دبي: رغم أن التكلفة الرأسمالية الأولية للطاقة المتجددة أغلى بكثير من الطاقة المتولدة من الوقود الأحفوري إلا أن دول العالم باتت تستثمر مئات المليارات من الدولارات سنوياً في مجال الطاقة المتجددة، كالشمس والرياح والمياه وغيرها من عناصر الطبيعة، وذلك بهدف التقليل من الاعتماد على النفط مصدر الطاقة الرئيسي القابل للنضوب. وفي الوقت الذي يستثمر فيه العالم أكثر من 100مليار دولار سنويا في قطاع الطاقة البديلة والمتجددة، يتوقع الخبراء ان يصل هذا المبلغ إلى 3 تريليونات دولار بحلول العام 2030. وفي هذا الصدد نقلت صحيفة "القبس" الكويتية عن الخبير في شؤون الطاقة الدكتور عبد الله أميري قوله أن التكلفة الرأسمالية الأولية للطاقة المتجددة أغلى بكثير من الطاقة المتولدة من الوقود الأحفوري، مشيراً إلى أن تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية تبلغ نحو 3 آلاف دولار لكل كيلو واط، مقارنة ب400 دولار للتوربينات الغازية، فيما تبلغ تكلفة إنتاج الكيلو واط الواحد من طاقة الرياح نحو ألف دولار فقط. وكان بنك ساراسين السويسري أصدر أخيراً تقريرا توقع فيه أن يستفيد قطاع الطاقة المتجددة من الأزمة المالية العالمية، متوقعا أن يتم تنفيذ برامج استثمار بقيمة 40 مليار دولار خلال السنة الحالية، تليها برامج أخرى ب75 مليار دولار في العام المقبل. ورغم أن دول مجلس التعاون الخليجي تمتلك حوالي 42 % من إجمالي النفط المثبت في العالم، إضافة إلى 24 % من الاحتياط العالمي للغاز الطبيعي، إلى أن الخبراء يرون أن استمرار المنطقة في استهلاك المصادر التقليدية للطاقة، سيعرضها الى أخطار وتحديات في المستقبل القريب، نتيجة تلوث الهواء وتغيرات المناخ. وتدرك دول المنطقة الغنية بالنفط، أكثر من أي وقت مضى، حاجتها الى التركيز على مصادر أخرى للطاقة، بعد تأثرها بتراجع أسعار النفط، وتتصدر قائمة منتجي النفط في العالم، الا أن السعودية تسعى إلى تصدير الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية في غضون خمسة عقود، وتخطط حاليا لبناء مدينة الشمس في الصحراء من أجل ذلك. كما أن دولة الإمارات، التي اختيرت أخيرا كمقر لوكالة IRENA تبني حالياً مدينة مصدر التي تعتمد بشكل كلي على مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة وبتكلفة إجمالية تبلغ 22 مليار دولار، كما خصص صندوق أبو ظبي للتنمية في يوليو الماضي 350 مليون دولار لمساعدة الدول النامية في مجال الطاقة المتجددة. كما أطلقت الإمارات في 17 فبراير الماضي حملة للطاقة المستدامة على مستوى الدولة بعنوان "أبطال الإمارات"، واعتبرها الباحث في كلية دبي للإدارة الحكومية جوستين دارجين ثمرة تعاون بين جمعية الإمارات للحياة الفطرية والصندوق العالمي للطبيعة، وهيئة البيئة في أبو ظبي، بهدف تقليل البصمة الكربونية والاستهلاك المرتفع للطاقة، من جانب مواطني الإمارات والأعداد الغفيرة من الوافدين والزائرين الأجانب. ووتخطط السعودية إلى جعل الطاقة الشمسية ركناً أساساً في مزيج طاقتها، وفي قمة الرياض التي عُقِدت عام 2007، تعهد أعضاء منظمة "اوبك" من دول الخليج، بتقديم 750 مليون دولار لتمويل أبحاث تكنولوجيا الطاقة النظيفة كجزء من مشروع يهتم بالسيطرة على الكربون وخزنه. وأطلقت شركة "مصدر" للطاقة المستقبلية في أبو ظبي مبادرة كلفتها 15 مليار دولار، لإنشاء المدينة الأولى على مستوى العالم "خالية من التلوث والملوثات"، ويستوعب هذا المشروع 50 ألفاً سيعيشون في أماكن قريبة من عملهم وقطاعاتهم المهنية ومرافقهم التعليمية. وستستمد هذه المدينة متطلباتها من الطاقة إلى حد كبير من الطاقة الشمسية، التي ستُدعم وسيجري توصيلها واحتواؤها باستخدام تصميم معماري متقدم يسمح بالوصول إلى مستوى توازن الطاقة السلبية. كما ستُدعم مدخرات الطاقة الداخلية من خلال إعادة التدوير الموسعة للمخلفات، ونظام متقدم للنقل العام، ويمكن أن يصبح هذا النموذج المستقبلي، في حال نجاحه، مثالاً للبيئة النظيفة يحتذى به في الغرب، وبالتالي في بقية دول العالم. وتخطط "مصدر" للاستثمار في الطاقة النظيفة من خلال مشاريع ستمتد عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بينما تخطط مصر أيضا لحصد الطاقة من الرياح والشمس بالقرب من قناة السويس، لكن هذه الخطوات لاتزال خجولة مقارنة مع الخطوات الغربية، ففي بداية أغسطس الجاري وضعت مجموعة من 20 شركة ومؤسسة مالية ألمانية خطة بقيمة 400 مليون يورو، لتوليد الطاقة الكهربائية في محطات تقام في المغرب العربي، وتنقل إلى أوروبا بهدف تلبية 15% من حاجة أوروبا من الكهرباء بحلول عام 2020. وكانت الولاياتالمتحدة أعلنت في نهاية يوليو الماضي إنها ستقدم قروضا بقيمة 37.5 مليار دولار لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة في أنحاء البلاد، كما خصصت 10مليارات دولار منذ يونيو الماضي لتطوير محطات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة البيولوجية، وتمثل هذه القروض الجديدة جزءا من الجهود المبذولة لتحفيز الاقتصاد الأمريكي وتقليل الانبعاثات الحرارية المسئولة عن حدوث الاحتباس الحراري. كما بدأت الصين أيضاً ببناء ثاني مدن الرياح في اقليم شينخوا لتوليد الكهرباء وسد حاجة البلاد من الطاقة، فيما تنتج فرنسا 80% من كهربائها من الطاقة النووية.