فجر قرار لجنة شئون الأحزاب برفض الترخيص لحزب "البناء والتنمية" الذي تقدمت "الجماعة الإسلامية" به، ردود فعل منددة من قبل الجماعة ومنظمات حقوقية أعربت عن قلقها الشديد جراء ذلك وأبدت مخاوفها من أن يكون الرفض مؤشرًا على العودة إلى "المربع رقم واحد، خاصة مع إقرارها أكثر من حزب لقيادات سابقة بالحزب "الوطني" المنحل، بينما رفضت الترخيص للحزب بدعوى أن برنامجه مبني على أسس دينية، على الرغم مما تقوله الجماعة من أنه يتوافق مع المادة الثانية من الإعلان الدستوري التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وأبدت الجماعة تحديها لقرار اللجنة عبر الطعن على القرار الذي وصفه ب "الجائر" أمام القضاء باعتبار ان الحجج التي ساقتها اللجنة "غير صحيحة"، بعد أن جاء في نص قرارها: "إنه لما كان الواضح من برنامج الحزب أنه يقوم فى مجمله على أساس ديني بحت بالمخالفة لنص الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 المعدل، ذلك بأنه تضمن النص على ضرورة تطبيق الحدود الواردة فى الشريعة الإسلامية بتقنينها فى القانون الوضعي متجاوزا بذلك مجرد المرجعية الدينية". وأصدرت الجماعة بيانا قالت فيه إنها تعلن رفضها لقرار لجنة شئون الأحزاب، وترى أن القرار الذي اعتمد على الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية "معيب" لعدة أسباب أولها أنه اعتمد على أن برنامج الحزب يسعى لتهيئة المجتمع لتطبيع الشريعة الإسلامية، وتقنين الحدود تمهيدًا لتطبيقها. وأضافت إن هذا السبب لا يتصادم مع نص المادة الثانية من الإعلان الدستوري الذي ينص على أن الإسلام هو المصدر الأساسي للتشريع ومن ثَم لا يمكن تصور اعتبار السعي لتهيئة المجتمع لتطبيق الشريعة سببًا يستوجب منع تأسيس الحزب. واعتبرت أن قرار اللجنة يخالف أحكام المحكمة الدستورية الخاصة بتفسير مبادئ الشريعة الواردة في المادة رقم اثنين في الإعلان الدستوري بأنها عبارة عن جملة من الأحكام الشرعية القطعية، فهذا يعني أن ما ورَد في برنامج الحزب بشأن السعي لتهيئة المجتمع لتطبيع الشريعة بما فيها الحدود يتوافق مع التفسير، بما يعني أنه لا يمكن الاعتراض على تأسيس الحزب لهذا السبب. واتهمت الجماعة، اللجنة بأنها تعسفت في تفسير الشرط الوارد في قانون الأحزاب الخاص بعدم تأسيس الحزب على أساس ديني فجعلته يشمل منع أي حزب على أساس مرجعيته الإسلامية بدلاً من أن يقتصر هذا الشرط على منع الحزب الذي تكون عضويته على أساس ديني. من جهته، أعرب مركز "سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز"، عن قلقه الشديد وانزعاجه من رفض لجنة شئون الأحزاب تأسيس حزب "البناء والتنمية". ورأى أن القرار يمثل عودة لسياسات النظام البائد الذي كان يحاصر نشاط الجماعات الإسلامية، ويحرمها من ممارسة أي نشاط سياسي ويزج بهم بالسجون والمعتقلات دون وجه حق، خاصة وأن القرار يأتي بعد سلسلة قرارات تعبر عن تراجع كبير عن عملية التحول الديمقراطي التي بدأت بعد الثورة. وحذر المركز من أن القرار برفض الموافقة على الترخيص ل "الجماعة الإسلامية"، "يعيدنا للمربع رقم واحد من جديد، ويضر بالأمن والاستقرار في البلاد، ويدفع البعض للعمل في الظلام، ويحرم قطاع عريض من أبناء مصر الشرفاء من المنافسة السياسية الشريفة". ووصف القرار بأنه "معيب ومخالف لنص المادة الثانية من الإعلان الدستوري, ودستور 1971 , ومخالف أيضًا لما استقرت عليه أحكام المحكمة الدستورية العليا, التي توضح أن مبادئ الشريعة الإسلامية الموجودة في المادة الثانية من الدستور هي الأحكام قطعية الثبوت والدلالة". وأعرب عن خشيته من التأثير السلبي لذلك على الحياة السياسية في مصر، والتي تتطلب تضافر جهود كافة القوى والأحزاب السياسية الليبرالية والإسلامية لإثراء العمل الديمقراطي، ونقل مصر لمصاف الدول الغربية الحديثة. وأكد أن اختلاف وجهات نظر اللجنة عن وجهات نظر الحزب فيما يتعلق ببعض الأفكار الواردة في برنامج الحزب حول مسألة إقامة الحدود، لا يستدعى الرفض، بقدر ما يحتاج إلى التفسير والمراجعة، خاصة وأن حزب "البناء والتنمية" يرى أن الأفكار التي جاءت في أوراق الحزب تتفق مع نصوص القانون والدستور والشريعة الإسلامية، إذ تقر المادة الثانية من الإعلان الدستوري بأن "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".