المحاكم الاقتصادية في مصر ترى النور محيط كريم فؤاد أقر مجلس الشعب المصري أمس بصورة نهائية وبعد أربع سنوات من المداولات مشروع قانون ينص على إنشاء محاكم اقتصادية ليكون بمثابة قضاء متخصص يتولى نظر النزاعات ذات العلاقة بالنشاط الاقتصادي والاستثماري. وقد تباينت وجهات النظر لدي الخبراء الاقتصاديين ورجال القانون قبل إقرار قانون المحاكم الاقتصادية حيث أكد الدكتور "علي حافظ منصور" أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية على أهمية تلك المحاكم، لأن إجراءات القضايا الاقتصادية في رأيه كانت تأخذ الكثير من الوقت عند نظرها في المحاكم المدنية، مما يعود بالضرر على الطرف الواقع عليه الظلم. ووافقه في الرأي "ممدوح الولي" الخبير الاقتصادي حيث قال: "مشروع المحاكم الاقتصادية كان خطوة مطلوبة للمستثمرين منذ عدة سنوات، لأنها ستساهم في القضاء على ظاهرة بطء التقاضي وهو أحد أهم العوامل المانعة لجذب الاستثمارات". أما الدكتور "مصطفي محمود عفيفي" أستاذ القانون الدستوري في جامعة طنطا فنبه إلى ضرورة أن تختص تلك المحاكم بالقضايا الاحتكارية، لأن حق التقاضي مكفول للجميع، وعليه فمن حق المواطن العادي رفع دعوى قضائية ضد أي مستثمر يقوم باحتكار السوق في سلعة ما. وعلى صعيد رجال القضاء فقد وصف المستشار "محمود رضا الخضيري" نائب رئيس محكمة النقض والرئيس الأسبق المستشار محمود رضا الخضيري لنادي قضاة الإسكندرية، المحاكم الاقتصادية بأنها محاكم عادية لا فرق بينها وبين المحاكم المدنية، مشيرا إلى أن القاضي الذي سيحكم في تلك المحاكم هو نفسه القاضي الذي يقوم حاليا بالنظر في النزاعات الاقتصادية بين المستثمرين، وبهذا لا يكون المشروع الجديد قد أتى بأى جديد. أما المستشار "هشام جنينة" سكرتير عام نادي القضاة فأشار إلى أن قانون المحاكم الاقتصادية يحتوى على العديد من نقاط الحوار القانوني والدستوري، يأتي على رأسها نصه على عدم أحقية الشاكي في اللجوء لسلاح النقض في الأحكام الصادرة من الدوائر الابتدائية في المحكمة الاقتصادية، وهذا يعد إهدارا لحقوق المواطنين والمتقاضين في اللجوء لدرجات أعلى من المحاكم، بما يضمن صحة الأحكام وهو عرف معمول به في كافة أنواع التقاضي. فيجب أن نلتفت الى أن التعجيل بإصدار الأحكام في القضايا الاقتصادية لا يكون على حساب إجراءات التقاضي ودرجاته، وأن ضمانات صحة الأحكام تشكل ضمانا للحفاظ على حقوق المتقاضين. وكانت فكرة المحاكم الاقتصادية قد ظهرت في مصر قبل أربع سنوات، وتبنتها الحكومة في شكل مشروع قانون عام 2006، حيث وافق عليه مجلس الوزراء ومن ثم تم إرساله إلى مجلسي الشعب والشورى لمناقشته وإقراره، لكن المشروع ظل متعثرا طوال السنتين الماضيتين بسبب كثرة التشريعات التي احتلت أولوية لدى السلطات المصرية، ومنها التعديلات الدستورية وقانون الضرائب. ويقضى مشروع القانون بأن تنشأ محكمة اقتصادية أو أكثر بدوائر محاكم الاستئناف ، وتضم كل منها دوائر ابتدائية وأخرى استئنافية يرأسها رئيس بمحاكم الاستئناف، وتتشكل من قضاة محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية ، ويندب الجميع بقرار من وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى. وتختص هذه المحاكم بكافة الدعاوى الجنائية الناشئة عن تطبيق قوانين العقوبات في شأن جرائم الإفلاس، والإشراف والرقابة على التأمين، والشركات المساهمة وسوق المال والتأجير التمويلي والإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية، والتمويل العقاري وحماية حقوق الملكية الفكرية، والبنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد، والشركات العاملة في مجال تلقى الأموال وحماية المنافسة، ومنع الممارسات الاحتكارية وحماية المستهلك، وتنظيم الاتصالات وتنظيم التوقيع الالكتروني. وتختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية بنظر المنازعات والدعاوى التي لا تتجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه، فيما تختص الدوائر الاستئنافية بالنظر في كافة المنازعات والدعاوى إذا تجاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة.