بدء التسجيل الإلكترونى لرغبات الطلاب بجامعة القاهرة الأهلية 30 أغسطس الجارى    سعر الذهب اليوم في مصر ببداية تعاملات الأحد    منها 3 شاحنات وقود.. تواصل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    إيران تعليقا علي قرار الكابينت الاسرائيلى باحتلال قطاع غزة كاملا : يهدف لمحو هوية وكيان فلسطين    حرض على العنف.. السجن 20 عاما لرئيس وزراء تشاد السابق    إنقاذ مهاجرين في فرنسا اختبأوا داخل شاحنة مبردة متجهة إلى بريطانيا    كرة اليد، تعرف على مباريات منتخب مصر في الدور الرئيسي لمونديال الناشئين    القبض على التيك توكر لوشا لاتهامه بنشر فيديوهات تنتهك القيم الأسرية    محمد شاهين ضيف إسعاد يونس في "صاحبة السعادة" اليوم    فى فيلم روكى الغلابة .. مريم الجندى تواصل تقديم دور الصحفية بعد " ولاد الشمس "    وزارة الزراعة تعلن التشغيل التجريبى للمتحف الزراعى مجانا للجمهور    لليوم العاشر.. عمرو دياب الأكثر مشاهدة على يوتيوب ب كليب «خطفوني»    مصر وتركيا تؤكدان السعي لرفع التبادل التجارى ل 15 مليار دولار    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 10-8-2025 مع بداية التعاملات    موقف مثير للجدل من حسام حسن في مباراة الأهلي ومودرن سبورت (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. ليفربول والدوري المصري    النصر السعودي يعلن التعاقد مع لاعب برشلونة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة    الأرصاد الجوية : ارتفاع فى درجات الحرارة بكافة الأنحاء والعظمى بالقاهرة 38 درجة    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث انقلاب سيارة في سوهاج    شكاوى من انقطاع التيار عن قرى بدير مواس وسمالوط بالمنيا وكفر الشيخ    النائب العام يوفد 41 عضوًا إلى أوروبا والصين لتلقي دورات متخصصة    في السابعة مساء اليوم .. آخر موعد لتسجيل الرغبات بتنسيق المرحلة الثانية للقبول بالجامعات    أسعار الأسماك في شمال سيناء اليوم الأحد 10 أغسطس 2025    إعلام: إطلاق نار بالقرب من سجن تحتجز فيه مساعدة جيفري إبستين    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    بعد غلق التسجيل اليوم.. متى تعلن نتيجة تنسيق المرحلة الثانية 2025؟    قروض السلع المعمرة بفائدة 26%.. البنوك تتدخل لتخفيف أعباء الصيف    تعرف على أعلى شهادة ادخار في البنوك المصرية    الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية    ريبيرو: كنا الأفضل في الشوط الثاني.. والتعادل أمام مودرن سبورت نتيجة طبيعية    أمير هشام: الأهلي ظهر بشكل عشوائي أمام مودرن.. وأخطاء ريبيرو وراء التعادل    وزير العمل يزف بشرى سارة للمصريين العاملين بالسعودية: لدينا تطبيق لحل المشاكل فورًا (فيديو)    «بيت التمويل الكويتى- مصر» يطلق المدفوعات اللحظية عبر الإنترنت والموبايل البنكي    لهذا السبب.... هشام جمال يتصدر تريند جوجل    التفاصيل الكاملة ل لقاء اشرف زكي مع شعبة الإخراج بنقابة المهن التمثيلية    محمود العزازي يرد على تامر عبدالمنعم: «وعهد الله ما حصل» (تفاصيل)    شيخ الأزهر يلتقي الطلاب الوافدين الدارسين بمدرسة «الإمام الطيب»    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    من غير جراحة.. 5 خطوات فعالة للعلاج من سلس البول    يعاني ولا يستطيع التعبير.. كيف يمكن لك حماية حيوانك الأليف خلال ارتفاع درجات الحرارة؟    دعاء الفجر يجلب التوفيق والبركة في الرزق والعمر والعمل    مصدر طبي بالمنيا ينفي الشائعات حول إصابة سيدة دلجا بفيروس غامض    مصرع وإصابة طفلين سقطت عليهما بلكونة منزل بكفر الدوار بالبحيرة    وزير العمل: سأعاقب صاحب العمل الذي لا يبرم عقدا مع العامل بتحويل العقد إلى دائم    طلاب مدرسة الإمام الطيب: لقاء شيخ الأزهر خير دافع لنا لمواصلة التفوق.. ونصائحه ستظل نبراسا يضيء لنا الطريق    القبض على بلوجر في دمياط بتهمة التعدي على قيم المجتمع    حكيمي: أستحق حصد الكرة الذهبية.. وتحقيق الإحصائيات كمدافع أصعب كثيرا    جنايات مستأنف إرهاب تنظر مرافعة «الخلية الإعلامية».. اليوم    ترامب يعين «تامي بروس» نائبة لممثل أمريكا في الأمم المتحدة    أندريه زكي يفتتح مبنى الكنيسة الإنجيلية بنزلة أسمنت في المنيا    منها محل كشري شهير.. تفاصيل حريق بمحيط المؤسسة فى شبرا الخيمة -صور    يسري جبر: "الباء" ليس القدرة المالية والبدنية فقط للزواج    "حب من طرف واحد ".. زوجة النني الثانية توجه له رسالة لهذا السبب    أمين الجامعات الخاصة: عملية القبول في الجامعات الأهلية والخاصة تتم بتنسيق مركزي    ما تأثير ممارسة النشاط البدني على مرضى باركنسون؟    أفضل وصفات لعلاج حرقان المعدة بعد الأكل    أفضل طرق لتخزين البطاطس وضمان بقائها طازجة لفترة أطول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في استامبول‏..‏ يا واش‏..‏ يا واش - سناء البيسى - الأهرام
نشر في مصر الجديدة يوم 13 - 11 - 2010

بكل الطرق والسبل والإشارات قعدت أقول للرجل الذي لا يعرف كالغالبية العظمي غير لغة بلده التركية إني غير مستغنية عن البقية الباقية من عمري لكن بلا جدوي‏..‏ حاولت أشرح لسائق التاكسي في استامبول.
إن غاية مرادي أموت هناك في مصر علي فرشتي بين أهلي وناسي وليس علي أرضية التاكسي تبعه لكنه كان يبتسم لي في المرآة ببلاهة مرددا شو جوزال شو جوزال‏..‏ غلبت أفسر له رغم عدم تجاوبه السمعي واللفظي أن كلانا كمسلمين أنا في مصر وهو في تركيا نعرف أن كل نفس ذائقة الموت‏,‏ ولا تعرف في أي أرض تموت‏,‏ وأن الموت حق علي جميع الرقاب ولو كانت في بروج مشيدة‏,‏ لكنه سبحانه أيضا الذي قال ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة‏,‏ والتاكسي الاستامبولي هو لامؤاخذة ذات نفسه التهلكة‏,‏ وذلك بالسرعة الجبارة التي يمرق بها بين سيل السيارات‏,‏ ويصعد بها ويهبط في ثوان مع منحدرات طرقات المدينة الواقعة علي التلال‏,‏ وليته في النهاية بعد مشوار التهور وأرجحة الملاهي المذلة يوصلك عند عنوانك في الحال‏,‏ وإنما لابد من مضي ما يقرب من ساعة يمر خلالها بجوار أراض زراعية وسكك حديدية وكباري وأنفاق ومتاهات لتكتشف من علامات الطريق المتكررة‏,‏ ونوافذ المحلات بنفس بضائعها وألوان بلوزاتها‏,‏ بعد مشوارين مماثلين‏,‏ أن غالبية عناوين مقصدك تقع مباشرة خلف مبني فندقك أو بالكثير علي الرصيف المقابل له‏!!!..‏ و‏..‏عرفتها للأسف في يوم المغادرة‏..‏ إنك إذا ما أردت من سائق النعش الطائر أن يهدئ من سرعته ويشيل قدمه قليلا من فوق البنزين القول له بالتركية التي لا يتكلم غيرها يا واش يا واش بمعني بالشويش يا أسطي الله يعمر بيتك‏....‏ وأزمعت في زيارتي القادمة لبلاد السحر والفن والجمال والموسيقي وعبق التاريخ العثمانلي الغناء لأي سائق تاكسي بمجرد ما أحط رجلي في الدواسة‏:‏ يا واش يا واش يا مرجيحة التي لابد وأن يكون كاتبها قد تأرجح يوما في مواصلة علي أرض أياصوفيا والبوسفور وأبو فروة وجسر جالاتا وأبوالأتراك أتاتورك‏..‏
سمات التركي أصبح من السهل التعرف عليها من بين جميع الأجناس السائحة من حولي وإن كان هناك بعض التماس في الشبه ما بينه وبين العراقي والسوري والإيراني في تلك الرأس الكبيرة نسبيا‏,‏ والجبهة البارزة إلي حد ما التي تحمي العينين الواسعة من الضوء الشديد‏,‏ وربعة القامة التي تقع في مرحلة البين بين ما بين الطول ونقيضه‏,‏ وكنت أظن أن البشرة التركية قشطة‏,‏ وشركسية بلون الحليب والجبنة الاستامبولي التي تظهر جريان الدماء الحارة في الشرايين ساعة الاستثارة‏,‏ لقيتها كما حال بلادنا قمحية‏!!‏ وكي أستقي منابعه وأصوله خالصة وجدت علي جدران التاريخ أن كلمة ترك تعود إلي قبائل الكوك الذين أسسوا إمبراطورية عظيمة امتدت من منشوريا حتي البحر الأسود‏,‏ سمي هؤلاء أنفسهم بالترك‏Turks‏ أو التروك‏Turuks‏ ويستخلص من النقوش القديمة أن كلمة‏GOK‏ أي الترك قد استخدمت كإشارة إلي السماء‏,‏ أو إلي إله السماء‏..‏ وعلي مدي التاريخ تأسست‏1080‏ دولة تركية ما بين إمارة وإمبراطورية ربط بينها العديد من العناصر كاللغة الأم والعادات والتقاليد‏,‏ ومن مألوف الترك أينما ذهبوا للفتح أو للاستقرار أن يصحبوا معهم فنونهم لتستقر وتتغلغل مظاهرها ومفرداتها التي بقيت عقودا من الزمن علي رقعة امتدت من منغوليا والتركستان الشرقية حتي الجزائر‏,‏ وبودابست‏,‏ ومن بلاد القرم حتي مصر‏..‏ وإزاء الزحف التركي وبمعاهدة مع قبائل المون الآسيوية عام‏308‏ ق‏.‏م أقام الصينيون سور بلادهم العظيم ليحميهم من الترك‏,‏ وأتموا بناءه بعد ذلك بحوالي‏90‏ عاما أي في عام‏214‏ ق‏.‏م‏.‏
ولأول مرة يظهر اسم الترك في المصادر العربية كان في شعر النابغة الذبياني أحد شعراء الجاهلية المتوفي عام‏600‏ م‏,‏ ومع الإسلام ظهر الترك لأول مرة عندما انخرط عدد منهم في قوات الحرس والسكرتارية الخاصة بدولة الخلافة العباسية في النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي‏,‏ ولم يأت القرن التاسع إلا وتضاعفت أعدادهم‏,‏ وحين وصلت خلافة المعتصم كان الحرس جميعه من الترك الذي خصص لهم الخليفة مقرا دائما في المدينة الجديدة سامراء التي أنشأها علي ضفاف دجلة شمالي بغداد عام‏838‏ م‏,‏ حيث تحول الترك طواعية إلي الإسلام‏..‏ وفي عام‏920‏ م اعترف صانوف بوغراخان بالإسلام دينا رسميا للبلاد‏,‏ واتخذ لنفسه اسم عبدالكريم واختار غالبية الترك من بعدها الإسلام دينا‏,‏ وكان الفيلسوف محمد الفارابي المتوفي عام‏950‏ م والمولود بمدينة قاراجوق التركية فاراب حاليا التي تقع علي الشاطئ الشرقي لنهر سيحون يأتي في طليعة مجددي الفلسفة الإسلامية علي قاعدة من الفكر اليوناني القديم‏,‏ ويضع التعليقات والشروح لأعمال أرستطاليس وقد بلغت ثمرات جهده حوالي‏160‏ كتابا في مختلف الموضوعات العلمية والفلسفية‏..‏ وعالم آخر من خوارزم هو البيروني المتوفي عام‏1048‏ م ويعد أعظم علماء الرياضة في عصره وترك ما يقرب من‏110‏ كتب في مختلف فروع العلم ومنها الهندسة والجبر والرياضة والتاريخ‏..‏ وكان أحمد بن طولون مؤسس أول دولة تركية في مصر التي شيد بها مدينة جديدة قرب الفسطاط أسماها القطائع وبني لنفسه قصرا وميدانا للعبة البولو الجحفة قديما ودارا للإمارة‏,‏ ومسجده الشهير الذي جعل فيه باب الصلاة أحد أبواب قصره‏,‏ وكانت القاهرة في أيامه بشعبها البالغ‏300‏ ألف نسمة تعد المدينة الثانية في الإمبراطورية العثمانية عندما كانت استامبول بسكانها الثمانمائة ألف نسمة هي المدينة الأولي في كل أوروبا والشرق الأدني‏..‏
وتتهادي بنا المركب البخاري في رحلة سياحية تصحبني فيها الصديقة نجمة الميكروفون صاحبة البرنامج الشهير زيارة لمكتبة فلان القديرة نادية صالح في بوسفور استامبول للمرور المتأني بطول شاطئ الجنة ومدرجاته الخضراء المورقة بلوحات الطبيعة‏,‏ وقصور الجمال والعجب‏,‏ ومن بينها قصر الوالدة باشا أم الخديو إسماعيل الذي أصبح مقرا للسفارة المصرية لتغدو سيدته في خلال عام وفاء الحديدي قنصل مصر العام في تركيا التي تمثل الدبلوماسية المصرية خير تمثيل‏,‏ ويجري حاليا ترميم القصر ليعود لرونقه أيام الوالدة باشا حيث أرخوا فوقه بأمر البلدية أستارا مرسوما عليها مؤقتا أبواب ونوافذ في أماكنها الطبيعية كي لا تشوه مراحل الطلاء والتجديد والسقالات اللوحة الجمالية للإطار العام‏,‏ وطبيعي أن تكون أسعار مثل تلك القصور والبنايات التي مرت أمامنا كلقطات من الفردوس قد ارتفعت لمرتبة الخيال‏,‏ حيث جاءتنا الأجوبة علي أسئلة طرحناها علي سبيل الهزار وجر خيوط الكلام مثل‏:‏ يعني الفيللا المحندقة دي تطلع بكام كده؟‏!!..‏ فإذا بسعر الفيللا المشار إليها والمطلة علي البوسفور في منطقة قنديلي القريبة من حي الأعمال وتحتوي علي‏14‏ غرفة نوم غير ما عداها سعرها قد بلغ ال‏45‏ مليون يورو‏,‏ لكن مازالت هناك فرص لفيللات أصغر حندقة‏,‏ وتحتاج إلي عمليات ترميم‏,‏ بأسعار لا تزيد علي ثمانية ملايين يورو يا بلاش وللسادة الراغبين في رؤية البوسفور ولو كشريط في أفق النافذة هناك شقق تبدأ ب‏250‏ ألف يورو‏,‏ ويقل السعر عن ذلك وسط المدينة‏,‏ مع ملاحظة أن أسعار الشقق الواقعة في الشوارع المنزلقة تقل أسعارها عن مثيلاتها في الشوارع المستوية الدوغري‏,‏ لأن ساكن الأخيرة في مقدوره أن يروح بيته كامل الأنفاس‏,‏ وليس عليه يوميا بعد جهد العمل تسلق شارع بمثابة الجبل للوصول يا ولداه إلي فرشته علي وشك الإغماء‏.‏
ويزداد الإقبال الآن علي سوق العقارات التركية من قبل العرب والأجانب لعدة مميزات منها‏:‏ اعتدال المناخ حيث الشمس الساطعة علي مدي ثلاثة فصول في العام علي الأقل‏,‏ كما أن الأسعار أقل منها في دول المتوسط‏,‏ فالعقار المماثل يقل ثمنه بنسبة الثلث في تركيا عنه في فرنسا أو إسبانيا‏,‏ هذا إلي جانب عامل الطبيعة الخلابة علي المتوسط وبحر إيجة‏,‏ وانتشار المنتجعات السياحية‏,‏ وشروط الأمان الصارمة ضد الزلازل‏,‏ وتناسب تركيا المستثمر العربي بوجه خاص لأنها دولة إسلامية تسمع بين جنباتها صوت الآذان يدوي من عشرات المآذن القديمة والحديثة‏,‏ إلي جانب شعب محافظ ومنفتح علي الثقافات الأخري في نفس الوقت‏,‏ ولا يقع من تركيا في أوروبا إلا نسبة‏3%‏ من مساحتها بينما الأغلبية من أراضيها في آسيا‏,‏ وهي قريبة جغرافيا من المنطقة العربية ولا يستغرق الطيران إليها من منطقة الخليج إلا ثلاث ساعات‏,‏ وبالنسبة لرحلتي من القاهرة إلي استامبول لم تستغرق أكثر من ساعة ونصف وربما أقل تخللتها وجبة طائرة مصر للطيران التي كانت لأول مرة محتملة ورغيفها طازة مش بايت‏,‏ وحتة الجاتوه كريمة وجهها لم تزل خفاقة‏,‏ والزيتونة اليتيمة بخيرها لم يصبها الجفاف لتتناولها هنيئا كحاجة حرشة بين السماء والأرض‏....‏ وفي تركيا عدة مطارات دولية منها بودروم ودالمان وأتاليا ويحصل السائح علي تأشيرة لمدة عام أو خمسة بسهولة لا تضع طالبها في مربع الشك المحفوف بالإدانة حتي يثبت العكس من بعد شهور استقصاء واختبارات ومعرفة اسم أمك وخالتك وتاريخ ميلاد السيد والدك‏,‏ وفيما إذا كنت قد أصبت بالدفتريا طفلا وأخذت تطعيمها أم تركت لضروب الإهمال ترتع وتهري في بدنك الخ‏..‏ الخ‏..‏ مثل تأشيرة لندن وباريس وبلاد العم السام‏!!‏ وإلي جانب الليرة الجديدة التي عانت من التضخم بعد انهيارها في التسعينيات تقبل العملات الأخري بسهولة خاصة الدولار واليورو والاسترليني بغض النظر والبصر والسمع والشم عن عملتنا المصرية خارج المجال الجوي لحدودنا الإقليمية وبالنسبة للنمو الاقتصادي المتوقع في تركيا خلال عام‏2011‏ أنه سيصل إلي‏6.7%‏ وهي أفضل نسبة نمو بين جميع دول أوروبا وذلك لأنها لم تتأثر مثل غيرها بالأزمة الاقتصادية العالمية‏..‏ وفي سكة الانفتاح الاستثماري السياحي المذهل في تركيا أعلنت حكومة أردوغان أخيرا أنها بصدد إقامة مائة ملعب جولف جديد بمنتجعاتها السياحية مطروحة للاستثمارات تنتهي مع عام‏2014,‏ وعلي الرغم من أن الجولف لعبة غير منتشرة بين الأتراك فإن معدلات الإقبال عليها تتضاعف سنويا‏..‏ تركيا أردوغان التي تعمل الآن علي تعزيز استقلالية القرار التركي والنأي به عن أجواء الحرب الباردة التي كانت تركيا تمضي خلالها خلف الغرب في مواجهة روسيا وإيران والعرب‏,‏ مما أضر بعلاقاتها مع تلك الدول‏,‏ فيما لم يكن العائد علي المستوي الذي كانت تتوقعه تركيا أو تستحقه‏,‏ ومصداقا لذلك أعلن مهندس السياسة الخارجية التركية أحمد داود أوغلو أن بلاده لا تريد العودة إلي أجواء الحرب الباردة‏..‏ ولكن‏..‏ لهذا التوجه تكلفته الباهظة التي تترك في الأجواء علامات الاستفهام الكبري حول حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان فيما إذا كان في استطاعتها تحمل تلك التكلفة؟‏!!‏
بطول وعرض استامبول لم أشهد ورقة ملقاة علي أرض الطريق‏,‏ أو كيس قمامة بلاستيك مهلهل لصقه الهواء في سور مبني أو متسول يضع ذراعه المبتور في عينك‏,‏ أو عيلة لحوحة توزع عليك عنوة أقراص نعناع وتستحلفك بالأمورة المسمسمة التي تصحبك‏,‏ أو مطعم شعبي في الأحياء القديمة لا يشف ولا يرف من فرط النظافة ببلاطه وحيطانه ومدخله وصاحبه‏,‏ أما عن مسألة الحجاب الذي ترتديه زوجة رئيس الجمهورية عبدالله جول‏,‏ وزوجة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان فلم ألتق به في استامبول علي رؤوس حفيدات أتاتورك هاويات الجينز والحمالات‏,‏ وإن تسلل متواريا من بين ثنائيات التلاصق المودرن الحميم‏,‏ حيث تلمح العين نساء كما الأطياف العابرة غالبيتهن فوق الستين يرتدين البالطو المحتشم الذي يصحبه الايشارب الوقور امتثالا لأجواء قاطع فيها رجال الجيش هذا العام حفل ذكري تأسيس الجمهورية في مقر رئاسة الجمهورية بسبب دعوة المحجبات إليه وكن في السنوات الماضية تخصص لهن قاعة خاصة وذلك بوجهة نظر تقول إن عظام أتاتورك تصطك غضبا في قبره لأن الحجاب اخترق حرمة رمز الجمهورية الذي اهتز‏,‏ وأن حزام العفة الثورية قد انتهك‏..‏ ومن قبل تراجعت مرشحة في الانتخابات التركية بسبب حجابها‏,‏ وعندما أفتوا لها بأن تضع باروكة فوق الحجاب فضلت الاعتذار من أصله‏.‏
وإذا ما كان قصر الوالدة باشا درة البوسفور‏,‏ فقد شيدت في العصر العثماني بالقاهرة في القرنين السابع عشر والثامن عشر أجمل القصور التي بقي بعضها حتي الآن متماسكا بفضل الترميم الذي كان هدفا استراتيجيا وضعه وزير الثقافة فاروق حسني نصب عينيه‏,‏ ونجح في الوصول إلي غايته بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف هذا إلي جانب الكثير من المساجد وتكايا الدراويش والخانات والوكالات وأماكن النزهة علي شاطئ النيل والخليج المصري‏,‏ ومن أجمل القصور العثمانية الباقية في حي الجمالية بيت الشيخ محمد أمين السحيمي في الدرب الأصفر ويرجع تاريخه إلي‏1648‏ م‏,‏ وقصر المسافرخانة الذي شهد مولد الخديو إسماعيل في‏31‏ ديسمبر‏1830‏ م وقد بني عام‏1789‏ م بدرب المسمط‏,‏ وفي الدرب الأحمر بيت جمال الدين الذهبي بحارة حوش قدم عام‏1637‏ م‏,‏ وبيت زينب خاتون بعطفة الأزهري‏,‏ وفي السيدة زينب بيت إبراهيم كتخدا السناري بحارة مونج‏,‏ وبحي طولون بيت الجردكية الملاصق لجامع ابن طولون‏..‏ ومن أهم المساجد مسجد الملكة صفية زوجة السلطان مراد الثالث ووالدة السلطان محمد خان الثالث ويعتبر ثالث مسجد في مصر وضع تصميمه علي مثال الجوامع العثمانية في مدينة القسطنطينية‏,‏ ويعتبر الجامع الأول هو جامع سليمان باشا بالقلعة‏,‏ وثانيها جامع سنان باشا ببولاق عام‏1571‏ م‏,‏ ويعد المهندس سنان الذي ولد عام‏1489‏ في قرية أغرناس قرب قيصرية وعاش أيام حكم أربعة من سلاطين آل عثمان ورحل عام‏1588‏ أهم مهندسي الأتراك بل العالم أجمع‏,‏ فقد شيد علي أراضي الإمبراطورية العثمانية وحدها‏364‏ بناء‏,‏ وفي عام‏1538‏ أقام جسرا فوق نهر بوت في‏13‏ يوما‏,‏ وتظهر أهم مراحل عبقرية سنان المعمارية من خلال ثلاثة آثار عظيمة هي‏:‏ مسجد شهرزاد‏,‏ ومسجد السليمانية باستامبول‏,‏ والسليمية بادرنة‏.‏
استامبول التي تعبر فيها عن عواطفك تجاه الحبيب بقولك باللغة التركية سينسفيورم بمعني أحبك زارها الرسام والمثال الإيطالي الشهير مايكل أنجلو في عام‏1506‏ م محبطا زاهدا هاربا من البابا جول الثاني بعدما رفض أن يدفع له ثمن تصميمه لمقبرته في روما‏,‏ وهو الفنان الذي انتهي تطوعا من رسم سقف كنيسة سيستين‏..‏ ما أن بلغت مايكل صاحب تمثال ديفيد الشهير دعوة السلطان العثماني بيزيد لتشييد جسر علي ضفتي البوسفور حتي لبي نداء السلطنة ليس لمجرد اكتشاف ضفتيه‏,‏ بل سعيا وراء الكسب المادي والشهرة العالمية‏,‏ خاصة أن مواطنه الفنان ليوناردو دافنشي كان قد باء بالفشل ولم يحز تصميمه للجسر العظيم علي موافقة السلطان‏,‏ وكلاهما مايكل وليوناردو إلي جانب رافائيل يعدون أبرز ثلاثة عظماء في تاريخ عصر النهضة الإيطالية‏,‏ وثلاثتهم عاشوا في نفس الحقبة تقريبا‏,‏ فعندما ولد رافائيل في عام‏1481‏ م كان مايكل في الثامنة‏,‏ بينما ليوناردو في الحادية والثلاثين‏..‏ وتفتن استامبول الشرق الدافئ مايكل القادم من الغرب الصقيع المتزمت‏..‏ تفتنه بقومياتها وطوائفها الدينية المختلفة التي تعيش جميعها في سلام‏..‏ تسرق لبه صروحها العملاقة الخلابة‏,‏ ونساؤها الفاتنات‏,‏ وليالي أنسها وموسيقاها أمان يا للاللي‏..‏ فيتواري حذره تدريجيا‏,‏ وينضو عنه ثوب الجمود‏,‏ ويتراخي كبحه لجماح رغباته‏,‏ ويروض مسيرته الفنية المتوحدة في مادة الرخام التي كان يظنها وحدها القادرة علي تأمين الخلود له عندما كان ينفث فيها غضبه وقسوته بالهبوط علي الكتلة الصماء ليشكل من داخل الجلمود شياطين وملائكة‏..‏ في استامبول يحل الفضول والإثارة اللذان يدفعانه للتجوال بصحبة شاعر البلاط في أرجاء مدينة البوسفور بخاناتها وحاناتها وقصورها وفنونها ليس لاستجماع تشكيل لجسرها في خياله انطلاقا من عبقها وهندستها‏,‏ بل لإنجاز العديد من الرسوم لرجال ونساء أتراك جلسوا أمامه يرسمهم كموديلات تصلح لأعماله الجدارية والمعروف في تاريخ الأتراك عندما كانوا يلقبون بالكوكتورك أنهم أول من أجاد فن الصور الشخصية وتشاهد حانات استامبول الليلية صولات وجولات مايكل أنجلو الإيطالي صاحب الإزميل والريشة عندما يلقي بأدواته وسيلة تعبيره ليعبر بنفسه بلا وسائط لحسناوات استامبول عن مدي إعجابه باللفتة الأناضولية والشطحة الشعرية والغنائية العثمانلية‏..‏
والحمد لله أن لقبي علي لسان أحفادي هو تيته المصري الخالص الذي غالبا ما استمد جذوره النقية من مشتقات الفقرتين تي وهي الملكة المصرية الفرعونية الحسناء‏,‏ وته المنبثقة من تهتهة الأطفال الأبرياء عندما يشيرون إلي ما يلفت نظرهم بنطق ده مخففة أي هذا أو هذه‏,‏ وكان من الممكن أن أكون علي لسان الأحفاد نينة أو أنة التركية‏,‏ وبالطبع كنت سألبي أيا من تلك النداءات ورجلي فوق رقبتي‏,‏ وإن كان نينة بالذات له عندي تداعيات منها نينة عماد حمدي التي كان ينادي بها جميع أمهاته في أفلام زمان‏,‏ ونينة تلك العجوز التركية العصبية التي تؤنب وتوبخ وتؤاخذ أدب سيس خرسيس‏..‏ وإذا ما كنت قد أفلت باللقب الكريم تيتة فلم أفلت لا أنا ولا جميع المصاروة من أسماء وكلمات تركية دخلت علي لغتنا بحكم استمرارنا كولاية عثمانلية علي مدي ثلاثة قرون ليصبح من باب الأدب مناداة الشقيقة الكبري باللقب التركي أبلة والشقيق بأبيه والخالة والعمة تيزة ومن باب الحذلقة فزوج الأخت أنشته‏,‏ وفي بيوتنا كانت هناك دائما الهانم الصغيرة‏,‏ والهانم الكبيرة‏,‏ ومن منا لم يكن في عائلته الباشا أو البك أو حتي الأفندي‏..‏ في استامبول لفيت أدور وأسأل بالذات عن كلمة استامبولي تعبر عن القول لواحد في بالي أريد أن أصرخ فيه غور من وشي لقيتها في لفظة واحدة هي دافآوول وعرفت إن التركية لغة لا تعرف التاء المربوطة في آخر الكلمات‏,‏ فهناك عزت بمعني العزة‏,‏ وعفت أي العفة‏,‏ وسياحت أي سياحة‏,‏ ونشأت أي نشأة‏,‏ هذا إلي جانب أن التركية لغة فخمة تضخم حرف الألف وكأن طبولا تسكنها لها عمق وقرار‏,‏ ورغم تشابه الكثير من كلماتها بالعربية فقواعدها تختلف‏,‏ فالفعل في العربية بداية للجملة‏,‏ بينما في التركية يقع في نهايتها‏,‏ ومثلا لفظة فقط في العربية تنهي بها الجملة بينما في التركية أداة استدراك بمعني لكن‏,‏ والكثير من كلمات العربية تغير معناها بانتقالها للتركية‏,‏ فكلمة طظ بالتركية تعني ملح ولفظة إهانة تكتب بالتركية إهانت بمعني خيانة‏,‏ وعندما يقول أحدهم لصاحبه كفراليمك فهو لا يقصد تكفيره هو وأمه وإنما مجرد عتاب‏,‏ ولفظة سيز اللاحقة لبعض الكلمات مثل أدب سيز تعني بدون وهنا يكون معناها أنك لامؤاخذة قليل الأدب‏,‏ ومن الاختلافات ما بين العربية والتركية أن الأولي‏28‏ حرفا بينما الثانية‏34‏ حرفا‏,‏ وعموما حتي لا تتعب قلبك وتشغل بالك بالأصول والفروق‏,‏ فالكتابة بالحروف العربية في طريقها للاندثار ولا يتعامل بها الجيل الجديد من أصله الذي يقرأ التركية بالحروف اللاتينية منذ ثورة أتاتورك‏..‏ ولأن غالبية أسمائنا وتعبيراتنا أصلها تركي لقيت نهال معناها غصن أو شتلة‏,‏ وهويدا معناها البادية أو الظاهرة‏,‏ وجالا بمعني الندي‏,‏ وماهيتاب بمعني نورالقمر‏,‏ وجيلان بمعني غزال‏,‏ ونازك بمعني اللطيفة الظريفة‏,‏ وإنجي بمعني اللؤلؤ‏,‏ وجيهان بمعني الدنيا‏,‏ وحشمت بمعني العظمة الخ‏..‏ وفي مجال الطعام فإن وجبة الشيش طاووق الشيش فيها بمعني سيخ والطاووق أي الدجاجة‏,‏ والضولمة المحشي‏,‏ والطرشي أصلها التركي ترشي بنفس معني المخلل‏,‏ والبوظة تنطق بالتركية بوزا بنفس المعني‏..‏ الخ‏..‏ وفي مسألة الرتب والألقاب العسكرية فاليوزباشي أي النقيب‏,‏ والبكباشي أي المقدم‏,‏ والأميرالاي بمعني قائد لأربعة طوابير‏,‏ والسلاحلق مكان السلاح‏,‏ والسونكي من سونكو أي سن البندقية‏..‏ وكثير من الكلمات ننطقه كما جاء في أصله التركي مثل طابور‏,‏ وفوج‏,‏ وكتيبة‏,‏ وبايظ‏,‏ وبقشيش‏,‏ وبوية‏,‏ وبوهيجي‏,‏ وطازة‏,‏ وتختة‏,‏ وبصمة‏,‏ وأوضة‏,‏ وبرنجي‏,‏ وبلطة‏,‏ وأوية‏,‏ وأويمة‏,‏ وأراجوز‏,‏ وماشة‏,‏ وخانة‏,‏ وأجزاخانة‏,‏ وسلخانة‏,‏ وكتبخانة‏,‏ ودفترخانة‏,‏ وشفخانة‏,‏ والشكمجية‏,‏ وأورمة‏,‏ وشنطة‏,‏ وسادة‏,‏ وسنارة‏,‏ وصاغ‏,‏ وعربجي‏,‏ وسفرجي‏,‏ وكبابجي‏,‏ وأجزجي‏,‏ ومكوجي‏,‏ وسروجي‏,‏ ودادة‏,‏ وياقة‏,‏ ونبطشي‏,‏ وسكسونيا النداء الصارخ لبائع الروبابيكيا ومعناها بالتركي الأواني الصيني‏..‏ ولم أكن أعلم أن طق طق أصلها تركي بمعني الطرق علي الخشب‏,‏ وقد جاء فيها المثل القائل من طق طق لسلامو عليكم‏,‏ وطقطوقة بمعني غنيوة صغنونة‏,‏ وعرفت أن كوشة أصلها هي الأخري تركي‏,‏ وتمبل بمعني كسول من الأجرومية التركية‏..‏
وكي لا تذهب جهودنا في الرحلة إلي استامبول شوروك بمعني لا مجدية حرصت علي تسجيل بعض من أسماء الحيوانات بالتركي لاستخدامها في مواضعها فيما بعد عندما لا ينفع الكلام الدوغري مع البعض‏..‏ كتبت كوبك بمعني كلب‏..‏ وأشك أي حمار‏..‏ وقاطر أي بغل‏..‏ وتلكي ثعلب‏..‏ وييلان ثعبان‏..‏ وقرنجة أي نملة‏,‏ وسوف أقول للتافه منهم أنت في عيني لا تسوي بيرة أي برغوث‏,‏ أو سيوري سنك أي بعوضة‏,‏ أو مجرد نخته أي بقة‏,‏ أو سينك أي ذبابة‏,‏ فإذا لم أجده مقاتلا محاربا مقداما فهو صيجان أي فأر لأن جميع تصرفاته في نظري تحمل كونه مجرد تكة أي تيس‏,‏ أو بالكثير طاوشان أي أرنب‏..‏
و‏..‏قبل ما ألملم أوراقي وأكرر الفرجة علي مشترياتي من أسواق استامبول‏,‏ وأعيد ترتيب ميزانية تهوري‏...‏ أقول لكم إييه كيجهر واللاها اصمار لا دق أي تصبحوا علي خير وأستودعكم الله‏..‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.