أجمع الخبراء والأكاديميون أن الاقتصادي العالمي سجل في 2009 عامه الأسوأ منذ نحو قرن، وباتت مقولة هذه الشركة أو المؤسسة "أكبر من أن تسقط" ليس لها واقع بعد أن أطاحت الأزمة المالية العالمية بكبرى المؤسسات والشركات الكبرى حول العالم.
وخرجت التقارير تؤكد أن الأزمة هبطت بالقيمة السوقية لأكبر 500 شركة حول العالم بواقع 42%، بعدما تراجعت مسجلة 15.6 تريليون دولار مقارنة ب 26.8 تريليون دولار في العام السابق 2008 .
ومع انتهاء 2009 وحتى يومنا هذا لم يُنجز إحصاء يحصي خسائر الأزمة بوجه عام إلا أن كل التقارير والإحصاءات الصادرة لم تتجاوز مجرد تقديرات وصلت إلى 60 تريليون دولار توازي 110% من الناتج المحلي الإجمالي لدول العالم، استحوذت الولاياتالمتحدة وحدها على 25% منها أو ما يقرب من 16 تريليون دولار.
وكانت أسواق مال هي الخاسر الأكبر تلتها المؤسسات المالية وتدهور في قيمة العقارات وقيمة الممتلكات والصكوك وخسائر صناديق التقاعد والتحوط والاستثمار فضلاً عن الصناديق السيادية.
وبالطبع لم تقف الحكومات مكتوفة الأيدي تشاهد ما يحدث في الأسواق، بل ذهبت تضخ مليارات الدولارات في محاولات لإنعاش وتحفيز الاقتصاد، حيث قدر صندوق النقد التدخل الحكومي في يوليو الماضي بأكثر من 19 تريليون دولار يُضاف إليها تدخل حكومة الصين ب 665 بليون دولار و750 بليوناً استثمارات عامة و100 بليون استثمارات صندوق النقد، ولم يتوقف التدخل في النصف الثاني من السنة.
وعلى الرغم أن النصف الثاني من 2009 أوحى بنمو متواضع، في أغلب الأسواق إلا أن خبراء الاقتصاد ومسئولي المصارف المركزية الكبرى، وصفوه ب"الهش"، محذرين الحكومات من سحب برامج الحفز الاقتصادي.
وكانت العملة الأمريكية "الدولار" من أكبر العوامل المهدّدة للاقتصاد العالمي، خاصة بعد أن تراجع الاحتياطي العالمي من العملة الصعبة بالدولار على مستوى العالم من نحو 70% سابقا إلى حدود 47% فقط حاليا، وهو ما دفع رئيس البنك الدولي روبرت زوليك للقول أنه سيتعين على الولاياتالمتحدة أن تتفهم تراجع نفوذ الدولار حيث إن التغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي ستؤدي حتما إلى تعزيز وضع العملات الأخرى.
وأكد زوليك أن الولاياتالمتحدة ستخطئ إذا اعتبرت كأمر مسلم به أن الدولار سيحتفظ بمكانته كعملة مهيمنة للاحتياطي بالعالم ، وسط مطالب بإيجاد بدائل أخرى للدولار من عدة دول في مقدمتها الصين وروسيا وإيران.
وعن المعدن الأصفر خلال 2009 فقد أكد أنه سيظل الملاذ الأمن للاستثمار حيث قفز سعر أونصة الذهب من نحو850 دولاراً بداية العام إلى 1100 دولار في نهايتها بعدما تجاوز 1200 دولار،فيما عزّز سعر النفط موقعه عند مستويات صرحت دولٌ منتجة ومصدّرة أنها معقولة وتساعد على تحقيق الانتعاش الاقتصادي من جهة والاستثمار في قطاع النفط من جهة ثانية.
ومر 2009 كأسوأ عام شهدته منظمة التجارة العالمية فمن جهة تراجع حجم التجارة الدولية وقيمها، حيث خسرت نحو 11% من 16 تريليون دولار قيمة التبادل عالمياً، ومن جهة أخرى عجزت المنظمة عن إيقاف الممارسات الحمائية، وخرجت "جولة الدوحة" بعد 8 سنوات من المفاوضات "صفر اليدين".
وكانت بداية العام توحي بالتفاؤل في الدول العربية مع انعقاد أول قمة اقتصادية عربية في الكويت والتي أرست آليات اقتصادية في اتجاه تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، وذلك إلى جانب العديد من التصريحات التي كانت تؤكد أن أغلب الدول العربية لن تتأثر بشكل مباشر بالأزمة، إلا أن الواقع كان مخالف لذلك ،وتجلى ذلك وبوضوح في أسواق المال التي فقدت نحو نصف قيمتها السوقية ،وفي قطاع العقارات الذي شهد ولأول مرة منذ سنوات إلغاء و إرجاء مئات المشروعات الكبرى، وكانت الكارثة الكبرى مع دخول ما يقرب من3.5 ملايين عربي إلى طابور العاطلين ،ليصل الرقم الإجمالي إلى20 مليوناً.