أبواب ومداخل المسجد الحرام فؤاد عنقاوي اوضحنا في الحلقة السابقة كيف ان الناحية الجمالية في تصميم ابواب ومداخل المسجد الحرام غلبت على استقراء المستقبل في تزايد عدد الحجيج ودون الأخذ في الاعتبار فتح باب العمرة على مصراعيه لعدد من الراغبين في اداء العمرة... حدث هذا قبل ربع قرن من الزمان او يزيد... فلا عجب ان تتفاقم المشكلة يوما بعد يوم او سنة بعد اخرى... ونتابع اليوم توصيف ما يجري كما يراه شاهد عيان على مدى عشر سنوات خلت... لا اعتقد ان هناك في العالم الاسلامي مسجداً حظي بعدد من الاعمدة والقباب كما هو الحال في المسجد الحرام... وتقول احصائيات التوسعة ان عدد الاسطوانات الرخامية (الاعمدة) في المبنى العثماني القديم 496 اسطوانة، وعدد العقود 881 وعدد القبب 152، وعدد الطواجن 232، وعدد الشرفات 993 شرفة. اما عن التوسعة في العهد السعودي.. فقد بلغ عدد الاعمدة في كل طابق 492 ويبلغ قطر كل عامود 81 سم للاعمدة المستديرة، و93 سم للاعمدة المربعة، ويفصل بين كل عامود وآخر 4م تقريباً...ويلاحظ ان تصميم ابواب المسجد الحرام والمساحة المخصصة للمدخل جاءت موازية او منسجمة مع المساحة التي تفصل بين عامود وآخر.. أي ان مساحة الباب لا تزيد عن اربعة امتار... ويهبط الداخلون الى رواق الحرم حوالى 10 درجات... ولا يجد من يقصد الطواف ممراً سالكاً بين الصفوف المرتصة للصلاة... وهذه مشكلة اخرى تتطلب حلولاً ومعالجة من ذوي الاختصاص... اذاً.. فان المداخل الرئيسية الثلاثة التي اشرنا اليها في الحلقة السابقة وهي (باب الملك، باب العمرة، باب الفتح) تؤدي الى صحن الطواف مباشرة تحت وطأة التنظيم واخلاء الطريق الذي يقوم به الجنود المكلفون بذلك... وما عداها من الابواب يتعرض لازدحام وضغط شديدين سواء في الدخول او الخروج. الملاحظ ان اكثر مداخل المسجد الحرام ازدحاما يتمحور حول باب الملك وما حوله من ابواب هي بالتحديد:(باب اجياد + باب بلال + باب حنين) اذ تستقبل هذه المداخل كثافة عددية من القادمين من المسفلة + اجياد وهما مدخلان رئيسيان للقادمين من جدة والجنوب عن طريق كدي، والطائف وما وراء (الرياض +الشرقية +الخليج) اضافة الى ما تفرغه السلالم الكهربائية الصاعدة من نفق جياد للسيارات القادمة من جدة او العزيزية بمكة...) أي ما يوازي ثلث عدد المصلين او الوافدين الى الكعبة المشرفة... ان لم يكن اكثر من ذلك... لقد دقت ساعة الخطر، وقرع جرس الانذار في ليلة 27 رمضان من العام الماضي عندما قفل باب الملك امام الجموع الحاشدة وتكررت العملية صباح يوم عيد الاضحى عندما اضطرت قوات الأمن الخاصة والطوارئ لعمل حائط بشري لمنع الدخول الى داخل الحرم لاكتظاظه والتزاحم الشديد في الطواف... ولكن... كانت النتائج سلبية مما ادى الى ارتفاع صيحات الاحتجاج سمع دويها في أروقة الحرم من كل جانب.
لا بد من التفكير في حلول.. هندسية، معمارية، توسعية، تنظيمية... كلها.. بعضها.. مجتمعة.. متفرقة... المهم ان تأتي عاجلة وبصورة جذرية.. لأن المشكلة لا تقبل انصاف الحلول.. ولا يمكن تجزئتها او تفرقتها.. فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً.. فالمدخل يؤدي الى صحن الطواف... والطواف... المحطة الاخيرة النهائية الحتمية.. اعلم ان هناك، وفي ادراج معهد خادم الحرمين الشريفين لابحاث الحج.. اكثر من مشروع لحل مشكلة التزاحم والتلاحم في الطواف، قد يبلغ مجموعها تسعة مشاريع!!! واسمع عن مشروع انشاء كوبري للمشاة من رأس ريع كدي الى صحن الطواف له جوانب من كل طرف وآخر شق نفق من ساحة باب الملك للمشاة يصل الى صحن الطواف... ولكن ما مدى صحة ذلك؟؟ وما هي الطريقة الاجدى والاصلح والاسرع؟؟ وهل في الامكان ازالة الجانب المعماري الذي يقع فيه ابواب جياد وبلال وحنين وما تحتها من مكاتب وغرف لموظفي رئاسة شؤون الحرم والاستغناء عن 100 عامود واسطوانة وجعلها مدخلاً واسعاً يصل الى صحن الطواف ويسمح بأن تصطف الصفوف لاقامة الصلاة عند سماع الاقامة؟؟؟ هذه وغيرها من الافكار والحلول مرهونة بدراسات عميقة ثم القرار الحاسم الحازم من صاحب الامر – امد الله في عمره – كما فعل في مشكلتي منى- وكما وفقه الله في كل امر يجلب الخير للمسلمين، ويمنع عنهم الخطر ويدرأ عن الحجاج والمعتمرين كل ما يعكر صفو أمنهم ويربك حجهم وعمرتهم، ويوفر لهم السلامة والأمن والطمأنينة. وفقه الله وايده بنصره. عن صحيفة المدينة السعودية 11/9/2007