حمد بن جاسم: التنمية المستدامة أبرز تحديات المنطقة
قال مسئول عربي إن هناك تحديات كبيرة تواجه المنطقة في مقدمتها تأمين متطلبات التنمية المستدامة بغية الحد من الفقر، وخفض معدل البطالة والقضاء على التخلف. وقال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر ال ثاني خلال افتتاح أعمال المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2007 الذي انطلق أمس إن "التحدي الأكبر أمام تلك المشكلة العربية يتطلب تنظيم الصفوف وتحديد الأولويات واعتماد وتطبيق السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تكفل النهوض بصورة جادة وفاعلة". وأشار إلى أن ذلك التحدي لا يعتمد فقط على توفير الموارد بل يتعدى إلى السير بسبل الإصلاح السياسي وإرساء قواعد الحكم الرشيد وما يتفرع عنه من أساليب المساءلة والشفافية والقضاء على الفساد. وكشف النقاب عن إن ما تعلنه البيانات من معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي ومن تحسن في الأرقام الإجمالية لموازين المدفوعات العربية والذي يعزى في أساسه إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية في السوق العالمية يجب ألا يقودنا إلى إغفال أوجه الضعف في الأداء الاقتصادي من منظور التنمية المستدامة. وقال رئيس الوزراء القطري في كلمته التي أوردتها وكالة الأنباء الكويتية "كونا" إنه تقع علي عاتق المؤتمر مسؤولية كبيرة في سبيل استكشاف المستقبل ومعرفة امكانات النجاح للأمة العربية معربا عن أمله بان يبحث المشاركون في كل ما من شأنه إزالة العراقيل التي تعطل النجاح في اللحاق بركب الأمم المتقدمة. ويشارك في المؤتمر الذي يعقد تحت شعار(رؤية للقمة الاقتصادية..بماذا يوصي المصرفيون ورجال المال والاستثمار)، نخبة من كبار ممثلي الحكومات والجهاز المصرفي ووزراء الاقتصاد والتجارة والمال وخبراء اقتصاديون وماليون بارزون من المنطقة العربية والمجتمع الدولي. وقد وصف تقرير حديث لصندوق النقد الدولي ارتفاع معدلات التضخم والبطالة في منطقة الشرق الأوسط بالمقلق، مشيرا في الوقت ذاته إلى استدامة معدل النمو في المنطقة للعام الجاري وذلك بالرغم من الأزمة التي شهدتها الأسواق العالمية جراء أزمة الرهن العقاري بالولايات المتحدة. وتوقع تقرير صندوق النقد الذي جاء تحت عنوان "آفاق الاقتصاد العالمي حول الشرق الأوسط وآسيا الوسطي لعام 2007" أن يصل معدل التضخم إلى 9% في الدول المصدرة للنفط على أن تستعيد هذه المعدلات استقرارها في المنطقة في عام 2008. كما عبر عن قلقه من ارتفاع معدلات التضخم في العراق وعزاها إلى المشاكل الأمنية والنقص في السلع الرئيسية هناك. وأوصى الصندوق صناع القرار في الدول التي تواجه الفقر والبطالة توفير استدامة مالية والاستمرار في تطوير القطاع المالي والتنوع الاقتصادي وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في توسيع الاقتصاد. وأشار التقرير إلى أن عدد الناس الذين يعيشون تحت خط الفقر (أي اقل من دولار واحد في اليوم) انخفض بنسبة 20 % من 2002 إلى 2004 وأصبح 90% من الناس نفاذ إلى الكهرباء والموارد المالية. وذكر تقرير صندوق النقد أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حافظت على استقرار النمو فيها الذي وصل إلى 6% فيما المغرب العربي سجل نسبة 5%، مؤكدا أن المنطقة أصبحت تساهم ما بين 3 إلى 6% من الصادرات العالمية. وعزا صندوق النقد أن الدافع وراء هذا الأداء هو الارتفاع في أسعار المنتجات النفطية وغير النفطية متوقعا ان يحافظ هذا النمو على معدل 6 إلى 7% في عام 2008. وأضاف أن الأنشطة الاقتصادية غير النفطية ساهمت في رفع معدل نمو الناتج المحلي فيما تضاعف تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة منذ عام 2002 ليصل إلى 80 مليار دولار في عام 2007. وعلي الصعيد الخليجي فقد أكد خبراء اقتصاديون على ضرورة إعادة هيكلة نمط النمو الاقتصادي الخليجي بهدف الانتقال من مرحلة الدول النامية إلى مرحلة الدول النامية حديثة التصنيع. وقال الخبراء إن أنماط النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي استنفدت عناصر قوتها وديمومتها وخاصة على صعيد توفير الوظائف المناسبة لمئات الآلاف من الشباب الخليجي. وأشار الخبير الاقتصادي والأمين العام لمركز البحرين للدراسات والبحوث الدكتور عبد الله الصادق إلى ان نمو المنطقة ارتبط بشكل أساسي على نمو سوق العمل الذي اعتمد بدوره على تدفق العمالة الأجنبية وأغلبها من العمالة غير الماهرة، حيث شهد العقدان والنصف الماضيان زيادة في العمالة الأجنبية في أسواق العمل بدول الخليج بمعدلات مرتفعة، فارتفع حجم هذه العمالة من 12 ,1 مليون عام 1975 إلى 7 ,7 ملايين عامل عام 1990 وليصبح 1 ,8 ملايين عامل عام 2002. وتمثل العمالة الأجنبية في المتوسط 60 إلى 70% من إجمالي العمالة بدول الخليجي العربية. ودعا الخبير الاقتصادي في دراسته لاعتماد سياسات لتطوير الجوانب الاجتماعية المتصلة بنماذج التنمية الاقتصادية بدول المجلس وهي وضع استراتيجية واضحة للتنمية الاجتماعية وتبني سياسات الماكرو اقتصادية (معدل نمو اقتصادي مستديم ومعدل بطالة منخفض واستقرار الأسعار) وإعادة هيكلة سوق العمل وتعزيز البنية المؤسسية للأنشطة الاقتصادية غير المنظمة ومكافحة الفقر. ويرى خبراء أن إعادة هيكلة سوق العمل في دول المنطقة يجب أن ينطوي على التعامل مع ثلاثة تحديات أساسية وهي السبل المختلفة لإعادة هيكلة سوق العمل وثانيا دور القطاع الخاص في توظيف الأيدي العاملة المحلية وثالثا دور التدريب في إيجاد عمالة ماهرة وموائمة لإعادة هيكلة سوق العمل. ويؤكد الخبراء أن الهدف من إعادة هيكلة سوق العمل هو خلق انسجام بين جانبي العرض والطلب وبحيث يلبي المعروض من الوظائف احتياجات الطلب عليها، وليس كما هو حاصل حاليا حيث ان هناك عرضا من الوظائف ولكن لا يلبي احتياجات الطلب. وعند النظر إلى وضع الفقر والبطالة في بعض الدول العربية نجد أن العراق الذي كان بمقدوره أن يصبح واحداً من أغنى الشعوب في العالم يعيش اليوم ضمن أدنى درجات الفقر، حيث تصل نسبة البطالة فى البلاد إلى 50%، فيما وصل عدد العاطلين عن العمل في بغداد وحدها إلى أكثر من مليون عاطل. وقد حذّرت منظمة حقوقية من التدهور المعيشي في سوريا ووصفته ب "المرعب"، مشيرة إلى ان هذا التدهور سيؤدي إلى "محو الطبقة الوسطي" في البلاد. فيما أكد د. عثمان محمد عثمان، وزير الدولة للتنمية الاقتصادية في مصر أن نسبة الفقراء في بلاده بلغت نحو20% بما يعادل 14 مليون مصري. وأشار إلى أن الدولة تسعى لخفض نسبة البطالة ما بين 10% و12% والوصول بمعدلات البطالة إلى نحو 5%.