أجمع الخبراء والأكاديميون على أن عام 2009 هو الأسوأ على الاقتصاد العالمى منذ نحو قرن كامل، فقد أطاحت الأزمة المالية العالمية بكبرى المؤسسات والشركات الكبرى حول العالم، وهبطت الأزمة بالقيمة السوقية لأكبر 500 شركة حول العالم لتتراجع مسجلة 15.6 تريليون دولار مقارنة ب 26.8 تريليون دولار عام 2008. ولم تقف الحكومات مكتوفة الأيدى تشاهد ما يحدث فى الأسواق، بل سارعت بضخ مليارات الدولارات فى محاولات لإنعاش وتحفيز الاقتصاد، ومر 2009 كأسوأ عام شهده الاقتصاد العالمى. الخبير الاقتصادى قاسم منصور، رئيس المركز الاقتصادى المصرى، أكد أن أسواق المال هى الخاسر الأكبر هذا العام، تلتها المؤسسات المالية والعقارات وقيمة الممتلكات والاستثمار، فضلاً عن الصناديق السيادية. وقال منصور إن المعدن الأصفر سيظل الملاذ الآمن للاستثمار، حيث قفز سعر أونصة الذهب من نحو850 دولاراً بداية العام إلى 1100 دولار فى نهايتها بعدما تجاوز 1200 دولار، فيما عزّز سعر النفط موقعه عند مستويات صرحت دولٌ منتجة ومصدّرة أنها معقولة وتساعد على تحقيق الانتعاش الاقتصادى من جهة، والاستثمار فى قطاع النفط من جهة ثانية. وأشار منصور إلى أنه على الرغم من أن النصف الثانى من 2009 أوحى بنمو متواضع فى أغلب الأسواق، إلا أنه تقدم ضعيف جدا، محذرا الحكومات من سحب برامج الحفز الاقتصادى. وأوضح منصور أن بداية العام كانت توحى بالتفاؤل فى الدول العربية مع انعقاد أول قمة اقتصادية عربية فى الكويت والتى أرست آليات اقتصادية، فى اتجاه تحقيق التكامل الاقتصادى العربى، إلى جانب العديد من التصريحات التى كانت تؤكد أن أغلب الدول العربية لن تتأثر بشكل مباشر بالأزمة. وأكد الخبير الاقتصادى أن الواقع جاء مخالفا للتوقعات، وتجلى ذلك وبوضوح فى أسواق المال التى فقدت نحو نصف قيمتها السوقية، مضيفا أن قطاع العقارات شهد لأول مرة منذ سنوات إلغاء وإرجاء مئات المشروعات الكبرى، وكانت الكارثة الكبرى مع دخول ما يقرب من3.5 ملايين عربى إلى طابور العاطلين، ليصل الرقم الإجمالى إلى20 مليوناً عاطل. ويرى الدكتور عبد الرحمن عليان أستاذ الاقتصاد بتجارة عين شمس، أن أهم ملمح اقتصادى للعام الذى نودعه هو استمرار الأعراض السلبية للأزمة المالية العالمية والركود الاقتصادى العميق التى بدأ ظهورها عام 2008، واستدامت آثارها بشكل مزمن فى 2009. ورغم أن أغلب الاقتصاديات المتقدمة بدأت الخروج من الركود الاقتصادى فى النصف الثانى من العام الجارى، يشير عليان إلى أن التوقعات بالنسبة للسنة الجديدة ليست كلها إيجابية تماما، ولعل الاقتصاد البريطانى يظل آخر اقتصاد بين الاقتصاديات الرأسمالية التقليدية يخرج من الركود نسبيا بنمو إيجابى فى الناتج المحلى الإجمالى لربعين متتاليين فى العام. الدكتور شريف قاسم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات يتوقع أن يشهد الاقتصاد الكلى تحسنا معقولا فى أساسياته خلال 2010، من خلال نمو الناتج المحلى الإجمالى ومؤشرات التضخم والناتج للقطاعات الرئيسية وغيرها، متوقعا أيضا أن يستمر الإصلاح فى القطاع المالى العالمى مع حدوث تعافى حذر فى القطاعات المختلفة. وحذر قاسم من حدوث موجات اضطراب متوقعة خاصة فى النصف الثانى من 2010، حين تقترب خطط الدعم الحكومية الطارئة من نهايتها، مشيرا إلى أنه لن يكون مستغربا أن يشهد الاقتصاد العالمى تراجعا عن التحسن الواضح الذى بدا فى عام 2009 فيما يخص قيمة الأصول الخطرة. وتظل التوقعات لعام 2010 تعتمد على مدى قدرة القطاع الخاص على أخذ زمام المبادرة من الحكومات فى تنشيط الاقتصاد، خاصة مع حقيقة أن أغلب التحسن الذى حدث كانت نتيجة إجراءات استثنائية من جانب الحكومات.