في الملحق الاسبوعي لصحيفة "هارتس"، الذي تضمن جملة تقارير تحت عنوان "رياح الحرب" تصدر غلافه الخارجي، صورة كاريكاتورية لطائرة نفاثة يقودها نتنياهو وباراك، تحت عنوان " غيوم تتكدر" لعاموس هارئيل ، وسؤال هل هناك خطر فعلي لنشوب حرب ام هي حرب نفسية؟ يقول هارئيل ، اذا كان الموضوع يتعلق بالقدرة العسكرية فلا جدال أن الجيش الإسرائيلي تطور في السنوات الأخيرة ، واضاف هارئيل ان جزء من القلق الأمريكي ينبع من القدرات التي أظهرتها تدريبات سلاح الطيران الاسرائيلي ولكن الموضوع لا يتعلق باغتيال قائد عسكري فلسطيني من شأن المس به ان يؤدي الى انهيار لوقف اطلاق النار المؤقت، بل بقرار مصيري يتعلق بمستقبل اسرائيل بل المنطقة كلها، اذ ان المبادرين لاتخاذ هذا القرار عليهم ان يسالوا أنفسهم اذا كانت تل أبيب مبنية بشكل يمكنها من استيعاب ضربات مئات الصواريخ التي تحمل رؤوسا بزنة 300-400 كيلو جرام . السؤال الاخر الذي يفرض نفسه ويطرحه هارئيل هو ما هي قيمة الانجاز في مقابل الثمن الذي ستعه اسرائيل اذا قامت فعلا بضرب ايران ، ويجيب هارئيل على ذلك بان الضربة الاسرائيلية الاولى من الممكن ان تاخر المشروع النووي الايراني من عامين الى اربعة اعوام ، ولا يمكنها القضاء عليه نهائيا ، فهل هذا يوازي ما ستدفعه اسرائيل من جراء فعلتها ؟؟؟ وفي نفس الصحيقة كتب الكاتب الاسرائيلي يوسي ميلمان قائلا انه حتى لو افترضنا ان الإستخبارات ستكون قادرة على توفير معلومات مختلفة عن الاهداف التي يفترض توجيه ضربة لها، فمن المشكوك فيه ان سلاح الجو الاسرائيلي يمتلك قدرة ناجعة وجدية على ضربها. واضف ميلمان بناء على ابحاث اجريت خارج اسرائيل( بينها المعهد التكنولوجي في ماستشوتست )، ان سلاح الجو الإسرائيلي يستطيع ان يخصص لضربة من هذا النوع ما يفوق عن 100 طائرة بقليل ، وفيما يتعلق بالمسار حسب بحث أجراه المعهد المذكور فان الطيران في المسار الجنوبي الذي يمر فوق الأراضي السعودية هو مسار طويل جدا، سيضطر سلوكه من قبل الطائرات الاسرائيلية الى التقليل من حمولتها من القنابل، اما الطيران بالمسار الأوسط، فوق الاراضي الاردنية والعراقية فيتطلب تنسيقا مسبقا مع الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تعارض ضربة عسكرية ضد ايران، وسلوك المسار الشمالي الذي سلكته الطائرات الإسرائيلية في ايلول ،2007 في طريقها لضرب المفاعل النووي السوري، فانه خطر بسبب امكانية رصد الطائرات واكتشافها من قبل الاطراف المعادية. ويواصل ميلمان انه بسبب بعد المسافة التي تفصل مواقع الضربة عن اسرائيل، فان الطائرات تستطيع تنفيذ طلعة جوية واحدة يرافق ذلك التزود بالوقود جوا وهي عملية ليست سهلة وذلك بعكس سلاح الجو الأمريكي الذي يستطيع أن يخصص مئات الطائرات التي تستطيع كل واحدة منها تنفيذ عدة طلعات، ناهيك عن القدرة الامريكية على اطلاق صواريخ دقيقة الاصابة وموجهة بالليزر من البوارج الحربية الراسية في عرض البحر. ميلمان، يصل الى النتيجة التي وصلها هارئيل، حول نجاعة الضربة الإسرائيلية اذا ما تمكنت اسرائيل من اخراجها الى حيز الفعل مقابل رد الفعل الايراني القاسي، الذي سينطلق على شكل صواريخ تسقط على اسرائيل، مع او بدون صواريخ حماس حزب الله وسوريا، على حد قوله، بالاضافة الى امكانية تنفيذ عمليات في الخارج. اما المحلل العسكري أمير أورن، فقد شكك في استطاعة إسرائيل بالخروج الى مغامرة عسكرية ضد ايران، قائلا ان من يعتقد ان باستطاعة اسرائيل فعل ذلك بمفردها ينسى مدى ارتباط اسرائيل بالجيش الامريكي، حيث كتب تحت عنوان "عناق الدب" ان الجيش الإسرائيلي ليس مرتبطا فقط بالقوات الأمريكية، بل مربوط معها ولا يوجد هناك أي دليل يشير الى ان ادارة اوباما بمستوياتها المدنية والعسكرية من شأنها إفلات "رسن الكلب" بل أن جميع الدلائل تشير الى أن العم الامريكي يعانق أبن شقيقه الإسرائيلي بقوة بشكل يصعب على الجيش الإسرائيليي التحرر من قبضته. اورن يورد العديد من الأمثلة على هذا العناق بينها مناورة "اوستير تشيلينج" المشتركة التي ستجري في نيسان المقبل في أوروبا والوحدة الإسرائيلية التي تعمل في قاعدة في المانيا والرادار الامريكي المنصوب في النقب والسفينتان الحربيتان من طراز "ايجيس" المزودتان بالصواريخ اللتان من المفترض ان ترسو واحدة في الشواطئ الشمالية لإسرائيل والثانية في مركزها، بحيث يتشكل مثلثرصد يغلق على الصواريخ الإيرانية في حال وفودها ويتم ارسال صواريخ مضادة لها. اورن يروي عن لقاء قائد القوات البرية الأمريكية في اوروبا، مارك هرتلينج ونظيره الإسرائيلي سامي ترجمان وعن النتائج التي استفاد منها الامريكيون من حرب تموز 2006 ضد حزب الله والحرب على حماس في غزة وعن عمق العلاقة التي تربط القيادات العسكرية والمستويات المختلفة بين الجيشين وهو يشير في هذا الصدد، الى ان اسرائيل وجيشها هما عمليا مركبات مهمة في المنظومة الأمريكية ولذلك تواصل تمويلها لهما ولكن في النهاية هما،على حد قوله، مثل عجلات الطائرة فهي لاتستطيع أن تقف بدونهم على الأرض ولكن من الضروري لمهم عند الطيران. أورن يختم بالقول، ان تصريحات المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين، أحيانا توحي بأنهم نسوا من الطائرة ومن العجلات ولكن في واشنطن والبنتاغون يتذكرون. اليكس فيشمان المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت احرونوت" يسمي الأمور بمسمياتها الواضحة، حيث يفتتح مقاله المنشور في ملحق الصحيفة الأسبوعي بالقول، هذا مايحدث احيانا عندما يبدأ كلب "البولدوغ" الذي تربيه في الساحة لإخافة اللصوص بالتحرر من رباطه ويهدد بالخروج عن السيطرة. فيشمان الذي يكتب من واشنطن يقول، هنا يراقبون عناوين الصحف الإسرائيلية ويقولون اذا كان هناك من يعتقد بوجود ضوء أخضر لإسرائيل بتنفيذ ضربة عسكرية فهو مخطئ، لا يوجد حت ضوء اصفر بهذا الخصوص وفي البنتاغون والبيت الابيض غير مستعدين حتى السماع عن امكانية توجيه ضربة عسكرية ولكن يقولون من جهة ثانية، ان من يعتقد ان اوباما سيكون لديه مشكلة بسبب سنة الإنتخابات ان يقفق ويؤيد توجيه ضربة عسكرية لإيران فهو مخطئ. القدرة العسكرية التي طورتها إسرائيل مقابل إيران أستخدمت من قبل الولاياتالمتحدةالامريكية عصا للتلويح بها ضد طهران واسرائيل كانت الكلب الذي يتم افلاته من رباطه اذا تجاوزت ايران الخطوط الحمراء لقد تركت لهذا الكلب حرية النباح هنا وهناك ولكن اليوم قد يتخوفون في واشنطن من كون هذا الكلب لا يكتفي بالتكشير عن انيابه بل بدأ يتحرر من رباطه، يقول فيشمان.