يبدو أن الكوريتين الشمالية والجنوبية مشرفتين على حرب مسلحة ربما تكون الأشرس بين الجانبين ، نظراً للتوترات التي طرأت على الساحة مؤخراً ، حيث الحرب الكلامية المتبادلة بين الجانبين والتهديدات وإطلاق الدعايات المضادة على الحدود بين البلدين المفترض أنهما شقيقتين، وتزداد وتيرة الهجوم الكلامي بين البلدين يومياً ، خاصة في ظل الترقب العالمي والصمت الدولي باستثناء الولاياتالمتحدة التي ربما وجدت ضالتها لتتصيد الأخطاء لكوريا الشمالية لكي تؤلب عليها المجتمع الدولي ، لاسيما أن هناك خلافاً مع كورياً الشمالية حول برنامجها النووي. فقد حذرت كوريا الشمالية من قيامها بإغلاق طريق شبه الجزيرة " البقعة التى تزداد توتراً بين البلدين" ، إذا لم تتوقف جارتها الجنوبية عن تهديداتها ببث دعاية مضادة لها عبر الحدود بين البلدين ، وكان الأمر الذى جدد الخلافات بين الكوريتين مؤخراً هو قيام كوريا الجنوبية باتهام جارتها الشمالية بمسئوليتها عن اغراق إحدى سفنها الحربية ، بإطلاق طوربيد عليها مما أسفر عن مقتل ستة وأربعون بحاراً كورياً جنوبياً . وألقت كوريا الجنوبية المسئولية على جارتها بإغراق السفينة لهزيمتها فى اشتباك بحرى كان قد نشب بين الجانبين فى نوفمبر من العام الماضى قرب الحدود البحرية المتنازع عليها بين الطرفين ، حيث تعرضت كوريا الشمالية فى ذلك الاشتباك إلى هزيمة قاسية ، كما أن مصادر مطلعة كانت قد أعلنت مؤخراً حصول كوريا الجنوبية على بقايا الطوربيد الذى قد يثبت تورط جارتها فى الهجوم على السفينة الحربية. جدير بالذكر أن كوريا الشمالية كانت قد قامت بتصرفات استفزازية عديدة لكى تجبر جارتها الجنوبية للعودة إلى طاولة المفاوضات بين البلدين لحل القضايا الخلافية ، والحصول على تنازلات سياسية واقتصادية من جارتها ومن القوى الإقليمية ، مستندة فى تحركاتها إلى الدعاية التى تقوم بنشرها دائماً معتزة بجيشها الذى تصفه " بالجيش الذى لا يقهر " ، وكذلك دائماً ما تلوح بملفها النووي والذي أكدت مراراً أنها قامت بتصنيع القنبلة النووية من خلاله مما يعنى دخولها ضمن الدول العظمي النووية ، إلي جانب المناورات الحربية التي تجريها بين الحين والآخر لاستعراض عضلاتها وتجريب الصواريخ الجديدة التي تقوم بتصنيعها ، إلا أنها ورغم كل هذا لا تحاول الدخول فى حرب مباشرة مع أي من الأطراف ، خاصة جارتها الجنوبية التي كشفتها فى الاشتباكات الأخيرة بين الطرفين ، والتي منيت فيها كوريا الشمالية بهزيمة قاسية. ويرى محللون سياسيون أن كوريا الشمالية بأفعالها المتكررة الاستفزازية للقوى الإقليمية ترتكب حماقات أتت بنتائج عكسية عليها ، حيث إنه مهما كان الدافع لاجبار القوى الاقليمية والمجتمع الدولى إلى صياغة حزمة من القرارات التى تنص على منح مزيد من المساعدات لبيونج يانج مقابل قيامها بتفكيك برنامجها النووي ، فإن هذا تم نسفه بقيامها بإغراق السفينة الحربية التابعة لجارتها الجنوبية ، الأمر الذى أدي إلى استنكار واستهجان المجتمع الدولي ، خاصة الولاياتالمتحدة التى وجدت ضالتها فى اتهام سول لجارتها بيونج يانج. ولا شك أن السياسيين فى كوريا الشمالية يساورهم قلق كبير إذا تصاعد الأوضاع علي المستوي الدولي ، مما قد يقود الولاياتالمتحدة إلي الاتجاه للحرب ضد بيونج يانج بحجة إنصاف سول ، ومن الطبيعي أن أمريكا لن تقود الحرب وحدها ، وإنما سيكون معها المجتمع الدولي كله . ومن جهته يبدو كيم جونج آيل الرئيس الكوري الشمالي في موقف الزعيم الذي لا يهاب الدخول في حرب ضد أية دولة في العالم ، بجيشه الذي لا يقهر وقوته العسكرية الضخمة ، إلا أن مصادر مقربه منه قد كشفت مؤخراً عن خوفه من المستقبل الذي ينتظره ، خاصة أنه يسعي إلي إرساء أمر الحكم لأحد أبناءه ، وبالتالي فإن أية توترات حالية قد تؤثر علي شعبيته وعلي شعبية أسرته الحاكمة في البلاد ، ولن يعيد إليه هيبته إلا الانتصار علي كوريا الجنوبية في حال الدخول في حرب ربما باتت وشيكة خاصة أن الحرب الأخيرة بين الدولتين انتهت بهدنة وليس اتفاق سلام مما يعنى أن الدولتين حاليا يعيشان في حالة حرب.