عاجل- وقف إطلاق النار في غزة يدخل حيز التنفيذ ظهر اليوم    بعد إنطلاق ألبومها الأول.. مي فاروق تتصدر تريند جوجل    بكام الطن اليوم؟.. أسعار الأرز الشعير والأبيض الخميس 9-10-2025 في أسواق الشرقية    عاجل- الذهب يحقق قفزة تاريخية جديدة.. إليك آخر الأسعار اليوم في مصر    الأشواط الإضافية تحسم تأهل فرنسا والنرويج فى كأس العالم للشباب.. فيديو    حالة الطقس اليوم الخميس 9 اكتوبر2025 فى محافظة المنيا    أسعار السمك والمأكولات البحرية بأسواق الإسكندرية اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    أضرار المشروبات الغازية على الكبد.. دراسة تكشف المخاطر الصحية    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    مساعد وزير الخارجية الإيراني السابق مهدي شريعتمدار ل«المصري اليوم»: الضغط الأمريكي المتزايد لفرض التطبيع أداة لتفكيك المنطقة (الحلقة 44)    حاكم مقاطعة فولجوجراد: الدفاعات الجوية تصد هجوما أوكرانيا مكثفا بالمسيرات    هشام حنفي: ياس سوروب مدرب مميز وإضافة كبيرة للنادي الأهلي    عاجل - "اختبار للتكتيك وتعزيز للانسجام" اليوم الخميس.. مصر X المغرب في ودية قبل كأس العرب 2025 - 2026    مشوار الفراعنة إلى المونديال.. خطوات ثابتة قادت مصر للتأهل التاريخي إلى كأس العالم 2026    وزيرة التخطيط تصل بروكسل للمشاركة في النسخة الثانية من منتدى البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي    بعد ارتفاع الأخضر الأمريكي.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الخميس 9-10-2025    أسعار الحديد في أسيوط اليوم الخميس 9102025    يعرض قريبًا.. «لينك» ضغطة زر تقلب حياة موظف على المعاش    عروض وأمسيات وورش تشكيلية بالخارجة والفرافرة وموط ضمن احتفالات الثقافة بذكرى النصر    سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الخميس 9102025    عاجل- ترامب: قد أزور مصر يوم الأحد.. ومفاوضات اتفاق غزة "بالغة القرب"    "قبل نهاية الاسبوع" غدوة حلوة.. اصنعي أجمل صينية فراخ بالبطاطس لعائلتك    وزير الرياضة يعلن إجراء تغييرات في الجهاز الفني لمنتخب مصر للشباب    30 دقيقة تأخرًا في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 9 أكتوبر 2025    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    بالطريق الحر.. تصادم دراجتين ناريتين مع نقل أودى بممرض وإصابة آخرين    المعاينة تكشف ملابسات حريق مخزن قطع غيار سيارات بالحرفيين    البطريرك أفرام الثاني يشارك في مؤتمر بإربيل حول "سوريا: بحثًا عن الوحدة في ظلّ التشرذم"    7 آلاف محضر بشأن «تراخيص عمل الأجانب» خلال 27 يومًا    ممنوع الضرب.. قرار حاسم حول حظر استخدام العصا أو الخرطوم في المدارس ومحاسبة المسؤولين    البابا تواضروس الثاني: المسيح هو الراعي الأمين الذي يقودنا إلى الطمأنينة والأبدية    نائب محافظ القاهرة يستقبل وفدًا كنسيًا من شبرا لبحث سبل التعاون وتعزيز التلاحم الوطني    8 شهداء في غزة خلال الساعات ال24 الماضية جراء الغارات الإسرائيلية    شيخ الأزهر يؤدي واجب العزاء في وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم    مقتل شاب على يد شقيقه الأصغر بسبب خلاف على الميراث في الشرقية    انهيار محادثات الاتحاد الأوروبي بشأن الرقابة على الدردشة دون التوصل إلى اتفاق    وكيل صحة الفيوم تُتابع أداء المستشفيات في اجتماع إشرافي موسع| صور    كُتبت فيها ساعة الصفر.. حكاية «كراسة حنان» التي احتوت على خطة حرب أكتوبر    مصادر بالبترول تنفى زيادة أسعار البنزين والسولار صباح الخميس.. إنفوجراف    وزير الرياضة بعد تأهل مصر لكأس العالم: «سيكون هناك تكريم ل محمد صلاح ولاعبي الفراعنة»    سوء تفاهم قد يعكر الأجواء.. برج العقرب اليوم 9 أكتوبر    مصطفى قمر: مبروك لمصر رفعتوا راسنا يا رجالة مستنيين بقى تشرفونا فى كأس العالم    حساب فيفا يحتفى بصعود الفراعنة للمونديال: مصر البهية تُطِل على كأس العالم    « احتفالًا بالتأهل للمونديال».. سعد سمير يطالب بفتح استاد القاهرة مجانًا في مباراة مصر أمام غينيا بيساو    رسمياً.. مواصفات الورقة الامتحانية ل مادة العلوم المتكاملة شهر أكتوبر 2025 للثانوية العامة    إصابة رئيس مباحث شبين القناطر.. ومصرع عنصرين إجراميين في مطاردة أمنية بالقليوبية    رسمياً.. منهج العلوم في امتحانات شهر أكتوبر 2025 للمرحلة الابتدائية (مواصفات الورقة الامتحانية الكاملة)    نجوم الفن يحتفلون بتأهل مصر إلى كأس العالم.. يسرا ل اليوم السابع: بعد تأهل المنتخب وفوز العنانى الفرحة فرحتين.. نادية الجندي: يا رب كتر أفراحنا.. حمادة هلال: والله وعملوها الرجالة لسة عايشة ومتفائل للمنتخب    منها منتجات الألبان.. 6 أطعمة ممنوعة لمرضى جرثومة المعدة (تفاقم الألم)    أسهل طريقة لعمل البليلة في ساعة.. شرط النقع    السيسي يُعبّر عن خوفه من الثورة والتغيير .. وناشطون: فات الأوان يا عميل    مدير حملة العناني ل بوابة أخبار اليوم: دعم الرئيس ساهم في الإنجاز التاريخي لمصر    استشاري نفسي: نسبة الطلاق بين الأزواج في مراحل متقدمة من العمر    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    نقيب المحامين: الرئيس أعاد المادة 105 لزيادة ضمانات حقوق المواطن    مواقيت الصلاة فى الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا.. دولة أم عقيدة؟ / عاطف الغمري
نشر في محيط يوم 02 - 07 - 2008


أمريكا.. دولة أم عقيدة؟
عاطف الغمري
هل أمريكا دولة؟ في عمق الفكر السياسي الأمريكي، اقتناع بأن أمريكا أكبر من أن يطلق عليها وصف الدولة وحسب لأنها فكرة. وللمؤرخ الأمريكي هوفستاد مقولة مشابهة تقول: إن الأمريكيين لا يبحثون لبلادهم عن عقيدة. لأنهم مقتنعون بأن أمريكا هي العقيدة.

والفكرة والعقيدة تقومان على معنى مسؤوليتها عن نقل قيمها وأفكارها ونظمها ومفاهيمها إلى العالم، باعتبار ذلك رسالتها للإنسانية، ولنشر الخير، من وجهة نظرها. لكنّ هناك تحولا هادئا كان قد بدأ حول هذا المفهوم، يتساءل الذين يتابعونه هل مازالت الظروف في الداخل والخارج تسمح باستمراريته ؟

المعركة الانتخابية الدائرة الآن بين باراك أوباما ذي الأصول الإفريقية، وماكين المنتمي إلى الجناح المحافظ التقليدي، جاءت في وقت هذا التحول، وهو يمثل التحدي الأكبر لكليهما لو أصبح رئيسا. وهو تحول في نظرة أمريكا لنفسها، مقترن بتغير في نظرة العالم لها، والذي يعكسه انتشار الظاهرة التي رصدتها مراكز استطلاع الرأي في أوروبا، وفي الولايات المتحدة وأبرزها مركز بيوPeue الشهير، وهي ظاهرة العداء لأمريكا Anti Americanism.

ويضيف إلى ذلك كاتب أمريكي مرموق هو بول كروجان قوله: لو أن أوباما استطاع أن يكسب انتخابات الرئاسة في نوفمبر المقبل، ودخل البيت الأبيض، لكان في إمكاننا أن نقول إن التحول قد حدث في أمريكا.

وقيل أيضاً إن المعركة الانتخابية منذ اللحظة التي حقق فيها أوباما انتصاره التاريخي على هيلاري، تدور حاليا بين أمريكتين: أمريكا المتمسكة بأن حاضرها ومستقبلها لن ينسلخ عن ماضيها، وأمريكا الأخرى التي تبحث عن رؤية لمستقبل مختلف، في عالم، تعاد صياغته، ليس بيد أمريكا هذه المرة.

وربما كان ما عكس التحول في معنى أمريكا الفكرة، استطلاع للرأي أجراه أخيراً معهد جالوب، نتيجته: أن الأمريكيين تعبوا من هوية وطنية صارت تغلب عليها مفاهيم الغطرسة في الخارج، وأساليب تخويف المواطن في الداخل.

لقد كانت أمريكا الفكرة، محل جدل بين مدرستين للسياسة الخارجية، إحداهما تعرف بالمدرسة الواقعية، ومن رموزها المعروفين الرئيس بوش الأب، وجيمس بيكر، وبرنت سكوكرفت، وكيسنجر، وكلينتون، وأولبرايت.

وهي تؤمن بالسيادة الأمريكية في العالم، لكنها السيادة النسبية، وبمشاركة آخرين، وبأن يكون نشر القيم والمبادئ الأمريكية عن طريق الإغراء، ووسائل الجذب، وأدوات القوى الناعمة التقليدية، كأفلام هوليوود وإبهار الحلم الأمريكي، والموسيقا، والأدب، والإعلام.

والمدرسة الثانية وتعرف بالمدرسة المثالية، وينتمي إليها المحافظون الجدد، وهم فريق ضمن فرق أخرى، وتؤمن بالسيادة المطلقة ومن دون شركاء، وبالهيمنة العالمية، ونشر القيم الأمريكية بين الشعوب الأخرى، ولو بالقوة العسكرية.

وكانت حرب العراق بمثابة المختبر أو المعمل، الذي اختير ميدانا لتجربة تطبيق الفكرة، فإذا نجحت عسكريا، يمكن نقلها إلى باقي مناطق العالم الإقليمية. لكن الفكرة جرى لها في العراق ما يشبه الزجاج الذي تكسر. وحسب التقديرات المنشورة في أمريكا فإن أحدا لم يحمل معول الهدم للفكرة، مثلما فعل جورج بوش، حتى ولو جاء ذلك نتيجة سوء التقدير.

ومن الأصل فلم تكن فكرة النموذج الأمريكي مطروحة ليختاره من يختار، لأن صياغة شكل العالم في القرن الأمريكي ونقل النموذج إليه، هو مسؤولية أمريكا تجاه الإنسانية. والفكرة نفسها كانت هي جوهر الصراع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، فكلاهما كان يعتبر أن صراعه ضد الآخر، هو رسالة من أجل الإنسانية.

وليس خافياً أن الخبراء في أمريكا مشغولون في السنوات الأخيرة باحتمالات التحول في وضع أمريكا في العالم، وإعادة صياغة النظام الدولي، بمشاركة وبقوة تأثير آخرين، وذلك على ضوء بروز الصين، ثم الهند وقوى أخرى، لن يقتصر دورها على اكتسابها قوة اقتصادية، ومكانة سياسية، وإنما أيضا على بعث حضاري، سيؤدي إلى تعددية مراكز الإلهام الثقافي والحضاري، بعد أن ظلت أمريكا تحتكر وحدها هذا المركز.

وكانت أمريكا قد شهدت في أواخر التسعينات، مناظرات حول نظرية البروفيسور هنتنجتون “صدام الحضارات"، نشرت في المجلة الفصلية الفكرية (The national interest) أرجعت جانبا مهما من الأسباب التي تقف وراء هذه النظرية إلى خوف قوى أمريكية ذات ثقل ونفوذ، من صحوة الحضارات القديمة خاصة في آسيا، وتحولها إلى مراكز جذب ثقافي وحضاري لشعوبها ولغيرهم، مما يهدد مركز الإلهام الحضاري وعاصمته أمريكا.

فهل لا تزال أمريكا هي الفكرة.. وهي العقيدة؟

هناك من لا يزالون يتمسكون بهذا الفهم. ولن يتخلوا عنه. وهناك أيضاً من مدوا أبصارهم إلى الأفق الواسع، واستوعبوا مايجري هناك على البعد، وبدأوا ينشغلون بصورة أمريكا في المستقبل.. مستقبل العالم الذي لا تنفرد أمريكا بصياغته وتشكيله وإنما الذي يلعب فيه آخرون دورهم.. وهؤلاء الآخرون لهم قيم وأفكار ومبادئ وعقائد وتقاليد ثقافية وحضارية.

وهكذا سيكون العالم الجديد. لقد ساعد على ترسيخ هذه الفكرة، تحول مهم منذ بداية القرن العشرين، أوجد ما عرف بالقرن الأمريكي، الذي تمتعت فيه أمريكا بوضع القوة الأكبر عسكريا، والأغنى اقتصادا، والأكثر تقدما، والتي آلت إليها قيادة العالم الغربي، وتوسع نفوذها إلى أرجاء العالم.

وعلى امتداد قرن بطولة، وفي ظروف مهيأة، نمت الفكرة، وترعرعت، وترسخت في الأذهان والعقول، حتى إنني لا أنسى كلمة قالها لي ذات مرة صحافي أمريكي: كل هذا جعل الأمريكيين يشعرون أن أمريكا قارة كبيرة جدا، وعلى البعد منها عالم صغير جدا.

ثم جاء وصول المحافظين الجدد إلى الحكم، بفكرهم العقائدي الذي لا صلة له بالواقع، فقد غابت عن إدراكهم النتائج المتوقعة للتحولات الجارية، وسيطرت عليهم فكرة اختطاف النظام العالمي قبل أن يدركه التحول إلى نظام تعددي. لكن حساباتهم قامت على سوء التقدير، فخابت توقعاتهم.
عن صحيفة الخليج الاماراتية
2/7/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.