العبور الثانى للدولة المصرية    تغيير الاستراتيجيات وتطوير الجيش المصرى    السيسى حامى الثورة و مؤسس الجمهورية الجديدة    مصطفى فتحي راتب…. وجه جديد فى قيادة الجبهة الوطنية بالمنيا.    تنفيذ قافلة بيطرية مجانية بعزبة نظيف في طنطا    هبوط جماعي لأسواق الأسهم الأوروبية مع ترقب الاتفاق التجاري بين أمريكا والصين    تسليم مساعدات مالية وعينية ل 70 حالة من الأسر الأولى بالرعاية في المنوفية    «التعليم العالي»: 21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب البحثي الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    الاحتلال يطلق النار على منتظري المساعدات في غزة ويسقط مئات الشهداء    التشكيل الرسمي لمواجهة صن داونز وفلومينينسي في كأس العالم للأندية    شوبير: رحيل أفشة عن الأهلي «كلام مش قرار»    لجنة التعاقدات في غزل المحلة تواصل عملها لضم أفضل العناصر المرشحة من عبد العال    فوز رجال الطائرة الشاطئية على النيجر في بطولة أفريقيا    رغم ارتفاع الحرارة.. إقبال متوسط على شواطئ الإسكندرية    مصطفى كامل يطرح خامس أغانى ألبومه بعنوان "ناقصة سكر"    مينا مسعود يخطف الأنظار ب "في عز الضهر".. والإيرادات تقترب من 3 ملايين في أسبوعه الأول    هل شريكتك منهن؟.. نساء هذه الأبراج مسيطرة وقوية    تليفزيون اليوم السابع يرصد لحظة فك كسوة الكعبة لتركيب الجديدة (فيديو)    أستاذ علاقات دولية: إيران وإسرائيل وأمريكا يرون وقف إطلاق النار انتصارا    خالد الجندي يوضح الفرق بين «إن شاء الله» و«بإذن الله»    ما حكم الزواج العرفي؟ أمين الفتوى يجيب    هيئة الشراء الموحد توقع اتفاقية مع شركات فرنسية لإنشاء مصنع لتحديد فصائل الدم    علاج 686 شخصًا مجانًا في قنا.. وحملة توعية لتحذير المواطنين من خطورة الإدمان    رئيس الوزراء: مصر نجحت في إنتاج وتصنيع أجهزة السونار محليًا لأول مرة    محافظ بورسعيد: هذه إنجازات الدولة المصرية على أرض المحافظة خلال عام    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: إقامة كأس مصر خلال تحضيرات المنتخب لكأس الأمم    الزمالك يستعيد أرض مرسى مطروح بحكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا    الصين: مستعدون للعمل مع "بريكس" لإحلال السلام في الشرق الأوسط ودعم الأمن الإقليمي    أيمن سليم: "عبلة كامل حالة استثنائية وهتفضل في القلب"    مصرع طفل غرقا في بحر يوسف ببني سويف    أجمل عبارات ورسائل التهاني بمناسبة رأس السنة الهجرية الجديدة 1447ه    بعد قليل.. الإفتاء تعلن موعد أول أيام العام الهجري 1447    الإفتاء تكشف عن حكم التهنئة بقدوم العام الهجري    صلاة البراكليسي من أجل شفاء المرضى وتعزية المحزونين    محافظ الغربية يتابع سير العمل بمشروع الصرف الصحي في عزبة الناموس بسمنود    الاتحاد العربي للفنادق والسياحة يُكلف محمد العجلان سفيرًا للاتحاد.. ويُشكل الهيئة العليا للمكتب بالسعودية    شرب الماء أثناء الأكل يزيد الوزن- هل هذا صحيح؟    الحرية المصرى: 30 يونيو استردت هوية الدولة المصرية.. والاصطفاف الوطني "ضرورة"    زد يضع الرتوش النهائية على صفقة ضم خالد عبد الفتاح من الأهلي    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن قبل دخولها المجال الجوي    «يومين في يوليو».. «المحامين» تعلن موعد الإضراب العام اعتراضًا على الرسوم القضائية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    الرقابة الإدارية تنفى صدور أى تكليفات لها بضبط عضو نيابة عامة أو ضباط    عاطل يقتل شقيقه السائق بعيار ناري خلال مشاجرة بسبب خلافات بشبرا الخيمة    الرقابة الإدارية توكد عدم صحة ما تداول بشأن ضبط أحد أعضاء الهيئات القضائية    «النداهة».. عرض مسرحي في «ثقافة القصر» بالوادي الجديد    من البحر إلى الموقد.. كيف تؤمن سفن التغويز احتياجات مصر من الغاز؟    الأمم المتحدة: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران فرصة لتفادي تصعيد كارثي    محافظ الجيزة يتابع ميدانياً جهود إطفاء حريق بمخزن دهانات بمنطقة البراجيل بأوسيم    المشاط تبحث مع المنتدى الاقتصادي العالمي تفعيل خطاب نوايا «محفز النمو الاقتصادي والتنمية»    الأونروا: نواجه وضعا مروّعا يعيشه الفلسطينيون بقطاع غزة    "طموحي بلا حدود".. وزير الرياضة يشهد تقديم المدرب الجديد لمنتخب اليد    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    تطور قضائي بشأن السيدة المتسببة في حادث دهس "النرجس"    خالد عبد الغفار يوجه بضرورة تطوير التقنيات الحديثة في مجال الصحة الرقمية    صور جديدة تظهر الأضرار اللاحقة بمنشآت فوردو وأصفهان ونطنز    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهات نارية في كأس العالم للأندية    رسميًا درجات تنسيق الثانوية العامة 2025 في بورسعيد.. سجل الآن (رابط مباشر)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤرخ إسرائيلي يروي حياة الملك حسين ..في الحرب والسلم
نشر في محيط يوم 04 - 07 - 2009


كتاب يرصد حياة الملك حسين في الحرب والسلم
محيط - رانيا صالح
عادة ما تقتصر المؤلفات الغربية التي تتناول الصراع العربي الاسرائيلي على دور الولايات المتحدة واسرائيل في تعزيز سبل السلام في الشرق الأوسط, الا أن "أسد الأردن" للمؤرخ المشهور ايفي شليم جاء ليقدم قضية الصراع ليس من وجهة نظر أمريكية أو اسرائيلية انما من وجهة نظر أردنية, وذلك بالتركيز على حياة الملك حسين (1935 – 1999) ودوره في الحرب والسلم وطبيعة تورطه في القضية الفلسطينية وحقيقة وأسباب اتصالاته السرية مع اسرائيل والتي توجت بتوقيع معاهد ة سلام عام 1994.
ولد ايفي شليم مؤلف الكتاب لأسرة يهودية في بغداد عام 1945ونشأ في اسرائيل وحصل على تعليمه الجامعي في جامعة كامبردج بالمملكة المتحدة. وهو أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أكسفورد ويعتبر من أهم وأشهر المؤرخين الاسرائيلين الجدد المعروف بآرائه المتعاطفة مع القضية الفلسطينية والتي تحمل الكثير من النقد لسياسات كل من الولايات المتحدة واسرائيل.
يأتي الكتاب في 752 صفحة من القطع المتوسط ويغطي الجزء الأول منه الصعود الهاشمي مع انهيار الامبراطورية العثمانية وظهور الأردن الحديثة مع لمحات من طفولة الملك حسين ووصف للملابسات التي صنعت منه ملكا. ويتناول الجزء الأكبر من الكتاب فترة ما بعد 1967مع التركيز على جهود الملك حسين المبذولة لاستعادة الضفة الغربية والقدس الشرقية ومرورا بالعقبات والمطبات التي واجهته وقراراته التي شكلت تحديا حقيقيا لتحقيق التوازن بين مصلحة مملكته وكسب رضا الأطراف الأخرى والتي تتمثل في اسرائيل وفلسطين والعالم العربي والقوى العظمى.
يقول المؤلف : هذا النهج الوسط الذي اتخذه حسين لم يكن من اختراعه انما ورثه عن أجداده الهاشميين المنحدرين من الحجاز من الجزء الغربي من شبة الجزيرة العربية والذين يرجع نسبهم الى الرسول صلى الله عليه وسلم.
اتخذ الهاشميون دورا سياسيا بقيادة الجد الأكبر حسين بن على (1852 – 1931) وذلك بصراعهم مع ثورة الشبان الأتراك عام 1908 الذين قرروا الانضمام الى الحرب الى جانب ألمانيا مما خلق فرصة للهاشميين بالتحالف مع بريطانيا وفقا للمثل العربي القائل: "عدو عدوي صديقي". كان حسين آنذاك شريف مكة المكرمة وله أربعة أولاد: على وعبدالله وفيصل وزيد. كانا عبد الله وفيصل هما أكثر أولاده طموحا وقد لعبا دورا رئيسيا في اقناع والدهما بتولي قيادة الثورة العربية ضد الحكم العثماني.
تآمر حسين بحذر من أجل تحقيق طموحه لاقامة مملكته الهاشمية. فقد تفاوض في هذا الشأن علنا مع الأتراك وسرا مع بريطانيا. رفض الأتراك لطلباته جعله يميل أكثر في اتجاه بريطانيا. وباندلاع الحرب العالمية الأولى في أغسطس 1914 أصبحت بريطانيا أكثر تقبلا لعروضه.
ومع انتهاء الحرب كانت الامبراطورية العثمانية قد فقدت جميع مقاطعاتها العربية في حين أصبح الأمراء الهاشميين المتحدثين الرسميين بلسان القضية العربية القومية في مؤتمر فرساي للسلام عام 1919 , و لمساهماتهم في المجهود الحربي لصالح قوات التحالف ضد الأتراك وعدتهم بريطانيا "سرا" بدعم استقلال الدول العربية لتكون تحت امرتهم.
الملك حسين في رحلته الأخيرة يصلى فور وصوله أرض الأردن
وفي الكتاب نقرأ .. لم يستطع حسين الصبر حتى يرى حلم مملكته الهاشمية أمامه حقيقة – والتي من المفترض أن تشمل شبة الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق مع تمثيل أولاده كنواب على هذه الدول في ظل النفوذ والتوجيه البريطاني – فأعلن نفسه "ملك البلدان العربية". في البداية رفضت بريطانيا الاعتراف به ثم اعترفت به كملك للحجاز فقط.
وجاءت الرياح بما لاتشتهي السفن حين وقعت بريطانيا وفرنسا اتفاقية سايكس بيكو سرا في مايو 1916 مفادها تقسيم الهلال الخصيب الذي يضم سوريا الحديثة ولبنان والعراق والأردن وفلسطين الى مناطق ذو نفوذ بريطاني وفرنسي وهي البلاد التي وعدت بريطانيا باعطائها لحسين. كما وعدت الحكومة البريطانية اليهود "علنا" عام 1917 أثناء الحرب بتمكينهم باقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين. وهنا نجد أن أرض فلسطين قد وعدت مرتين من قبل بريطانيا.
ويؤكد المؤلف أنه عندما وصل هذا الاعلان الى مسامع "حسين" انزعج بشدة وطلب من بريطانيا توضيح معناه. أكدت بريطانيا في رسالة وجهت له تأكيد الحلفاء باعطاء العرب فرصة كاملة لتشكيل وطن قومي لهم يكون هو ملكا عليه. فتوهم بان استيطان اليهود في فلسطين لن يتعارض مع استقلال العرب في هذا البلد الذي سيصبح تحت امرته. الا أن موقفه ما لبث أن تغير مع رفض بريطانيا بالاعتراف باستقلال العرب في فلسطين. وهنا شعر حسين بالخيانة وأيقن أن بريطانيا قد خرقت عهدها معه.
ايفي شليم
ضاعت فلسطين وتشرد أكثر من 700,000 فلسطيني ليصبحوا لاجئين منتشرين في جميع أنحاء المعمورة , منهم 450,000 استوطنوا داخل الأردن.
لم يكن عبد الله على علاقة جيدة بولديه طلال ونايف . وكان أحب الأحفاد الى عبد الله هو حسين بن طلال والذي توسم فيه مع صغر سنه خلفا له قادرا على الحفاظ على السلالة الهاشمية.
وصف حسين في مذكراته تعلقه بجده وكتب عن الأوقات الكثيرة التي كانت تجمعهما بشكل يومي. وبالتالي كان بديهيا أن يصطحب الجد حفيده ذو الخمسة عشرة عاما لأداء صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى يوم اغتياله. هذا اليوم الذي مازال حسين يستذكره في حياته كأنه حدث بالأمس القريب والذي ترك أثرا واضحا في نفسه وتحولا كبيرا في شخصيته. بدأ هذا اليوم بتصميم من الجد بأن يثبت حسين وساما على صدره ليتوجها معا بعد ذلك الى المسجد الأقصى يرافقهما الحرس الشخصي. وما أن دلفا الى داخل المسجد حتى رآهما شيخ الجامع الكبير الذي أتى لتحية الملك وتقبيل يده.
في هذه اللحظة تراجع الحراس قليلا للوراء ليفسحا المجال للشيخ, فاذا بشاب فلسطيني يخرج من خلف باب المسجد ويطلق من مسدسه عدة أعيرة نارية لتصيب احداها أذن الملك فترديه قتيلا في الحال وأخرى وجهت لصدر حسين الذي شعر بصدمتها الا أنه اكتشف في وقت لاحق بأن الرصاصة قد أصابت الوسام الذي على صدره وبالتالي فان اصرار جده على ارتدائه قد انقذ حياته.
في 6 مارس عام 1951, نودي طلال بن عبد الله ملكا للبلاد خلفا لوالده الا أنه أجبر على التنحي لظروفه الصحية وأعلن ابنه حسين ذو السبعة عشرة عاما خلفا له. وعندما أتم حسين الثامنة عشرة طبقا للتقويم الهجري في 2 مايو عام 1953 تم تنصيبه ملكا للبلاد وأخيه حسن فيما بعد وليا للعهد.
يقول مؤلف الكتاب :كانت أصعب مشكلة واجهت الملك حسين هي المشكلة الفلسطينيه التي فضل أن يتخذ نهج جده المعتدل في التعامل مع الصهاينة, كما أنه شجع اندماج الفلسطينين مع الأردنيين ليكونا نسيجا واحدا من المجتمع الأردني وهذا لم يكن سهلا في الوقت الذي يلقي الفلسطينيون باللوم على جده لخيانة قضيتهم , السبب الذي أدى الى اغتياله. يرى الكاتب أن العلاقة الثلاثية بين الأردن واسرائيل وفلسطين من الصعب تحليلها وأنه يمكن ادماج اتصالات حسين السرية مع قادة اسرائيلين بارزين في الاطار الأوسع لسياسته الخارجية.
كان موقف مصر من الأردن يشكل مشكلة أخرى تؤرق بال الملك لا سيما مع سطوع شمس الرئيس جمال عبد الناصر بوصفه زعيما للعالم العربي ، وضع الأردن في موضع المتآمر أو الخائن كان فحوى آلة الدعاية المصرية مما أثر بالسلب على الاستقرار داخل الأردن.
يرى معظم المؤرخين أن سنة 1955 كانت عاما حاسما في حكم الملك حسين. فقد شهد هذا العام حلف بغداد كمحاولة غربية لصنع من الشرق الأوسط تحالف دفاعي لعرقلة تقدم الاتحاد السوفيتي. فأصبحت بذلك الأردن قمرة القيادة لاثنتين من الحروب الباردة التي تجري في وقت واحد: الحرب الباردة بين الشرق والغرب والحرب الباردة بين الرئيس جمال عبد الناصر ومنافسيه.
كان حلف بغداد الاسم الغير رسمي لمعاهدة الدفاع التي تمت بين العراق وتركيا في 24 فبراير عام 1955. وقد سبقها اتفاق بين تركيا وباكستان واتفاقيات مساعدات عسكرية ثنائية بين الولايات المتحدة وهذه الدول الثلاث. كما انضمت الى الحلف كل من بريطانيا وباكستان وايران وكان من المتوقع انضمام الولايات المتحدة ولكنها غيرت رأيها.
اعتبر ناصر هذا الحلف ما هو الا مؤامرة من قبل بريطانيا والعراق وخيانة للمصالح العربية وأن التهديد الحقيقي لأمن مصر والعالم العربي يكمن في اسرائيل وليس في الاتحاد السوفيتي. ولأن الاردن والعراق تربطهم صلة دم هاشمية فقد كانت إذاعة القاهرة كثيرا ما كانت تربط بين البلدين في هجماتها عليهما.
عقد ناصر اجتماع قمة في القاهرة في الفترة ما بين 13-17 يناير عام 1964 دعا فيه جميع رؤساء الدول العربية. اعتبرت هذه القمة انطلاقة جديدة للسياسة العربية, فقد تم الاستعاضة عن "وحدة الاهداف" ب "وحدة الصفوف". هذا النهج الجديد مكن الأردن من العودة الى حظيرة الدول العربية وكان احدى النتائج الايجابية للقمة هو الاتفاق على وضع حد للشتائم بين الدول العربية في الاذاعة والصحافة.
جمال عبدالناصر
توصلت القمة الى ثلاثة قرارات: تحويل المياه من روافد نهر الأردن قبل دخولها أراضي اسرائيل وتشكيل قيادة عربية متحدة للتصدى للعمليات العسكرية المحتملة من قبل اسرائيل وتشكيل الكيان الفلسطيني.
القرار الأكثر أهمية والذي أقلق حسين هو ما يتعلق بانشاء منظمة التحرير الفلسطينية لتتكلم عن الفلسطينيين.
اعترف حسين بالمنظمة من باب أنها لم تنشأ لأخذ الضفة الغربية من الأردن ولكن لتحرير فلسطين من اسرائيل, أي أن الهدف الحقيقي هو اسرائيل وليس الأردن. ولكن ما لم يحسبه في ذلك الوقت هو أن الضفة الغربية كانت جزءا من فلسطين والمنظمة ملزمة بادراجها في خطتها لانشاء كيان فلسطيني. وبالتالي على المدى البعيد أصبحت المنظمة تشكل تهديدا للأردن.
مازلنا مع الكتاب الهام والذي يذكر مؤلفه أنه في 13 نوفمبر 1966 شن الجيش الاسرائيلي هجوما مدمرا على قرية السموع جنوب الخليل في الضفة الغربية على بعد نحو أربعة أميال من الحدود مع اسرائيل كانت سببا لدفع الأردن لخوض حرب 1967. كانت البداية بتسلم ناصر تقرير خاطئ من المخابرات السوفيتية ادعت فيه بأن اسرائيل تحشد قواتها على الحدود السورية. فطرد ناصر قوة الطوارئ التابعة للأمم المتحدة من قطاع غزة وسيناء وأغلق مضيق تيران أمام الملاحة الاسرائيلية ونشر القوات المصرية في سيناء. يرى المراقبون انه لم يكن يهدف الى الهجوم على اسرائيل انما ما فعله كان مناورة سياسية تهدف لردع اسرائيل عن مهاجمة سوريا.
في ذلك الوقت تسلم حسين رسائل من اسرائيل تحثه بعدم التورط في الحرب وأنها ليس لديها النية بخوض حرب مع الأردن. دخلت الجيوش الأردنية الحرب تحت امرة عبد المنعم رياض الذي تلقى معلومات مغلوطة وأوامر من عبد الحكيم عامر تعكس صوره غير حقيقة للوضع والتي في ضوئها خسر الأردن الضفة الغربية والقدس الشرقية.
فتحت حرب يونيو صفحة جديدة في حياة الملك حسين, فقد أصبح شاغله الرئيسي في الفترة التي تلت الحرب هو التقاط الأجزاء المبعثرة من تراب الأردن. حضر حسين قمة الخرطوم للزعماء العرب والتي انتهت باعتماد ثلاثة "لا" الشهيرة: لا للتفاوض ولا للاعتراف ولا للسلام مع اسرائيل. كان هذا يمثل هدية لاسرائيل لترسيخ فكرة تعنت العرب وعدم قدرة الجامعة العربية على صياغة سياسة واقعية.
لم يفق حسين بعد من صدمة 67 حتى منيت بلاده بحرب أهلية بين الجيش والفدائيين (1970 – 1971). وبدأت الصحف الغربية التعقيب على هذا الحدث بسرد قصص عن امكانية تخلي الملك حسين عن العرش في وقت قريب لفقده السيطرة على مملكته. كانت هذه التقارير لا تقوم الا على شائعات بعيده عن الحقيقة. بالعكس شكلت هذه الحرب الأهلية تحولا كبيرا في حياة الملك المهنية سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. فالحرب ساعدت على ظهور الهوية الأردنية. فقبل الحرب, كان حسين يبذل جهدا متواصلا لطمس الفروق بين الأردنيين والفلسطينين ومحاولة الوصول بجميع رعاياه ليصبحوا عائلة واحدة كبيرة وسعيدة. بعد الحرب, شرع حسين في أردنه الخدمات المدنية والجيش بعد أن أدرك أنه لا يمكن طمس الفوارق أبدا بين الطرفين.
انتصار حسين على الفدائيين مكنه من فرض سيطرته على الضفة الشرقية ولكن ترك العديد من القضايا غير محسمة فيما يتعلق بمستقبل الضفة الغربية.
ويذكر الكتاب أن دعا الرئيس أنور السادات حسين للانضمام اليه والى الرئيس حافظ الأسد لقمة مصغرة بالقاهرة لمدة ثلاثة أيام بدءا من 10 سبتمبر 1973. لم يعرف حسين وقتها أن في فترة وجوده بالقاهرة اجتمع السادات بنظيره السوري سرا لوضع اللمسات الأخيرة على خطة حرب مشتركة بينهما. وما لم يعرفه الأسد أن السادات كان لديه خطة حرب منفصلة, فقد اتفق الزعيمان على خوض حرب لتحرير أراضيهما المحتلة, لكن السادات خطط فقط لحرب محدوده لتنشيط العملية السياسية.
شارك حسين في حرب أكتوبر بارسال لواء مدرعات للدفاع عن الجولان. المفارقة التاريخية الغريبة هي أن هذا اللواء هو نفسه الذي تم ارساله في سبتمبر 1970 لمقاومة الغزو السوري للأردن. كما أرسلت كل من العراق والسعودية جيوشا الى سوريا. كان واضحا للعيان أنه لم يكن هناك أي تنسيق بين الجيوش المختلفة وأنها لم تكن حتى تتحدث الى بعضها, هذا بالاضافة الى أنه لم يحاول أحدا أن يقود الجيش الأردني لخط المواجهه.
أما اللواء السعودي فقد وصل الى الجولان ليلا وقرر النوم ليستيقظ في صباح اليوم التالي وقد أحاطت به الجنود الاسرائيلية!! خسر الجيش الاردني اثنتين وعشرين دبابه التهمتها النيران الاسرائيلية وسته كانت من نصيب النيران العراقية عن طريق الخطأ!! بعد أن خرست المدافع في سيناء و الجولان وجدت الطرق الدبلوماسية طريقها كبديل في 26 أكتوبر عام 1973, لتقدم مصر نفسها كأكبر وأقوى دولة عربية حليفا ثانيا للولايات المتحدة لتكون جنبا الى جنب اسرائيل. وبعد عقود من العقبات التي وقفت أمام تحقيق أي سلام مع اسرائيل, قاد الملك حسين المفاوضات التي أسفرت في النهاية عن توقيع معاهدة سلام أردنية اسرائيلية سنة 1994.
بدأت شمس حسين تخبو عندما شخصت الأعراض التي أصابته في يوليو 1998 بأنها نتيجة لأورام لمفاويه في مواقع متعدده من جسده استدعت مكوثة في مستشفى مايو كلينيك في روتشستر بولاية مينيسوتا الأمريكية للعلاج. وفي 19 يناير من 1999, أدى حسين رحلته الأخيرة الى الأردن ليصدر مرسوما ملكيا باستبعاد أخيه حسين من ولاية العهد وتعيين ابنه عبد الله خلفا له. من بعدها أخذت صحة الملك حسين منعطفا خطيرا ليفارق الحياة يوم الأحد 7 فبراير عن عمر يناهز ثلاثة وستين عاما محاطا بأفراد عائلته وأقاربه وعلى رأسهم الملكة نور بعد زواج دام احدى وعشرين عاما. نصب ابنه عبد الله ملكا ليصدر مرسوما ملكيا على الفور بتعيين أخيه الغير شقيق حمزه وليا للعهد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.