الرباط: تنظر غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء في قضية متهم بقتل طفلة عمرها ثمانى سنوات اثناء لعبها امام منزله . وبحسب صحيفة "الصحراء المغربية" تعود وقائع الحادث عندما حاول المتهم نهر طفلة صغيرة لم تتجاوز عقدها الأول ودفعها بقوة فسقطت أرضا، مفارقة الحياة، بعدما تبين أنها أصيبت على مستوى رأسها بنزيف داخلي. في ذلك اليوم الذي لازال محفورا في ذاكرة سكان منطقة حي السالمية بالدارالبيضاء، تحول حي فقير إلى ساحة للركض والعدو، بعد سماع صوت فتاة لم تبلغ بعد ربيعها العاشر، تستنجد بصديقاتها وكل السكان الذين كانوا بجانبها، وهي التي لم تدرك بعد معنى الحياة، وجدت عنقها الصغير في كف رجل عرف بين أوساط الحي بسلوكاته غير الطبيعية، هذا الأخير الذي تملكه غضب شديد من إزعاج الفتاة باللعب أمام منزله، فقرر أن يعاقبها في شارع الحي، غير أن الأمور جرت بما لم تشته أهواؤه، إذ أصابها بجروح بليغة بعد إسقاطها أرضا، نقلت على إثرها إلى المستشفى في حالة صحية متدهورة، لتفارق الحياة بعد ساعات من دخولها إلى قسم المستعجلات. صغيرة مازالت في مرحلة اللعب، وقعت بين يدين تتدفقان عطاء وحنوا، كبرت ونمت في أحضان أسرة فقيرة، بمنطقة السالمية بالدار البيضاء. أصل الحكاية بدأ عندما نزحت الأسرة إلى المنطقة بحثا عن فرصة عيش هادئة، تركت كل شيء في البادية، ولم تطمع إلا في بدء قصة أخرى مع الزمن المر، بعدما تقاذفتها الأيام من بيت مكترى إلى آخر، فبعد أن توصل الأب ببعض المال جراء حادث وقع له واستفاد من تأمينه، قرر السكن رفقة بعض أصدقائه القدامى الذين جمع بينهم المصير الواحد، عائلة بسيطة تتكون من ثلاثة أبناء، "مريم" التي لازالت تتعثر على الأرض للبحث عن متعة اللهو ولذة الصغر، لم تتوقع شيئا سيئا من هذه الحياة، لأنها مازالت صغيرة، ولأنها لا تستطيع فهم واستيعاب غدر العقلاء والمرضى والمجانين، ظلت تلعب رفقة صديقاتها جربت لعبة الاختباء، وقفزت رفقة أخريات في مثل سنها على الحبل، وانتشت بلحظات لعبها كثيرا. خلال ذلك اليوم أحست الأم بمكروه سيلاحق ابنتها، ما جعلها تطلب منها الدخول إلى البيت أكثر من مرة، لكن مريم كانت ترفض كل المقترحات وصممت على قضاء الوقت رفقة صديقاتها اللواتي بدأن في لعبة الغناء التي وصل صداها إلى الجيران، خرج مالك بيت تجاور بابه الساحة، وطلب من الفتيات أن يغادرن مكان اللهو ليدعنه يرتاح بسلام، غير أن طفلات الحي لم يستجبن إلى رغبة الرجل الثائر، وعدن مجددا أمام بيته ليرددن الأغاني نفسها، لم تشأ زوجته أن تصرخ في وجه الصغيرات لأنها أم وتدرك ضجيج الأطفال. غير أن الزوج كان له رأي آخر، عندما ضاق ذرعا وخرج مسرعا وهو يحمل عصا وهدد الطفلات بالضرب، إذا لم يغادرن المكان، لم يكن السلوك غريبا عن الرجل الذي عرف بين أوساط الحي بحبه للعزلة والصمت، وعدم الاهتمام بأمور الآخرين، وعصبية مزاجه وإدمانه على تدخين مخدر الشيرا، وقد سبق اعتقاله من طرف عناصر الأمن بعد أن أضرم النار في أحد المنازل المجاورة له. كانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة صباحا وكان عدد من سكان الحي مستغرقين في النوم، إلا الصغيرة مريم، التي خرجت إلى الحي لتلعب رفقة أخريات في مثل سنها، اختارت الصغيرات ساحة قرب بيت "عبد الله.ن" وبدأن جميعا في ترديد أغنية لعبة بصوت عال، وصل صداه إلى عبد الله الذي كان متوترا للغاية كعادته كل صباح . قاوم الجار لمدة وجيزة ضجيج وصراخ الصغيرات، وفي لحظة ثائرة وهيجان هستيري، خرج من منزله وتوجه نحو الصغيرات اللواتي لذن بالفرار، ليمسك بمريم من عنقها الصغير، حسب ما صرح به لعناصر الضابطة القضائية، غير آبه باستنجادها، وقام بدفعها بقوة لتسقط المسكينة مغمى عليها. تدخل بعض شباب الحي لحملها إلى أقرب مستشفى عبر سيارة الإسعاف غير أن الإسعافات الأولية التي قدمت لها لم تحل دون وفاتها، نظرا للنزيف الداخلي الذي تعرضت له على مستوى رأسها. انتقل رجال الأمن إلى مكان وقوع الحادث، وألقوا القبض على عبد الله، الذي اعترف خلال الاستماع إليه من طرف عناصر الضابطة القضائية، بالتهمة المنسوبة إليه، كما صرح بأنه يعاني مرضا نفسيا متقدما ولم يعرف خطورة الفعل الإجرامي الذي أقدم عليه. بعد إنهاء التحقيق والاستماع إلى عبد الله، جرت إحالته على غرفة الجنايات، بمحكمة الاستئناف في الدارالبيضاء، من أجل القتل العمد دون نية إحداثه.