الدوائر الاقتصادية جميعها تنتظر بدء التطبيق الفعلي ل"المحاكم الاقتصادية" وذلك بعد أن أقرها مجلس الشعب بشكل نهائي خلال الايام القليلة الماضية بعد مايقرب من 4 أعوام من المناقشات. ورأي الخبراء أن "المحاكم الاقتصادية" قادرة علي تحقيق مالم تحققه لجان فض المنازعات خاصة أنها اكثر شمولية وتضم مجموعة من الخبراء في مجال الاستثمار والشئون الاقتصادية المختلفة. فكرة إنشاء محاكم اقتصادية متخصصة للشئون الاستثمارية والتجارية والصناعية وما شابهها هي فكرة محمودة من كل الوجوه وهي بمثابة حل سريع لما يشوب التقاضي في مصر من مشاكل تتصل بثلاثة أمور مهمة منها "بطء التقاضي"و"عدم التخصص"و"افتقاد التحقيق القضائي" ولجنة مؤقتة لفض النزاعات في هذا الشأن إلا أنها لن تغني عن وجود المحاكم الاقتصادية أو الدوائر الاقتصادية في بعض المحاكم والتي تحتاج لتعديلات تشريعية وتضم لجنة فض المنازعات برئاسة وزير العدل ووزير الاستثمار عضو بها وهي لجنة أعيد تشكيلها ويري الخبراء أن مشروع قانون المحاكم الاقتصادية يأتي كوسيلة للتعامل مع مشكلة فض المنازعات التجارية وما توفرة الحكومة المصرية من إجراءات لتطوير اداء الادارات المعنية بالتعامل مع المستثمرين وزيادة كفاءتها والقضاء علي أوجه الخلل الإداري ومشاكل البيروقراطية وعن مدي الاستفادة التي يمكن أن يجنيها مجتمع الاعمال والاقتصاد المصري بصفة عامة لوجود محاكم متخصصة فهي تعمل علي اختصار الاجراءات وتعمل علي توفير الوقت في فض المنازعات بين المستثمرين خاص في ظل بطء إجراءات التقاضي حيث إن المحاكم المصرية متخمة بكم هائل من القضايا علي اختلاف اشكالها ومأربها. وقال المراقبون إن أهم ما سيميز هذا المحاكم هي الخبرة والتخصص في الجوانب الاقتصادية محل النزاع مع توافر الاتقان والجودة لمثل هذه القضايا وستكون أحكامها نافذة وموضوعية كما أنها ستعمل علي جذب استثمارات جديدة لأنها ستساعد علي حفظ حقوق الافراد المتنازعة وفض الاشتباك في قضايا مثل الضرائب والجمارك والتحكيم التجاري وقانون النقل وغيرها من الملفات الشائكة التي يعاني منها رجال الاعمال. وكان مجلس الشعب قد اقر منذ أيام وبصورة نهائية بعد أربع سنوات من المداولات مشروع قانون ينص علي إنشاء محاكم اقتصادية لتكون بمثابة قضاء متخصص يتولي نظر النزاعات ذات العلاقة بالنشاط الاقتصادي والاستثماري وقد تباينت وجهات النظر لدي الخبراء الاقتصاديين ورجال القانون قبل إقرار قانون المحاكم الاقتصادية حيث أكد عدد كبير منهم علي أهمية تلك المحاكم لأن إجراءات القضايا الاقتصادية كانت تأخذ الكثير من الوقت عند نظرها في المحاكم المدنية مما يعود بالضرر علي الطرف الواقع عليه الظلم. يقول محمد عبدالعزيز رئيس مجلس ادارة شركة ميراكل لتداول الاوراق المالية إن مشروع المحاكم الاقتصادية كان خطوة مطلوبة للمستثمرين منذ عدة سنوات لأنها ستساهم في القضاء علي ظاهرة بطء التقاضي وهو أحد أهم العوامل المانعة لجذب الاستثمارات واشار إلي ضرورة أن تختص تلك المحاكم بالقضايا الاحتكارية لأن حق التقاضي مكفول للجميع وعليه فمن حق المواطن العادي رفع دعوي قضائية ضد أي مستثمر يقوم باحتكار السوق في سلعة ما. واشار إلي أن فكرة المحاكم الاقتصادية قد ظهرت في مصر قبل اربع سنوات وتبنتها الحكومة في شكل مشروع قانون عام 2006 حيث وافق عليه مجلس الوزراء ومن ثم تم إرساله إلي مجلسي الشعب والشوري لمناقشته واقراره لكن المشروع ظل متعثرا طوال السنتين الماضيتين بسبب كثرة التشريعات التي احتلت أولوية لدي السلطات المصرية ومنها التعديلات الدستورية وقانون الضرائب ويقضي مشروع القانون بأن تنشأ محكمة اقتصادية أو أكثر بدوائر محاكم الاستئناف ويضم كل منها دوائر ابتدائية وأخري استئنافية يرأسها رئيس بمحاكم الاستئناف وتتشكل من قضاة محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية ويندب الجميع بقرار من وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلي وتختص هذه المحاكم بجميع الدعاوي الجنائية الناشئة عن تطبيق قوانين العقوبات في شأن جرائم الافلاس والاشراف والرقابة علي التأمين والشركات المساهمة وسوق المال والتأجير التمويلي والايداع والقيد المركزي للأوراق المالية والتمويل العقاري وحماية حقوق الملكية الفكرية والبنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد والشركات العاملة في مجال تلقي الاموال وحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وحماية المستهلك وتنظيم الاتصالات وتنظيم التوقيع الالكتروني. ومن جانبه يؤكد محمد فوزي خبير سوق المال علي أهمية تلك المحاكم لأن إجراءات القضايات الاقتصادية في رأيه كانت تأخذ الكثير من الوقت ولكنه ابدي تخوفه من عدم إمكانية قدرة المواطن العادي علي رقع دعاوي قضائية ضد محتكري السوق متوقعا أن تنظر تلك المحاكم في قضايا الشيكات والكمبيالات مشبهاً هذه المحاكم بمحكمة الأسرة التي تندرج ضمن المحاكم النوعية وطالب بأن تنظر تلك المحاكم القضايا الكبيرة نوعا ما مثل الممارسات الاحتكارية وتعطيش السوق وحول تأخر إصدار القانون قال إن ذلك يرجع إلي رجال الاعمال أنفسهم لعدم رغبتهم في إنشاء تلك المحاكم المتخصصة مشيرا إلي أن المحاكم المدنية تستغرق في نظر لقضايا سنوات وبذلك يضيع حق الواقع عليه الظلم بينما يستفيد الطرف الآخر من تعطيل النظر في القضية فمسألة جذب الاستثمارات مرهونة بجميع العوامل وليس بعامل واحد بمعني أنه لو لم تحل تلك المسائل وتم إنشاء المحاكم الاقتصادية فلن يكون هناك المزيد من الاستثمارات مع الاخذ في الاعتبار أن الارقام التي تعلنها وزارة الاستثمار عن جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي تخطت 11 مليار دولار عن العام المالي الأخير هي استثمارات في معظمها استحواذات علي أصول ولا تضيف كثيرا للطاقات الإنتاجية المصرية ولا تفيد في تشغيل العمالة المصرية أو رفع المستوي التكنولوجي المحلي فالعبرة ليست بإنشاء المحاكم ولكن بسرعة الأداء وهو ما يهتم به المستثمر أولا لأن الوقت له تكلفة إضافية.