قصر المعز لدين الله حينما تقرأ أو تسمع عنه تنتابك حالة من الذهول كأنك تسمع عن أسطورةخيالية وليست حقيقية حول نسج هذا القصور كأنه نسج العنكبوت لاتعرف أوله من آخره متشابك بدقة ومذهل بحال إنه أشبه بمستعمرة كبيرة, يشتمل علي كثير من دواوين الحكومة ودور السلاح وتم إمداده بالمياه تحسبا للحرائق, ولا يركب أحد في القصر إلا الخليفة. وكان للقصر مداخل كثيرة تفضي إلي أروقة متواضعة يقابل فيها المعز الناس, لأنه كان يحرص علي الظهور أمام الرعية بالتقشف, والجلوس علي اللباد ومن حوله الكتب! وكان هذا القصر أو قل المدينة الكبيرة مقرا للخليفة ونساءه ورجاله وعبيده وجنوده, وقيل أن بهذا القصر خمسة آلاف بشرى يسكنونه لايخرجون منه ولم يكن العامة من أهل مصر يدخلون فيه ، فلم يكن يسمح لأحد بالدخول دون تصريح, حتي السفراء ، وفى إحدى الروايات المأورة عن هذا القصر أن به سردابا كبيرا لايعرف أمره سوى الخليفة والقليل من المقربين له بعض أفراد وينتهى السرداب بممر طويل بطول القاهرة كاملة ينتهى إلى بيت خارج المدينة ويستخدم هذا وقت خروج الخليفة كان يخرج موكب كبير مزيف ليس فيه الخليفة يخرج فى المدينة وفى نفسالوقت ينزل الخليفة فى هذا السرداب ويدخل فى الممر حتى ينتهى إلى البيت الذى بخارج المدينة ومنها يذهب إلى أى مكان يريده وهذا يفسر لنا مدى خوف الخليفة المعز من الشعبومن هجمات القوط وعن المدينة التى أسسها الفاطميون فى مصر وهى المحروسة فكانت أيضا غاية العجب ، كانت جدرانها مرتفعة جدا, محروسة الأبواب, تمثل الغموض الذي كان يشغف به الخليفة, فسميت المحروسة. كان سمك السور كبيرا حتى أنه يسمح لفارسين بأن يركبا من فوقه متجاورين!.. وبوسط المدينة تقريبا كان يوجد ميدان فسيحا جدا يسع عشرة آلاف جندي للاستعراض فيه, و يفصل ما بين قصر المعز وهو القصر الشرقي العظيم( مكان أحد جوانبه الآن خان الخليلي والحسين) وقصر آخربناه العزيز ابن المعز( وكان جانب منه الآن مارستان قلاوون). وهذا الأخير كان يطل علي بستان كافور الواسع الذي كان يقع فيه بيت الإخشيد. وقد قيل لما دخل المعز مصر سأله ابن طباطبا العلوي عن نسبه, فجذب نصف سيفه من غمده وقال: هذا نسبي.. ثم أحضر كيسا فيه ذهب وفرقه علي الجند وقال: هذا حسبي!.. وهو لهذا دخل مصر ومعه ألف وخمسمائة جمل موسقة ذهبا ومن القماش والتحف ما لا يحصر!وكان جوهر الصقلي من الذكاء بحيث شق لنفسه بعد الفتح طريقا وسطا, بين الإدارة السنية وإدارته الشيعية, فبينما تظاهر بالإبقاء علي الموظفين المصريين في وظائفهم, أشرك مع كل واحد منهم موظفا مغربيا, ليتدرب المغاربة علي أعمال الدولة تمهيدا لإحلالهم مكان المصريين. يقول المؤرخ الأتابكي: إن المعز كان مغرما بقراءة الطالع والتنجيم, وحدث أن أخبره جماعة من الفلكيين بأن عليه تهديدا شديدا خلال شهور وأيام معينة, ونصحوه بالاختفاء في سرداب تحت الأرض حتي يزول التهديد, فأناب عنه ولده نزار( العزيز بالله فيما بعد) حاكما في أثناء غيابه يعاونه الوزير جوهر الصقلي, ثم نزل إلي سرداب وأقام فيه سنة ، يكمل ابن إياس هذه الحكاية الغريبة: فلما طالت غيبته علي عسكره ظنوا أنه قد تم رفعه إلي السماء, فكان الفارس إذا نظر إلي الغمام ينزل عن فرسه ويقول: السلام عليكم يا أمير المؤمنين.. وما زالوا علي ذلك حتي ظهر من السرداب, وهم يحسبون أنه كان في السماء!! لكن في عهده قامت لمصر حرمة, وصارت مستقلة اسما وفعلا, وحكم الخلفاء الفاطميون من مصر إلي الفرات ومكة والمدينة شرقا, وبلاد المغرب غربا.. وقد أصلح الأمير جوهر ما فسد من جسور وقناطر.. وأكثر المعز من الاحتفالات: مثل يوم عاشوراء, ومولد علي بن أبي طالب, ومولد فاطمة الزهراء, والحسن والحسين, والخليفة القائم, وأول رجب وغيرها.. كما شارك القبط احتفالات الغطاس, وخميس العهد, وعيد الميلاد, وتوفي سنة365 هجرية التي توافق975 ميلادية.