي عربي، اعتاد على إسلاميين على الطريقة «اللادنية» أو«القاعدية» و«الحماسية» و«الخمينية»، المنبوذة دولياً هذه الأيام، أن يرى الاتحاد الأوروبي يهش ويبش، ويشعر بالارتياح لأن العلمانيين أبعدوا عن الساحة. فهؤلاء بالنسبة للاتحاد قوميون أكثر مما ينبغي، ويمثلون الانغلاق، ويعانون عسر هضم من وصفات الإصلاح. ولكن كيف يصالح الغربي بين ترحيبه بالإسلاميين الأتراك في سدة الحكم وميوله العلمانية؟ تفسير أحد المحللين الغربيين يبدو منطقياً حين يقول: «ولماذا لا نعتبر حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ، كأي حزب مسيحي ديموقراطي يصل إلى السلطة، وهو ما يحدث تكراراً؟».
وهذا كلام له ما يبرره على الأرض. فالحزب الإسلامي التركي الأقوى اليوم، أظهر من الديناميكية والحنكة السياسية، ما يجعله قادراً على تأجيل أو تخدير أجندته الدينية الخفية، وإعطاء الأولوية لما يخدم مصلحة البلاد، ويؤمن التوافق الداخلي، والرضى الخارجي. وهكذا لم يكن أمام الصحافة الغربية عموماً، وهي تقيّم أربع سنوات ونصف السنة لرجب طيب أردوغان على رأس الحكومة سوى أن تعدد مزاياه الطيبة، وتذكر بإنجازاته المثيرة، وتتوقع لتركيا قفزة اقتصادية شبهها البعض بالفورة الصينية. ولم لا، وتجربة الحزب الإسلامي في السنوات القليلة الماضية في الحكم، حققت نمواً غير مسبوق وصل إلى 7%، وارتفعت الاستثمارات الأجنبية من مليار واحد فقط قبل تسلمه السلطة إلى 20 ملياراً. ولأردوغان ثقة في خطته الاقتصادية، وسياسته الانفتاحية ورؤيته الاستثمارية، جعلته يعد مواطنيه بمدخول للفرد الواحد يبلغ 10 آلاف دولار سنوياً عام 2014، وهو ما اعتبره بعض الاقتصاديين رقماً متواضعاً وخفراً من أردوغان، لأن المنتظر هو أفضل من هذا بكثير.
وتكاد الصحافة الأوروبية تتعب من تعداد محامد هذا الحزب الإسلامي التركي، لحد اعتبار أن أي نتيجة لصالح العلمانيين هذه المرة، كانت ستهبط كالكارثة على اقتصاد البلاد، بسبب افتقار الحزبين المنافسين الآخرين أي «حزب الحركة القومية» و«حزب الشعب الجمهوري» لمشروع اقتصادي متماسك. فالفائزون الجدد أو من جديد هم أفضل الداعمين الأتراك لاقتصاد السوق، والمتحمسين لدخول الاتحاد الأوروبي، وهم من أكثر المخلصين للحلف الأطلسي، ومن أحسن المتفهمين للقضية الكردية، ومن ألطف الأحزاب مع المسألة القبرصية. لائحة الغزل طويلة، وهي ليست من صنع خيال المحللين والمسؤولين السياسيين الغربيين، وإنما توصيف لما عرفه العالم عن هذا الحزب الإسلامي المحافظ، من مرونة، ورغبة في الانخراط بالحداثة مع طموح للدفع بتركيا إلى الأمام.
لكن مخاوف العلمانيين الأتراك ليست من صنع الخيال هي الأخرى، فمعركة هؤلاء مع الإسلاميين على مستوى الممارسات اليومية، ليست جديدة. وكان الزميل سمير صالحة قد كتب تكراراً في «الشرق الأوسط» عن الصراعات والمزاحمات بين الجانبين التي تصل حد الاحتراب على إعلانات مايوهات البحر. ونكتشف أن للإسلاميين من الأساليب المواربة وغير المباشرة، ما يجعلهم قادرين على تنفيذ بعض رؤاهم وتطلعاتهم أحياناً، وهم يختلقون ألف حجة وحجة، من دون إقحام الدين علناً في خطابهم. فهم يعيقون تعليق إعلانات مايوهات البحر، مثلاً، بحجة الخوف على السائقين من تشتت الذهن، أو لأن المعلنين تأخروا في تقديم الطلب، أو لأن الموسم الصيفي يتداخل مع موسم الحج. وقد يربح هذا الطرف أو ينتصر ذاك، لكن المحاولات لم ولن تتوقف على ما يبدو. واستطاع إسلاميو تركيا أن يبتكروا ويروجوا لنوع من ثياب البحر الشرعية، يطلقون عليه اسم «هشيمه» أي من «الحشمة»، لا نجده في أي بلد عربي إسلامي. كما أن الفنادق الفارهة التي تفصل بين النساء والرجال على الطريقة الإسلامية تتكاثر أيضاً. والنزعة الإسلامية المتصاعدة في تركيا، نعرفها جميعنا، لكن المثير للإعجاب في كل ما يحدث، هو أنه يبقى خاضعاً للقانون وتحت الدستور، لا فوقه ولا جانبه.
والانتخابات التشريعية التركية المبكرة التي يحتفل بنتائجها العالم اليوم، كان يمكن لما سبقها من تشنج سياسي بين «حزب العدالة والتنمية» الذي رشح عبد الله غول لرئاسة الجمهورية وبقيت صورة زوجته المحجبة وكأنها عائق أمام وصوله إلى هذا المنصب في بلد علماني والجيش الذي رفض هذا الترشيح، واحتكم الجميع للشعب، هذا التشنج كان يشبه إلى حد بعيد في ملامحه القانونية الخلافية، ما يحدث حالياً في لبنان، أو ما شهدته الأراضي الفلسطينية المحتلة. لكن الحكمة والاتزان، والتنازلات المتبادلة، أفضت إلى ما نراه اليوم، من خلاص جميل، في ما يبقى العرب في غيهم.
قد يكون من المبكر الحكم على تجربة «حزب العدالة والتنمية» من اليوم، لكن ممارساته السابقة، وتصريحات أردوغان العاقلة بعد الانتصار، تشي بأن هذا الرجل الذي يفضل أن يرسل ابنتيه المحجبتين لتدرسان في جامعات الولايات المتحدة، على أن يدخل حرباً طاحنة، كي يؤمن لهما دخول الجامعات التركية التي تمنع الحجاب. هذا الرجل وأمثاله من الديناميكيين، الوطنيين الإسلاميين، حتماً يحلمون بوطن «تقي» و«إسلامي» وفق تصورهم وعقائدهم، لكنهم يؤمنون أيضاً بأن فرض أحلامهم على الآخرين ستنتهي بكوابيس جحيمية. كوابيس، لا تجبر فقط بعض المحجبات على السفر للدراسة في الخارج، وإنما قد تنتهي بتهجير الملايين. وعندما تتكلم الحكمة تصمت السفاهة، وهذا ربما ما ستستفيد منه تركيا في السنوات المقبلة، حين سيضطر العدو الأكثر شراسة ضد دخول هذا البلد جنة الاتحاد الأوروبي أي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن يصوت موافقاً، ليربح شباب تركيا الفتية، واقتصادها العفي. أوليس تبادل المصالح المحسوسة والملموسة، هو ما يبحث عنه سكان الكوكب في القرن الحادي والعشرين، وليس التدقيق في نوعية الملابس أو أساليب العيش الحميم للأمم؟!
عن صحيفة الشرق الاوسط
26/7/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.