اكد خبراء مصرفيون وخبراء استثمار ان صدور قانون المحاكم الاقتصادية يمثل خطوة كبيرة واضافة مهمة الي التشريعات الحاكمة للنشاط المصرفي وانه سيسهم بشكل كبير في سرعة حل مشكلات متعثري البنوك والمنازعات المصرفية بشكل عام واشاروا الي ان المحاكم الاقتصادية والقضاء المتخصص المؤهل لحسم منازعات الجهاز المصرفي سيسهمان في تحسين وتطوير بيئة ممارسة الأعمال وفي سرعة دوران رأس المال وفي تحقيق العدالة السريعة في المنازعات ذات الطابع المصرفي. وأوضح الخبراء أن الاستقرار المصرفي مرتبط ارتباطا مباشرا بالمناخ التشريعي مشددين علي أن التعقيدات الإدارية والقضائية تعتبر من أهم العقبات التي تواجه المتعاملين مع الجهاز المصرفي، وتعرقل المستثمرين، وأكدوا أن طول الإجراءات والبطء في الفصل في القضايا المصرفية أمام المحاكم فيه ضياع للمال والجهد والوقت ويؤثر في الوقت ذاته علي سمعة طرفي النزاع، مما يؤثر بالتالي علي مراكزهم المالية وأعمالهم في السوق خاصة إذا كانوا رجال أعمال جادين. في البداية يري شعبان منتصر المحامي بالنقض وخبير التشريعات الاقتصادية أن موافقة مجلس الشعب علي قانون المحاكم الاقتصادية بصفة نهائية منذ أيام سيسهم في تحسين مناخ الاستثمار والتنمية الاقتصادية، كما سيسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق سرعة الفصل في جميع الدعاوي التي تقع بين البنوك وعملائها. وأشار إلي أن هذه المحاكم تحتاج قضاة متخصصين ومؤهلين يدركون دقة المعاملات البنكية، مطالبا بضرورة أن يجتاز هؤلاء القضاة برامج تدريبية عالية المستوي في مجال اختصاص هذه المحاكم تمكنهم من إصدار أحكام صحيحة، وتقلل من لجوئهم إلي الاستعانة بخبراء متخصصين لتوضيح ما التبس عليهم من مسائل وقضايا مصرفية وغير مصرفية. وأكد شعبان منتصر أن القانون الجديد سيحرص علي إنشاء هيئة لتحضير المنازعات والدعاوي بكل محكمة اقتصادية برئاسة أحد القضاة، مشيرا إلي أن هذه الهيئة ستبذل محاولات للصلح بين البنوك ورجال الأعمال الجادون منهم وغير الجادين. وأكد أن البنوك عانت لفترة طويلة من الزمن طول إجراءات التقاضي مع عملائها غير الجادين الذين اعتادوا وضع العراقيل أمام البنوك لإعاقتها عن تحصيل أموالها أو لإكراه البنك علي التنازل عن جزء من القرض وفوائده. وأشار منتصر إلي أن قانون المحاكم الاقتصادية حريص علي تجنب طول إجراءات التقاضي التي عانتها البنوك طويلا، ومن محاسنه أيضا أنه شدد علي ضرورة أن تستعين الدوائر الابتدائية والاستئنافية بمن تراه من الخبراء المصرفيين وغير المصرفيين، حرصا علي سرعة إنجاز المنازعات المصرفية بصورة عادلة ورحب بتبعية المحاكم الاقتصادية للقضاء العادي وليس لمحاكم مجلس الدولة، وذلك بهدف الابتعاد عن الدهاليز الإدارية وما تؤدي إليه من بطء إجراءات التقاضي. من جانبه، يري صلاح شمندي صاحب أحد المصانع بمدينة السادات أن صدور قانون المحاكم الاقتصادية سيسهم في القضاء علي ظاهرة بطء الفصل في الدعاوي والمنازعات المصرفية وخاصة تلك المنازعات التي تتعلق بالمتعثرين الجادين الذين يملكون أصولا قادرة علي السداد، وطالب بضرورة إعداد قضاة هذه المحاكم إعدادا جيدا ليتمكنوا وبوسائل مختلفة من حسم القضايا المصرفية التي تنشأ عن تطبيق القانون الموحد للبنوك ولائحته التنفيذية وتطبيق القوانين الاقتصادية الأخري، وأكد أن الإعداد الجيد للقاضي سيقلل من احتمالات الخطأ عند تطبيق القانون، ويضمن استقلالية القضاة وحيادية الأحكام وعدم الوقوع تحت تأثير تقرير ورأي الخبراء المختصين. ورحب شمندي بوجود قاض في المحكمة الاقتصادية للمنازعات المصرفية المستعجلة من أجل القضاء علي مشكلة بطء التقاضي التي تؤثر بشكل أو بأخر علي سرعة دوران رأس المال، كما رحب بعدم جواز الطعن علي الأحكام الصادرة من الدوائر الاستئنافية وخاصة إذا كانت هذه الأحكام غير متصلة بقضايا جنائية وشدد علي ضرورة تفعيل قانون المحاكم الاقتصادية ليسهم بشكل فعال في تحسين المناخ المصرفي. وبدوره، قال أحمد عبدالحكم خبير الشئون القانونية بأحد البنوك المتخصصة إن تحسين المناخ المصرفي يتطلب إلي جانب صدور قانون مهم مثل المحاكم الاقتصادية، ووجود بيئة تشريعية واقتصادية ومصرفية مناسبة ومشجعة، مشيرا إلي أن القانون الجديد سيختص بنظر قضايا الجنح والجنايات في أكثر من 15 قانونا اقتصاديا. وأكد عبدالحكم أن التباطؤ في إجراءات التقاضي وطول فترة المنازعات جعلا البنوك تقدم علي استخدام وسائل مختلفة تضغط بها علي العميل المماطل غير الجاد، ومنها إجبار العميل علي التوقيع علي شيكات بمبالغ مساوية لقيمة القرض وإجباره أيضا علي التوقيع علي إيصالات أمانة هو وأولاده وزوجته إلي جانب التوقيع علي عقد وكالة غير قابل للفسخ أو الإلغاء. وطالب بضرورة وجود شرطة متخصصة أو إدارة مستقلة لتنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم الاقتصادية في أسرع وقت ممكن، لأن الواقع الحالي يشير إلي التباطؤ في تنفيذ الأحكام تحت ذريعة عدم توافر أعداد كافية من رجال الشرطة لتنفيذ الحكم، وهذا الأمر يضعف من الموقف التفاوضي للبنوك مع عملائها ويشجع العميل علي المماطلة واستئناف الأحكام الصادرة ضده لكسب الوقت وإطالة فترات التقاضي، فالعميل عندما يقتنع بسرعة وجدية الأحكام الصادرة ضده سوف يبادر بتسوية مديونياته مع البنوك. وطالب عبدالحكم بالتوسع في عدد الدوائر المتخصصة للفصل في القضايا الاقتصادية والمصرفية، مشيرا إلي أن قلة هذه الدوائر قد يترتب عليها تراكم في عدد القضايا، وبالتالي لن يتم الفصل في القضايا المصرفية بشكل سريع مما يسيء في النهاية للمناخ المصرفي والاقتصادي بشكل عام. من جهته، يري د. الغريب ناصر الخبير المصرفي أن قانون المحاكم الاقتصادية سيمثل آلية جديدة لسرعة الفصل في المنازعات المصرفية وفي قضايا المتعثرين الجادين، وبالتالي فإن هذا سينعكس بشكل إيجابي علي العميل والبنك، وأشار إلي أن طول إجراءات التقاضي قد يزيد من عثرة العميل ويؤدي لمضاعفة الفوائد وغرامات التأخير ليصبح العميل في وضع يصعب معه انعاشه أو تعويمه وقد يصل مشروعه للتصفية أو الإفلاس، كما أن بطء إجراءات التقاضي قد يؤدي لتعثر المشروع، وبالتالي لا يستطيع تحقيق تدفقات نقدية يسدد من خلالها الأقساط المستحقة للبنك، وقد يتوقف عن سداد القرض بأكمله، وفي النهاية يؤدي لتراجع أرباح البنك وعمل مخصصات لمقابلة هذه الديون المتعثرة مما يفوت علي البنك فرصة إعادة استثمار هذه الأموال لو تم استردادها من العميل. أما كمال محجوب نائب المدير العام ببنك مصر - إيران للتنمية فرأي أن القضاء المتخصص يسهم في زيادة كفاءة وحرفية القضاة، لأن القاضي الذي سيقوم بالفصل في المنازعات المصرفية سيكتسب خبرة بمرور الوقت من خلال ممارسته للعمل في هذه الدوائر واطلاعه بشكل دائم علي القوانين ذات الصلة بالمناخ المصرفي.