اتفاقية كامب ديفيد تثير تساؤلات عديدة جاءت الثورة المصرية في 25 يناير لتهز كيان العالم العربي والغربي سواء ؛ وجعلت حلفاء النظام السابق يضعون أيديهم علي قلوبهم حتي لا تنخلع رعبا من القيادة القادمة لإدارة شئون الدولة المصرية ؛ و هل ستحافظ علي المعاهدات والاتفاقات وعلاقات الصداقة التي أسسها النظام السابع ؛ خاصة الدولة القائمة علي الاحتلال (اسرائيل) التي تعيش حالة من الهلع بسبب فقدانها لنظام كانت واحدا من أكثر الأنظمة الصديقة لها في المنطقة وهو نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك .. و لم يهدأ خوف جيش الاحتلال الاسرائيلي سوي عندما أعلن الجيش المصري عن التزامه بالحفاظ علي كافة المعاهدات والاتفاقات الدولية التي وقعت عليها مصر من قبل. خبراء سياسيون أكدوا ل " مصر الجديدة " أن الأوضاع سوف تختلف في العلاقة بين مصر و دول المنطقة مابين الإيجاب و السلب ؛ حيث أنهم أكدوا أن العلاقات سوف تتحسن مع غالبية دول المنطقة وعلي رأسها الدول العربية فيما قد تسوء العلاقة بين مصر و إسرائيل ؛ حيث توقعوا وقوف النظام القادم و تحت ضغط الشعب إلى جانب الشعب الفلسطيني ، إلا أنهم عادوا ليؤكدوا حرص أي قيادة مصرية تتولى المسؤلية علي الحفاظ علي حالة السلم القائمه بين مصر و إسرائيل لكن اللهجة في الحوار سوف تتغير . بينما على الجانب الآخر سعت وسائل الإعلام الإسرائيلية منذ اندلاع الثورة المباركة في 25 يناير لرسم صورة مستقبلية للشكل الذي يمكن أن تكون عليه هذه العلاقات مستقبلا بعد سقوط نظام مبارك . و قد اعتبر بعض المراقبين في إسرائيل أن ما يحدث في مصر هو أسوأ كابوس استراتيجي في السنوات الأخيرة و قد يقود إلى انهيار معاهدة السلام مع مصر التي تعتبر حجر الزواية في السياسة الإسرائيلية الإقليمية علي مدى العقود الثلاثة الماضية ، و لكن السواد الأعظم من الخبراء و المعلقين الإسرائيليين يرى أنه من الممكن جدا أن تكون هناك نسخة معدلة من نظام مبارك تحافظ علي السلام البارد مع إسرائيل لكنهم يرون أن السيناريو الأكثر سوء في هذا الصدد هو صعود القوى الديموقراطية أو الإسلامية إلي السلطة و ولاية نظام يشكل تهديدا عسكريا كبيرا علي الحدود الجنوبية لإسرائيل . كما تكمن مخاوف تل أبيب في الأساس من وصول نظام معادي لها إلى سدة الحكم في القاهرة الأمر الذي سيلزمها بضرورة إعادة النظر في الاستراتيجية العسكرية و إعادة هيكلة قواتها ، فهي ترى أن وصول نظام كهذا سيعنى أن مصر سوف تدعم نظام حماس في غزة المجاورة و بالتالي سوف تساعد الحركة على أن تستمر في العمل ضد إسرائيل . و أضافوا إلى ذلك أن سقوط نظام مبارك فى مصر سيؤدى إلى تغيير النظام فى الأردن و بالتالي ستجد إسرائيل نفسها في مواجهة التهديد العسكرى على الحدود الشرقية كما كان قبل عام 1977 من الفلسطينين و الأردنيين و بالتالي سيشكل تحديا عسكريا مشتركا من مصر و لبنان و سوريا و الأردن إضافة إلى خطر إيران المتمثل في سعيها للحصول على الاسلحة النووية . و من جانبه تحدث د . سيد عوض عثمان خبير الشئون العربية و الدولية أن مستقبل العلاقات المصرية الاسرائيلية سوف لا يكون على نفس الدرجة والوتيرة التى كان عليها قبل 25 يناير و أن هذه العلاقات سوف تشهد نوعا من البرود النسبى دون أن يمتد إلى قطع العلاقات بين الطرفين ، كما فسر بعض المحللين بعد سقوط نظام مبارك , مضيفا إلى ذلك أن معبر رفح سوف يشهد قدرا كبيرا من المرونة و تسهيل حركة عبور الفلسطينيين إلى مصر و العكس . موضحا أن هناك شبه إجماع شعبي مصري على رفض تلك العلاقات المشبوهة التى كان يستفيد منها فقط المقربون من النظام الغابر فهناك على سبيل المثال مخاوف صهيونية متصاعدة من وقف إمدادات الغاز الطبيعي المصري التي تقدر بنحو 1.5 مليار متر مكعب سنويا بعد توقفه حتى الآن و لأجل غير معلوم بعد تعرض خطوط أنابيب الغاز الدولية لعمل تخريبى أثناء أحداث الثورة المصرية . و أكد على أن العلاقات بين الطرفين على المحك و قابلة للتعديل دون أن يتم إلغاء معاهدة كامب ديفيد . أما د. سعيد عكاشة الخبير السياسي يرى أن السلطات الإسرائيلية تعتبر ما يحدث فى مصر يشكل تغيرا استراتيجيا لن تعرف ملامحه النهائية إلا بعد الانتهاء من المرحلة الانتقالية التى يقودها الجيش المصرى و الذى سيقوم بإعداد الظروف المناسبة للدخول فى انتخابات برلمانية و رئاسية جديدة فى مصر و على أسس دستورية جديدة مع التأكيد على ما ورد ببيانات الجيش المصرى خاصة الالتزام بالمعاهدات الدولية و الإقليمية ترك آثارا إيجابية لدى الحكومة الاسرائيلية و رئيسها نتنياهو و لكن يبقى السؤال الأهم و هو : إلى أين تتجه مصر و التغيرات القادمة ؟ . و استبعد عكاشة قطع العلاقات بين الطرفين بشكل نهائى بعد أن سقط نظام مبارك ، مبينا أن الثورات لا تسير بالضرورة فى طريق المنطق و لن تقاس بمعايير الربح و الخسارة لا بشأن موارد الغاز المصدر لإسرائيل أو غيرها. و أشار إلى أن مستقبل علاقات البلديين مرهون بتفاعلات الشارع المصرى و بأهواء المصريين و أكد أنه لم يسمع أحدا من قيادة المعارضة يؤكد رغبته فى الاحتفاظ بهذه العلاقات . بينما د . ياسين عبد القادر الكاتب والمفكر الفلسطينى يوضح لنا مصير علاقة اسرائيل بفلسطين بعد أن سقط نظام مبارك حيث يرى أن الدوائر الرسمية الإسرائيلية توترت بسبب انتصار ثورة 25 يناير فى مصر و انعكس توترها فى اعتداءات عسكرية متوالية فى قطاع غزة سقط بسببها نحو 20 شهيد فى الأيام الحالية . مضيفا أن إسرائيل لم تعد مطمئنة بأن النظام المصرى سيواصل خنق الشعب الفلسطينى على غرار نظام مبارك و أوضح أن ما أثار رعب إسرائيل هو تخلي مصر عن مكافحتها لعناصر تنظيم القاعدة والعناصر التابعة لحركة حماس العاملة فى سيناء وتهريب الاسلحة إلى قطاع غزة بعد تعاون أمني وثيق بين تل أبيب و نظام الرئيس المخلوع , موضحا أن إسرائيل تطالب بضرورة إعادة انتشار الجيش الاسرائيلى على الحدود المصرية بل و إعادة احتلال محور فيلادفيا الفاصل بين قطاع غزهوسيناء لضمان عدم تهريب اسلحة متقدمة لقطاع غزه . و يرى السفير محمد بسيوني سفير مصر الأسبق فى إسرائيل أنه على الرغم من تباين مواقف الخبراء و المحللين الإسرائيليين حيال الأوضاع الداخلية فى مصر فإن الجميع اتفقوا على أن صورة العلاقات بين البلدين ستكون أكثر ضبابية على المدى البعيد و أن الديمقراطية التى يسعى إليها المصريون فى بلادهم لتحقيقها ستكون الوسيلة لقطع العلاقات التطبيعية بينهما لأنها كانت علاقات برعاية النظام السابق و ليست علاقات شعبية فى المقام الأول. و على جانب علاقة إسرائيل بالدول العربية بعد الثورات أوضح الخبراء و المحللون أنه قد طرأ خلال الأشهر الأخيرة تراجع كبير للغاية فى العلاقات بين إسرائيل و الأردن على سبيل المثال و تعميق للقطيعة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو و الملك الأردني عبد الله الثاني و عدم وجود سفير أردني في تل أبيب ، و لفتوا إلى أن السفير الأردنى الأخير فى تل أبيب و الذي غادر إسرائيل لم يعين سفير مكانه . و أضاف هؤلاء المحللون أنه رغم وجود وعود أردنية بتعيين سفير جديد فى تل أبيب إلا أن هذا لم يحصل حتى الآن فيما تطالب اإسرائيل الأردن بتعيين سفير لها فى تل أبيب و أوضحت أن عدم القيام بذلك يمس كثيرا من العلاقات بين الدولتين . وعن علاقة اسرائيل و سوريا تحدث الخبراء أنه مع تصاعد وتيرة التوتر و الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السورى بشار الأسد عكست الدراسات السياسية الإسرائيلية مخاوف تل أبيب من إمكانية تغيير النظام . مشيرين إلى أن المواجهات الساخنة التى تشهدها سوريا تحظى باهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية بمختلف أشكالها و توجهاتها خاصة أن هذه المواجهات تقع فى مدينة درعا القريبة من الحدود مع إسرائيل فضلا عن اهتمام الكثير من الدوائر الإعلامية سواء الدولية أو الإقليمية بتطورات الموقف السورى الذى أصاب الرئيس السوري بشار الاسد بالقلق و هو ما دفعه إلى تقديم منح عالية متميزة لشعبه محاولا إعادة الهدوء إلى البلاد مرة أخرى . و أشاروا إلى أن إسرائيل لا تعرف كيف ستتعامل مع سوريا حال تغير نظام الحكم بها خاص و أن كافة التوقعات تشير إلى احتمال تصاعد الموقف هناك بصورة دراماتيكية خلال الأيام المقبلة . بينما أوضح السياسيون أن ثورة ليبيا كشفت أسرار العلاقات بين القذافى و إسرائيل ، فلم يستطع المحللون و الخبراء على مر السنين أن يفكوا طلاسم مصطلح " إسراطين " الذي حاول القذافى و الكيان الصهيونى القابع كالشوكة فى جسد العرب و التى بدت فى كثير من تصريحاته الغريبة و المتناقضة و لكن مع سخونة و لهيب الثورة و انحياز وسائل الإعلام الإسرائيلية فى الأيام الأخيرة إلى نظام الزعيم الليبى انكشفت اللعبة القذرة التى حاول العقيد مرارا أن يتستر علي فضائحها و اعتقد الباحث فى الشأن الاسرائيلى أن موقف وسائل الاعلام الاسرائيلية إزاء الثورة الشعبية فى ليبيا و الذى ينم عن قدر مفضوح من التناغم مع نظام القذافى يعبر عن مصالح المؤسسة السياسية و الأمنية بإسرائيل . و رجحت مصادر أن اسرائيل تسعى لتوفير فرص لإعادة تصميم السياسة الأمريكية بما ينسقه مع أهداف السياسة الإسرائيلية الإقليمية و بناء قوة الردع الأمريكية بالمنطقة و تمرير رسائل ردع إزاء وضع فى المستقبل قد تتعرض فيه أنظمة مثل الأردن و البحرين و السعودية أيضا إلى الاهنزاز .