المصري لأول مرة يشعر أن صوته يمكن أن يصنع الفارق و يكون مؤثرا الثورة تعيش فترة عدم الاتزان ولهذا أثرت بعض التيارات في النتيجة و القادم أفضل
أحداث كثيرة مرت بالمجتمع المصري منذ بداية ثورة 25 يناير حتي الآن , رأينا صورا تقترب من الصور الأدبية البديعة .. كانت إيجابيات لم نكن نرها أو نسمع عنها ، و على النقيض كما المعتاد رأينا سلبيات و كأعمال البلطجة و الترويع ، فالأحداث كانت تمر علينا و كأنها مشاهد سينمائية متداخلة ، و على العاقل أن يحاول قراءتها و فهمها . كان لابد من معرفة الرأي العلمي في كل هذا ، و هو ما جاءنا من خلال الحوار مع ( د . منال زكريا ) أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة .. هل تغيرت سلوكيات المصريين بعد ثورة 25 يناير ؟ = لقد صاحب الثورة تجلٍ لبعض السلوكيات التي كانت غائبة – إلي حد ما – عن الشارع المصري فقد ظهرت سلوكيات كثيرة مثل احترام الإناث في الشارع ، فعلى حد قول الشباب الذين عاشوا الثورة في ميدان التحرير أنه لم تظهر حالة تحرش واحدة هذا من ناحية ، و من ناحية أخري رأينا كثيرا من المواطنين ممن ينظفون الشوارع و يحمون الممتلكات العامة و الخاصة و يحترمون المرور و يساعدون بعضهم البعض و أشياء كثيرة لا نستطيع حصرها في حوار واحد ، و كأن الثورة قد أحدثت ثورة داخل البشر أنفسهم فلم تكتف الثورة بتغيير النظام أو بمعنى أدق إسقاطه و لكنها غيرت في نفوس البشر . و هل هذه السلوكيات التى رأيناها تظهر في أماكن معينة و تعاملات معينة دون أخرى ؟ = قبل الإجابة يجب أن ننوه إلي أن السلوك العام للبشر له مجموعة من الخصائص ، و نقصد بالسلوك العام أى السلوك الدائم الذي يسمي أفعال البشر في فترات طويلة من حياتهم و ليس سلوكا لحظيا أو موقفيا مرتبطا بظروف معينة ، و من أهم خصائص هذا السلوك العام أنه يتميز بالثبات و الاستقرار النسبي بالإضافة إلى أنه سلوك ناتج عن منظومة مزاجية و معرفية و موقفية محددة . فليس الموقف وحده هو الذي يحدد سلوك الإنسان و لكن الذي يحدد سلوك الإنسان هو تاريخه و طريقة تعامله مع مثل هذه المواقف من قبل و لذلك فما حدث من المصريين هو سلوكهم المعتاد و طريقتهم في الاستجابة للمواقف التي يمرون بها و لكن ما حدث أننا ملنا لأن نرى السلوكيات الإيجابية التي قام بها المصريون بحق في مواقف الفوضى و الشدة و إن كان بعض الأفراد قد مالوا لمجاراة السلوكيات الإيجابية عكس الحالة التي يسلكونها دائما فهذا أمر طبيعي في اللحظات الفارقة في حياة البشر. هل خروج ملايين المصريين للاستفتاء له مدلول معين ؟ = نعم ، فلأول مرة الشعب يخرج للمشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية و هو يشعر أن صوته يمكن أن يصنع الفارق ؛ فالشعب متأكد من أن الجيش والإشراف القضائي لن يسمحوا بالتزوير و الموقف الحالي لا يستدعي الكذب و التزوير فالمصريون أصبحوا مدركين من الكاذب و من الفاسد و من المزور ، و الأغلبية العظمى من الشعب لن تسمح أن يبث أحد رأيه داخلهم بعد اليوم و إن كانت بعض التكتلات قد وفقت نسبيا في التأثير علي الناس ، أؤكد أن هذا التأثير هو لفترة مؤقتة الآن فقط و هي فترة عدم الاتزان التي تلحق بأي ثورة و نرى صدق هذا بعد كل ثورة مرت في التاريخ البشري لكن مدلول خروج الشعب شئ يؤكد و يبشر أن المصريين خلال الفترة القادمة سيسعون للمعرفة ولزيادة الوعي بكافة حقوقهم و لن يسمحوا بعودة ثلاثين عام أخرى من كبت الأصوات و الحريات و التزوير . في النهاية يجب علينا في الأيام القادمة أن نحاول تعزيز وأظهار السلوكيات الإيجابية التي حدثت منذ يوم 25 يناير وحتي الآن وتوضيح السلوكيات السلبية أيضا لكن يستطيع المصري الأستمرار في سلوكه الإيجابي والأبتعاد عن السلوك السلبي ولعل ثورتنا الجميلة البيضاء تحدث تغيرات في السلوك السكاني كما أسقطت النظام.