دراسة: القطاعات غير النفطية في دول الخليج لم تنضج بعد محيط – زينب مكي خلصت دراسة اقتصادية حديثة إلى أن القطاعات غير النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي لم تحقق النضج الكامل، فهي لم تزل تعاني فجوات هيكلية، مشيرة إلى أن الأرباح المحققة من النفط والغاز لا تستثمر بفاعلية فيها، لكنها تستخدم في تمويل الاقتصادات المحلية للدولة. وفي الوقت الذي تسعى دول الخليج العربية فيه إلى تحويل اقتصاداتها من تمحورها حول سلعة واحدة إلى اقتصادات ترتكز على التنوع والقوة كشفت دراسة اقتصادية أعدتها شركة "بوز أند كومباني" أن هذه الدول تتميّز بأعلى معدلات تركيز لناحية مساهمة قطاع ما، في الناتج المحلي الإجمالي ،وبالتالي فهي تحقق أقل حاصل للتنوّع، ويرجع ذلك إلى السيطرة التاريخية لقطاع النفط والغاز على اقتصادات هذه الدول. ووفقا للدراسة التي أوردت صحيفة "الحياة" اللندنية أجزاء منها تعكس حالة النمو في القطاعات غير المرتبطة بالنفط بدول الخليج الآثار التي حققها جرّاء زيادة إيرادات النفط وما تلاها من تدفقات عالية لرأس المال، ولا يمكن اعتبار هذا النمو جوهرياً ومستداماً، إذ يعتمد على حظوظ القطاع المسيطر في السوق. يقدر مسئولون وخبراء في قطاع البتر وكيماويات والكيماويات حجم الاستثمارات المتوقعة بدول الخليج في هذه الصناعة بنحو 50 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة موزعة على أكثر من 11مشروعا، وستستأثر السعودية وحدها بحصة تصل إلى 25 مليار دولار، بينما يتوقع أن يصل حجم الإنتاج في المنطقة إلى 60 مليون طن يصدر منها نحو 37 مليون طن. وذكرت الدراسة إلى أن الكثير من اقتصادات دول مجلس التعاون، لاسيما اقتصادات الدول الكبرى منها، عرضة للتغيير في أسعار النفط؛ ففي السعودية، كان قطاع النفط والغاز، القوة المحركة للناتج المحلي، ما عرّضه إلى التغيير بسبب تبدلات أسعار النفط وصدمات، كما تباينت أيضاً معدلات النمو في القطاعات غير النفطية نتيجة تقلبات أسعار النفط أيضاً. ما يدل على "آثار العدوى"، وعلى أن تعرّض مجال مالي أو اقتصادي واحد إلى الفشل، يؤدي إلى امتداد هذا الفشل إلى بقية المجالات. وكذلك كان أداء القوة المحركة الرئيسة لنمو الناتج المحلي لدولة الإمارات، المرتكزة على قطاع النفط والغاز، لكنفي الآونة الأخيرة شهدت تحسناً نسبياً في القطاعات غير النفطية نتيجة جهود تبذلها دبي لتنويع الاقتصاد. ففي 2005 بات قطاع النفط والغاز مصدراً ل 5% فقط من الناتج المحلي في إمارة دبي، بينما بلغت الحصة في العام ذاته، 59% من الناتج المحلي لإمارة أبو ظبي ، نظراً إلى أن النمو في قطاعات غير النفط جاء متأخراً. ومن جانبه أشار عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب - أستاذ الاقتصاد جامعة أم القرى في مجلة "الاقتصادية" أنه من الغريب أن دول الخليج تضخ استثمارات في قطاع التنقيب وإنتاج النفط تناهز قيمتها نحو 300 مليار دولار وفقا لأحدث التقارير الصادرة عن شركة أبحاث المشاريع (بروليد) على أمل أن تزيد دول الخليج صادراتها النفطية إلى عشرة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2015 ،أي أن دول الخليج لها تسعى لتنتج نصف الطاقة المستقبلية الإضافية بحلول عام 2015، ويبدو أنها خطوة سياسية أكثر منها اقتصادية على حساب التنمية الاقتصادية التي تسهم في معالجة التضخم. ورصدت الدراسة، أن قطاع النفط والغاز يحقق في بلدان مجلس التعاون،47% من الناتج المحلي، فيما يؤمن فرص عمل لواحدٍ في المائة فقط من السكان في سن العمل، ما يجعل غالبية القوى العاملة محصورةً في قطاعات أقل إنتاجية لا تحظى بأهمية إستراتيجية. وتؤمن الخدمات الحكومية 20% من إجمالي قوة العمل في دول مجلس التعاون، في حين أن معظمها يعمل لدعم قطاعات اقتصادية أخرى، بدلاً من أن يقود عملية النمو، ما يؤدي إلى ظهور صعوبات اقتصادية. وخلصت الدراسة إلى أنه يجب على الدول الغنية بسلعٍ محددة أو سلعةٍ وحيدة، أن تولي اهتماماً خاصاً لتنويع اقتصادها، لتجنب الاتجاه الطبيعي نحو التركيز الاقتصادي، مؤكدة أن "الحاجة إلى توفير التنوّع الاقتصادي، تتمحور في بناء قاعدة اقتصادية متينة من شأنها أن تستمر بعد أن تنضب الموارد الطبيعية".